أخواني الأعزاء لا أسعى من وراء هذا المقال الى نشر الخوف أو الهلع ولكنه جرس إنذار أرفعه راغباً وساعياً الى التوعية بالمخاطر التي تواجهنا الأن وحتى نقف على طريق الحكمة لإعادة التأمل والتدبر في كيفية التعامل ومواجهة المخاطر التي تواجه الثورة المصرية وحتى نعلم أن طريق الوحدة هو طريق النجاة الوحيد لمصر ولشعبها . في البداية دعونا نتفق على أن منطقة الشرق الأوسط هي منطقة الصراع الدائم والأبدي في العالم منذ مهد التاريخ والحضارة وأن هذه المنطقة هي مطمع لكل القوى الاستعمارية في العالم . وذلك لما تمتاز به هذه المنطقة من موقع استراتيجي وخيرات لا حصر لها قد منحتها الطبيعة لهذه الأرض . إلا أن هذه المنطقة أصبحت مطمعاً أكثر بعد الحرب العالمية الثانية وظلت قوتان تتصارع على هذه المنطقة هما الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفيتي ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وسقوط حلف وارسو وانتهاء عصر الحرب الباردة . انفردت الولاياتالمتحدة بالسيطرة على العالم وهو ما يعني سيطرة إسرائيل الحليف الاستراتيجي لها على العالم ومن هنا تأتي خطورة رسم خريطة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط تضمن لإسرائيل الآتي : 1- البقاء أبد الدهر على هذه الأرض المقدسة .
2- تحقيق حلم عقائدي في التوراة لدولة إسرائيل الكبرى ( من النيل إلى الفرات ) . ومن هنا حدث توافق بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل فالأولى وضعت مصالحها نصب الأعين وأن استمرار وجودها العسكري في المنطقة لاستنزاف خيراتها ولدعم سوق السلاح لاستمرار التوتر فمنذ اندلاع حركات التحرر العربي في الخمسينيات والستينيات وزيادة قيمة البترول كسلعة محورية واستراتيجية في الصناعة والطاقة تم رسم هذه السياسة الثابتة والدائمة وأن ما يتغير هو آلية تنفيذ هذه السياسة والشخصيات التي تقوم بها . وأن هذه السياسة لها عدة محاور : المحور الأول : حماية المصالح الأمريكية في المنطقة حفاظاً على البترول . المحور الثاني :
3- هو ضمان تفوق إسرائيل عسكرياً وتكنولوجياً باعتبارها الحارس الخاص لأمريكا في المنطقة . المحور الثالث : تعزيز الوجود في الخليج العربي ( ليس حمايةً للبلاد الخليجية ولكن خوفاً من سطوة النفوذ الإيراني ) ومن ثم تحويل إيران الى عدو أساسي لبلاد الخليج كبديل عن إسرائيل .... وبالتالي إيجاد المبرر لاستمرار التواجد العسكري في هذه المنطقة أمام شعوبها . ومن هنا كانت الثورات العربية في تونس ومصر وما يلحقهم من البلاد العربية خطر حقيقي مباشر على الولاياتالمتحدة وإسرائيل للأسباب الآتية : 1- أن المواجهة القادمة سوف تكون مع الشعوب العربية وهي كتلة بشرية يصعب التغلب عليها – يمتازون الآن بفكر تحرري وعقائدي – والأخرى الطبيعة الصحراوية والجبلية لهذه البلاد والتي سوف تعنى أن تكون المواجهة بمخاطر جسيمة على من يفكر في التدخل العسكري على الأقل تكرار مأساوي لما يحدث لأمريكا في أفغانستان بشكل أكبر.
2- أن نجاح هذه الثورات ووصول قيادات ثورية وطنية مخلصة يعني استقلال القرار السياسي العربي . 3- القضاء على الحكام العرب الخونة العملاء في الخليج والشمال الأفريقي ( أو نهاية حكم الجبارين في العالم العربي ) .
4-حرية الاقتصاد والزراعة ورسم سياسات اقتصادية وزراعية جديدة في المنطقة تحقق إكتفاءاً ذاتياً لهذه الشعوب وبالتالي تخرج عن الحاجة الأمريكية .
