رسالتان إلى زملائي أساتذة جامعة تعز وأبنائي الطلاب: "الحمد لله الذي جعل العلم معزا لمن طلبه ومعينا لمن ابتغاه , وجعل الجهل مذلا لمن آثره وارتضاه حمدا يوازي عظيم نعمه ويضاهي جميل قسمه وصلى الله على سيدنا محمد واله وأصحابه". الرسالة الأولى: الزميلات والزملاء : يخالجني شعور إنساني وأنا أخاطب فيكم روح المسئولية والواجب : ما كان العِلم كما الحرية والعدل ملك لأحد حتى يحتكره لنفسه فيمنحه لأناس ويمنعه عن الآخرين ، وما من ثقافة تستحق الاحترام إن لم تعلم الحرية والمعارف للأجيال . لا تجعلوا أهل السياسة يشوهون الجميل باسمكم ولا أن يقتربوا من أزهار بساتينكم وإلا تعطلت عملية البناء وانتكست الحضارة ؛ يجب علينا أن ننجح في جذب أهل السياسة إلى عالم المعرفة الإنسانية عالم الحرية والتسامح والأمل وحب الآخر. يجب علينا الإصرار على انتزاع حقوقنا ومحاربة الفساد حيث كان ، على أن ذلك يقتضي البدء بأداء واجباتنا والعمل بصدق وشرف ونأخذ بيد أبنائنا نحو تحقيق تطلعاتهم وآمالهم لا بإهدار حقوقهم وتجهيلهم . نحن نُعّلم الأجيال أبعاد الدور الذي يجب أن نقوم به لبناء نظام نكون فيه نور يبصر به الأعمى وروح يمشي بها الكسيح وغوث ينقذ كل ملهوف ونحن المرجعية التي تعلمهم معنى الحق والواجب ونزين أحلامهم بأفكار متطلعة لغد جميل ونملأ أرواحهم بالشوق لهذا الغد فيجب أن لا نسمح للجاهليات القبلية والمتطرفة أن تتحكم في مصائر أبنائنا لأن العلم في أسوأ الظروف هو الملاذ الآمن للجميع إنه جوهر الحضارة. الرسالة الثانية : أبنائي الطلبة : لا تجعلوا أحداً كائناً من كان أن يجعلكم ضحية في أي مكان وفي أي ظرف ، فالضحية لا يكون إلا ضعيفاً , والضعيف حتى وإن كان مؤمناً فهو ليس الأفضل. ويمكنكم أن لا تكونوا ضحايا إذا كنتم أقوياء ، ولن تكونوا أقوياء إلا إذا أخذتم بزمام المبادرة ، ولن تستطيعوا ما لم تثقوا بأنفسكم وتخططوا لمستقبلكم وتجعلوا هم بلدكم هو قضيتكم ولن تتمكنوا من تحقيق ذلك بدون العلم . لا ندعي أننا نمنحكم كل زاد السفر في رحلتكم الطويلة في خدمة أنفسكم وأهلكم وأمتكم ، لكننا نفتح لكم بابا ونهب لكم ضوءا صغيرا منكم من سيحافظ عليه ويغذيه ويقويه بجهوده ليصبح نوراً ساطعا ليضيء لكل الناس ذلك هو المبادر والمثابر والمتطلع للأفضل والقادر على التغيير وصناعة المستقبل المشرق ، ولا أتمنى أن يكون فيكم من يكتفي بما أنجز ولم يسعى إلى بناء ذاته ويحبط عند أول ابتلاء ويحمل غيره وأحياناً المجتمع بأسره مسؤولية إخفاقاته : واخذ يلعن الظلام وبيده ضوء لم يكلف نفسه حتى التفكير لاستخدامه ؛ إن الجندي في ساحة المعركة ومع أهمية امتلاكه واستخدامه للسلاح ، يبقى إيمانه بقضيته وإصراره على صون شرف أمته أهم مقومات انتصاره . لا تجعلوا قدوتكم من اجتهد ببناء نفسه بأنانيته وأشاع الكراهية وسط المجتمع ، دون أن يأبه بمجتمعه ، لأن ذلك لا يدرك أن زماناً سيأتي ربما كان سلوكه ذلك من سيقذف بأبنائه وأحفاده بل والمجتمع أيضاً في مستنقع التفسخ والفوضى والذل وطلب ما تجود به المجتمعات التي عرفت كيف تعمل معاً من أجل المستقبل , أنتم اهتموا ببناء المجتمع ككل : كونوا لبنات قوية لبناء دولة المؤسسات فهي في أسوء الظروف ستكون الملاذ الآمن للجميع وستكونون صالحين بقدر حبكم لمجتمعكم ولبلدكم ولأمتكم ولكل البشر .. وستكونون مصلحين أيضاً بقدر عطائكم وبذلكم . مهم أن نحصد ثمار عنائنا اليوم لكن الأهم أن تؤتي الثمار أكلها لفائدة المجتمع والأجيال وهذا يعني أن نبادر وأن نعمل لأجل المستقبل حتى بعد وفاتنا إن أردنا أن نعين أبنائنا على تجاوز مرحلة التأسيس التي طال أمدها ، واهم نقطة هي بناء الإنسان . إن المكانة التاريخية التي تبوأناها بين سائر الأمم عبر التاريخ أتت من عظمة هذا الإنسان اليمني ومبادراته وابتكاراته فهو بِإقدامِه على حمل الرمال من بطون الأودية لتكوين الشعاب على قمم الجبال أراد الإقتراب من السماء ليصنع مجده ، وقد نجح . كما أتت تلك المكانة لانتشاره في العالم شرقه وغربه لنشر ثقافة التسامح والسلام والمحبة ، ونشرنا الإسلام في مشارق الأرض دون أن نسفك قطرة دم واحدة. ونحن اليوم في مرحلة انتقالية شديدة الحساسية تكالبت فيها علينا الأمم من كل حدب وصوب وبقدر ما تكون المراحل الإنتقالية في تواريخ كل الأمم مخاضاً للتحولات الإيجابية فان أصالتنا وعظمتنا تحتم علينا أن نحسن التدبير كلا من موقعه ، ببساطة لان القضية قضية وطن وشرف وكرامة ،وإحقاقكم للحق أهم دعائم بناء الدولة اليمنية الحديثة. العلم جوهر الحضارة فلا تستصغروا شيئاً تستطيعون القيام به من أجله , فكل شيء مهم , وأول الغيث قطرة ولا تستصعبوا شيئاً , فلا مستحيل أمام همم الرجال الذين يقفون دائماً يتفحصون مسيرتهم لينقدوها وليطوروها ويوازنوا بين ما لهم وما عليهم ليكونوا مواطنين صالحين . وفق الله الجميع وحفظ بلدنا بما حفظ به الذكر الحكيم.
أ. د. أحمد الحميدي عميد كلية الحقوق جامعة تعز سابقاً