ترزح الحكومة اليمنية تحت وطأة هبة شعبية متدفقة المد بات من الواضح أنها تضرب بجذورها في عمق تحرير واستقلال الجنوب . وعلى الرغم من المحاولات المتكررة لاحتواء هبة الجنوب الشعبية إلا أنها في ازدياد ينذر بالخطر. في وقت تتسارع فيه خطوات الحكومة اليمنية التي تهيمن عليها المبادرة الخليجية ورعاتها الإقليميين والدوليين وسط شد وجدب لتسييس قضية الجنوب بدلاً من معالجتها.
اتساع الفجوة في هذه الأثناء تتسع الفجوة بين السلطات اليمنية والشعب في الجنوب جراء تداعيات الهبة الشعبية واختلال الحياة العامة لاسيما مع شدة الاضطرابات الأمنية التي تشهدها محافظات ومدن الجنوب أبرزها محافظة حضرموت التي أسقطت بيد القبائل في وقت تنتاب السلطات اليمنية المخاوف من فقدان السيطرة على الأوضاع في الجنوب عموما الذي تنتفض محافظاته ومدنه الأمر الذي تخشاه السلطات اليمنية أن الجنوب أضحى اليوم أكثر إصرارا من الأمس القريب .
ويرجع الارتفاع المثير للقلق في وتيرة عمليات العنف في الجنوب بشكل أساسي إلى تأخير الحلول لقضية الجنوب الذي سبقته مليونيات ثم هبة شعبية عارمة ضد نظام تمادى في انتهاك حرمة الجنوب ونهب ثرواته وخيراته وحرمان أهله من أدنى متطلبات العيش الكريم وهم أصل الثروة ومنبعها .، وإلى المأساة التي أنتجتها حرب 94م ل ففيما كان الظلم والنهب منذ وقت طويل المصدر الوحيد للدخل لأعداد كبيرة من سكان المناطق الشمالية وأولهم النافذين في أجهزة السلطة ، إلا أن شعب الجنوب الصابر الحليم بالأمس أصبح يشكّل اليوم مصدراً لمخاوف عميقة، إذ باتت الانتفاضة مشتعلة ماضية نحو نيل الحرية وتقرير المصير و استعادة السيادة الكاملة لدولة جنوبية كانت حتى الأمس القريب دولة مكتملة البناء والأركان قبل أن يدكها نظام صنعاء .
تنبيه وعلى النقيض مما يعتقد كثيرون، لم تتدفق المعدات العسكرية القادمة من صنعاء نحو الجنوب بذاك الشكل الهائل على البلاد. لكن في الوقت ذاته لا ينبغي التقليل من أهمية خطورتها . لا شك بأن العمليات التي تقوم بها المجموعات المسلحة في المناطق الجنوبية خصوصا في حضرموتوأبين كانت من صنع النظام ورموزه النافذة والتي شنت هجمات ضد شعب أعزل أصبحت تشكل تهديداً أمنياً كبيراً يخلق بيئة حقيقية للأنشطة الإجرامية والتطرف هو ضمن مخطط لتفريخ الإرهاب في الجنوب .
استمرار الحصار وفي ذات السياق حاصر محتجون غاضبون أمس الأول الأحد مبنى إدارة الأمن بمديرية الروضة محافظة شبوة قبل أن يتمكنوا لاحقا من رفع علم الجنوب على واجهته .عقب احتشاد المئات من المواطنين في تظاهرة لم تشهد أي مواجهات مع قوات الأمن .يأتي ذلك تزامنا مع انتشار كثيف لقوات الأمن اليمنية في مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة في ظل عصيان مدني شامل وإغلاق لجميع المرافق العامة والخاصة بالمدينة استجابة للهبة الشعبية. حيث نشر الأمن اليمني آلياته في شوارع المدينة وجولاتها وأمام مباني السلطة المحلية والبنوك والمرافق الحكومية وجالت آليات عسكرية أخرى شوارع المدينة ذهابا وإيابا.