5- على الأمد البعيد أن هذه الشعوب لن تقبل بأي شكل من الأشكال بالوجود الإسرائيلي على أراضيها وستصبح قضية فلسطين هي الاهتمام الأول لشعوب المنطقة مما يعني المواجهة لا محالة مع إسرائيل بل لا أبالغ نهاية إسرائيل . ومن هنا عادت فكرة إعادة تقسيم المنطقة قبل الثورة وما عرف حينها ( بالشرق الأوسط الجديد ) الذي كان يعتمد في المقام الأول على توريث كل أبناء الحكام الحكم ومن هنا تكون نقطة الانطلاق نحو التقسيم . وبالتالي نجد أن هذه الخطة ما هي إلا سيناريو جديد ( لاتفاقية سايكس بيكو ) وهي خطة تقسيم العالم العربي التي وقعتها بريطانيا وفرنسا بعد ضعف الدولة العثمانية واضعين في الاعتبار عدم بزوغ نجم كمحمد علي باشا وأفكاره عن الإمبراطورية المصرية وحصوله على جنوب السودان وعلى مشارف الأناضول في تركيا واستيلائه على بلاد الحجاز وإدخاله الصناعة والرقي بالعلم أو بمعنى أخر إنشاء دولة عصرية حديثة هددت أوروبا كلها . وأن مصر هي أخطر البلاد العربية على الإطلاق فصحوة مصر ونهوضها يعني استفاقة العرب والعالم الإسلامي من ثباته وغفوته . لذا كانت فكرة تقسيم مصر والعالم العربي والإسلامي قد عادت بقوة بعد ثورة 25 يناير والتي تسعى أمريكا إلى استثمارها فرصة لتنفيذ هذا المخطط حيث أن هذه الثورات قد وضعتهم في ماذق تاريخي حقيقي وآليات التنفيذ كالآتي :
1- فتح حوار مع جماعة الإخوان المسلمين وتشجيعهم للوصول لحكم مصر مع معرفة آليات سياستهم الخارجية في مرحلة ما بعد الحكم .
2- دعم الجماعات الإسلامية المتطرفة ( الجماعة الإسلامية – التكفير والهجرة ) وهما النواة الأساسية لتنظيم القاعدة في كل بلاد العالم الإسلامي .
3- زرع الفتن داخل المجتمع المصري والتشكيك في الوطنية والعقيدة بين كل فئات المجتمع بلا استثناء .
4- دعم المنظمات والحركات السياسية بالأموال بحجة دعم الديموقراطية حتى تضع هذه الحركات نصب أعينها ربما يخرج منها على غير حساب من يصل الى حكم مصر .
5- الإعلان عن وجود ما يسمى بمبعوث الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط لبحث شئون الأقليات أو رعاية شئون الأقليات وهي ( أقليات دينية أو عرقية ) .
6- وجود مناوشات دائمة ومستمرة من الجماعات الإسلامية المتطرفة في سيناء سواء على أماكن سياحية أو مع إسرائيل على الحدود وإحداث قلاقل .
7- ثم يأتي سيناريو ما بعد حكم التيار الديني.
وهو كالآتي : 1) أن تحدث أحداث فتن طائفية يقوم بها من يقوم بإحداث تفجيرات لكنائس وأديره وخلافه بشكل متكرر ومتلاحق وتعلن أن الأقليات في خطر وأن التيار الديني يمارس اضطهادا حقيقاً .
2) تدويل القضية النوبية وحق العودة حول بحيرة ناصر وعلى أن تكون مجالاً للبحث داخل أروقة الأممالمتحدة
3) أن تدخل إسرائيل لاحتلال سيناء بذريعة حماية الأمن الإسرائيلي التي عجزت مصر عن حمايتها .
4) أن يتم التدخل العسكري في مصر من خلال حلف الناتو مجتمعاً حتى يتفرق دم المصريين بين القبائل الأوروبية .
5) أن تسيطر أمريكا والاتحاد الأوروبي على قناة السويس .
6) أما الوادي فيقسم الى ثلاث دول : الأولى : للمسلمين في الشمال . الثانية : للمسيحين في الوسط .
الثالثة : للنوبين في الجنوب . أو على الأقل يتم وضع حاكم على عينه حامد كرزاي في أفغانستان أو نور المالكي في العراق وتظل مصر في صراعات دموية وفتن لا نهاية لها . إن مخططات التقسيم للعالم العربي قد تحدث عنها الكثير ومن أبرزهم : 1- زبيجيتيو بريجينسكى في كتابه ( بين جبلين ) – وهو مستشار الرئيس الأمريكي السابق للأمن القومي .
