شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    التصعيد العسكري بين الهند وباكستان يثير مخاوف دول المنطقة    التصعيد العسكري بين الهند وباكستان يثير مخاوف دول المنطقة    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    استشهاد امرأة وطفلها بقصف مرتزقة العدوان في الحديدة    الحكومة: الحوثيون دمّروا الطائرات عمدًا بعد رفضهم نقلها إلى مطار آمن    مجزرة مروعة.. 25 شهيدًا بقصف مطعم وسوق شعبي بمدينة غزة    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    صنعاء تكشف قرب إعادة تشغيل مطار صنعاء    وزير النقل : نعمل على إعادة جاهزية مطار صنعاء وميناء الحديدة    بيان مهم للقوات المسلحة عن عدد من العمليات العسكرية    سيول الأمطار تغمر مدرسة وعددًا من المنازل في مدينة إب    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    الاتحاد الأوروبي يجدد دعوته لرفع الحصار عن قطاع غزة    الصاروخ PL-15 كل ما تريد معرفته عن هدية التنين الصيني لباكستان    صنعاء .. هيئة التأمينات والمعاشات تعلن صرف النصف الأول من معاش فبراير 2021 للمتقاعدين المدنيين    صنعاء .. الصحة تعلن حصيلة جديدة لضحايا استهداف الغارات على ثلاث محافظات    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    الزمالك المصري يفسخ عقد مدربه البرتغالي بيسيرو    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    الجنوب.. معاناة إنسانية في ظل ازمة اقتصادية وهروب المسئولين    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الاربعاء 7 مايو/آيار2025    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    عشرات القتلى والجرحى بقصف متبادل وباكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات هندية    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    إقالة بن مبارك تستوجب دستوريا تشكيل حكومة جديدة    مكون التغيير والتحرير يعمل على تفعيل لجانه في حضرموت    في الدوري السعودي:"كلاسيكو" مفترق طرق يجمع النصر والاتحاد .. والرائد "يتربص" بالهلال    بذكريات سيميوني.. رونالدو يضع بنزيما في دائرة الانتقام    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نائب مدير الأراضي بعدن نبيل العمودي يدعو مدير الأراضي إلى قراءة مقال لكاتب عربي عن ظلم الناس
نشر في حياة عدن يوم 30 - 11 - 2016

وجه نائب مدير الأراضي بعدن نبيل العمودي رسالة هامة إلى مدير الأراضي بعدن م . محمد محسن دعاه فيها إلى قراءة مقال لكاتب عربي يتحدث ظلم الناس ..
وقال العمودي : إلى محمد محسن وحاشيته وعماله في هيئة اراضي عدن ارجو ان تقرأوا هذا المقال اكثر من مرة وتدبروا ماجاء فيه فوالله انكم في طريق الظلم والاستقواء وأخذ حقوق الاخرين بعلم او بدون علم سائرون ..واعلموا ما قال الإسلام فيما انتم فاعلون وفيه ماضون بغيكم و تكبركم دون ان تراجعوا انفسكم ياهولاء فوالله اني مشفق عليكم واني قد نصحتكم ثم صرخت فيكم لتصحوا من غفلتكم هذه وعنادكم الذي انتم فيه عائشون لكنكم قوما اخذتهم العزة بالاثم وما يزيدكم دعاؤنا الا تكبرا وغرورا فيا هولاء ارجعوا وراجعوا انفسكم قبل فوات الاوان فاني ناصح لكم امين ..
ولله الامر من قبل ومن بعد.. ))
وفيما يلي ننشر نص مقال الكاتب العربي د / عبدالرحمن عبدالحميد والذي جاء تحت عنوان :
((موقف الإسلام من الظلم والظالمين))
د . عبدالرحمن عبدالحميد
أخرج مسلم من حديث أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ:
“يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلاَ تَظَالَمُوا“.
وأخرج الشيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”،
وأخرج مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
“اتَّقُوا الظُّلْمَ؛ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ“.
وفضلاً عن ذلك فإن الظلمَ يجعل الظالم في حبس دائم.. لا يسير إلا وحوله حرس مدجج بالسلاح.. لا ينام ولا يصحو إلا وهو متخوف من المظلوم الذي يريد أن ينتقم منه.. الظلم حين يشيع في أمة لا يمكنها أن تستقر أو تستريح..
﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ(42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)﴾ (إبراهيم)، فالله سبحانه وتعالى يُعلن في كتابه العزيز ألاَّ يتصور الظالِمُ أن الله غافل عن هذا الظلم، فإذا كان الله يمد للظالم في الإمهال فهذا من الاستدراج، لا غفلة من الله العزيز جلَّ وعلا: ﴿إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ﴾، ثم يصف حالَ الظالم المنتفخ المتكبر المتجبر المستبد، الذي يملأ الحياة ظلمًا، يصف حاله يوم القيامة، بأنها على عكس هذا الانتفاخ الذي كان في الدنيا، بعد أن كان يشمخ بأنفه إلى السماء، يأتي مُهْطِعاً مُقْنِع الرأس ﴿مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ﴾ يضع رأسه عند قدمه ذلاً وحياءً وخوفًا ورهبةً ﴿لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ﴾؛ أي لا يستطيعون أن ينظروا بأبصارهم.. انظر وتعجب من شدة الهلع والخوف الذي ملأ قلب الظالم! بسبب ما ملأ قلوب الناس من خوفٍ ورعب، يكون جزاؤه يوم القيامة أن يملأ قلبَه الرعبُ، حتى لا يكاد أن تستقر عينُه على شيء ﴿لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ﴾، إذا نظر من شدة الخوف لا يستطيع أن يُغمض عيناه﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾؛ وقلوبهم فارغة من كل شيء.
من جزاءات الظالمين
1- الظلم يُعرِّض صاحبه لعذابٍ أليم في هذه الدنيا
مهما يطل الزمان بالظالم، فإنَّ الله تبارك وتعالى لا بد أن يأخذه على أُمِّ رأسه، وأن يشدِّد في أخذه، أخرج عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ“، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)﴾ (هود).
هذا للفرد الظالم، وكذلك للجماعة الظالمة، فقد قال الله عز وجل: ﴿فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ (45)﴾ (الحج)، بعد أن كانت هذه القرية الظالمة تعيش في بحبوحةٍ وفي راحة، يجعل الله تبارك وتعالى عاليها سافلها.
2- الظالم يُسلِّط الله تبارك وتعالى عليه جنده، وينتقم منه في الدنيا، ثم في الآخرة
قد يؤخر الله عقاب الظالم، ولكن إياك أن تظن أن تأخيرَ الله غفلة منه جل جلاله.
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرًا فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبهٌ يدعو عليك وعين الله لم تنم
أنت تنام بعد أن ظلمتَ منفوخَ البطن مغترًا بقوتك، والمظلومُ قائمٌ بالليل يُنادي ربه، ويقول: رب إني مظلوم فانتصر.. تخرج الدعوة من فم المظلوم، فلا يمنعها من الله شيء، وتُفتح لها أبواب السماء؛ أخرج الشيخان عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: “اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ“.
إن دعوة المظلوم تُفتح لها أبواب السماء، ولا يقف لها شيء، فقد أخرج الترمذي وحسَّنه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالإِمَامُ الْعَادِلُ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ: وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ».
وعدٌ من الله أن ينصر المظلوم ولو بعد حين.. حين يفرح الظالم بظلمه ويستعلى بجبروته، يقول الله عز وجل: ﴿حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ القَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ (45)﴾ (الأعراف).
العدل هو الذي يجعل الحياة في راحة، والظلم هو الذي يجعل الحياة قلقةً مضطربةً، وهو جرثومة متى فشت في أمة، أهلكها الله عز وجل.
وإنَّ أشدَّ الناس حمقًا مَنْ يُجامل الظالم في ظلمه؛ لأنه لم يستفدْ شيئًا بهذه المجاملة، وإنما باع آخرته ليكسب غيره دنياه؛ وذلك حينما لا يقول كلمة الحق.
من صور الظلم
1- أعظم صوره وأشدها وبالاً ظلم الحاكم لرعيته، وظلم الوالي أهل ولايته
لأن الناس إنما يَنْصِبون الأئمةَ والرؤساء ليحققوا العدل فيما بينهم، ولكي يأخذوا للضعيف حقه من القوي، وللمظلوم حقه من الظالم، فإذا صار الحاكمُ هو الظالِمَ فقل على الدنيا السلام.. إذا صار الذي من واجبه أن يرسيَ دعائمَ العدل هو الذي يُقَوِّض العدلَ ويقيم الظلمَ، فقل على الدنيا السلام.. ولهذا كان أعظمُ الناس عند الله درجةً وأول الواقفين في ظل عرش الله يوم القيامة “الإمام العادل”.
