(حقائق تعرض لاول مرة مرجعيتها دراسة علمية محايدة اجراها الباحث وحيد الفودعي، ويستعرض الباحث هذه الحقائق على شكل حلقات تجيب على كثير من الأسئلة والجدل الواسع بشأن مشتريات البنك المركزي من العملات الصعبة والوديعة السعودية وما اثير حولها من اتهامات متبادلة شوهت سمعة البنك المركزي اليمني وعرقلت عمله من أجل مصالح ربما تكون شخصية وربما تكون ابعد من ذلك بكثير). الحلقة (4)
تحليل مشتريات البنك المركزي من الريال السعودي خلال العام 2018 واختبار الفرضيات.
الجزء الأول
العوامل المؤثرة والمحددة لأسعار السوق
#وحيد_الفودعي
ورد في الباب الرابع (دراسة حالة) الفصل الأول ما يلي:
إن أحد أهداف هذه الدراسة هو معرفة مدى وجود انحرافات مالية صاحبت تدخلات البنك المركزي اليمني للحفاظ على استقرار سعر العملة الوطنية، لذلك تم اختيار مشتريات البنك من الريال السعودي كدراسة حالة، لاختبار مدى وجود اختلافات أو فروق بين سعر السوق وسعر الشراء الفعلي لكل عملية من عمليات الشراء والتي حددها الباحث بأربعين عملية تمت في أيام وأوقات مختلفة خلال الفترة من 16 أكتوبر حتى 23 سبتمبر 2018م كما هي عليه في الجدول رقم (3) صفحة رقم (52) (سيتم ارفاقه في أجزاء لاحقة من هذخ الحلقة) ، ومن أجل تحقيق ذلك، فلا بد من معرفة سعر السوق لكل عملية من عمليات الشراء، وللوصول إلى سعر السوق يجب أن نأخذ في الاعتبار كافة الظروف والعوامل والمتغيرات المحيطة، والتي من شانها التأثير على هذا السعر زيادة أو نقصان وفيما يلي أهم هذه العوامل:
1. أولاً: عمولة الوسيط بما أن عمليات الشراء تمت عن طريق بنوك وسيطة، فإن سعر المشتريات الواردة في الكشف يحتمل أن يكون محمل بعمولة الوسيط، لذلك فإن عمولة الوسيط تعتبر أحد العوامل المؤثرة على سعر السوق.
2. ثانياً: تاريخ الاتفاق إن أحد العوامل المؤثرة على سعر السوق هو تحديد يوم الاتفاق على الشراء، وبما أن التدخل في السوق عن طريق بيع وشراء العملة الأجنبية يعتبر أحد أدوات السياسة النقدية التي يقوم بإقرارها ورسمها وتنفيذها البنك المركزي بالتشاور مع الحكومة بغرض المحافظة على استقرار سعر العملة الوطنية، فإن عملية كهذه لا بد وأن تمر بعدة مراحل وإجراءات كغيرها من الإجراءات التي تنفذ في أي مؤسسة حكومية، أهمها اتخاذ قرار الشراء، وطلب الشراء، وعرض الأسعار إذا تطلب الأمر، والاتفاق على الشراء، وتنفيذ عملية الشراء، وأخيرا القيد المحاسبي لعملية الشراء. هذه الإجراءات تتم خلال فترة زمنية معينة تختلف بحسب طبيعة العملية، وحجمها، ونوعها، وتوقيتها، ومدى توفرها في السوق، إضافة إلى عوامل خارجية مرتبطة بالأمن، ونقل النقود... إلخ، لذلك فمن المحتمل أن يتم تنفيذ عملية الشراء وقيدها في حسابات البنك في تاريخ لاحق لعمية الاتفاق، وبما أن الباحث سيعتمد على أسعار السوق كأساس للمقارنة وتحليل الانحرافات، وأن المتوفر لديه من المعلومات هو تاريخ تنفيذ العملية وقيدها في سجلات البنك، ومع احتمال أن يختلف تاريخ الاتفاق على الشراء عن تاريخ التنفيذ والقيد في سجلات البنك، هل يتم الاتفاق في نفس يوم التنفيذ أم في اليوم السابق أم الأسبق خصوصاً وأن الأسعار تتغير خلال ساعات في تلك الفترة، فإن تاريخ الاتفاق يعتبر أحد العوامل المؤثرة على سعر السوق ولا بد من الوصول إلى متوسط اليوم الذي حدث فيه الاتفاق على عملية الشراء لكل عملية من العمليات الأربعين على حدة.
