مادام يستمر الفاسدون والانتهازيون والمنافقون، من الصعب الحديث عن الأمل والتغيير أو النصر وتحرير الوطن من مليشيا الحوثي الإرهابية وحتى لا نكون مثاليين، فإن السياسة عموماً بطبيعتها تتحمل المناورة والكذب أحياناً، والازدواجية، لكن الموضوع عندنا زائد وكثير، وتخطى كل المسموح به عالميًا ومحليًا، وكأنك يا أبوزيد «لا رحت ولا ثرت ولا جيت»، ولا نقصد عودة شله *80 هنا أو هناك، فطبيعى أننا لا نمسك للناس مقصلة أو نحاكم النوايا، لكن الحقيقة أن هناك فاسدين بإجماع الآراء، وانتهازيين باتفاق الأدلة، يتسللون ويقدمون أنفسهم فى ثياب الناصحين، بل إن بعضهم أصبح يقدم نظريات فى السياسة، ويطالب بالتطهير والمكاشفة، بينما أول مكاشفة تعنى أن يكون مدير أو قائد، وفي حال هؤلاء ووصولهم إلى مناصب تنفيذية، يعنى أن فيروس الفساد يسكن القلب، وأنه «مافيش فايدة»، ومعنى أن المنافقين الذين عبروا من حزب المؤتمر الشعبي ومازالوا مستمرين، يعنى ضياع أى إمكانية للتغيير. فى عالم السياسة من الصعب أن تعثر على سياسى يقول الحقيقة، إلا لو كان سابقًا.. ستجد المسؤول أو الفاسد السابق يتحدث مثل ملاك بأجنحة، وينتقد الفساد، ويقدم رؤى عميقة للمشكلات، وحلولًا عبقرية، بينما وهو فى موقع المسؤولية يكون بليداً وعاجزاً، وربما متورطاً فى كل ما ينتقده بعد مغادرة مناصبه. وطبيعة السياسة أن ما هو مطروح فى العلن من كلمات ضخمة، وحديث عن المبادئ والقيم العليا شىء، وما هو واقع وحادث من هذا المسؤول أو فذاك أمر آخر.. لن تجد فاسداً يبرر الفساد، ولا لصاً يجادل فى كون السرقة أمرًا مستهجنًا، ولا انتهازيًا يمدح الانتهازية، بل إن الفاسدين والمنافقين هم الأكثر قدرة أحياناً على انتقاد الفساد والدعوة للتطهير. لماذا نقول هذا؟، بمناسبة عدد من محترفى الفساد فى كل العصور، وهم يتحدثون عن الطهارة والشرف، ولديهم نظريات فى الحديث عن الفساد والدعوة لمواجهته كأنهم من كبار رجالات أجهزة الرقابة، و«احذر الفاسد الذى يتحدث كثيرًا عن مواجهة الفساد»، وكثير من معارك نراها اليوم على الشاشات، أو مواقع التواصل، ظاهرها الحرص على الوطن والمؤتمر الشعبي العام ، وباطنها المنافسة للبحث عن مكان بجوار السلطة (الشرعية). وهناك منافقون «عابرون»، يمتلكون قدرات على البقاء والفوز، والعيب ليس عيبهم، لكنه عيب على قيادات من الصف الأول الذى مازال يسمح لهؤلاء الفاسدين بالفوز، والوصول إلى مواقع التنفيذ، عندها سوف يتأكد الناس أن الحديث عن التغيير هو مجرد كلام للاستهلاك السياسى.. لايكفى أن نتحدث عن مواجهة الفساد، بل الأهم هو من اين لهم ومن الدعم السياسي والأساسي لبعض المحسوبين على الموتمر قيادات عليا.