من الضالع بوابة الجنوب الغربية تداعى ابنائها لتلبية نداء الواجب .نداء الوطن نداء التحرير ، النداء القادم من الشرق من حضرموت فهبت الضالع في الهبة الشعبية التي اعلنتها قبائل حضرموت فخرجت في 20ديسمبر في مظاهرات حاشدة في المديرية لإسقاط نقاط الاحتلال اليمني الامنية واسقاط مبانيها الحكومية ورفع علم الجنوب على سطوحها وطمس كلما يمس بصلة للمحتل اليمني من شعارات ولافتات واستبدالها بشعارات ولافتات جنوبية .. فكانت بدايتها من رأس نقيل الربض حيث تم في ليلة 20ديسمبر اسقاط نقطة النقيل واسر كل الجنوب الذين كانوا متمركزين بها ورفع علم الجنوب عليها وبسط سيطرة ابناء الضالع عليها.. وبعد اسقاط نقطة نقيل الربض قام الاحتلال اليمني بإخلاء نقطة مفرق الجمرك وإعادة الجنود الذين كانوا يسيطرون عليها الى معسكر الامن المركزي في تراجع واضح امام اصرار وصمود ابنا الضالع..
ومع بداية انطلاق الهبة الشعبية استطاع المتظاهرون السلميون رفع اعلام الجنوب على كل المرافق الحكومية والامنية في مديرية الضالع ومراكزها لم يتبقى الا مبنى المحافظة الكائن في منطقة سناح الحدودية مع العربية اليمنية تم تحديد موعد اسقاطه لرفع علم الجنوب علية فهب أبناء الضالع من كل حدب وصوب الى الضالع يوم الاحد22/ديسمبر 2013م .
فانطلقت المظاهرة الحاشدة من الضالع باتجاه سناح لإسقاط مبنى المحافظة وعند وصول المتظاهرين الى ساحة مبنى المحافظة باشرهم حراسات المبنى بالرصاص الحي من مختلف انواع الاسلحة فسقط شهيد وسبعة وعشرين جريح من التظاهرين وتم تفريق المتظاهرين السلميين بالرصاص الحي واسعاف الجرحى الى مستشفيات الضالع ..
استمرت المظاهرات السلمية في الضالع تماشياً وتجاوباً للهبة الشعبية التي اعلنتها قبائل حضرموت طيلة ايام الاسبوع الاول من الهبة وحتى يوم الجمعة الموافق 27/12/2013م وبينما كان ابناء الضالع يأبنوا الشهيد فهمي محمد قاسم في مخيم عزاء في مدرسة سناح بعد صلاة الجمعة حيث انطلق المشاركون الى مخيم العزاء لتقديم واجب العزاء لأسرة الشهيد فهمي بحضور قيادة الحراك في مقدمة صفوف المشاركين لتقديم واجب العزاء لأسرة الشهيد ومع قرب اكتمال الحضور في المخيم يتفاجا الحاضرين بحمم تتفجر على رؤوسهم واجسادهم ،،حمم تدميرية تدك جدار وساحة المدرسة المزدحم بالمشاركين يتطاير شررها في المكان. حمم من قذائف الدبابات تطلقها دبابات الاحتلال اليمني المتواجدة بجوار مبنى المحافظة ..فاختلط الحزن بالموت واختلط الدم بالتراب وفتات الاسمنت الساقطة من جدران المدرسة بالأشلاء وتعطر المكان برائحة الاشلاء المحترقة والممزقة في ساحة المدرسة ، فسالت الدماء لتختلط برائحة البارود الاسود فتلون المكان باللون الاحمر المائل الى السواد فغطت المكان سحابة داكنة مخلوط برائحة الدم والاشلاء المحترقة ..
توقفت اصوات الانفجارات في ارجاء المكان المزدحم بالحاضرين واخرصت اصوات الميكرفونات بعد ان علت عليها اصوات الانفجارات بداء المكان بالانكشاف تدريجياً يظهر المشاركون من الاطفال والشباب والشيوخ جثث متفحمة ،اشلاء متناثرة ، اطفال في احضان ابائهم وايديهم ملتفة على بعضهم من هول ما سقط عليهم من حمم واخرى على بعضها البعض تغطيها الدماء واشلائها متناثرة.
