حتى وقت كتابة هذا المقال صباح الخميس وصلني على حسابي في تويتر أكثر من 1500 رد على تغريدتي وهذا نصها “سبب من أسباب تخلف السعودية هو وجودها جغرافياً بالقرب من اليمن، مع كامل الاحترام لأشقائنا اليمنيين هذا رأي وليس معلومة” . هناك ثلاثة أشياء يجب إيضاحها حتى تتضح التغريدة الفكرة، أولاً إنني قلت أن هذا سبب من عدة أسباب، هذا يعني أنني لم أتحدث عن بقية الأسباب ولم أحصر التخلف في سبب واحد، قد يكون لدينا 20 سببا للتخلف ولكنني ذكرت واحداً منها، ثانياً أنني ركزت أن السبب متعلق بالجغرافيا أكثر منه للتاريخ والمجتمع ومع هذا حرصت على ذكر احترامي البالغ للأشقاء في اليمن،. ثالثاً ختمت التغريدة وقلت إن كلامي رأي شخصي وليس حقيقة علمية دامغة، إبداء الرأي هو حق إنساني لجميع البشر مهما كان الرأي ومهما كان الإنسان، نعم مهما كان لأننا لو فرضنا شرطا واحدا سنفتح الباب لبقية الشروط والطلبات والتحفظات وحينها يصبح الرأي لا قيمة له والإنسان كذلك. هل الجمهورية اليمنية دولة متخلفة ؟ في البداية سأبدأ بدغدغة مشاعر وعواطف الحالمين العرب وسأتحدث عن اليمن القديم وليس اليمن الجمهورية التي نعرفها في العصر الحديث، نعم اليمن هو حضارة قديمة وأصل العرب، اليمن بلاد الحكمة الذي دعا لها نبينا، اليمن القديم هو مملكة سبأ العظيمة الممتدة من غابات شرق إفريقيا إلى نجد في الجزيرة العربية، اليمن المملكة التي ذُكرت في القرآن واحتفى بملكتها نبي الله سليمان، اليمن المملكة التي أبادت على أسوار مدينتها جيش الامبراطور الروماني أغسطس قيصر، هذا هو اليمن السعيد مملكة قوية عتيدة تتلوها مملكة أقوى، حتى جاء الإسلام فدخلوا في السلم كافة بلا قتال، حينها مدح رسولنا، صلى الله عليه وسلم، أهل اليمن في الحديث النبوي “أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبا، الأيمان يمان والحكمة يمانية ..” ثم دعاء النبي لهم بالبركة في الحديث النبوي “اللهم بارك في شامنا وبارك في يمننا” ومدح أمانتهم ففي الحديث الذي رواه أبو هريرة “الملك في قريش، والقضاء في الأنصار، والأذان في الحبشة، والأمانة في الأزد . يعني اليمن” اليمن لمن يجهلون هي قصور شبام الشامخة وموانئ البخور والمر على بحر العرب، الأمارة الإسلامية التي امتنعت أمام الطغاة وفتحت خيراتها للحكام العادلين، اليمن هي الحضارم الذين نشروا الإسلام من شواطئ إندونيسيا إلى مدينة ديترويت في أمريكا، اليمن الأصالة ورغد العيش وتقاليد القبيلة النبيلة والقيم الفاضلة المحافظة… إلخ هنا يتوقف مقالي عن اليمن قديماً وهو مالم أقصده في تغريدتي، تغريدتي لم تكن عن اليمن القديم بل هي عن حال الجمهورية اليمنية القائمة حالياً والتي يعيش فيها 25 مليون مواطن يمني كادح، ولكي تتضح القطيعة التاريخية بين اليمن القديم والجمهورية اليمنية التي تتجاوز أكثر من ألف عام سأكمل حديثي عن تخلف هذه الجمهورية في مقالي يوم الاثنين القادم .. *عكاظ اليوم