إن ما يجري اليوم في العاصمة عدن وفي الجنوب عامة هو مخطط رهيب لحرف الثورة الجنوبية عن مسارها الحقيقي وإفراغها من أهدافها التاريخية والإستراتيجية المتمثلة بالتحرير والاستقلال وبناء دولة حديثة ذات سيادة. مخطط رسمته قوى الاحتلال اليمني بمباركة خارجية تنفذه قوى مضادة لتطلعات شعب الجنوب آليته الحرمان من الحقوق والتضييق على الناس ومحاربتهم في لقمة عيشهم وقطع الخدمات عنهم. قد يقول البعض أن الحديث عن الفقر مبالغ فيه وغير صحيح بما يشاهدونه من تبذير وصرف الأموال الطائلة في أسواق القات. مبالغ باهضة وملايين تدخل السوق الواحد فما بالكم بجميع الأسواق. فعن أية هموم يشتكون منها الناس؟! ربما إنها أموال حرام يرمونها في تلك القمامة بدل ما يصرفون مال الحرام في أكل وإطعام عيالهم. الحقيقة أن البلاد غارقة في الأزمات والصبر طال ويمر اليوم بسنة، وأيام وراء أيام يقولون شدة وبتعدي وما ضاقت إلا وفرجت، ولكن مش إلى هذا الحد. متى تصحى الدولة؟ وين الدولة؟ أيش من دولة دي رئيسها عبدربه؟! لعل في الشمال تبرز ملامح تشكل دولة بدعم دولي. أما في الجنوب غابت معالمها رغم الاعتراف الدولي بشرعية الرئيس هادي يحافظون عليه كما البيضة ومعه علي بابا وأربعين عصابا. ما تقع دولة وتقوم إلا بثورة فين ثوار زمان! عجبا، اليوم الشعب يطالب بالكهرباء والماء. أصحاب السيارات والحافلات يطالبون بتوفير الحروقات، والعساكر جيش وأمن يطالبون برواتبهم، والموظفون يطالبون برواتبهم ومستحقاتهم، والموطنون يطالبون بتخفيض الأسعار وتثبيتها، ..وهلمجرا. حرب إبادة شعواء على الجنوب من جميع الجهات وفي كل المجالات. كيف؟ ومن أوصلنا لهذه الحال؟ يطالبون بتوفيرها نسوا مسألة تحسينها لغيابها في أوضاع مدهورة. ضغط عالي وشديد لحرف مسار المطالب السياسية للجنوبيين إلى مطالب حقوقية يا لها من طامة كبرى. لكن، كل ذلك لن يزيد الجنوبيين إلا عزما وإصرارا لتحقيق أهدافهم السياسية وعلى النصف الشمالي في حكومة المناصفة الاعتراف بها وتنتهزها فرصة للعمل المشترك لتحسين الأوضاع كطرف يستحق التفاوض معه من قبل النصف الجنوبي لتحقيق سلام دائم في اليمن والأمن والاستقرار للمنطقة. فلا تطنشوا لصوت الشعب من أجل مصالحكم الذاتية، فذلك هو أهم ما يدور من حديث الشارع، واسمعوا لهموم الناس الذين لقنوا الوافيش دروسا تاريخية لن ينسوها أبد الآبدين أوصلوا صوتهم إلى آذان من به صمم.