وطنٌ مدمر، اُناسٌ جائعون، طرقٌ محفَّرة، أوراقٌ مبعثرة، وأشجارٌ يابسة، وسماءٌ مُلبّدةٌ بالغيوم، ويسودها الدُخان المنبعثُ من فوهات المدافع وغبار القذائف، الأرضُ مليئةٌ بجثث الأطفال والنساء والأبطال، ومزارعنا ارتوت بدمائهم ونبتت فوق قبورهم أشجار العزة والكرامة. حُكامنا ينافسونكم في أعمالكم قبل خروجكم .. لنحلّ الأمر سريعاً ونكون يداً واحدة للقضاء على الساسة. لقد أكل الحُكام الأخضر واليابس، ولم يتبق شيء.. لقد أكل الحُكام شعوبهم، خوفاً عليهم من رذاذ السماء، وبرد الشتاء. لقد أكلونا وممتلكاتنا خوفاً علينا من الجوع والمرض. انظروا كيف حُكامنا يحبوننا ؟ لتخرجوا إذاً .. ماذا تبقى ؟ فقد تكونون أرحم وألين قلوباً من هؤلاء، وتتقاسمون كسرة الخبز مع ذلك الجائع الفقير. حُكامنا يأكلون ما لذّ وطاب وشعبهم جائع، ضميرهم غائب، وبطشهم مسيطرٌ علينا ومُكبلٌ أيدينا بسلاسل الاقتصاد وقيود الإعلام. صرخات الشعب الجائع تدوي في فضاءات السماء، سيخبرون الله بكل شيء.. بجوعهم.. بألمهم، بل وبظلمكم وعنادكم وحربكم. صبرنا كثيراً وقلنا : لعلها اللحظة التي تنجينا فنصل .. نصل .. ولكنها بدايةٌ لظلمٍ آخر وتجويعٍ أشمل وأطول. ليتركوا الحُكم للفقراء إذاً، لأنهم سيأخذوا ذلك من باب تجربة مريرة خاضوها، جَرَّبوا الفقر والمرض بشتي أنواعه، تَجرَّعوا الويلات، ويلات الحرب من جهة، وويلات الطغاة والاستبداد من جهة أخرى. ليحكمونا فإن لهم خبرةً أطول وعلمًا أنفع، وحكمًا أعدل.. وحدهم من يستطيعون حكمنا. أما أن يحكمنا فردٌ يعيش الرفاهية والفخامة، سيُظنُّ أن الشعب كذلك. عذراً يأجوج ومأجوج .. فالحُكام قد قاموا باللازم وأكثر ..