وزير الخارجية يدعو المبعوث الأممي لضرورة إعادة النظر في التعاطي مع الحوثيين    برشلونة يعتزم بيع اراوخو    بن دغر يوجه رسالة لقادة حزب الإصلاح بعد وفاة الشيخ عبدالمجيد الزنداني    اللواء العرادة يعزي بوفاة الشيخ الزنداني ويشيد بإسهاماته وأدواره الوطنية ومواقفه النضالية    مفسر أحلام يتوقع نتيجة مباراة الهلال السعودي والعين الإماراتي ويوجه نصيحة لمرضى القلب والسكر    إعلان موعد نهائي كأس إنجلترا بين مانشستر يونايتد وسيتي    رئيس مجلس القيادة يجدد الالتزام بخيار السلام وفقا للمرجعيات وخصوصا القرار 2216    مركز الملك سلمان يدشن توزيع المساعدات الإيوائية للمتضررين من السيول في الجوف    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    إنزاجي يتفوق على مورينيو.. وينهي لعنة "سيد البطولات القصيرة"    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    "ريال مدريد سرق الفوز من برشلونة".. بيكيه يهاجم حكام الكلاسيكو    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    القبض على مقيم يمني في السعودية بسبب محادثة .. شاهد ما قاله عن ''محمد بن سلمان'' (فيديو)    الشيخ بن بريك: علماء الإسلام عند موت أحد من رؤوس الضلال يحمدون الله    لابورتا بعد بيان ناري: في هذه الحالة سنطلب إعادة الكلاسيكو    انقطاع الشريان الوحيد المؤدي إلى مدينة تعز بسبب السيول وتضرر عدد من السيارات (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مكان وموعد تشييع جثمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني    التضامن يقترب من حسم بطاقة الصعود الثانية بفوز كبير على سمعون    قيادي حوثي يقتحم قاعة الأختبارات بإحدى الكليات بجامعة ذمار ويطرد الطلاب    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    ميلشيا الحوثي تشن حملة اعتقالات غير معلنة بصنعاء ومصادر تكشف السبب الصادم!    برئاسة القاضية سوسن الحوثي .. محاكمة صورية بصنعاء لقضية المبيدات السامة المتورط فيها اكثر من 25 متهم    ذمار: اندلاع حرب أهلية مصغرة تُثبت فشل الحوثيين في إدارة المناطق الخاضعة لسيطرتهم    دعاء مستجاب لكل شيء    الحوثيون يستجيبون لوساطة قبلية للسماح بإقامة مراسيم الدفن والعزاء للزنداني بصنعاء    في اليوم ال 199 لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.. 34151 شهيدًا ونحو 77084 جريحا    - عاجل محكمة الاموال العامة برئاسة القاضية سوسن الحوثي تحاكم دغسان وعدد من التجار اليوم الثلاثاء بعد نشر الاوراق الاسبوع الماضي لاستدعاء المحكمة لهم عام2014ا وتجميدها    ديزل النجاة يُعيد عدن إلى الحياة    الزنداني كقائد جمهوري وفارس جماهيري    الكشف عن علاقة الشيخ الراحل "عبدالمجيد الزنداني" مع الحوثيين    عودة الزحام لمنفذ الوديعة.. أزمة تتكرر مع كل موسم    وزير الصحة يشارك في اجتماعات نشاط التقييم الذاتي لبرنامج التحصين بالقاهرة    رئيس مجلس النواب: الفقيد الزنداني شارك في العديد من المحطات السياسية منذ شبابه    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني يبعث برقية عزاء ومواساة الى اللواء احمد عبدالله تركي محافظ محافظة لحج بوفاة نجله مميز    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    تراجع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر.. "كمل امكذب"!!    ارتفاع الوفيات الناجمة عن السيول في حضرموت والمهرة    انخفاض أسعار الذهب مع انحسار التوترات في الشرق الأوسط    مجازر صباحية وسط قطاع غزة تخلف عشرات الشهداء والجرحى    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    النقد الدولي: ارتفاع الطلب الأميركي يحفز النمو العالمي    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احتفالات الحوثيين بما يسمى الغدير !! محمد سيف عبدالله
