ما أن تم الإتفاق رسمياً بتشكيل حكومة مناصفة بالتساوي بين الجنوب والشمال والذي أفضى إلى حصول المجلس الإنتقالي الجنوبي على حقائب وزارية ولأول مرة منذ تأسيسه في مايو 2017م حتى سمعنا التهليل والتكبير بمباركة هذه الخطوة والتي أعتبرها مناصرو الإنتقالي بأنها ضربة معلم وإنجاز مهم وتأريخي للمجلس الإنتقالي وإنتصار غالي حققه الوفد المفاوض بالرياض والذي من شأنه تعزيز خطواته الجادة لإستعادة دولة الجنوب العربي..!! هذا التفاؤل الكبير من وجهة نظري المتواضعة جداً كان من منطلق بأن المجلس الإنتقالي ومن خلال إشراكه في هذه الحكومة سوف يضفي للمجلس الإنتقالي صبغة شرعية بل ومعترف بها دولياً بعد أن كان وإلى عهداً قريب يصّنف بالمكون غير المعترف به ويعتبر خارج إطار الشرعية..!! في المقابل لم يدر بخلد أعضاء الإنتقالي بأن هذه الخطوة بإشراك الإنتقالي بهذه الحكومة كانت تهدف من وراءها السعودية إلى تحجيم الدور المتنامي والقوي للمجلس الإنتقالي في الجنوب ..ليس هذا وحسب بل وتهدف أيضاً إلى زعزعة ثقة المناصرين فيه وإحراقه أمامهم من خلال إشراكه في حكومة ضعيفة وجعله لا يمتلك أي خيارات مناسبة في الوزارات التي حصل عليها وزراؤه شأنه شأن الحكومة الفاشلة بجلالة قدرها بحيث يصبح غير قادر على رفع المعاناة عن كاهل المواطنين في الجنوب الذين يتأملون منه تقديم الكثير من خلال تواجد أعضائه في الحكومة والعمل على تحسين الأوضاع المزرية..!! حتى الآن أستطيع القول بأن السعودية نجحت في ما تصبوا إليه من خلال جعل الإنتقالي شريكاً في حكومة لا حول لها ولا قوة وأن تجعله عاجزاً تماماً حتى من إصدار تصريح صحفي يفند فيه أعضائه الذين في الحكومة عن الأسباب الحقيقية وراء العجز التام للحكومة وفشلها الذريع حتى في توفير المشتقات النفطية وخصوصاً مادة الديزل لمنع خروج المحطات الكهربائية عن الخدمة والتي خرجت بالفعل ولعدة مرات بسبب عدم توفير الديزل لإستمرارها..!! لقد أستطاعت السعودية بالفعل من نصب الفخ وبكل إتقان وإحترافية لجعل الإنتقالي يعترف بالشرعية والعمل تحت رأيتها وكذلك قبوله بعودة الحكومة التي تم طردها فعلياً من عدن خلال أحداث أغسطس عام 2019م..!! الأ يعلم الإنتقالي بأن الحكومة الشرعية السابقة كانت مختطفة ولا تمتلك المقومات والصلاحيات الضرورية والكافية من أجل النجاح..؟! إذن على ماذا راهن المجلس الإنتقالي وماهي الضمانات القوية التي حصل عليها الإنتقالي وعلى ضوء ذلك تم موافقته ليصبح شريكاً وطرف أساسي بتحمل كاملة المسؤولية في حالة فشل الحكومة الجديدة مثله كمثل بأقي الأطراف السياسية المشاركة بهذه الحكومة..؟! من خلال متابعتنا للخطوات والإجراءات التي أتخذتها السعودية منذ إعلان الإمارات إنسحابها وعدم إستمرارها بهذه الحرب ..