عقب فشل الدول العربية في خوض معترك الصناعات الحصرية المواكبة للعصر الحديث لعبت وسائل اعلامها المقروءة والمرئية والمسموعة دورا سلبيا آخر في صناعة الحاكم الطاغية بانتهاجها سياسة اعلامية كلاسيكية محنطة سارت على شقين اولآ تأثيرها المباشر على عقلية الحاكم فمن الوهلة الاولى لاستلامه مقاليد الحكم تشرع تلك الوسائل بمرافقته خطوة بخطوة ولاتفارقة إلا في دورة المياه ويتم احتكارها وتسخيرها في تعظيم وتمجيد شخصه الكريم وتعديد خصاله وانجازاته وتضحياته على مدار الساعة نفخ ومديح وزنط بلا حدود حتى يصاب بمرض جنون العظمة وتسيطر على عقلة وفكرة ضلالات ووهم العظمة والخلود فيعتقد وبشكل قاطع بأنه حالة استثنائية فوقية نادرة تختلف عما سواها تتفوق بقدرات ومواهب قد تكون خارقة اسطورية تصل الى درجة الالوهية ومع الوقت تتطور الحالة نحو الاسواء ويدخل في مرحلة الوسواس القهري وفقدان الثقة في كل من حولة وتلتبس علية الامور ويتصور ان الناس من حوله منهمكون في صنع المؤامرات والدسائس ضده مايقودة الى بناء ترسانة ومنظومة دفاعية حديدية مضادة لما تم رسمه في خيالة ويستعين بالعائلة والمقربين لمساعدته في التصدي لذلك الغزو والمساعدة في ادارة شؤون البلاد والعباد و تدريجيا يجد نفسه في معزل عن شعبة وعن كل ممن حوله ثم يدخل في مرحلة التلاعب بالثوابت وتسخيرها لصالحة وصالح عائلته وفرض كل مايريدة بقوة المال والسلاح وهكذا هيمنة مطلقة بجميع مناحي الحياة ويصبح لسان حالة يقول : انا منكم واليكم انا ومافي الكون مثلي انسان ** انتم ضيوفي وأحفادي انا وانا حاميها من انسها والجان ** لولا حياتي طبعآ حياتي انا ما كانت سفينة ولا كان ربان ** لولا مقامي واحترامي انا ماعرفنا الرخاء ولا الامن والإيمان ** لولاي طبعا لولا حكمي انا من غيري يحفظكم من موجة الطوفان ** انا الارض والمال والثروة انا في وجودي بينكم كل شي مليان ** لأجل عيونكم اسهر انا ولاينام طرفي ومخلوق جيعان** الغالي والنفيس انفقتة انا لتصبح بلادي احسن البلدان انا التاريخ والتاريخ انا وانا اسطورة العصر والأزمان ** كل شي يمضي بأمري انا كبيرة صغيرة ماخفي منة وبان ** ثانيا برمجة عقول الشباب في المدارس والمعاهد والمعسكرات بفكر وثقافة الولآ المطلق للحاكم او الجأة القبلي او العسكري وإنفاق ملايين الدولارات من خزينة البلاد على رسم وإبراز صورة ونشرها في البر والبحر وهكذا عمليات تلقين ودبل وتمجيد وحشو لعقول الشباب حتى تصل مع مرور الوقت الى مرحلة التشبع والطاعة المفرطة والاستعداد للتضحية والموت في سبيل هبل بالروح بالدم نفديك يا صنم ** انت قائدنا الوحيد وإحنا لعصاتك غنم ** اسمك نقشناه من دم الوريد يا شمس شارق منذ القدم ** الشعب كله لك عبيد رهن الاشارة تحت امرك خدم **
وأصبحت تلك العقول سلاح ذو حدين بيد الحاكم المريض يطلقها في الاتجاه الذي يريده اين ومتى مايشاء ختاما نقول يتوجب سحب البساط الاعلامي من تحت اقدام الحاكم العرب وتسخيره لصالح الشعب والوطن فقط لنتخلص من هكذا صناعات ارهقت الشعوب والأوطان العربية عبر الازمان.