لقد شدّني ما رأيته بالأمس في حفل مجلس يافع العام لتكريم أبناء يافع الخريجين من جامعات ومعاهد بريطانيا .. لقد كان العمل بمجمله نموذجياً يستحق أن نتعلم منه الدروس في كيفية حدمة ابنائنا .. لقد أبهرني كل ما رأيته .. التنظيم والتتابع المنظم للفقرات والفقرات نفسها التي تدل على أن هناك عملاً كبيراً يتم يومياً حتى تكون النتيجة كما رأيناها .. وأن المسألة ليست مناسباتيه ولكنها تمتد الى تفاصيل حياتهم اليومية ومتابعتها وتتبع أبنائهم ورعايتهم . لقد شعرت بالفخر بأن لدينا جنوبيون من بني جلدتنا يعملون كهذا العمل ويحققون النجاحات .. في نفس الوقت ثارت في داخلي الكثير من التساؤلات عن نشاطنا نحن كجمعية أبناء عدن وعن نشاط بقية الجمعيات هنا في هذا البلد .. ليس هناك ما يمنعنا من فعل كهذا الفعل .. وأتمنى أن أرى قريباً تحقيقاً عملياً في الواقع من قبل رؤساء الجمعيات الأخرى الذين كانوا معنا بالأمس ورأوا ما رأيته .. ان ما نفتقده نحن هو التماسك الذي تمتاز به يافع.
هذا التماسك هو السر الأول في نجاحهم .. والنزاهة والاخلاص والثقة في العمل لصالح أبناء منطقتهم هي الأسباب الأخرى للنجاح .. إن التاجر اليافعي يتبرع بماله لأبناء منطقته وهو مغمض العينين لأنه يعرف أن ماله سيذهب الى طريقه المرسوم .. لكن لدينا نحن لا يوجد التماسك الحقيقي ولدينا عدم ثقة غالباً في بعضنا البعض ولهذا تفشل أعمالنا قبل أن تبدأ .
إن ما قام به مجلس يافع في بريطانيا هو عمل خيري واجتماعي يدخل في صميم نشاطه الذي بدأ مع تأسيس جمعياتهم في يافع منذ 16 عاماً كما جاء في كلمة الأخ العزيز علي فضل هرهرة رئيس المجلس .. البعض وهو محق يطالب بأن يكون العمل جنوبياً وليس مناطقياً وأنا ارى أن هذا الرأي على حق نظرياً وعملياً اذا أمكن خلقه .. لكننا في ظل غياب المؤسسة الجنوبية الشاملة والجامعة لجميع أبناء الجنوب نجد أننا لا نستطيع توجيه اللوم للجمعيات الخاصة بمنطقة معينة كي تتولى رعاية أبنائها كجمعيات يافع والضالع والشعيب وعدن وأبين وغير ذلك إن وُجدت وهم يُجزون خيراً على ذلك عندما يفعلون .
والجدير بالذكر أن جمعيات يافع ومجلسها العام قد برّزوا كثيراً في العمل الخيري ويقدمون الكثير من الخدمات لأبنائهم ولبقية الجنوبيين كما نعلم مثل دعم علاج الجرحى وغير ذلك من القضايا الانسانية وهذه حقيقة تستدعي الوقوف احتراماً لهم بدون مجاملة .. وقد حدث مرة وجميع الجنوبيون في شيفيلد يعرفون .. اننا كنا في حملة لجمع تبرعات للجرحى في عدن وقد بدأنا في جمعية عدن وقد كان ما جمعناه مبلغاً يخجلني ذكره هنا خاصة أن الحملة كانت لجرحى عدن بينما جمعت جمعية يافع مبلغاً يعتبر كبيراً جداً بالمقارنة بعددنا الكبير كأبناء عدن هنا ! .
ولهذا دعونا لا نلوم أحداً على عدم نشاط جمعيات أبناء عدن .. هنا في هذا البلد الحقوق متساوية للجميع وللجميع الحق في تشكيل جمعياتهم وجالياتهم وممارسة كافة نشاطاتهم.. الجميع يفعل ذلك ولكن عندما يبدأ أبناء عدن نجدهم بعد فترة وجيزة يقصرون نشاطهم على مجالس القات وممارسة النضال من داخلها .. لا ننكر أن البعض يعمل بإخلاص وهم يشكلون الاستثناء الذي لا يلغي القاعدة .. علينا أن نلوم أنفسنا على هذا القصور وعلى تقصيرنا في حق أنفسنا مجتمعياً وفي حق أهلنا في الداخل وفي حق عدن أمنا ومسقط رأسنا ومدينتنا التي يحبها الكثيرون لفظاً فقط دون أن يمدّوا أيديهم الى جيوبهم ويخرجوا القليل من أجلها .. أتمنى ان نأخذ المثل من عمل مجلس يافع وجمعيات يافع وبقية الجمعيات التي تعمل لصالح أبنائها ونهتم جميعاً بخدمة أبناء المدينة التي ننتمي اليها عدن وكذلك الجنوب وطننا الذي يجب أن نحرره .. ويجب أن نضع اشارة كبيرة أمام وجوهنا تنبهنا بأن العمل الخيري والاجتماعي لا يجب في كل وقت أن ينسينا واجبنا الوطني نحو قضيتنا الجنوبية ووطننا الجنوبي السليب الذي يجب أن نعمل جميعاً من اجل تحريره واستقلاله عن طريق الجالية الجنوبية التي تضمنا جميعاً في بريطانيا وفي كل دول الشتات ...