أصبح من المعتاد على الشعب اليمني ان يعاني من ويلات الحروب التي تضل مستمرة للعام الثامن. لا يوجد رابح أو خاسر في المعركة الا الشعب التي تصفه المنظمات الدولية بأشد المحتاجين. لم يطرأ منذ 2016 أي تغيير جذري في الأحداث حتى قام الحوثيون بالهجوم على مأرب وبرزت حقيقة الحوثيين وحقيقة ممارساتهم واضحة للجميع.
قام الحوثيين في الأشهر السابقة بارتكاب واحدة من أبشع الجرائم في وجه الإنسانية وهي احراق اللاجئين الإثيوبيين لمجرد رفضهم المشاركة في معركة مأرب. قام الحوثيون أيضا برفض المبادرة التي طرحتها السعودية لإنهاء الحرب. يتضح من ذلك أن الحوثيون رافضون لمبادرات السلام وجهود الأطراف الدولية وبالتالي هذا لا يترك الا المجال مستمرا ومتسعا للحرب.
بغض النظر عمن لديه أحقية الحكم في اليمن الجهات الرئيسيتان في اليمن اساءا التقدير مما أهدر بدوره فرص السلام في المنطقة. سوء التقدير التي ارتكبته الحكومة اليمنية وعلى ظهرها السعودية هو ربط الملف السياسي في اليمن بالأزمات الاقتصادية والإنسانية. المبادرة التي طرحتها السعودية تتضمن افتتاح المطارات والموانئ والسماح بحركة النقل بالشروع، ولكن استمرارية حركه النقل حق مفروض لا يجب ربطه باي مبادرة تسعى الى خلق سياسي. الحوثيون اعترضوا على المبادرة السعودية مباشرة لأنها في نظرهم قايضت اليمنيين بأبسط حقوقهم مقابل السلام السياسي بينما يحرص السعوديون على ألا تصل الحوثيون أي أسلحة او مستلزمات تمكنهم من استمرار هجماتهم على اليمن والسعودية. أما الخطأ التي ارتكبه الحوثيين هو تعميم القضية السياسية اليمنية وجعلها قضية إقليمية. الخلاف في اليمن خلاف يمني يمني ولا توجد أي فرصة او وسيلة للحوثيين لكسب المعركة السياسية ضد النظام الجمهوري وبالتالي لجأت الى تعميم قضيتها العنصرية السلالية من خلال جعلها معركة سعودية يمنية.
إن سوء التقدير لا مفر منه والسياسة لا تلتزم بمبادئ أو حقائق وإنما نفاق وتحايل سياسي وكما يقول المثل الغاية تبرر الوسيلة. يجب إيقاف معركة الحوثيون على اليمن وأنهاء مشروعهم الإنتقامي. ويجب أيضا على الحكومة الشرعية والسعودية ان تلعب دورا أكثر قوة وفعلا على المسار السياسي. الحلول السياسية لا يجب بالضرورة أن تبدأ بالموانئ والمطارات والمساعدات وإنما تبدأ بجذور المعضلة السياسية الا وهي كيفية خلق شرعية وطنية والتوجه الى انهاء الاقتسام السياسي والوصول الى السيادة الوطنية.
نسأل الله السلامة والصبر لشعبنا وأبطالنا ورحمة الله على إخواننا الأفارقة الذين لم نكرمهم.