ترامب يمهل روسيا 50 يوما ويهدد بعقوبات صارمة    بيان للرأي العام    حلم تلاشى تحت وطأة صفعات قوية    حلم تلاشى تحت وطأة صفعات قوية    مجلس الأمن يمدد ولاية بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة    تنفيذية انتقالي المسيمير تعقد اجتماعها الدوري لشهر يوليو    برشلونة يضم السويدي روني بردغي حتى 2029    سلسة مطاعم شهيرة في صنعاء تتجه لاغلاق أبوابها    انصار الله يحمل دول الاحتلال مسئولية اختطاف المهندس شرف    مديرية الثورة تدشن المرحلة الثانية من دورات "طوفان الأقصى"    محاولات بائسة لتحويل المهرة الجنوبية إلى ممر عبور للمليشيا الحوثية    جيروزاليم بوست الصهيونية : استهداف واغراق السفينتين .. الاكثر ايلاما؟    منتدى شعراء الشعيب بالضالع يحتفي بالفائزين في المسابقة الشعرية    الإيطالي سينر يعزز صدارته للتصنيف العالمي للاعبي التنس    تزعم مجموعة من اليمنيين    مؤسسات الأسرى: الاحتلال يعتقل 3850 فلسطينيا بالضفة الغربية خلال النصف الأول من 2025    الحوثيون يتحدون الاتفاق الأممي ويعززون الانقسام النقدي بتزوير عملات جديدة    السوري الأصل بردغجي لاعبا لبرشلونة حتى 2029    اجتماع موسع لمناقشة وإقرار خطة وزارة الثقافة والسياحة للعام 1447ه    نقابة الصرافين الجنوبيين تطالب بفتح تحقيق ومساءلة قيادة البنك المركزي    تحذير رسمي من نتائج كارثية لتدفق المهاجرين إلى شبوة    القسام مع سرايا القدس يدمرون دبابة وجرافة عسكرية صهيونية    الكثيري يبحث مع قيادات قطاع التعليم سُبل إنقاذ العملية التعليمية في العاصمة عدن    الكثيري يبحث مع منظمة أطباء بلا حدود توسيع تدخلاتها الطبية في محافظات الجنوب    يوميات الحرب بين إيران والكيان الإسرائيلي    تشابي ألونسو يقود ثورة في ريال مدريد والجميع مهدد    بطل مونديالي جديد من إيطاليا    صنعاء.. اعلان نتيجة الثانوية العامة    سينر: ويمبلدون حلم.. وألكاراز: تنافسنا ساعدني على التطور    الرابطة تعتمد اللائحة المالية.. 10 ملايين العجز المالي سقف المصروفات 70 %    عودة 60 صياد يمني عقب احتجازهم في إريتريا    مدينة تعز .. السكان يواجهون عطشًا غير مسبوق واتفاق إدارة إمدادات المياه يواجه كوابح سنوات الحرب    البرلمان الأوروبي يفتح ملف مواجهة الإخوان    ماهي ابعاد سحب المبعوث الأمريكي إلى اليمن؟    في عدن :سعر الدقيق 65 ألف والسكر105    نصائح عملية للحد من التعرق المفرط في الصيف    تشيلسي ينسف حلم باريس ويتوج بطلًا للمونديال    عدالة معلقة وقضاة بلا حماية: السلطة القضائية في اليمن بين الإهانة والتجويع    تغاريد حرة .. عشنا وشفنا الحقارات كلها..    إب.. سيول الأمطار تعزل مديرية فرع العدين عن المناطق المجاورة    وزارة التربية تعلن موعد انطلاق العام الدراسي الجديد 2026/2025م    عرض مسرحي ساخر فجر الأوضاع بوادي دوعن حضرموت    حنان مطاوع تعود إلى المسرح بعد غياب 10 سنوات ب"حتشبسوت.. العرش والحب"    الامم المتحدة: تفشي شلل الأطفال في 19 محافظة يمنية    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (4)    أعطني حرفاً.. أعطك أمة    الصراعات على المناصب قاسم مشترك بين سلطات الحرب.. نموذجان من عدن وصنعاء    الحكومة: مليشيا الحوثي تعمق الأزمة الاقتصادية عبر تزوير عملات معدنية    زار الأكاديمية العليا للقرآن الكريم وعلومه.. الدكتور بن حبتور يطلع على سير العمل في قطاع النظافة بأمانة العاصمة    مرض الفشل الكلوي (12)    للتخلص من حصوات الكلى... 5 علاجات طبيعية يمكنك اتباعها في المنزل    خلايا جذعية لعلاج أمراض الكبد دون جراحة    حقيبة "بيركين" الأصلية تسجل أغلى حقيبة يد تباع في التاريخ، فكم بلغت قيمتها؟    يهودي من أبوين يهوديين.. من هو الخليفة أبو بكر البغدادي؟    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات مثقف
نشر في عدن الغد يوم 27 - 02 - 2021


