كانت صفقة بيع الغاز اليمني لكوريا وصفقة تسليم ميناء عدن لشركة موانئ دبي العالمية من أكبر صفقات الفساد التي دمرت الاقتصاد اليمني في عهد المخلوع علي عبد الله صالح ، استلم مقابلها المخلوع ورموز نظامه وقوى قبلية نافذة ملايين الدولارات دون أدنى اعتبار للمسئولية والضمير الوطني دون حسيب أو رقيب ، في ظل تواطؤ وسكوت مريب ، في حين كان المواطن اليمني البسيط والمغلوب على أمره في حالة من اللاوعي جراء الجرع المتوالية التي حصرته في بوتقة ضيقة ، من حالة البحث اليومي عن ما يسد به رمقه ، بينما ظلت حالة الفساد المستشري في جسد مؤسسات الدولة السيادية برعاية قوى النهب والفيد . مثلت ثورة الحادي عشر من فبراير السلمية حالة من الصدمة اللامتوقعة للوعي الجمعي لدى المواطن البسيط على مستوى الشارع ، ليصحو من غيبوبته على مشهد مأساوي ووطن مثقل بديون ستتحمل تكاليفها عشرات الأجيال القادمة ، ومؤسسات تقاسمها رموز النظام وتحولت بقدرة قادر إلى مؤسسات عائلية ومؤسسات بيعت لجهات خارجية .
صحا المواطن اليمني على وطن كبير يدعى" حاشد " وعاصمته " سنحان " ورموز حكمه بيت الأحمر ، حالة الذهول ظلت عالقة في رأس المواطن البسيط ليجد حاله في وضع " مش حتقدر تغمض عينيك " .
الحملة الشعبية التي كان قد بدأها شباب الثورة على مواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك والتويتر لاستعادة المؤسسات السيادية المصادرة كميناء عدن والغاء بعض الصفقات الكارثية المدمرة للاقتصاد اليمني كصفقة بيع الغاز لكوريا بأبخس الأثمان ولمدة ربع قرن قادم ، شكلت حالة من الوعي المتنامي وجدت صداها لدى المواطن العادي من خلال الحملات الإعلامية التي لم تظل حبيسة الفيس بوك أو التويتر بل تجاوزتها لترتبط بحالة الشارع الثوري ومسيراته عبر الشعارات التي تصدرت الكثير من المسيرات الثورية ، وكانت لتحركات الوزير الاشتراكي الشاب الدكتور واعد با ذيب دورا كبير في ترجمة ضغط الشارع لواقع ملموس وهو ما جعل حكومة الوفاق ترضخ لضغوط الشارع ، وكان فسخ اتفاقية تأجير الميناء لشركة موانئ دبي العالمية إنجازا محسوبا لشباب الثورة وفي مقدمتهم الوزير باذيب ، لكن سرعان ما كشر لوبي القبيلة عن أنيابه بلباس ثوري لعرقلة كل الجهود الرامية إلى إعادة النظر في السياسة التشغيلية للميناء بما يمكنه من استعادة وضعه الطبيعي ومكانته العالمية كواحد من أهم ثلاثة موانئ في العالم .
مفاوضات من تحت الطاولة تجري برعاية سيادة رئيس الوزراء باسندوة " الأحمر " ويديرها المحافظ الإخواني وحيد رشيد ، والوزير الإخواني السعدي ويتحكم بخيوط لعبتها الرجل العصامي صاحب " الصندقة " حميد الأحمر ، لإفشال جهود الوزير باذيب وعرقلة المنحة الصينية الطويلة المدى والمتدنية الفائدة وتسليم ميناء عدن لشركة قطرية أوشركة تركية .
تساؤلات عديدة تطرح نفسها وبقوة من يدير صفقات الأسلحة التركية التي تدخل عبر ميناء عدن وما علاقتها بإخوان اليمن وما علاقة تسليم الميناء لشركة تركية بالموضوع ؟ ما هو حجم الدور الحقيقي لحميد الأحمر فيما يدور من وراء الكواليس من مفاوضات ؟ ولماذا السكوت الغير مبرر من وزراء حكومة الوفاق عما يدور ؟ وما علاقة تنظيم الإخوان بتركيا وتنظيم الإخوان في اليمن بميناء عدن ؟ وما هي الاتجاهات والسياسات القادمة لهم في اليمن بعد فشلهم في مصر ؟ ولماذا التركيز بالذات على السيطرة على ميناء عدن بهذا الشكل وفي هذا التوقيت ؟ أسئلة كثيرة يدرك بعضنا إجابتها مسبقا ً لكننا بحاجة إلى حالة استعادة وعينا الجمعي الثوري مرة أخرى بعد حالة الغيوبة التي دخلنا بها مرة أخرى لكشف ما يجري ، ليتيقظ المواطن والشارع للقادم الذي ينذر بالأسوأ ما لم يتم تدارك الأمر . تحية ثورية للوزير واعد باذيب ، الذي يقف وحيدا لمصارعة غول الفساد الثوري وتحية ثورية لكل الشرفاء ولكل الناشطين في حملة استعادة ميناء عدن التي أتمنى أن تستأنف نشاطها من جديد .