أستطيع القول ومن خلال الشواهد والمعطيات التي أمامنا بأن كل المؤشرات تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن السعودية لا تميل فعلياً للمجلس الإنتقالي على الرغم من أنه الشريك الوحيد الوفي والصادق مع التحالف العربي حتى الآن وبالتحديد منذ إنطلاق عاصفة الحزم خلال حربها المزعومة ضد جماعة الحوثي بهدف إيقاف التمدد الشيعي في اليمن المدعوم إيرانياً..!! كانت أول تلك الأجراءات التي أتخذتها السعودية هي بإيقاف رواتب الأحزمة الأمنية والمعروف عنها بأنها تنضوي كاملاً تحت لواء ورأية المجلس الإنتقالي..!! أليست تلك الخطوة الغريبة والعجيبة كفيلة بمعرفة النوايا الحقيقية للسعودية تجاه المجلس الإنتقالي..؟! أليس تحفظ السعودية ولن أقول إحتجاز إجباري على قيادات الصف الأول في الإنتقالي بالرياض وأبوظبي كانت بمثابة جرس إنذار وبأن القادم للمجلس الإنتقالي سيكون أكثر صعوبة من كل ما قد مضى..!! بهكذا عمل وبهكذا إجراءات تستمر السعودية بخسارة حلفائها الواحد بعد الأخر فالسعودية تعمدت بأن تجعل الحكومة الشرعية السابقة تفشل فشلاً ذريعاً في كافة الأصعدة أكانت السياسية أو الإقتصادية وحتى الخدمية..!! فالسعودية هي من شجعت الحكومة الشرعية على الفساد من خلال غض الطرف والسماح لها بحرية التصرف بالوديعة من دون حسيب أو رقيب فإنشغلت الحكومة عن مهامها الأصلية حيث أتجه وزراؤها خلف البحث عن الثراء غير المشروع وبمنتهى الوقاحة لتكون المحصلة النهائية لأسوأ حكومة في التأريخ اليمني هو الفشل الذريع وعدم قدرتها في إنتشأل الوطن والمواطن طوال السنوات الست الماضية بل وأزدات الأوضاع صعوبة من دون أن تحرك السعودية ساكناً..!! ها هي الآن في صدد الشروع في إفشأل حليفها الأخر والمتمثل بالمجلس الإنتقالي.. فلم تكتفي السعودية بإيقاف رواتب الأحزمة الأمنية كما أسلفنا بل وصل إلى مسامعنا بأن السعودية تعتزم كذلك إيقاف التغذية نهائياً عن الأحزمة الأمنية في صورة واضحة لكل شخص عاقل ولا تحتاج إلى تأويل أو تفسير أخر من أن السعودية تتعمد وضع العراقيل والعقبات أمام المجلس الإنتقالي للضغط عليه وإبتزازه لتمرير بعض الأجندات الخاصة بها والتي تتمشى مع أهداف السعودية في الجنوب..!! أليس تلك الأساليب التي تمارسها السعودية حالياً في الجنوب توحي لنا بأنها كذلك في طريقها لخسارة الجنوب أيضاً بما في ذلك حليفها القوي المجلس الإنتقالي بعد أن سلمت الشمال للحوثي على طبق من ذهب..!! أستطيع القول بأن إتفاق الرياض الذي بموجبه تم إشراك الإنتقالي في حكومة المناصفة كان بمثابة فخ نصبته السعودية بإحكام لتوقع فيه الإنتقالي لكي تسحب البساط من تحت أقدامه في الجنوب ليصبح بعد ذلك حاله كحال الشرعية فكلاهما ينطبق عليهم المقولة الشهيرة فاقد الشيء لا يعطيه..!! فبالله عليكم عن أي نصر تبحث عنه السعودية باليمن وهي تعمل على إضعاف حلفائها بهذا الشكل المتعمد والواضح للعيان..!! لقد أستطاعت السعودية بأن تجعل حلفاؤها في سلة واحدة ضمن حكومة هشة ولدت ميته..حكومة منزوعة تماماً من أي صلاحيات بل وجعلت منهم جميعاً كالأقزام أمام الشعب في تلك الصورة المعيبة والمخجلة ..!!