في زمن تاهت فيه المفردات بغرابة ، وحلت المصطلحات بعضها مكان بعض ، وسلبت الحقوق بظلم اغتيلت الانسانية بوحشية وسفكت الدماء بسهوله وزهقت الأرواح بتلقائية وسجن البريء بعفوية وكرم المذنب بحفاوة وأهين المواطن في بلاده وكرم الغريب داخلها.
أحببت أن أبدأ بهذه المقدمة لثقتي وإيماني بأن واقع وحقيقة هذا الموضوع الذي سأتناوله لن يخرج عن إطار التناقض الغريب الذي ارتأيت ان أستهل به في البداية ولكي يكون بمثابة السند الذي اتكئ عليه في تعرجات ومسارات هذا المقال الصحفي الذي حتى ساعة كتابته لا أعرف بالضبط ما نوع الجرم الذي اقترفه احمد عمر العبادي المرقشي لينهي عامه الخامس حبيساً لأروقة ودهاليز سجن صنعاء المركزي !! في الوقت الذي ينعم فيه المذنبون الحقيقيون برغد العيش وترف الحياة آمنين مطمئنين وكأن شيئاً لم يحدث !! هنا وبالتحديد في هذه الوضعية الصعبة والمؤسفة يتضح لنا جلياً مدى التخبط والفشل الذي يلاحق حكومتنا الموقرة وعدم مقدرتها على احتواء المشاكل والتحديات التي تعصف بالبلاد ، مصحوبة بفساد قضائي فضيع في اعتقادي انه غير مخول حتى بحل أبسط القضايا وأتفهها !! لا أقول ذلك تحاملاً أو تملقاً على حكومتنا المهزوزة وعلى قضائها الهزيل ولكنني هنا حاولت وبقدر الإمكان التعايش مع واقع فرض نفسه علينا وأجبرنا على إخراج ما يجيش بداخلنا لإنهاء احتباس الأنفاس و في خطوةً أولي' بإذن الله لإنهاء احتباس الضمائر والعقول.
حينما أجد نفسي أتامل في أي جديد يطرأ على قضية الأسير المرقشي يحز في نفسي كثيراً الوضع اللاإنساني الذي وصلت إليه حالة المرقشي وحالة التعسف والعنجهية الذي يتميز بها قادة سجن صنعاء المركزي ومن قبلهم بعض من أرباب وقادة العمل السياسي والقضائي !! عندها تلوح لي في الأفق تساؤلات عديدة لا تخرج عن مكنون ولب القضية التي جذبت أنظار الرأي العام وتعاطف معها الأغلبية من الناس حول جدوى بقاء أحمد المرقشي في السجن في الوقت الذي لم يطرأ أي مستجد بشأن تفاصيل القضية ولم تثبت أي تهمة من التهم الملفقة للمرقشي ؟! وما السبب الذي يمنع الطرف الآخر في القضية (المذنبون الحقيقيون) من حضور جلسات المحكمة ؟! وهل وصلت قمة الاستهزاء والسخرية بالقضاء حد تغيب الطرف الثاني في القضية عن وقائع الجلسات دون اي مسوغ قانوني؟!
اتمنى من الرئيس هادي اتخاذ قرار جريء وشجاع يخرجه عن عباءة الموقف البارد إزاء قضية المرقشي ويصدر فرماناً يقضي بالإفراج عن المرقشي عندها سيكبر في نظر عامة الشعب وسيثبت لنفسه مكاناً وموقعاً محترماً في ذاكرة وعقول السواد الأعظم من ابناء الشعب اليمني عامة والجنوب خاصة .
آخر الكلام ... احمد المرقشي ليس أسيراً فحسب ، بل شمعة تلعن ظلماً وظلاماً أصبح جاثماً علينا.