المسألة اليوم باتت أسهل من السهل للفهم على وقع حكاية المعاملة القاسية التي تطوّق بها المملكة العربية السعودية الانتقالي، ويتمثل ذلك بحزمة من الضغوطات تمارس عليه وصل الأمر إلى حد قطع الرواتب عن قواته ومنع الغذاء والدواء.وهذا ما يفهم بوجود إن لم تكن هي أزمة ثقة بدأت تلوح في الأفق إذاً هو تباين في وجهات النظر بين الجانبين، فكل الدلائل تشير على أن قائدة ورائدة التحالف تتبنى باطناً استراتيجية محددة تجاه اليمن ظاهرا غير معلومة للملاء، وقد تتعارض في مجملها او في شقّها مع رؤية جزءاً من الفئة العسكريّة والسياسية المسيطرة على مفاصل عدن، وما يحدث الآن هو عبارة عن بعض من ملامح ردات فعل الأثنين تجاه بعضما. فمنذ تذرّع الإمارات بمغادرتها وترك الباب مفتوح لحليفتها الكبرى تنفّذ مشروعها وإجنداتها كيف ما شاءت وأرادت، ومن بعد مباشرة الأخيرة دورها ليبداء فصلاً آخر من المسايسات والملاينات تجاه صاحب الأمر الواقع في عدن، ليتحوّل المشهد فجأة عسكرياً بالإيعاز للشرعيّة التجيش من مأرب متجهة جنوباً، وسنة من المناوشات بمختلف الأسلحة بين الجانبين مع شطحات هنا وهناك تُقدم عليها قوات الشرعيّة مهددة بالإكتساح من آتجاه ابين، وما تخللها من حوارات وحوارات جرت برعاية سعودية، بعدها يتم توافق غير متوقع على خطة مشتركة بإشراف الدولة الراعية نفسها تقضي بتنفيذ ما أتفق عليه في الرياض وأبرزه ألتشكيل الحكومي المناصف مع الشمال اليمني.ما يفسر لنا ذلك أن النيّة المبيّتة كانت من وراء التجيّش هي عدم الدخول إلى عدن ولكن هو القيام بإرغام الانتقالي المجازفة وبالمضي قدما إلى جانب الشرعيّة دون التفكير والنظر إلى الخلف.
وبين هذا وذا لو تتبعنا السير بما مارسه التحالف من نهج أستطاع بموجبه أن يعرض اللوحة بكامل تفاصيلها وأبعادها المختلفة بشكل فاضح للأنتقالي دون أن يُخفي جانباً من جوانبها، ليلفت عنايته عن التحديات القائمة وبما هو المتاح ومن غير المتاح له التصرّف والتعديل عليه، ليضهر لنا ومن بعد المشاكسة العسكريّة والإعلاميّة التي نتجت عنها طرد الحكومة أن الأخير تفهّم الموقف بتروٍ تام مرحباً بعودة لتلك الحكومة بل والمشاركة ضمن قوامها بعدد من الوزراء.. وهذا يعد بحد ذاته اعترافا بالخطأ الذي أرتكبه، وربما يعني التخلّي مؤقتاً وضمنيّاً عن تثبته بعدن كعاصمة تخص الجنوب، وآخر يعطي مؤشر على أن قضيته التي يتمثلها هي بذات بعد يمني بعيداً عن ما يكرّس من دعوات، وأن لم يكن بالحوار البلوغ بها عند جلوسه إلى الطولة بمعيٌة الشرعيّة مقابل الحوثيّن مرحلتها النهائية من الحل، يمكن إيجاد خارطة طريق حولها تشترك فيها جميع الأطراف بما فيهم الحوثين وبضمانات دوليّة، وأقليميّة تؤدي لكسر الجمود وتحقيق إختراق فيها يكون بحد ذاته حينها مقنعاً للجنوبين.
ومن منطلق التفكير عن حيثيات ملف الحل النهائي للأزمة اليمنية أن تمكنت المملكة السعودية بعملها هذا إجبار الانتقالي لعب دور موازي يصب في خانة ما تسمح به هي له القيام به دون غيره، وبالنظر لما يتبناه المجتمع الدولي من دعوات إيقاف الحرب ومن ثم الشروع في حوار جدّي من هنا سيصبح مسار المعترك السياسي الذي يخوضه بقيادة المناضل عيدروس قاسم الزبيدي هو نفس المعترك الذي خاض فيه يوماً ما مؤتمر شعب الجنوب على خلفيّة الحوار الوطني صنعاء بزعامة المناضل محمد علي احمد 2014 ومع فارق الزمن ليكون له الحظ منه أنه يُقدم على ضوء متغيرات جديدة أتت على عتبة مرحلة حرب أدت لتراجع دور أطراف فاعلة من الساحة اليمنية وقفت أنذاك حجر عثراء أمام تسّوية شاملة لملف القضيّة الجنوبية، كأفضليّة إن أستغلّها الانتقالي ربما ستمكنه تحقيق نسبة معقولة من الهدف إذا لم يضفر به كاملاً.