لم يتراجع معارضو رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، عن اعتصامهم في حديقة «جيزي»، وسط مدينة إسطنبول، رغم الانفتاح الذي أبداه أردوغان حيالهم، فأعلنوا استمرار اعتصامهم دفاعا عن الحديقة، بينما كان رئيس الوزراء يقوم باستعراض قوة شعبي في أنقرة حين عقد لقاء مفتوحا مع أنصار حزبه ضم عشرات الآلاف، تمهيدا لمهرجان آخر سيقام في إسطنبول اليوم، يتوقع أنصاره أن يشكل «مليونية دعم» له في ظل الحملة التي يتعرض لها. وأكد أردوغان، في كلمته أمام أنصاره، أنه «أمام تركيا تحديات كبيرة، علينا مواجهتها»، لافتا إلى أنه «بدأنا السير على الطريق الصحيح، وجعلنا من تركيا أكثر الدول نفوذا في العالم». وشدد في كلمة له في «ساحة التجمع» بأنقرة على أننا «لن نسمح بزرع بذور الفتنة بين الأتراك» مؤكدا أن «تركيا موحدة، وستبقى كذلك، ولن نسمح بتفكيكها»، وقال: «لدينا أسلوبنا في المقاومة، ولن نرضخ للاستفزازات». ورأى أردوغان أن «ما يحدث ليس دفاعا عن البيئة، بل مؤامرات مبيتة»، كاشفا عن أن «المحتجين مارسوا العنف على من يخالفهم الرأي، وأحرقوا مقرات لحزب العدالة والتنمية»، مؤكدا أنه «سيكون للقضاء كلمته الأخيرة مع المحتجين، ونحن سنثبت جدارتنا في صناديق الاقتراع». ونوه الرئيس التركي، عبد الله غل، بالمباحثات الأخيرة التي أجرتها حكومة البلاد مع ممثلين عن المتظاهرين في متنزه «جيزي» بإسطنبول، معتبرا أن «اللقاء بين رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان والمحتجين وافتتاح قنوات حوارية، إشارة إلى نضج الديمقراطية»، معربا عن اعتقاده أن «هذه العملية ستثمر نتائج جيدة». ودعا غل المتظاهرين إلى «فض اعتصامهم»، وقال: «على الجميع الآن العودة إلى المنزل». في المقابل، أعلن المعتصمون في حديقة جيزي استمرار تحركهم الذي بدأ قبل أسبوعين في «ساحة تقسيم» بإسطنبول التي انطلقت منها حركة الاحتجاج الشعبية، غير المسبوقة في تركيا منذ 2002. وأعلنت «تنسيقية تضامن تقسيم» التي تنسق التحرك الاحتجاجي في بيان نشرته أمس على الإنترنت: «سنتابع مقاومتنا ضد الظلم في بلادنا.. هذه ليست سوى البداية، وسنواصل النضال». وأضافت: «نحن اليوم أقوى وأشد تنظيما وأكثر تفاؤلا مما كنا قبل 18 يوما»، عندما بدأت مجموعة صغيرة من الناشطين البيئيين الاعتصام في الحديقة للتصدي لمشروع بناء أعدته السلطات، كما ذكرت «تضامن تقسيم» في بيان أصدرته بعد نقاش استمر خلال الليل بين المعتصمين. وأعلن «منبر التضامن مع تقسيم» أن «بعض الجماعات المشاركة في الاحتجاجات قررت إزالة خيمها من المتنزه بغية إفساح المجال لتنظيم المتنزه». ونقلت صحيفة «حرييت» التركية عن «المنبر»، تأكيده في بيان: «سنستمر في حماية متنزهنا، ومدينتا، وأشجارنا، وأماكننا، وحياتنا الخاصة، وحرياتنا، ومستقبلنا»، وقال: «ستتم إزالة اللافتات التي تعود إلى الأحزاب والمنظمات من المتنزه». وعقد زعيم حزب «الشعب الجمهوري»، كمال كليتشدار أوغلو، لقاء أمس مع الصحافيين الأجانب، معلنا أن الحزب سيتظاهر في أنقرة تحت عنوان «احترموا إرادة الشعب»، واعتبر أن ما يحصل لا يرتبط بمشروع لإنشاء ثكنة عثمانية في ميدان تقسيم فقط، مشيرا إلى أن المتظاهرين كانوا يحتجون على الطريقة التي تعاملت بها الشرطة مع الجماهير، وعلى طريقة اعتقال محامين في داخل مقر (قصر العدل) الذي يفترض به أن يقوم بحماية الناس من الظلم. ورأى أن «حكومة (العدالة والتنمية) تقوم بكل ما في وسعها لتسييس القضاء، وتغيير أسلوب حياة الشعب التركي بما يتلاءم مع رؤية رجب طيب أردوغان، إلى درجة أنه يريد أن يحدد كم طفلا سينجبون وكيف سيتم تعليمهم وتربيتهم». وإذ أكد أن ما يقوم به المتظاهرون هو تعبير عن الرأي، رأى أن «البلاد التي لا يوجد فيها حرية تعبير لا يمكن أن نتحدث فيها عن ديمقراطية، وإذا كانت الحكومة تعتبر أن ما تقوم به عمل ديمقراطي، فنحن لا يمكن أن نتقبل هذه الديمقراطية». وطالب كليتشدار أوغلو بإلغاء المحاكم الاستثنائية التي أنشأها أردوغان وأعطاها صلاحيات واسعة، كما طالب بتغيير في قوانين مكافحة الإرهاب وإلغاء الحاجز النسبي في الانتخابات، وإعادة فتح ملفات الاغتيال السياسي مجهولة الفاعل.