أبتلع الحوثيين الطعم في مأرب ويبدو أنهم يبتلعونه للمرة الثانية وما رفضهم "المبادرة السعودية" إلا البداية والمحصلة إرباك و تخبط حوثي يتعاظم حجمه و يتسع نطاقه وعلى كافة المستويات . وما يدلل على ذلك الإرباك والتخبط الذي تعيشه الجماعة تؤكده شهادات قيادات حوثية بارزة ما فتئت تتبادل الاتهامات فيما بينها وهي تتنصل عن تحمل المسؤولية جراء الخسائر الفادحة التي منيت بها في مأرب . وفي تقديري ان ما خسرته الجماعة الحوثية في مأرب يفوق بأضعاف مضاعفة كل خسائرها وفي كل معاركها منذ ان أعطي لها "الضوء الأخضر" وخرجت عن نطاق السيطرة ولم يعد يستطيع "المجهود الحربي الحوثي" ان يحشد نسق قتالي واحد . ولأن موقعة مأرب دمرت "الأنساق القتالية الحوثية" واوقفت تقدمها النسق تلو النسق وأعادت الحوثيين إلى سيرتهم البدائية الأولى في القتال و معهم حلفائهم "الخبراء العسكريين الإيرانيين" . وباعتقادي ان رفض الحوثيين المبادرة السعودية لا يتنافى مع "حالة الانكسار" التي يعيشونها و لكنه يضيع عليهم فرصة مواتية للاقتناص وقد لا تتكرر ولا تكون متاحة متى ما تضاعف سقف الحد المطلوب لتمدد انكساراتهم . والمبادرة السعودية في مجملها ليست إلا مناورة سياسية تحاول من خلالها الرياض ان تخلق نوع من التوازن و الذي وفي المقابل يوفر لها الغطاء السياسي لاستمرار تدخلها العسكري امام الضغوطات الامريكية والدولية التي تتعرض لها وبخاصه ضغوطات الإدارة الامريكية. ولكن الأبعد الشعور بالخديعة تجاه "الحليف" والذي تتضاعف معه تباينات وتناقضات المواقف المتبادلة بينهما ولن تكون الخديعة إلا بداية لنهاية يصعب التكهن بها والحليف منكب على التمترس خلف استار سياسة النأي بالنفس ولم يعد يملك ما يستطيع ان يقدمه لحليفه . ولعلها مأرب من أماطه اللثام عن اللعبة الخفية بين الحليف وحليفه ولعل زيارة "المتحدث الرسمي لقوات التحالف" لمأرب عند اندلاع المعركة كفيلة بتفسير الحد الأقصى من الخديعة وما أعقبها من تطورات لاحقة كان لأنقره نصيب الأسد في تطويعها وتوظيفها فور وصول الأمين العام و الشيخ المنظر .