نشر في عدن أون لاين يوم 02 - 11 - 2012

ان الذي يقرأ القرآن الكريم سيجد أنه مليء بالمفردات الدالة على ضرورة أعمال العقل ، فعلى سبيل المثال هناك 49 كلمة مشتقة من الجذر فقه ، وأن الكلمات المشتقة من الجذر نظر تكررت في 102 موضع ، وأن لفظ "أولو الألباب" ذكرت 16 مرة ، إضافة إلى العديد من الآيات الأخرى التي تحث على ضرورة السماح للعقل بالتفكير الحر والتي جعلت المسلمين روادا للعقلانية وليس أعداءا لها قبل عصور الا نحطاط وهنا نتسأل ماهي اهم الا سباب لتغيب العقل؟ اقول :أهم الا سباب الصراع السياسي والتعصب المذهبي والطائفي واعتماد النقل واتباع ماتحويه مصادرها الفقهية دون اشراك العقل ومقاومة النقد والتحليل لمعرفة المخالف للكتاب وصحيح السنة سنداومتنا التي لا تخالف القران فنحن نلا حظ ان أئمة الشيعة وضعوا معتقدات كثيرة يقودوا بها الناس باسم الا سلام و لا يمكن أن يسمح فقهاءهم بتحكيم العقل فيها من مثل مسألة الإمام الغائب منذ القرن الثالث الهجري أو التشكيك بعودته ، أو التفكير بتلك النصوص التي تعطى قدسية لعلي بن أبي طالب ونسله ، ونلاحظ كيف يستخدم الحوثيون ليلة غدير كمناسبة لا عطاء انفسهم شرعية الحكم باسم الحق الا لاهي ولا يمكن أن يعقل الشيعي أن الإسلام بريء من هذا التقديس ، ومثل الشيعي هناك بعض السنة يقدسون نصوصا منسوبة الي رسول الله وهي مخالفة للقران وصحيح السنة سندا ومتنا ونحن نلاحظ ان الشيعة يستندون الي احاديث يؤمن بها غالب السنة وكل هذه المعتقدات التي يعتقد بها الشيعة وبعض الفرق الإسلامية الأخرى مردها أنهم عطلوا أعمال العقل ولا شك ان السياسة ساهمت في ايجادالغلوعند كل فريق و بما لديه ، وتقلبت الأوضاع والأحوال بكل فريق حسب موقف الحاكم ، فكان كلما مال حاكم لرأي فريق فإن الفريق الآخر سيكتب عليه الاضطهاد والتكفير والمحاكمة والقهر والتعذيب والسجن ايران والسعودية نموذجا مصغراللماضي، حتى يأتي حاكم آخر يميل للرأي المخالف ليفسح المجال لأهل ذلك الفريق بأخذ ثاراتهم وتجريع منافسيهم من نفس الكأس التي تجرعوها من قبل ومع أن العصر قد تغير وأن العلم قد انتشر إلا أن ا راء المذاهب الفقه بقيت تتوارثه الأجيال بالصورة الأولى نفسها التي وجد عليها واصبح فهم الاموات يقود الا حياء والماضي يدير الحاضر وأصبح غالب فقهاء السنة وكل فقهاء الشيعة والفرق الأخرى التي بقيت حتى هذا العصر ينظرون إلى علوم الدين على أنها حرم مقدس لا يدخله غيرهم ، وأنهم وحدهم من له الحق بإخراج كلمة الله لأتباعهم ، ولا حق لغيرهم بنقاشهم ، لأنهم وحدهم الذين يقولون ما يريد الله قوله ، وعلى غيرهم أن يسمعوا ويطيعوا أو يسكتوا، وكل من خالفهم فقد حقت عليه لعنة الله والملوك والناس أجمعين والتكفير جاهز الا من رحم الله. وتم بهذا التوارث وأد العقل وتغييبه عن نقاش المسائل الدينية لدى كل من بقي من المذاهب والفرق الإسلامية ، لأنهم يزعمون أن العقل لا يمكن أن يكون ميزانا للتشريع ، بحجة أن ما هو معقول عند شخص قد يكون غير معقول عند شخص آخر ، وأن الدين يجب أن يعتمد على النقل من النصوص ، حتى في إثبات وجود الله والتصديق بيوم القيامة وكل الأمور الغيبية الأخرى .وحسبنا الله ونعم الوكيل بل وصل الا مر عند البعض الي منع الاعتماد على أعمال العقل للتعرف على حقيقة التأويل والتفسير للآية ، أو صحة متن الحديث أو ثبوت نسبته إلى الرسول أو توافقه مع الحقائق العلمية التي أودعها الله في كونه ، أو حتى مناقشة خبر منسوب إلى صحابي أو رأي فقيه سالف ، في مسألة لم يأت لها ذكر في كتاب الله أو قال بها رسوله يقينا.