تستباح كرامة الأفراد منذ الطفولة، بدءاً من البيت بالضرب والإهانة، ومروراً بالمدرسة والشارع، يحولهم الغضب المكبوت إلى متنمرين وعدوانيين، أو إلى إمعات يميلون برؤوسهم حيث مال الهوى. ومما لا شك فيه إن كلاهما يحتاج لعلاج نفسي في الدول الطبيعية، أما في بلادنا نحملهم مسؤولية ملايين البشر فيخوضوا بهم المجهول ويجروهم نحو مصير مظلم بلا بوصلة أو قبس من نور أو ذرة من ضمير. يعملون على إذلال شعب بأكمله انتقاماً من أشباح تطاردهم من الماضي، فيخرجون كل عقدهم على الضعفاء دون أن يرف لهم جفن. عجيب ما تفعله السلطة بالأنفس الضعيفة..! سيأخذون حقوق غيرهم بدون وجه حق، سيلطخون أيديهم بدماء الأبرياء، وسيشربون في المساء نخب انتصارهم ودوسهم على ما تبقى من كرامة المواطن. وأخطر ما أوصلونا إليه أنهم سرقوا منا الأمل في مستقبل أفضل وقد تزعزعت ثقتنا بكل ما كنا نؤمن به. تمر السنوات والخيبات ونعود لطرح الأسئلة: هل الثورة هي الحل؟ أيهما أولاً: الثورة أم الوعي…؟ متى وكيف ومن سيفض كل تلك العقد التي تشابكت مادياً ونفسياً؟ وإذا لم يغير واقع مر ومزلزل من مناهج تفكيرنا لنتدبر أسباب ما أوصلنا لهذا الحال بموضوعية فما الذي سيغيرنا؟