==========

السبت :
--------

لا أدري ما هو السرّ وراء استشراء داء الشيزوفرينيا في أوساط المثقفين ؟
لي عديد من الأصدقاء والزملاء المثقفين كانوا يتحلُّون بصفات حميدة وأخلاق مجيدة ومواقف سديدة تجاه الرثّ والغثّ من الأقوال والأفعال والظواهر والمظاهر .. فاذا بدعوة الوالدين وصحوة الفجر تنطُّ بهم الى مناصب حساسة في الادارة والسياسة ، واذا بهم ينقلبون بدرجة 180 في السلوك تجاه أنفسهم والآخرين .
والمصيبة أن أكثر الناس ضرراً من عهدهم الجديد هم - في معظم الحالات - أقرب الناس اليهم في سابق عهدهم !
فهل يغدو من شروط الوزارة أو رئاسة المؤسسة أن يكون شاغلها مثالاً في الغطرسة أو الصلافة أو اللصوصية ؟
قد أكون على خطأ في حكمي هذا ..
ولكن الحقيقة المؤكدة والمُجرَّبة تشير الى أنك اذا أردت أن تختبر معادن المثقفين فامنح مثقفاً منصباً يصبح فيه ذا سلطة ونفوذ على مصائر وأرزاق الآخرين .
ان القبيلي أو العسكري يغدو - في أحايين كثيرة - أرحم بنا ... منا !

الأحد :
--------

لم يُكتب تاريخ الثورات الكبرى من دون التنويه البارز بدور الأدب والفن في مسار تلك الثورات وأسباب انتصارها على مرّ التاريخ .
كان لينين يُردّد دائماً أنه يتمنى أن تمتلك الثورة البلشفية وعي ووجدان بوشكين ، حتى لو خسرت نصف رجالها من الساسة والعسكر .
في الموقف المضاد ، كان نابوليون يعتقد أن " الله مع المدفعية الثقييلة " فيما لا حاجة عنده للشعر والرسم والموسيقى ، الاَّ من باب الترفيه عن النفس في أوقات الفراغ ..لكنه حين نُفِيَ كسيراً ذليلاً الى جزيرة نائية ، لم يستطع الاحتفاظ بسيفه وبندقيته وصولجانه الامبراطوري ، ولكنه استعاض عنها ببعض الكتب واللوحات .
وبعيداً عن مشهد الثورات ، ينطبق الحال تماماً على الدول والشعوب والحكومات والمجتمعات . فالمجتمع الذي يُذَلّ فيه الأديب أو الفنان ويُقهر المثقف وسائر الانتلجنتسيا ، يستحيل الزعم بأيّة حضارة ترتجيه !

الاثنين :
---------

كنا يومها في قاعة امتحانات الثانوية العامة . وكانت زميلتنا الحلوة أشهر من يحفظ المُقرّر الدراسي " صَمْ " . وبعد أن كتبتْ بضع فقرات في ورقة الاجابة ، توقفت ثم راحت تنبش في رمال الذاكرة بعصبية ، وفجأةً .. صرخت وبكت وانهارت وتحولت الى كومة من الهيستيريا !
أكتشفنا حينها أن زميلتنا المسكينة نسيتْ فقرة واحدة في وسط السطر فتهاوت من برج الذاكرة كل السطور التالية . ورسبت البنت الحلوة " الصمَّامة " بعد أن كنا نتوقع لها موقعاً بين العشرة الأوائل على مستوى الجمهورية !
أكاد أجد الحال ذاتها في نفرٍ غير قليل من " الكُتباء " و " الكلمنجية " الذين تثبت الوقائع المتوالية أنهم لا يفقهون مما يكتبون أو ينطقون سوى السرد اللفظي للعبارة القاموسية أو العرض الشكلي للفقرة أو الجملة من دون أدنى روح لأية فكرة كامنة فيها .
انهم حفظة دروس أو مرددو نصوص بينهم ومحتواها الجوهري ما بين كاتب هذه السطور واللغة الهيروغليفية .
ان الكمبيوتر يحفظ جيداً ، وكذلك الببغاء ، أما التفكير فمن شأن الانسان فحسب .