والامر سهل فلو سمح العلماءوالمتخصصون لعقولهم بالتفكير الجماعي المؤسسي والعمل الجماعي المؤسسي لوجدوا أن الدين نقل كله ، لأنه لو لم ينقل الرسول صلوات الله وسلامه عليه ما كان ينزل عليه من الوحي لما عرفنا الدين ، وأن الدين عقل كله ، فلو أننا لم نحكم عقولنا باحتمال صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ودعوته للإيمان بالله ، الذي لا نراه ولا يمكن أن نتأكد من وجوده بطرق محسوسة ، لما أصبحنا مسلمين نعمل للآخرة ، التي لا يمكن لنا أن نتأكد من وجودها بطرق محسوسة أيضا ، والدين في العقائد والعبادات موقوف على الدليل قطعي الثبوت والدلا لة وفي غير العقائد مرن ، فلو لم ينقل لنا عن رسول الله هيئة الصلاة والحج لما عرفنا كيف نؤدي شعائرهما ، والدين بعضه عقل ، فنحن نعرف بأن دين الله المنزل على موسى وعيسى وإبراهيم وبقية الرسل هو نفس الدين الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه من غير المعقول أن يخلق الله الناس بنفس الاستعدادات العقلية ويفرض على بعضهم أحكاما لا تفرض على الباقين، أو يطلب من البعض عبادات لا تطلب من الآخرين أو يعذب الله أناسا بأفعال يبيحها لآخرين. ودين الله تعالى لا يقر الإبقاء على عادة أو عبادة مخالفة لقطعيات الدين بحجة أنها موروثة وجزء من التراث الاجتماعي ، وإذا كانت تتعارض مع ما جاء به محمد رسول الله من تشريعات حديثة ونحن نلاحظ خطاب الله علي لسان ابراهيم :{ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ * قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ * وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ * فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلَّا كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ * قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ * قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ * قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ} (الأنبياء :54 63 ) ، فانتصر صوت العقل على النقل والتقاليد البالية :{ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (الأنعام : 83 ) . ان السماح للعقل بالتفكير بحرية وشفافية نوع من الحكمة التي أودعها الله في كل شخص ، ولكن ممارسة تلك الحكمة تعود إلى الشخص نفسه :{ وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ} (الأنبياء : 51 ) . والراشد من يستخدم عقله لا من يحمله ، ولم يتوقف إبراهيم عن تساؤلاته العقلانية بعد معرفته للخالق وبطلان عقائد قومه ، وبعد أن أصبح رسولا لله :{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (البقرة : 260 ) ، لقد أراد أن يقطع الشك باليقين في أمر خاص من أمور الخالق الذي لا يتحقق الإيمان إلا بالتسليم به غيبيا ، وهو قدرته سبحانه على بعث الموتى إلى الحياة مرة أخرى ، وهي عقلانية تنسجم مع محدودية عقل الإنسان الذي يصعب عليه الاقتناع بالغيبيات دون دليل مادي محسوس ، وقد استجاب الله لإبراهيم وحقق رغبته ، لأن سؤاله لم يكن لتبرير عدم إيمانه بالغيب ، لأنه مؤمن ، ولم يكن سؤاله مثل أسئلة مماثلة طرحها كفار كل الأمم السابقة على رسلهم للتعجيز وليس للإيمان واليقين ، كطلب رؤية الله أو مخاطبته أو تنزيل ملائكة . وهكذا أصبح إبراهيم قدوة لنا في استخدام العقل على مر العصور ، وقد كافأه الله على تفكيره الحر ، بماورد ذكره في القرآن الكريم ، فقد شرف