فأما إذا جار وظلم؛ فإنه يُشجِّع الناسَ على الظلم.. وإذا آذى الناس وعذَّبَهم؛ فقد أفسدهم، أخرج أبو داود عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: “إِنَّكَ إِنِ اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ“، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: كَلِمَةٌ سَمِعَهَا مُعَاوِيَةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا.
وفي رواية عند البخاري في الأدب المفرد والطبراني في الكبير أن معاوية رضي الله عنه قال: إِنِّي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَلامًا نَفَعَنِي اللَّهُ بِهِ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: “أَعْرِضُوا عَنِ النَّاسِ، أَلَمْ تَرَ أَنَّكَ إِنِ اتَّبَعْتَ الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ أَوْ كِدْتَ تُفْسِدُهُمْ؟“.
وفي هذا السياق أيضًا أخرج أبو داود عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ وَكَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ وَعَمْرِو بْنِ الأَسْوَدِ وَالْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ وَأَبِي أُمَامَةَ عَنِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “إِنَّ الأَمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ“.
حين يكون الحاكمُ ظالمًا يتتبع السقطات والعورات.. يتتبع الناسَ ليوقعهم في الشر.. يتصنت عليهم ليوقعَهم في البلاء.. يلتمس معايبَهم ليملأ بهم السجون، فإنه يفسد الدنيا.. إنما من واجب الحاكم أن يرسيَ العدلَ وأن يؤمِّن الناس، وأن يعيشَ الناسُ في ظله آمنين.
سيدنا معاوية.. هذا الخليفة المبارك.. كان قائمًا على المنبر يخطب، فقام أحد المسلمين من التابعين، وكان اسمه أبو مسلم الخَوْلاني، فقال: يا معاوية، قال: نعم. قال: يا معاوية، إنما أنت قبرٌ من القبور (أي غايتك في النهاية أنك ستصير في قبرٍ ولن تخلد في هذه الدنيا)، إن جئتَ بشيءٍ كان لك شيءٌ، وإن لم تجئ بشيءٍ لم يكن لك شيءٌ (يعني لم يكن لك في هذا القبر إلا ما قدمت)، يا معاوية: لا تحسبنَّ الخلافة جمعَ المال وتفريقَه، إنما الخلافةُ: القولُ بالحق والعملُ بالْمَعْدَلة، يا معاوية: إنا لا نبالي بكدَر الأنهار ما صَفَتْ لنا رأسُ عيننا، وأنت رأسُ عيننا.
أي: يا معاوية العدل ينبع منك، فإذا كنتَ أنت عادلاً، فلا يهمنا أن يكون هنا مسئولٌ يظلم أو هناك مسئولٌ يظلم؛ لأننا نعلم أن عدل الإمام العادل سوف يمحو هذه المظالم، أما لو كان المسئولون من حولك عدولاً وأنت الظالم، فسوف يتحولون جميعًا إلى ظلمة.
إذا كان رب البيت بالدف ضاربًا فشيمة أهل البيت كلهم الرقص
ثم يقول له هذا الرجل الصالح: يا معاوية إياكَ أن تحيف على قبيلة من القبائل فيذهب حَيْفُك بعدلك (أي يذهب الظلم بالعدل) والسلام.
فقال معاوية: يرحمك الله (قَبِل النصيحة مع أنها قُدِّمت له في محضرٍ من الملأ.. قَبِل النصيحة لأنه يعلم أن الاستقرار في أمةِ محمدٍ بالعمل بهذه النصيحة).
وهكذا كان الصالحون وكان الناصحون، كانوا يعلمون أن الظلم إذا كان من الإمام الحاكم، كان أشد فتكًا وأعظم ضررًا، وهذا من أعظم صور الظلم.
2- شيوع المحسوبية والوساطة والرشاوى
حينما يوضع الإنسان في غير مكانه لأنه قريب من فلان، وحين تُبْعَد الكفاءات من أماكنها ويُوَسَّد الأمرُ لغير أهله؛ لأن هذه الكفاءات ليست على هوى فلان، وليست على رغبةِ فلان، حين تنعدم الشورى ويضيع الحق، ولا يكون الرجل المُناسب في المكان المناسب؛ فهذا من أعظم الظلم، أخرج أحمد والحاكم وصححه والبيهقي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: “مَنِ اسْتَعْمَلَ عَامِلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ فِيهِمْ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُ وَأَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ“.