الثلاثاء :
---------

كُلِّفَ تلميذ كسول بكتابة موضوع انشائي يصف فيه مباراة في كرة القدم . كتب : وصلت الى الملعب ، وكان الطقس مُمطراً وعاصفاً ، فألغى الحكم المباراة قبل أن تبدأ !
وهذي حالة عدد من الباحثين والكُتّاب والدارسين . والكسل في حالة هؤلاء يقود بالضرورة الى السطحية أو القشرية في تناول المضوعات قيد البحث أو الدراسة ، وهو الأمر الذي يقود بالتالي الى اصابة عقل المتلقي أو الرأي العام بأنيميا معرفية حادة في مضمار هذا الموضوع أو ذاك .
حقاً أن المكتبة المرجعية فقيرة في اليمن . وحقاً أن مراكز البحث العلمي في هذا البلد محدودة العدد والعتاد هي الأخرى . وحقاً أن أهم قنوات وأدوات الدراسة الجادة متخلفة للغاية . غير أن جرثومة الكسل لدى الباحث أو الكاتب تشترك مع هذه العوامل كلها لتزيد الصورة قتامة والعورة جسامة !
ان كتابة مقال أو حتى عمود تحتاج - في عدة حالات - الى نبش الأرشيف ونكش الذاكرة ونخش الغبار عن المصادر والمراجع المتوارية ، فكيف الحال بكتابة دراسة منهاجية ؟

الأربعاء :
----------

المثقفون عرضة للتكفير والتخوين في كل زمان ومكان .
وأغلب من يُكفّرهم أو يُخوّنهم هم رجال الدين ، أيّ دين ، ثم رجال السياسة والدولة .
حدث هذا منذ القرون الوسطى لدى العرب والعجم على السواء .
والأدهى أنه لايزال يحدث حتى هذه اللحظة !
غير أن المؤلم في الأمر ( أو كما قال الشاعر : أشدّ مضاضة على النفس ، حين وصف ظلم ذوي القُربى ! ) ليس تكفير رجل الدين أو تخوين رجل الدولة للمثقف ، انما أن يأتي هذا الفعل أو ذاك من المثقف نفسه !
احذر من المثقف على المثقف ، قبل أن تحذر عليه من الفقيه أو السياسي . وهو ما أشار اليه ابن قُتيبة بألمٍ ساطع في غابر الزمان .
وهذا لعمري ما ينطبق على أهل الثقافة والصحافة على مدار السويعة من المحيط المنثور الى الخليج المهدور ، أكثر مما ينطبق على سواهم من أهل المهن والحِرَف الأخرى .
أيها المثقف .. احذر .. ثمة مثقف خلف ظهرك !

الخميس :
----------

قرأتُ مرةً حواراً بين صحافي ووزير اِعلام ، كلاهما عربي .
وفي الحوار ، كشف الصحافي - الذي كان والوزير زميلين في جريدة واحدة - أن زميله هذا كان يمقت الرقابة على الصحافة ، قبل أن يصير وزيراً فيراقب الصحافة ، بل ويشدّد الرقابة !
والحكاية قديمة ... ولاتزال مستمرة .
ولازال بعضنا يتذكر ويتندّر بحكايات عن " بعضهم " بين عهدين : سابق ، رفضوا فيه التعاطي مع قاموس القمع .. ولاحق ، أضافوا فيه الى هذا القاموس ، بل أصدروا منه طبعة مزيّدة ومنقّحة !
يكاد المرء يعتقد بقوة ، باستحالة بقاء المثقف على موقفه السليم - ثابتاً - اثر انتقاله من موقع السفود الى موقع النفوذ !
وقد عرفتُ شخصياً عدداً من الزملاء والأصدقاء شهدوا منازل القمر - على هكذا منوال - فاذا بالمقموع ينقلب قامعاً ، واذا بالسجين يغدو سجانا !

الجمعة :
---------

ذات يوم بعيد ، قال الأديب الشهيد محمد عبدالولي - على لسان أحد أبطاله - وهو في حالة نفسية شائكة التعقيد : " هناك سرٌّ ما في بلادنا هذه . انها جرداء وقاحلة .. لكن الأمل في أن لا يقتلنا هؤلاء الذين لا قيمة الاّ لبندقياتهم " .
وتشاء حماقة الأقدار أن يقترف " هؤلاء الذين لا قيمة الاّ لبندقياتهم " جريمة قتل عبدالولي نفسه !
وأمثال هؤلاء يصعب القبض عليهم ، لا عبر الانتربول ولا الانترنت ولا الانتركونتننتال ولا أيّ آخر . انهم يوغلون فينا ، يتوغلون في نسيج كوابيسنا ، ويتغوّلون في واقعنا المادي والافتراضي معاً .. ولا أمل في ازاحتهم الاّ باستئصال رؤوسنا !
حقاً أن " أعلى ذروة يمكن أن يبلغها المرء ليست المعرفة ولا الفضيلة ولا النصر ، بل هي شيء أكبر .. انها الخوف المقدس " . والعبارة لكازنتزاكي الذي سخر بمرارة من الحماقات والحقارات لدى بعضنا ، فقال : " انْ لم تكن للانسان رأس ... يكفي أن تكون لديه قبعة " !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.