3. ثالثاً: وقت الشراء بما أن الباحث سيعتمد على أسعار السوق كأساس للمقارنة وتحليل الانحرافات وأن عمليات الشراء للعملة الأجنبية تمت في وقت يتسم بعدم الاستقرار، خصوصاً تلك العمليات التي تمت في الفترة بعد انخفاض أسعار العملات الأجنبية أمام الريال اليمني وهي الفترة بعد 4 نوفمبر 2018م الماضي، وأن هناك احتمال أن يختلف سعر الصرف بحسب الوقت الذي تم فيه الاتفاق – صباحاً، ظهراً، مساءً خصوصاً وأن الأسعار تتغير خلال ساعات في تلك الفترة، فإن وقت الاتفاق على الشراء يعتبر أحد العوامل المؤثرة على سعر السوق.
4. رابعاً: حجم المبلغ إن سوق صرف العملات الأجنبية بيعاً وشراءً يختلف عن سوق السلع الأخرى، حيث يحتمل أن يزيد السعر أو ينقص بحسب ظروف السوق عند شراء مبلغ كبير من العملة الأجنبية عن سعر السوق المعلن في ذلك اليوم، بينما بالإمكان شراء المبالغ المعقولة بسعر السوق المعلن، ويزيد السعر عندما يكون عرض العملة الأجنبية أقل من الطلب عليها وذلك لأن المبلغ الكبير يصعب توفيره أو يمكن أن يتم توفيره من أكثر من مصدر أو بنك مما يضاعف من الأرباح التي يحصلون عليها، وبالنظر إلى مشتريات البنك المركزي من الريال السعودي فإن أقل مبلغ بحدود خمسة مليون ريال، فمن المحتمل أن يكون سعر الشراء الفعلي أعلى من سعر السوق المعلن في ذلك اليوم هذا من جانب، ومن جانب آخر يمكن أن يقل السعر عندما يكون عرض العملة الأجنبية أكبر من الطلب عليها، بحيث إن زيادة حجم المبلغ تجعل البائع يقتنع بهامش ربح أقل من الهامش الطبيعي، لذلك فإن حجم المبلغ يعتبر أحد العوامل المؤثرة على سعر السوق.
5. خامساً: التوقف عن البيع في الفترة التي تخص دراسة الحالة، كان سعر الشراء المعلن في أي يوم هو الأقرب للواقع، حيث يتم مثلاً الإعلان عن سعر الشراء للريال السعودي (150) ريال، ونجد أن هذا السعر مطبق فعلياً في السوق ويكاد يكون متقارب عند كافة الصرافين والبنوك، بينما عند الإعلان عن سعر البيع للريال السعودي في نفس اليوم (152) ريال نجد أن هذا السعر غير حقيقي أو غير معمول به أصلا في السوق، فمجرد طلب مبلغ (1,000) ريال سعودي من السوق لا نجد من يبيع بسعر السوق المعلن، ولكن عند المفاوضة يمكن الحصول على المبلغ بسعر أعلى من سعر السوق المعلن في ذلك اليوم (160) ريال مثلاً لكل ريال سعودي. وفي تلك الفترة أيضاً كان هناك توقف أو امتناع من قبل الصرافين والبنوك ببيع العملات الأجنبية مع استمرارهم بعمليات الشراء، وقد وصلت عدة شكاوى إلى البنك المركزي اليمني بالصرافين لامتناعهم عن بيع العملات الأجنبية، وكان هدفهم من ذلك هو تعويض الخسارة الناتجة عن الانخفاض في سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني في تلك الفترة، لذلك فإن الأسعار المعلنة في تلك الأيام لم تكن حقيقية ولم يتم الالتزام بها، هذا الاختلاف يعتبر أحد العوامل المؤثرة على سعر السوق.
ونخلص مما سبق أن العوامل المؤثرة على سعر السوق هي: 1. عمولة الوسيط. 2. يوم الاتفاق على الشراء. 3. وقت الاتفاق على الشراء. 4. حجم مبلغ الشراء. 5. اختلاف سعر السوق الفعلي عن المعلن والتوقف عن البيع.
وسيتم مراعاة هذه العوامل بعد اختبارها إحصائياً عند اختبار الفرضيات إحصائياً وتحليليا كما سيأتي.
انتهى الجزء الاول من الحلقة الرابعة لننتقل بعده الى الجزء الثاني والذي يبين اختبار الفرضيات احصائيا للتأكد من مدى وجود انحرافات جوهرية بين اسعار الشراء الفعلية وأسعار السوق التي استنتجها الباحث.