قال تعالى { فلمَّا نسوا ما ذُكِّروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أُوتُوا أخذناهم بغتة فإذا هم مُبلسون ، فقُطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين} هذه استراتيجية من القرآن الكريم [المجاراة] يفترض أن تكون عنوان الجولة الجديدة من الصراع ، جولة مابعد الحوار . وهذه الاستراتيجية فرضتها الأحداث ؛ فبعد أن تجاهلت المبادرة الخليجية القضية الجنوبية في نوفمبر 2011 ؛ جاءت الانتخابات الرئاسية -فبراير 2012- لتكشف لهم أنَّ القضية الجنوبية هي مربط الفرس في الأزمة اليمنية ،، وأن لامفر منها ولامهرب .. لم ينصاعوا للحق والواقع....! ولم يسمعوا لنصائح الرئيس هادي.....! وأخذتهم العزة بالإثم ؛ فأدخلوا القضية الجنوبية من الباب الخلفي للحوار ,, ونزعوا سقف الحوار ترضية للرئيس هادي ؛ واصطنعوا ممثلين للحراك من سقط المتاع من الرجال . وتم إخراج الحوار .
ولو أنهم سمعوا رأيي -فبراير 2012- بوضع مبادرة ملحقة تخص القضية الجنوبية لكان خيراً لهم . حينها كان الرجال الأصليين سيشاركون في الحوار وليس الكومبارس . ولكن كما يقول المثل (لايُسمع لقصيرٍ قول) لقد أخطئوا .. ونحن كذلك أخطأنا ..
وعلينا الاعتراف أننا أخطأنا ؛ عندما تركنا ثغرة -كرسي الحراك في الحوار- استغلوها ووضعوا ممثلين .. فمع رفضنا للحوار كان علينا أن نملأ الثغرة بعناصر من الصف الثاني والثالث .. ويسمَّى هذا التصرف في علم البناء والطرقات [قوة التعطيل] وقوة التعطيل هي قوة قادرة على المناورة ؛ مهمتها تعطيل الآخر عن تنفيذ خطته وسد الثغرات ؛ حتى تستعد القوة الأصلية للمواجه .
فإذا كانت المبادرة لاتعنينا والحوار اليمني لايعنينا .. وهذا صحيح .. لكنَّ مخرجاتها تعنينا وتعنينا وتعنينا ..... لماذا....؟ لأنَّهم جعلوا القضية الجنوبية ثمن فض الاشتباك في صنعاء ،، وكأنَّها جائزة التسوية بين اللصوص المتناحرين .. وبمعنى آخر ؛ المجتمع الدولي صنع من القضية الجنوبية حصان طروادة للصوص صنعاء يعبروا فيه أسوار صراعهم . فهل نقبل .....؟ لا لا
وحتى لا نُعرِّض الحراك الجنوبي للعقوبات الدولية ؛ يجب خوض الجولة الجديدة من الصراع حسب القواعد التي أقرَّها المجتمع الدولي ؛ نستغل الثغرات ونقتنص الفرص من خلال استراتيجية عامة [مجاراة مدروسة ومرسومة للقرارات الدولية] فلم يعد أمامنا إلَّا هذا الطريق , حتى لاندع ثغرات يملأها الطرف الآخر بسقط المتاع كما فعل في الحوار .
وتبدأ استراتيجية المجاراة بوقفة تعبوية ؛ وهي وقفة لمراجعة الحسابات وتقديم تقرير للشعب الجنوبي حول السنوات الماضية ؛ أين أخطأنا وأين أصبنا.....؟ واستشراف ساحة الصراع "استشراف صحيح ودقيق" ووضع الخطوط العريضة التي يمشي عليها الجميع مهما تعددت الفرق ومهما تعددت الوسائل .
ولا يُفهم كلامي أنَّه لكشف فلان أو علان ؛ وأنَّ مراجعة الحسابات ستظهر للشعب أنَّهم لم يفعلوا شيء خلال السنوات الماضية سوى الكلام الكثير والبيانات التافهة....! لا والله ؛ بل هذا رأي ناتج عن قراءاتي في خبرات الشعوب .. وهذه الوقفة نسميها في علم البناء وتعبيد الطرق [وقفة لإعادة الاتزان التعبوي]
ثم نتقدم مطبقين استراتيجية [المخاطرة المحسوبة] كالجنود الذين يتقدمون في ساحة مغمورة بنيران المدفعية العشوائية متحملين الخسائر المحسوبة .. وعندما يتركز القصف المدفعي ؛ يتوقفون ويتحيزون إلى السواتر ويبنون التحصينات .. وعندما يعود القصف للعشوائية يعود الجنود للتقدم .. وحالنا اليوم كحال أولئك الجنود ؛ لانحلم بتوقف التدخل الدولي -القصف المدفعي- ولكن نراهن على تشتته بين الحين والآخر ،، بسبب مؤامرات لصوص صنعاء التعطيلية لمخرجات الحوار ، والتي لن تنتهي .
وحتى لا يُصيب الشعب اليأس من قياداته أنقل لهم مقتطف من رسالة الجنرال ديقول للزعيم عبدالناصر بعد نكسة 1967 ؛ حيث قال [إن النصر والهزيمة في المعارك عوارض عابرة في تاريخ الأمم ،، ومايهم هو الإرادة ،، ففرنسا في وقت من الأوقات كان نصفها تحت الاحتلال النازي ونصفها الآخر خاضع لحكومة عميلة ،، ولكن فرنسا لم تفقد إرادتها ،، إنَّ الشجاعة الحقيقية هي مواجهة المحن ،، أمَّا الأوقات السعيدة فإنَّها لاتستدعي الشجاعة]
والقرار اليوم بيد الشعب الجنوبي إمَّا أن يستخدم مخرجات الحوار حصان طروادة أو أن تكون القضية الجنوبية حصان طروادة للصوص ,, اللهم إني نصحت قومي . وللحديث بقية ..!