أنتِ يا كل سعادتي ويا كل نشوة، أين أنتِ يا غيمتي الهاربة ؟ أخبريني بحق الوجع والدموع والوخزة القاتلة ، أرضي باتت قاحلة ، قلبي غزته خيوط العنكبوت ، أصابني الجفاف يا فراشتي ، منذُ أن نزعكِ أبوكِ من قلبي ثم زفكِ ضحية إلى قلب عاشقٍ غيري طمعاً بالمال ، منذُ أن ألبسكِ كفناً أبيضاً أنام كل يوم في مقبرة وأتجول كل الأضرحة ، أعاني من شدة الجفاف وويلات العذاب ، أعترف لكِ أنني حاولت أن أحب امرأة غيركِ لكن جميع محاولاتي باءت بالفشل ، كلما أخترتُ امرأة تحل مكانكِ أراكِ تنامين في وجهها ، كل الفتيات ناقصات أمامكِ وكل الجمال هَش بعدكِ يا اُنثى الرحيق والزهور ، أنتِ المرأة التي اُغرمت بها ، من أحببتها كما أحب قيس ليلى العامرية ، أنتِ يا سارة من كنتِ تأتين إليّ بكل الأخبار السارة عبر لغة عينيكِ ، من كُنتُ أطير وأحلق عالياً في سماء الحُب عندما أراكِ تنطقين حروف اسمي عبر شفتيكِ المقوستان كهلالٍ يعيش أيامه الأولى ، هُناك امرأة كانت كفيلة أن تحل مكانكِ يا سارة ، من رأيتُ فيها جميع الخصال الموجودة فيك ِ، امرأة شهية كقطعة حلوى ، نادرة كشجرة دم الأخوين في سقطرى ، فاتنة كأنتِ يا مليحتي ، فتاة تزورني دائماً في المنام وبهمسة توقضني ، كان يمر طيفها أمامي في كل لحظة ، هي فقط من كانت ستنتشلني من شتاتي، من ستتقمص دور الطبيب وتداوي عِلتي من كانت ستحييني بابتسامة ومن جديد ستخلقني بضحكة وترممني بِلمسة ، ومن ستعيد إليّ أنفاسي بِضمة ، لكن يا للأسف عندما حدقت نحوها وجدتها أنتِ ، أنتِ فقط ما زلتِ في ذاكرتي رغم العناء وطول المسافات ، ما زال قلبي يحبكِ ويرتلُ حروف اسمكِ مع كل نبضة يا كل نبضاتي ، عليكِ أن تدركي جيداً بأنني لم أريدُ تشويه شخصيتكِ في رسالتي السابقة كما زعمتي، تلك رسالة حشوتها بالمجازات ، كنتُ أريد أن أختبركِ فقط كي أعلم أنكِ ما زلتِ تبادليني الحُب والمشاعر الصادقة ليس إلا ، وهأنذا بعد أن قرأت إعترافكِ أراني قد نبت لي جناحان في ساعدي، بُتُ كطائر الطاؤوس أفرد أجنحتي ترتيباً للإقلاع نحوكِ كي أظللكِ من حرارة الشمس وفي لحظة سأدثركِ من غزارة الصقيع الذي يداهم جسدكِ نتيجة الوحدة يا طِفلتي. أود أن أعترف لكِ بأن صديقتكِ التي أوصلت إليكِ رسالتي هي ذاتها من حدثتني عنكِ ، من اخترتيها كساعي بريد أنا أخترتها حمامة تأتي إلي بِكلِ أخباركِ يا سارة وهذا دليل ثابت بأن فؤادينا ما يزالان ينبضان بالحُب والمشاعر الصادقة يا جميلتي ، اسمها يارا صديقتنا منذُ أيام المدرسة، هي فتاة نقية تشبهكِ نوعاً ما لهذا السبب قلبي وثق بها ، كُنتُ أودُ أن أحدثكِ عن أشياء كثيرة حصلت في غيابكِ يا مليحتي، سأحدثكِ عن نِبراس ذلك الشاب الطموح من كان يحلم أن يصبح طبيباً، إن نِبراس غادر الحياة برصاصة اُطلقت من مكان قريب للمنزل الذي يمكث فيه ، رصاصة شدت رحالها إلى الهواء فعادت وسكنت رأسه البريء وعلى إثرها غادر الحياة ، صديقتكِ أروى تنام في العناية المركزة ، تتألم بلا حول ولا قوة ، اُصيبت بشضايا قُنبلة اُطلقت من مكان محاذيٍ لها ، أخترقت منزلها ثم عانقت جسدها ، إنها الحرب يا سارة ، الحَرب والسلاح من يقتلان الأبرياء بدون رحمة ، وإنني لأجزم أن لا فرق بين تجار الحروب وحاملي السلاح وأباكِ الذي دَمر حياة عاشقين طمعاً بالمالِ والورقِ المتسخة ، كُنتُ أنوي أن أحدثكِ عن أشياء لكن فلتعذريني هأنا أكتب وجواري معركة ضخمة ، يقودها طرفي نِزاع قلوبهم مليئة بالسواد ، بحيث أنني كلما قبضتُ قلمي تهتز أصابعي ويسقط القلم نحو الأرض، يتشقق من هول الهزات فيسيلُ من جوفه المداد كما تسيل الدماء في هذه البُقعة المكلومة يا نَجمتي الحزينة ، بِشرفِ حُبنا النقي أنني عانيتُ كثيراً وأنا أكتب هذه الرسالة كما تعاني الفتاة البكر حين تضع مولودها الأول ، فقط أنتظر انتهاء المعركة كي أهرع صوبكِ ثم أنقذكِ وأحدثكِ عن قُرب يا اُغنيتي المُفضلة . أنتظر ردك. وثيق القاضي 6-2-2021