وفي عاصمة الجنوب انتشرت عدد من الآيات العسكرية في شوارع وأزقة مدينة عدنبجنوباليمن صباح الأحد وسط إطلاق كثيف للنيران.بطريقة مستفزة تسببت في إرهاب المواطنين دون أن تسفر عن إصابات يأتي ذلك في وقت لا تزال عدة شوارع في مديرية المنصورة مغلقة وسط توقعات باستمرار حالات العنف جراء ما تشهده المنصورة وكذا المعلا من انتشار كثيف للقوات اليمنية صاحبتها مداهمات للمنازل واعتقال عدد من الناشطين في ظل استمرار المظاهرات لاسيما في المنصورة التي شهدت يوم أمس الأول تظاهرة حاشدة رفعت فيها أعلام الجنوب عقب إسعاف طفل لقي مصرعه برصاص قوات الأمن المرابطة في المدينة مثلها مثل مدينة كريتر التي تشهد هي الأخرى انتشارا كثيفا لقوات الأمن صاحبتها مصادمات بين جنود ومحتجين .
واتجاها نحو أبين قالت مصادر قبلية إن الحراك الجنوبي تمكن من إسقاط نقطة أمنية تابعة لقوات الحرس الجمهوري في جبل الحمراء المطل على بلدة لودر من الجهة الغربية وقال المصدر ذاته أن طقما عسكريا استولى عليه أفراد من قبائل دثينة وأنزلوا جنودا كانوا يستقلونه وهم من اللواء 26 مشاة جبلي التابع للجيش اليمني في لودر , وأخذوه إلى جهة غير معلومة.
وكانت قبائل دثينة والعواذل قد اشترطت على الجيش اليمني في لودر عدم مغادرة ثكناته العسكرية والبقاء فيها حتى يتم النظر في أمره مثله مثل ألوية عسكرية أخرى في الجنوب تطالب هبة شعبية بإخراجها من جنوباليمن.
لليوم الثالث على التوالي تشهد الضالع مسيرات غضب حاشدة وذك في إطار الهبة الشعبية والتي تعم محافظات الجنوب كافة.منددة بجرائم القتل الوحشية التي يرتكبها جيش وامن الاحتلال في مختلف محافظات الجنوب مؤكدة على أن كل تلك الجرائم لن تثني شعب الجنوب من مواصلة النضال حتى تحقق الثورة الجنوبية هدفها المنشود والمتمثل في التحرير والاستقلال.يأتي ذلك مع سماع دوي انفجارات وإطلاق نار كثيف ومتفرق وبأسلحة مختلفة من معسكر اللواء 33 وبعض المواقع المطلة على محافظة الضالع .
وباتجاه غرب عدن شهدت منطقة خرز في الصبيحة محافظة لحج ومناطق أخرى متعددة الأحد احتجاجات غاضبة شارك فيها المئات من الطلاب والمحتجين وانتهت برفع أعلام الجنوب فوق مركز إدارة الأمن في منطقة خرز ومفوضية اللاجئين في المنطقة ولم تعترض قوات الأمن اليمنية هذه التظاهرات وسمح رجال الأمن لعدد من المتظاهرين برفع أعلام الجنوب فوق المركز الأمني .
محاولات عقيمة أفادت مصادر قبلية بمديرية بيحان محافظة شبوة أن قائد اللواء 19 المرابط في المديرية شرع في توزيع أسلحة خفيفة ومتوسطة على بعض رجال القبائل المحيطة باللواء في محاولة لكسب ودهم واستخدامهم للدفاع عن اللواء الذي يهدد قبليين آخرين باقتحامه في إطار الهبة الشعبية .
وقالت المصادر القبلية إن قائد اللواء (حامد الصوملي) وزع أكثر من ألف قطعة سلاح بين خفيف ومتوسط على قبليين بالمنطقة بعد أن تلقى إنذارا باقتحام اللواء من قبل قبائل تنفذ الهبة الشعبية في حالة عدم خروجه من المنطقة.مشيرة إلى أن ذلك يصب في محاولة لخلق فتنة بين رجال القبائل بالمنطقة ليستمر بقائه فيها بعد أن فشلت جهوده بتوسيط رجال دين لدى القبائل التي تهدد باقتحام أسوار اللواء في الساعات القادمة.
ومن جهة أخرى لا يزال أبناء قبائل عسيلان يحاصرون موقع "السليم" العسكري الذي تتمركز به قوة تتبع اللواء ذاته ويرفضون وساطات لفتح الحصار عنه و يأتي ضمن تنفيذ هبة شعبية دعت إليها قبائل حضرموت بعد استشهاد مقدم قبائل الحموم سعد بن محمد حبريش على يد نقطة عسكرية بسيئون .