نحن كأمة تنتمي اصولها إلى الإسلام , فقد اوجب هذا الدين الإسلامي الحنيف محاربة الظلمِ بشتَّى صوره ومُختلف أشكاله. و المُتتبع والمراقب لأحوال الناس في هذا الزمان , خاصة مع ظهور حب الدنيا وتمكُّنها في نفوس البشر يجِد ممارسات تحمل الظلم لآخرين في نفوسهم وأعراضهم وأموالهم، ولا يعلم هذا الظالم بظلمه و سيأتي يوما تكون عاقبته وخيمة في حياته الدنيا وعاقبته الشنيعة في الأخرة . نعلم أن التسلُّط على الخلقِ وظلمهم مسلكٌ يُؤدي بصاحبه إلى أشنع حال وأسوأِ مآل ، وهذا الحال والمآل قد اعده الله للظلمة فسنة الله لا تتبدَّل ولا تتحوَّل ، وإن مصارع الظلمَة في القديمِ والحديثِ لأصدقُ برهانٍ , واعظم بيان لمن كان له قلب وسمعاً وبصر . عزيزي القارئ الكريم : إن دعوة المظلوم التي يناجي بها الله - عزوجل- هي سهام لا تُخطِئ، وسلاحٌ على الظالمِ لا يُبقِي وإن طالَ الدهر ُ، ونستشهد بهذه الحجة ما قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبلٍ -رضي الله عنه- حين بعثَه إلى اليمن: "واتَّقِ دعوةَ المظلومِ؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجابٌ". وكذلك يقول الرسول عليه الصلاة والتسليم : "دعوةُ المظلومِ تُحمَلُ على الغَمام، وتُفتحُ لها أبوابُ السماوات، ويقول الربُّ -جل وعلا-: وعزَّتي! لأنصُرنَّكِ ولو بعد حينٍ". وإن من سوء عاقبة الظلمِ أن دعوةَ المظلومِ مُستجابة حتى ولو من الفاجرِ أو الكافرِ؛ روى أحمد في مسنده بسندٍ حسنٍ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تُردُّ دعوةُ المظلومِ ولو كان فاجِرًا ففُجورُه على نفسه . فمن يظلم الناس في أموالهم فيأخذها قهرًا، أو يمنعُ دينًا، أو يحبِس حقًّا، اقرأ ما قاله رسول عليه الصلاة والسلام ما ذكرته سابقاً اقرأ بتمعن إلى هذه الاحاديث وكُن لنفسك خير واعظ قبل أن تحُل بك دعوتُهم، وتُحيطَ ببدنك أو مالك أو ولدك عاقبةُ وخيمة . ومن أزجرِ ما نُقل في التاريخ: قصةٌ عن خالد بن عبد الله البَرمَكيِّ وولده في حوارٍ بينهما وهُما في السجنِ، فيقول له: "يا أبَتَاه: لقد كُنَّا بعد العِزِّ والمُلكِ صِرنا في القَيْدِ والحبس. فقال له: يا بُنيّ: دعوةُ مظلومٍ سَرَت بليلٍ غفَلنَا عنها والله لم يغفَل عنها". يا من ينسى دعوةَ المظلوم: لتكُن مثل هذه الأمثِلَة زاجرًا لك ورادِعًا لنفسك عن ظلم الخلق في أنفسهم أو أموالهم أو أعراضهم. إن الظالمَ تدور عليه الدوائر ، وتحل به البلايا وإن طال الدهر وامتدّ الزمان .. وصدقَ القائل حينما قال: لا تظلِمنَّ إذا ما كنتَ مُقتدرًا * فالظلمُ ترجِعُ عُقباهُ إلى النَّدَمِ تنامُ عيناك والمظلومُ مُنتبِهٌ * يدعُو عليكَ وعينُ الله لم تنَمِ