عشرة أعوام مرت كأنها بالأمس وحلم تبخر كأنه لم يكن وأمل مازال معقود في مخيلة اليمنيين رغم توالي الخيبات، وتزايد سقف المصالح على حساب المصلحة الوطنية العليا لليمن الكبير. في صبيحة الحادي عشر من فبراير من عام 2011م كان الشباب على موعد مع التاريخ في حضرة الاستبداد السلطوي وكانوا شجعانا بحق حينما كسروا حاجز الصمت وتجاوزوا لغة المألوف وسطروا بطولة أبلغ من ألف كتاب. كان الحاكم في انتظارهم وكانت أوامره حاسمة لوأد الربيع قبل انطلاقه، لكنها تعز وأي تعز تلك التي زلزت عرش الطغاة وقالت كلمة الفصل حينما خاف وسكت الجميع، وهي لم تتزعزع، ولم يرف لها جفن، وكانت تدرك مخاطر ما أقدمت عليه. لكنها أية الله في خلقه وسيفه المسلول شاء الله أن يوجهها الى رقاب الطغاة، فخرجت عن بكرة أبيها حينما استفزها الديكتاتور واستحقرها وحاول أن يبطش بعصافيرها المزقزقة في أرجاءها، فكان الطوفان الأعظم. صنعاء فعدن والحديدة ومأرب واب وكل المحافظات، خرجت بعفوية ملبية لنداء الوطن تسبقها ترانيم الحب ونبض الحياة ونشيد الوطن الكبير (بالروح بالدم نفديك يا يمن، انا يمني فاسأل التاريخ عني، ورددي أياتها الدنيا نشيدي.....وو الخ). كانت الاهداف المطروحة المرسومة في بداية الأمر التصحيح وانهاء الفساد، لكن حينما يكون النظام فاسدا حد الثمالة بقياداته وتعاملاته، وليس لديه شعور بالمسؤولية الوطنية تجاه مواطنيه ويرفض الاذعان والنزول عند رغبات الشعب تكون العواقب وخيمة. وهو ما كان بالفعل، فلقد حاول النظام أن يقمع جذوة احلام اليمنيين من الشباب الطامحين، في بداياتها ويسحق آمالهم وطموحاتهم وان يهوي بهم في قعر حفرة عميقة من التاريخ، لكنه لم يأخذ في حساباته أن الشعب اليمني لم يعد ذلك الغر أو ذاك الجاهل المتلبس بقطران كهنوت الماضي، وانجاس الحاضر، فكان الواقع الذي عايشناه خلال عام 2011م وقدم الشعب بذلك نموذجا مغايرا للنضال ضد الجبروت المتسلح بالترسانة العسكرية أن واجهه بصدور عارية، وقدم الشهداء تلو الشهداء من أجل قضيته المحورية وهز كيان الاستبداد في عقر داره. فبراير لم يكن تاريخ لحديث عابر، بل كان لزمن مليء بالاساطير والتضحيات العظام ولحديثنا بقية.