طلعت انات الجرحى واهات الجرحى والمكلومين حتى طغت على المكان بعد ان خيم الصمت على المكان بضعة دقائق .. فانصدم من تبقى على قيد الحياة سقطوا صرعى من هول المأساة .. ومن شدة الالم وقوة الانفجارات التي هزت المنطقة .
تداعى ابناء المنطقة الذين تأخروا عن الحضور الى مخيم العزاء الى المكان لتسقطهم المناظر المأساوية صرعى فمنهم من اغمي علية ومنهم من فقد اعصابه فانهار نفسياً مما ادى الى هول المأساة فصار القوم صرعى في بحيرة من الدماء المخلوط بالبارود والاشلاء،، فتداعى سكان القرى المجاورة بعد سماعهم اصوات الانفجارات وصعود الدخان الاسود المخلوط من المدرسة لمعرفة ما حصل الا ان مرتكب المجزرة وقف حاجز منيع منع وصولهم الى المكان حيث اطلق عليهم رصاص رشاشاته من كل مكان في عملية منظمة ومخطط لها مسبقاً ..
هرعت سيارات الاسعاف وسيارات خاصة للمشاركة في اسعاف من تبقى من الجرحى ونقل جثث الشهداء الى المستشفيات بإصرار وصمود تجاوزوا رصاص المجرم حتى وصلوا الى المدرسة فينصدم بعضهم بهول المأساة وصار بحاجة الى مسعف ليسعفه ..فانتقل خبر المأساة بسرعة البرق الى كل مناطق الضالع فهب الناس بسياراتهم الى المكان للمشاركة في اسعاف الجرحى ..
قناة عدن لايف وبسرعة الصوت نقلت الصورة من باب مستشفى النصر الذي تداعى اليه ابناء الضالع للمشاركة في الاسعاف والتبرع بالدم فكانت الصورة مؤلمة جدا حيث اعادة الى اذهاننا مجزرة صبراء وشاتيلا ومجزرة قانا واستشهاد الطفل محمد الدرة الذي اغتاله الاحتلال الاسرائيلي في حضن والدة فأنتجت مجزرة سناح صورة مطابقة له حيث سقط الطفل شجاع فارس صالح شهيدا في حضن والدة الشهيد فارس صالح باختلاف الاداة المستخدمة في عملية الاغتيال ففي فلسطين تم اغتيال الطفل محمد الدرة برصاص الرشاش الافئن الذي يتسلح فيه الجندي الاسرائيلي اما الشهيد شجاع فارس صالح فقد سقط مع والدة بقذائف الدبابات وهو في حضنة في صورة تقشعر منها الابدان ..
خيم الحزن والالم والذهول والفاجعة على ابناء الضالع والجنوب بشكل عام من هول ما شاهدوا من صور ومقاطع فيديو نشرتها قناة عدن لايف والمواقع الالكترونية الجنوبية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي ،،جريمة ابادة جماعية للمدنيين الامنيين يرتكبها الاحتلال اليمني تضاف الى جرائمه التي ارتكبها خلال عشرين عام من احتلاله للجنوب ..
مأساة انسانية يتجرع مرارتها شعب الجنوب في ضل صمت عربي واقليمي ودولي مخزي أشبه بموت الضمير والانسانية في اجسادهم .
ابادة جماعية غلب على شهدائها اطفال وشيوخ .. مجزرة موحشة ومأساة شعب يقابلها خذلان امة صمت المسلمين ،صمت العرب والعجم ،،صمتت الامم ومنظمات حقوق الانسان العربية والدولية فلم تحرك ساكناً .
صمتت وسائل اعلامية . صمتت فضائيات انتجت افلام في استيديوهاتها عن ثورات في سوريا ومصر ليس لها وجود على الواقع. فضائيات تنتج افلام لمجازر ضد الانسانية ليس لها وجود على الواقع وتعلن عن اعداد لقتلى وهم احياء يرزقون .. فضائيات اختفت وصمتت عن مجزرة حقيقية ارتكبها الاحتلال اليمني في الضالع منطقة سناح حين قصف مخيم عزاء بقذائف الدبابات.
مجزرة مرعبة لا تحتاج الى امكانيات ولا تحتاج الى ممثلين وكمبارس ..مجزرة تحتاج فقط الى المهنية الى الاخلاق والضمير الانساني ..تحتاج الى المصداقية في نقلها الى المشاهد فقط.
مجزرة ساهم فيها من صمت من الامم والشعوب والاعلام والوسائل الاعلامية .