الله إبراهيم ببناء ، أو إعادة بناء ، أول بيت لعبادة الله سبحانه ، في أرض الجزيرة العربية على الأقل :{ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }(آل عمران : 97 ) ، وأصبحت الطريقة التي تعبد إبراهيم بها ربه ملة لدين الله بعده وهانحن نحج الي بيت الله:{ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (النحل : 123 ) . ومن المظاهر الواضحة لتلك الطريقة الإبراهيمية التي بقيت من بعده على مر العصور : أداء شعائر الحج التي لم تتغير عن الطريقة التي أداها إبراهيم ، وختان الصبي ، والأضحية ، وعندما تسمى إبراهيم بالمسلم :{ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (البقرة : 131 ) ، سمى الله كل من يتبع دينه مسلما :{ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (البقرة : 132 ) . وليستمر الإسلام كاسم لدين الله بعد ذلك :{ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (الحج : 78 ) ، وباستخدامه العقل بكل شفافية صار إبراهيم يعدل أمة كاملة :{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (النحل : 120 ) ، وفوق هذا كله اختاره الله ليكون خليلا له مع أنه بشر :{ وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} (النساء : 125 ) .وهنا ندرك أن القرآن الكريم يحث على استخدام العقل ، وأن كل الآيات التي نزلت على كل الرسل كانت تحث الناس على تحكيم عقولهم للاهتداء إلى أن دعوة الرسل صحيحة ، وأن من خلق الخلق أول مرة يسهل عليه خلقهم مرة أخرى يوم القيامة ، وأن دين الله حجر ألماس أصلي لا يخدشه أي حجر آخر ، فلا خوف على الدين من العقل ، كما أن أي نص يخالف هذا الحجر الكريم الأصلي سيتعرض للخدش دون أن يصاب الإسلام بأي أذى ، وأن أي نص نظن أنه من الدين إذا ما خدشه نص آخر أو موقف عقلاني أو حقيقة علمية فلا يمكن أن يكون من الدين ، وأن علينا تخليص دين الله منه ، وأن علينا أن نتيقن أن أي آية قرآنية لا يمكن أن تخدش ، ليس لأننا نتكلم بعاطفة كمسلمين ، ولكن لأن الله الذي صدر منه القرآن يقول :{ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} (الإسراء : 88 ) . كما أن علينا أن نعقل أن أي نصوص قرآنية لا يمكن أن تتعارض مع بعضها وإن بدت لنا كذلك فهو دليل على أن تفسيرنا لأحد الآيتين أو كلاهما كان خاطئا ، وعلينا أن نعقل أن أي نص يعارض آية كتاب الله فليس من الدين ، وأن أي نصوص ليس قرآنية وتتعارض مع بعضها فليست من الدين :{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }(النساء : 82 ) .ان الجهل يساعدعلي استمرار بعض المسلمين على الإصرار بأن دين الله لا علاقة له بالعقل وأنه دين نقل فقط،و في جدال عقيم ، ظاهره الدفاع عن دين الله ، وحقيقته الدفاع عن أنفسهم حتى لا يطال النقد بروجهم العاجية التي بنوها لأنفسهم من عند أنفسهم وتحصنوا بها من دون أن يأتيهم بها كتاب من الله ، فنصبوا أنفسهم بأنفسهم أولياء لله في أرضه بحجج واهية لا يدعمها نص قرأنى ولاعقل ولا يسندها منطق وستتهاوى بمجرد توجيه أول نقد عقلاني لها ، يقول تعالى :{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ
عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ * ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} (الحج :8 9 ) . والمسلم من تبع دين الله كما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، فإذا كان إبراهيم رائد العقلانية على مستوى البشرية ، فهل من المعقول أن يحرم من التفكير أتباع محمد صلى الله عليه وسلم والله الموفق

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.