2- روبرت دريفوس في كتابه ( رهينة الخومينى ) .
3- جريدة الأهرام المصرية في عدد 7/8/1987 – أ / إبراهيم نافع .
4- جريدة الوفد المصرية في عدد 28/2/1998 – أ / عبد الهادي البكار . وجميعها استندت الى المشروع الذي وصفه المستشرق الصهيوني الأمريكي البريطاني الأصل - د / برنارد لويس – وهو متطرف من دول أوروبا الشرقية وكان أستاذاً لتاريخ الشرق الأوسط في جامعة لندن ، ثم يتوالى سيناريو التقسيم على التوالي وهذا بعض ما ذكره الأستاذ/ عبد الهادي البكار : العراق : - دويلة كردية في الشمال . - دويلة سنية في الوسط . - دويلة شيعية في الجنوب .
السودان : - دويلة للشمال المسلم . - دويلة للجنوب المسيحي . سوريا : - دويلة دمشق السنية والإسرائيلية . - دويلة درزية مشتركة بين ( سوريا ولبنان ) . - دويلة حلب السنية . - دويلة علويه . إيران : - دويلة كردستان . - دويلة أذربيجان . - دويلة تركستان . - دويلة عربستان . - دويلة إيرانستان . - دويلة بوختولستان . - دويلة بلوشتسان . ليبا : أن تعود الى حكم ما قبل السنوسيين : - دويلة الشرق ( بنغازي ) . - دويلة الغرب ( طرابلس ) . شبه الجزيرة العربية والخليج العربي جميعهم : - دويلة الأحشاء الشيعية . - دويلة نجد السنية السعودية . - دويلة الحجاز السنية . على أن يكون هذا التقسيم بالطول من الشمال الى الجنوب . لبنان: - دويلة سنية في الشمال ( عاصمتها طرابلس ) . - دويلة تحت النفوذ السوري في سهل البقاع ( عاصمتها بعلبك ) . - دويلة مارونية ( عاصمتها جوتية ) . - بيروت المدولة . - كانتون فلسطيني في الجنوب مركزه صيدا . - كانتون كتائبي في الجنوب . - كانتون تحت النفوذ الإسرائيلي . - دويلة درزية في أجزاء من الأراضي اللبنانية السورية . وبعد أن يتم التقسيم وتستقر أوضاع الشرق الأوسط الجديد يتم مد كل هذه الدول بالأسلحة وتظل في إقتتال دائم ومستمر فيما بينهم لا يمكن السيطرة عليه أو إيقافه لأنه قائم على طائفية أو عرقية أو دينية . وبعدها تستطيع إسرائيل أن تجتاح الشمال العربي لبلاد شبه الجزيرة وتحتل العراق والشام ولبنان وقد سبق أن أحتلت سيناء . فيكون الحلم الصهيوني قد أكتمل بدولة إسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات . هذا هو السيناريو الذي قد دبر لهذه الأمة ولولا إرادة الله وإحياء الروح التحررية في الشعوب العربية وإنتفاضتها بثورات أبهرت العالم بسلميتها ورقيها الفكري والحضاري وباستخدامها التكنولوجيا الحديثة . تكون قد وضعت أمريكا الاستعمارية وإسرائيل الصهيونية في مأزق عالمي أمام شعوب العالم الذي احترمت هذا الإبداع وهذا التوجه السلمي الراقي المحترم . وعليه فإن استمرار الكفاح والنضال من أجل إنجاح الثورات العربية ووصول أشخاص وطنين ومخلصين لحكم البلاد العربية يحملون إسلاماً وسَطياً حقيقياً بعيداً عن انتهازية بعض التيارات الدينية وعن الجهل السياسي لبعض التيارات المتطرفة يسعى لإقرار وتطوير هذا البلد من خلال دعم قيم الإسلام الأخلاقية والأخذ بأسباب البحث العلمي مُنتهياً بأن يكون خيار الشريعة الإسلامية خياراً بإجماع شعبي ( بالموافقة أو الرفض ) لإقراراً فردياً وذلك بعد تحقيق العدالة الاجتماعية والبناء المؤسس للدولة .