حسبما فهمت فإن الكرة القطرية مقبلة على مرحلة جديدة من العمل الإداري الذي سيدعم حتماً الخيارات الفنية للمنتخبات القطرية من خلال إيجاد آليات لانتقاء المدربين الذين سيتولون مهمة الإشراف على كل المنتخبات من الأول والأولمبي وانتهاء بالناشئين.
الأكيد أن مثل هذه الآليات مطلوبة طالما أنها تعني رأياً جماعياً من خبراء مشهود بكفاءتهم ستكون مهمتهم انتقاء مَن يرونهم الأصلح، ولكن برأيي فإن الآليات وحدها وحتى رأي الخبراء لن يكفي ما لم يكن هناك صبرٌ على المدربين وقدرة على تحمل الخسارات مهما كان حجمها من أجل البدء بعملية بناء حقيقية للكرة القطرية لأن تغيير المدربين أثبت أنه مجرد حبوب مسكنة لمرض مزمن وما يحدث من انتصارات على يد البعض لا يعدو كونه طفرات وليس أمراً دائماً.
والأكيد أن هناك عشرات ومئات الأمثلة على دول وأندية قررت أن البناء أهم من النتائج الآنية، وإلا لما صبر مانشستر يونايتد وآرسنال على أليكس فيرجسون حتى نال لقب السير لإنجازاته الخارقة بعد سنوات أولى عجاف ولا على آرسين فينجر الذي أجزم لو أنه كان في ديارنا لتمت إقالته بعد أول خسارة من النوع الفضائحي كما حدث مثلاً يوم خسر بالثمانية أمام مانشستر يونايتد وقبلها بهدفين أمام ليفربول على أرضه وقبلها تعادل مع نيوكاسيل سلبياً وعاد بعدها وخسر من بلاكبيرن 4-3 ومن غريمه وجاره توتنهام بهدفين لهدف ولكنه تمكن في نهاية موسم 2011-2012 من القبض على المركز الثالث بسبعين نقطة وتأهل مباشرة لدوري أبطال أوروبا ووصل لدور ال16 قبل أن يخرج على حامل اللقب بايرن ميونيخ لخسارته ذهاباً 3-1 وفوزه إيابا بهدفين.
إذن العبرة ليست في انتصارات دون أسس، بل رؤية للمستقبل، فللأسف هناك أندية ومنتخبات كثيرة في منطقتنا العربية والخليجية تحديداً تبحث فقط عن الفوز الآني حتى في بطولات بعينها ولهذا تأتي بمدربين عالميين وبمبالغ خيالية ولكن بعضهم يفشل ليس لأنه فاشل ولا يعرف التدريب ولكن لأن المادة الخام التي بين يديه تحتاج إلى وقت حتى يستطيع صقلها وإعدادها للمنافسة الدائمة.. صحيح أن بعض المدربين ينجحون من أول تجربة ولكن الصحيح أيضاً أنهم نادرون وأن المجموعة التي تكون بين أيديهم إما في يوم سعدها أو هي أفضل تشكيلة مرت على البلد منذ سنوات أو ببساطة توفيق وحظ قد لا يتكرر لنفس المدرب لاحقاً لهذا يتم تفنيشه مهما طالت مدة جلوسه على الكرسي الأخطر.
قليل من الصبر ولو لثلاث سنوات أو أربع مع مدرب يتم اختياره بعناية أفضل من فورة تأتي من بعدها كبوات وإحباطات ونكسات. * نقلا عن صحيفة الوطن القطرية