مدينتهم الكبيرة ووطني الصغير يعيشون على أرضٍ واحدة، ولكن هذا لا يعني أننا نعيش في أسلوبٍ واحد أو نتنفس الهواء نفسه .. لقد ادركت أناملي مؤخراً أن الحروف لم تأتي بالصدفة بل تأتي بعد أن ينضج الحرف قبل العقل، لأن نضوج الحرف أشمل وأكبر، أما نضوج العقل فيعطي صاحبه الرصانة والإتزان وقل ما حدث وأهدى صاحبه الحرف. تعود الأصوات للصدور بعد أفول القمر على ضفاف ذلك الدرب السابح في ظلمات الليل؛ تنهمر المحن على القوم في تلك المدينة الممتلئة بالحرب والخناجر. تهب عواصف الموت وتحل علينا صرخات الجوع والألم، ووحدهن الأمهات من يقفن بشموخ عال من أجل أولادهن، دون إدراك لما قد يَحدثَ لهن من رجع صدى. الأمهات بذلن الكثير من أعمارهن في سبيل سعادة أبنائهن، تحمَّلن مالم تتحمله جبال الكوكب، جعلتنا الأكثر طمأنينة، أسكنتنا في أحضانها المليئة بالحب، والعامرة بالسعادة. ينمو جسدك يوماً بعد يوم .. يزداد علمك، يعرف قلبك الحب، ينسجُ من الخيال خيالا، يصنع قصةً هشة، يبني وطناً خالٍ من الحقيقة، بأعمدةٍ لا تنتمي للواقع بصلة أو تنتمي إليه .. بالمقابل يقل إهتمامك بمن علمك الحب، لتُبادل الحب من لم يُحبُك ولو في حلمه. بينما أُمك تقضى وقتها لإعداد طعامك، وتجهيز ملابسك، وترتيب غرفة نومك، وتعطيك من الحب أوله وأخره .. تتجاهلين كل ذلك دون أن تُبادليها الحُب كما تُبادلين ذلك الشاب الذي تقضين معه الكثير من الوقت، تبادليه القهقهات والضحك .. دعيني أُخبركِ بأن كل هذا وذاك لن يدوم طويلاً، لا تُفكرين بشيء.. لا تُفكرين بأن كل ذلك سيأتيك الزمن بمثله إلا قلبُ وحضن أُمك لا يعوض .. لن يدوم الحب يا معشركن .. ستنتهي تلك العلاقة بحظرٍ الكتروني بعد أن يستزف مالك ووقتك وستصابين بالحزن والألم ولن تجدين من يقف معك في زلتك سوى من أحببتك حقاً "أمك". عارٌ عليك أن تتخلى عن مدرسة الحُب الأولى، عارٌ عليك أن تبذل من وقتك الكثير لتصنع سعادة من لم يفكر بسعادتك يوماً. عارٌ عليك أن تترك من أحبك لتُحب من لا يُحبك .. أين العدل ؟!!