قال خبراء ومحللون سياسيون إن سقوط الإخوان أدى إلى نتائج زلزالية فيما يخص التحالفات الإقليمية بالمنطقة، سواء التي كان يحاول الإخوان إقامتها وانهارت بفعل سقوطهم، أو بفعل تأثر جماعات الإخوان بالمنطقة في تركيا وتونس واليمن والأردن بسقوط الجماعة الأم بالقاهرة والتي تشكل الرابط الأقوى بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، لكنهم أثاروا المخاوف من الصورة التي ترسمها وسائل الإعلام للجيش وما قد تؤدي إليه من إثارة نزعات مدمرة. وتوقع خبراء وأساتذة علوم سياسية أن تجتاح الإقليم موجة من العنف السياسي على مستوى العالم العربي كله، من قبل المنتمين لتيارات الإسلام السياسي، التي تعتقد أنه لم يعد أمامها حل آخر بعد قبولها بديمقراطية الصناديق التي تحرمها بالأساس، ولكن شرعيتها سحبت منها أيضاً. جاء ذلك في الندوة التي نظمها المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة، والذي يديره الدكتور عبد المنعم سعيد، المحلل السياسي البارز ورئيس مجلس إدارة مؤسسة المصري اليوم لمناقشة التبعات الإقليمية للموجة الثورية المصرية على مستقبل الإخوان المسلمين، والتي شارك فيها كل من الدكتورة نيفين مسعد أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والقيادي الإخواني السابق كمال الهلباوي، وهاني خلاف مساعد وزير الخارجية السابق، واللوء نشأت الهلالي، وعدد من الخبراء والمحللين السياسيين، وأدار الندوة السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق. وقال العرابي في بداية الندوة إن الزلزال السياسي الذي حدث في 30 يونيو سوف يمتد أثره إلى دول أخرى كثيرة، واصفاً ما حدث في ذلك اليوم بالسابقة التاريخية. وقال العرابي إنه حين كان يخبر دبلوماسيين أجانب من بينهم جون ماكين ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري، بأن نظام الإخوان سيسقط لم يكونوا يصدقوا وينظرون بنظرة تهكم وقال العرابي إن كيري قال له ذات مرة:"أنتم تمثلون معارضة مفككة وضعيفة، وحدوا أنفسكم وخوضوا انتخابات برلمانية وانظروا ما إذا اكنتم ستستطيعون إسقاط الإخوان في الانتخابات بعد ثلاث سنوات أم لا". من جانبها قالت نيفين مسعد إن سقوط الإخوان أدى لنتائج زلزالية في السياسة الخارجية والتحالفات السياسية في الإقليم، إذ قطع الطريق على محور مصر وقطر وتركيا، وبدا موقف الإخوان في الأردن مهتزاً علي سبيل المثال. وقالت إن من بين النتائج التي أدى إليها سقوط الإخوان هو ما سمته ب"استئساد" النظم الحاكمة على الإخوان في العالم العربي وضربت مثالاُ بحالة الأردن التي بدأ فيها الملك الأردني يتحدث ولأول مرة في تغير دراماتيكي كبير عن إمكانية حل جماعة الإخوان التي كانت على علاقة وثيقة بالعرش، وبعد أن كان هو التنظيم الوحيد الذي لم يحل في خمسينيات القرن الماضي. وفي المقابل يوجد شطط من جانب جماعة الإخوان المسلمين التي بدأت في استعراض القوة في غزة من قبل حركة حماس وفي اليمن التي يسعي فيها الإخوان لإثبات وجودهم، وأنهم قادرون على الاستمرار. على الجانب السياسي، هناك مجموعة رئيسية من المتغيرات من بينها عودة دور الجيوش إلى الساحة السياسية في الإقليم بشكل أكبر مما كان عليه، ليتدخل كحارس للنظام السياسي ولهوية النظم الدول، بحسب نيفين مسعد التي رأت أنه لولا تدخل الجيش في 30 يونيو لم يكن ليحدث شيء، إذ أن الخصم كان تيارات إسلامية منظمة تستخدم العنف وبالتالي كانت المعادلة غير متوازنة. وقالت إن المصريين صكوا مفهموماً جديداً للديمقراطية لا يعتمد علي الصناديق للتغيير، وهو أقرب ما يكون للتجربة الديمقراطية الأثينية التي كان يشارك فيها الشعب كله بنفسه من خلال الجمعية الشعبية في الحكم. أيضاً بدأ هناك نوع من الطائفية السياسية في الظهور بحيث تتحزب مجموعات سياسية لجماعات دينية ومذهبية سنية أو شيعية بدلاً من الانحيازات السياسية التقليدية. ورأت مسعد في النهاية أن الخاسر الأكبر من لعبة التحالفات الإقليمية التي تغيرت بفعل السقوط السريع للإخوان، هي القضية الفلسطينية التي أثار مرسي في فترة حكمه العداء لها ولحماس، إذ خسرت القضية بذلك الرصيد الشعبي لها في الشارع المصري، وهو المورد الأساسي للقضية الفلسطينية وكان يحميها في وجه الحكام. على جانب آخر قال السفير هاني خلاف، إن إطالة عمر نظام الإخوان كان من شأنه ترسيخ أوضاع سياسية خطيرة، لكن سقوطهم السريع ايضاً بعد عام واحد أدى لنتائج لا تقل خطورة. وقال إن المشروع الإخواني كان يرمي إلى خفض النبرة العروبية والقومية لأجل نزعة مذهبية وأممية، وإعادة ترتيب أولويات الأمن القومي المصري، وقال إنه يرجح أنه كانت هناك نية لاقتطاع جزء من سيناء لفلسطين رغم تأكيده بأن لا معلومات أو دلائل لديه حول هذا الموضوع سوى النشاط الاقتصادي الفلسطيني الذي ازداد بطريقة كبيرة في سيناء في العام الذي تولى فيه مرسي الحكم. وأشار خلاف إلى عودة محور السعودية والإمارات لكنه طرح تساؤلات حول المدى الذي يمكن أن تذهب إليه هذه الدول في ظل الخلاف في الرأي حول القضية السورية والعلاقات مع إيران وهي قضايا خلافية قد تسبب حساسيات في العلاقات. ولفت خلاف إلى ما يحدث في سيناء والتطورات الإرهابية الخطرة هناك وقال إنه يتوقع مراجعة للملحق الأمني بمعاهدة كامب ديفيد، لكنه حذر في الوقت ذاته من أن قلقلة المعاهدات الدولية الخاصة بالسلام قد تؤدي لنتائج وتوترات غير محسوبة بالداخل. ونوه أيضاً إلي خطورة الصورة التي ترسمها وسائل الإعلام للجيش، وقال إن هناك طريقة أخرى لرسم وإدارة دور الجيش المصري بما لا يعيد طرح فكرة العداء لإسرائيل الآن على نطاق شعبي واسع، قد يصبح مضراً للغاية ويدفع لنتائج غير محسوبة العواقب، بخاصة أن وسائل الإعلام تدفع في هذا الاتجاه.