فحين يكون بإمكانِك أو من سلطاتِك توظيفُ شخصٍ ما أو أشخاصٍ ما، فتوظف مَنْ تهواه نفسُك أو يميل إليه قلبُك أو مَنْ يدفع لك الرشوةَ على حساب الحق فقد خُنْتَ اللهَ ورسولَه والمؤمنين، والأمةُ إذا شاع فيها هذا الجو، فإنها تعيش في حالة من الحقد والحسد، والمظالم التي تدمر الأمم، قال تعالى: ﴿وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)﴾ (البقرة)، ويقصد القرآن بالحكام كلَّ من كان قادرًا ويأخذ رشوة ليبعد إنسانًا عن موضعه، أو يعطيَ إنسانًا غير حقه.
3- أخذ الناس بالشبهة، ومعاملة الناس على سوء الظن
كان المنافقون يسيئون إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالليل والنهار، وكان يعرفهم صلى الله عليه وسلم بأسمائهم، وربما عرَّف بعضَ أصحابه بعضَ الأسماء، ومع ذلك لم نسمع بأن النبي صلى الله عليه وسلم عاقب واحدًا منهم على شيءٍ، فالأصل عنده أن الإنسان بريء ما لم ينطق ويتلفظ ويسمعه الناس، بل إن عبد الله بن أبيّ زعيمَ النفاق، خاض في عرضِ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقال قولة الإثم، ونزل القرآن الكريم يتوعده بالعذاب العظيم، يقول الحق جل وعلا: ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾، (النور: من 11)، ومع ذلك لم يأخذه النبي صلى الله عليه وسلم ليحبسه أو يسجنه أو يضربه؛ لأنه لم يشهد أحدٌ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ذلك.
فأخذ الناس بالشبهة ظلم مبين وإثم كبير، وإفك يرى صاحبُه عاقبةَ أمره عند الله خُسرانًا مبينًا، ولهذا كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يدرأ الحدود بأدنى شبهة، أخرج الطبراني والبيهقي وغيرهما عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “ادْرَؤُوا الْحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ لِلْمُسْلِمِ مَخْرَجًا، فَخَلُّوا سَبِيلَهُ، فَإِنَّ الإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ“، هذا هو العدل.. ألاَّ يؤخذ إنسان بشبهة ما دام لم يرتكبْ ما يوجب العقوبة، ولا يجوز سَوْقُ الناس إلى التعذيب تحت وطأة الشبهات، بزعم أن هذا هو السبيل لكشف الحق.. فهذا باطل.
4- التنصت على الناس لتسمُّع ما يقولون
الذي يتنصت على عباد الله ليسمع ما يقولون في مجالسهم وفي سرهم، يوم القيامة يوضع في أذنيه الرصاص المغلي المذاب في النار، أخرج البخارى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “مَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ، صُبَّ فِى أُذُنِهِ الآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ” والآنك: هو الرصاص المذاب من شدة الحرارة، يوضع في أذنيْ من يتصنت على الناس.
سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان قاضيًا على الكوفة، وكان يرفض أن يتم التجسس على الناس أو أن يأخذهم بالظن، أخرج أبو داود عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: أُتِيَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقِيلَ: هَذَا فُلاَنٌ تَقْطُرُ لِحْيَتُهُ خَمْرًا. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّا قَدْ نُهِينَا عَنِ التَّجَسُّسِ وَلَكِنْ إِنْ يَظْهَرْ لَنَا شَيْءٌ نَأْخُذْ بِهِ.
بل اسمع إلى ما أخرجه الحاكم وصححه والبيهقي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّهُ حَرَسَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَيْلَةً بِالْمَدِينَةِ، فَبَيْنَا هُمْ يَمْشُونَ شَبَّ لَهُمْ سِرَاجٌ فِي بَيْتٍ، فَانْطَلَقُوا يَؤُمُّونَهُ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْهُ إِذَا بَابٌ مُجَافٍ (مغلق) عَلَى قَوْمٍ لَهُمْ فِيهِ أَصْوَاتٌ مُرْتَفِعَةٌ وَلَغَطٌ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهِ عَنْهُ وَأَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: أَتَدْرِى بَيْتُ مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: هَذَا بَيْتُ رَبِيعَةَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَهُمُ الآنَ شُرَّبٌ فَما تَرَى. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَرَى قَدْ أَتَيْنَا مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ ﴿وَلاَ تَجَسَّسُوا﴾ فَقَدْ تَجَسَّسْنَا. فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَتَرَكَهُمْ.
ألوان الظلم كثيرة وفاشية في المجتمعات، ولا سبيل إلى نجاة الأمم إلا بمحاربة هذا الظلم ومنع هذا الظلم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.