كان الأستاذ ناجي أحمد محسن رحمه الله تعالى شاعرا مجيدا ولكنه كان مقلا ولم يعد نفسه من الشعراء المحترفين تواضعا منه ولكنه كان يلجأ إلى الشعر في الحالات القصوى التي كان يمر بها وشعره شعر مثقف وتربوي نضح بالحكمة والتأمل والأمل والتفاؤل. وهو لم يتفرغ للشعر بحكم عمله وانشغاله الدائم . لقد ظهر إبداعه من خلال عمله التربوي وتجسدت عواطفه في حبه للطلاب وللناس جميعا لأنه كثير التعامل معهم . قصيدة من أشعار الفقيد أبو نشوان قال الفوج سبر وهيا مرسلي قم شد بدري وخذ باقة من الورد المعطر مع أزكى تحياتي وشكري لأهلي في جبل لحلوم لعصر لآل المسلمي كامل وعمري إلى شامخ ذمر كامل مكرر إلى ابنا علي كامل ونسري إلى وادي الضباب ما السيل دفر لجعشاني وبن دغفل وحشري إلى جوس الركب لما سحانر وأهل الحسو عمراني وعمري وحي الكرب بالمليون واكثر وشرعة كاملة لأ هور يسري ومر وادي بناء لا الحيد لحمر إلى الأرباع تحياتي وشكري لمن ساند في الموقف وقدر أو أعطى راي في نثري وشعري وبلغهم خلافي زاد أكثر على اخطاء واستنفدت صبري لوحدي بينهم عا لخير والشر ومتحمد على جوعي وفقري كمل عمري وطبعي ماتغير انا والشر في مد وجزر *وبك ياحالمين أعتز وافخر* *ومنك عزتي الكبرى وفخري* *ولك في كل يوم الحب يكبر* *ولك ياحالمين أنذرت عمري* نريد الخير ان يطغى على الشر وحان الوقت اتوسع بنظري فخطوة بعد خطوة بانطور كذا نعمل معا مشروع خيري نبى بوران إلى الريدة المدفر مدينة واحدة تخطيط حضري وفي وسط المدينة وادي أخضر وفيها الجامعة ذي طال فكري *وسكة من خلق إسفلت دامر* *أرى البيجو بها يغدو ويسري* ومستشفى الزغر جاهز ومخفر لأمن المنطقة من كل شري وأعفوني اذا التعبير قصر بشرح اراء جياشة بصدري وماعانيت قد خلاني اشعر واطلب منكم تقدير عذري. *وسلامتكم* لقد بدأ الشاعر سلامه الشعري من جبل حالمين ثم جرى كالسيل إلى وادي الضباب ليحلق من جديد على المناطق في حالمين فرسوله هو شعره الذي انطلق شوقا وحبا لا يخلوان من العتب كما سنذكر لاحقا. يكشف النص بجلاء أن الشاعر كان همه النهوض بحالمين واهلها حضريا وتربويا وثقافيا وتنمويا ليس من باب التعصب المناطقي ولكن حالمين كانت هي ميدان عمله ومسقط راسه ومقر سكنه وحبه إياها يعني حب الوطن كله واعتناؤه بالتعليم فيها خدم الوطن كله لأن كوادر حالمين اليوم تجدهم في كل مكان يعملون ويخدمون مجتمعهم حيثما كانوا . ولكن علام الخلاف الذي وجدنا الشاعر يشكو منه ومم استنفد صبره؟ لقد لجأ إلى مجتمع حالمين عند الضرورة يبثه همه وحزنه لأنه هو المستهدف من مشروعه. فقال : لوحدي بينهم ؟ ولكن من هم ؟ ما هذا الالتحام بالناس وما هذا الشعور بالمسؤولية؟ ما هذا الشر الذي أشار إليه؟ إن المثقف هو الذي يعيش وسط مجتمعه مؤثرا ومتأثرا وليس من يتقوفع في برج عال بعيدا عن الوسط الاجتماعي ومعاناة الناس مهما عانى من ذلك وأصابه الأذى وقوبل بالجحود فهناك من يقدر دور المثفف عاجلا أم آجلا. وهاهو يجسد شعرا خلاصة علاقته بحالمين وماذا تمثل له . ولاحظ تكرار كلمة حالمين أكثر من مرة بما يوحي بمكانتها العزيزة في قلبه وفكره. ولاحظ كيف تتفجر الآمال التي لم تكن مستحيلة ولا هي مجرد أماني فهذه من ضمن مشروعه الحضاري الذي كان يحلم به ويعمل من أجله ويروج له ثقافيا . لاحظ ملامح هذا المشروع على المستوى العمراني والثقافي واخيرا يؤكد أنه لم يكن متفرغا للشعر ولا يقدم نفسه لحالمين شاعرا ولكن معاناته في سبيل مشروعه وطموحه التنموي هما جعلاه ينفث هذه الأبيات تعبيرا عن الحب والطموح والحث والعتب الرقيق الرفيق مختتما ذلك بتواضع جم ومعتذرا عن غير ذنب ولكنه الرفق وسمو الخلق والصبر على أهله مهما بدر من بعضهم من جحود ولا مبالاة وعدم اهتمام وتفاعل . فهو يعتبر تواضعا مشروعه الحضاري مجرد آراء جاشت في صدره. ولم يذهب إلى المن والقسوة او الهجوم على مخالفيه لأنهم بعض من يسعى هو إلى العمل من أجلهم فالعين لا تعلو على الحاجب. لاحظ كيف رسم خارطة شعرية لقرى حالمين وقبائلها معتزا بها ومخلصا لها ومحبا وفيا لها . لقد عاش فيها وعمل وعاشر اهلها وارتبط بهم زملاء وأبناء وآباء وولاة أمر للطلاب . عرف الناس فيها وعرفوه عن قرب وتجربة ووعى مشاكلهم وعرف طبائعهم فوصلت علاقته بهم حد التغني والشعر لقد تجاوز مسألة الوظيفة الحكومية وواجباتها إلى أفق إنساني وثقافي واسع . اما وزن القصيدة فهو من بحر الوافر بحر راقص قصير يلائم الفخر والاعتداد بالنفس وقد جاءت قوافي القصيدة مستقرة فلا هي متكلفة ولا قلقة . يبدو أن الأستاذ ناجي أحمد قد كتب القصيدة في الوقت الذي أسس فيه منتدى حالمين الثقافي فقد كان متحمسا للفكرة ولكن التفاعل معه لم يكن كافيا من قبل المهتمين بالشأن الثقافي والأدبي على المستوى الشعبي والرسمي وأحيانا كان يسمع نقدا لمشروعه ينم عن إحباط وتثبيط بحكم قسوة الواقع لأن أستاذنا كان يشق طريقا جديدا في أرض وعرة وصعبة ولهذا وجدناه في النص يشكر أولئك الذين وقفوا إلى جانبه في ذلك المشروع الثقافي الرائد الذي حرك المياه الراكدة . رحم الله تعالى أستاذنا الشاعر ناجي أحمد محسن.