البعض يجهل معنى الخطاب الديني ، وعندما نستخدم الخطاب الديني يخيل له أننا نقصد بالخطاب الديني كل ما هو ديني .. الخطاب الديني هو كل ما يصلنا من أفكار دينيه مأخوذة من الدين وتحديداً من النص الديني ، كل ما يصلنا من أفكار ومفاهيم وتفسيرات ومواعظ وإرشادات جاهزة ، تشكل وعينا الديني ، نأخذها نحن جاهزة ، ونعتبرها مسلمات وتشكل قناعات ثابته في وعينا الديني وعقلنا الباطن . كما سمعنا بها وحصلنا عليها من وسائل الاتصال الدينية المتعددة .. وهي ليست إلا تأويلات وقراءات للنص الديني قد تكون صحيحه ، وقد تكون موظفه ومأدلجة ، ولهذا نرى توجهات دينيه مذهبيه وطائفيه ودينسياسية متعددة .. وكذلك نرى خطاب ديني للإنسان ككيان ،، يستهدف الإنسان داخلياً ، ونحن نعلم ان الخطاب الديني الذي وجّه لعقل وروح وكيان الإنسان خلق منهم عظماء وأبطال وزعماء غيروا وأثروا في مسار التاريخ والتاريخ الإسلامي الإسلامي على وجه الخصوص . في بداية عهد الإسلام بمحمد صلى الله عليه وسلم وصحبة الكرام الأخيار .. كان خطابهم الديني من خيرة البشر من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وحققوا شيئاً عظيماً ، وكانوا عظماء في أنفسهم .. وسار على ذلك النهج الخلفاء الراشدين من بعده ..
توالت الأحداث والأزمان والسلطات الحاكمة في الدول الإسلامية المتعاقبة هي من تدير زمام الدين ويمثل الدين رأيها ، فوظفت العلماء ووظفت الدين ، وتشكلت طوائف دينيه متقاتلة متناحرة ، كلاً يدعي الدين ، وكلاً باسم الدين .. وفي فترات من التاريخ ظهروا من جعلوا الدين عزه ورفعه بمعناه العظيم متمثلين مبادئه العظيمة ، وقيمه السامية النبيلة ، فخلق منهم جيل رفعوا شأن الدولة الإسلامية ..
وفي فترات أخرى كان الجهل والتخلف حليفاً وملازماً للسلطات التي تحكم ، فخرجوا عن الدين ، واستخدموا القمع لكل حر يريد أن يتحرر بالدين .،
في العصر الراهن نرى اختلافات وصراعات باسم الدين كذلك . شيعه ، سنه ، إخوان . ووو كثير من ذلك ، كل ذلك باسم الدين .. القوى المعادية للإسلام في العالم تعمل على تمزيق الجسد الإسلامي ، ونحن بغبائنا نحقق لهم ما يريدوا .. ليس حديثنا هنا عن توجهات الخطاب الديني سياسي ، لكن حديثنا عن الخطاب الديني الذي يخاطب الفرد ..
فالقران الكريم كتابنا المقدس محفوظ في لوح مكتوب .. لا خلاف حوله ، ولا من شأننا ان نخوض فيه ،،، الإنسان ككيان وكفرد أكرمه الله ، وفضله وميزه بالعقل ، وجعل الإنسان خليفة الله في الأرض ، وجعل الملائكة تسجد لآدم . والقران الكريم أكثر من 6200 آية تقريباً ، منه 500 آية تتعلق بالأحكام والأمور التعبدية اي الفقهية .. بما إن الدين يمثل رأي السلطة الحاكمة في كل تاريخ الدولة الإسلامية فإن علماء الأنظمة التابعين لتلك السلطات الحاكمة ، أخذوا آيات الأحكام الآيات الفقهية وألفت حولها أمهات الكتب ، والمحاضرات والأحكام ، وخلقوا الخلاف والشقاق والنزاع حولها . متناسين أغلب كتاب الله الذي يخاطب الإنسان والروح والعقل والضمير ، وكل ما تعني كلمة إنسان التي كرمه الله بها من معانٍ ساميه نبيله راقيه عظيمه ..
وكل الخطاب الديني الذي يصل إلينا أختزل الدين في أحكام فقهيه وصور شكليه ، بعيداً عن جوهر الدين العظيم ، بل في أغلب الأحيان خلق فرد ضعيف ركيك خاضع خانع ، مسلوب الإرادة ولا حول له ولا قوه ، حتى يتسنى لتلك السلطات الحاكمة أن تقوده وتحكمه كيفما تريد هي ، لا كما أرد له الله أن يكون حراً ولا يكون عبداً لغير الله ، تم تهميش قيم الحرية والغزة والنخوة والشهامة والأنفة والشموخ والكبرياء .. حتى أنه يصعب علينا تمييز ما هو لله وما هو لقيصر ، لكثرة ترديد الخطاب الديني الموجّه لنا بأشياء محدده منذ أن وعينا على الدنيا ..
بينما ربنا الحكيم العليم وكتابه العظيم ، يقولوا لنا ان الله كرم الإنسان ، وميزه بالعقل ، وأن يكون حراً ،
لماذا أقول هذا ؟! لأني تفاجأت عندما كنت أحاور بعض الشباب ، وأقول لهم ، إن الله جعل في كل واحد منا طاقه كامنه ، وقوه هائلة جباره ، يستطيع الواحد منا إيقاظها وتفجيرها ليكون عضو فعّال في مسيرة البشرية هذه .. تفاجأت أن أفكارهم الدينية القاصرة ، تقول لهم أني أتابع كتابات الكتاب والمفكرين الغربيين ، وإن هذا يتعارض مع الدين من حيث اننا مسيرين وليس لنا خيره في حياتنا . بينما ما قلته ماهي إلا أفكار كتبها من نعتبرهم جهابذة الإسلام ، لكن خطابنا الديني في أيدي السلطات لم يدعها تصل إلينا لأنها بالأساس تهدد مصالحه القائمة على الجهل والظلام .. من يؤلف عشرات الكتب عن إطالة اللحية وقص الشارب ، وضرورة قصر الثوب ، وووو من عبادات ، لكنه لا يجرأ عن تقديم محاضره عن الفكر الإسلامي والإنسان والعقل كما قال عنه الله والقران الكريم .. لأنه ذلك الشيخ ضمن منظومه وخريج معاهد وعلماء أنظمه منذ مئات السنين ..
الله جعلك عظيماً ، وجعل في داخلك قوه الهيه جباره ، فكن كما أراد لك الله ، ولا كما أرد لك عبيد التخلف والجهل .،