رغم ان عدد سكان جنوبنا العربي لايتجاوز الخمسة ملايين نسمة الا ان ظاهرة تفشي الاحزاب والمكونات السياسية تكاد تجعل لكل عدة مواطنين جنوبيين حزب خاص بهم لكثرتها. نحن في مرحلة استعادة وطن مسلوب وهوية جرى العمل على محاولة طمسها كما مافعلت مملكة سباء بمملكة قتبان في غابر الزمان. ظاهرة تفريخ الاحزاب ظاهرة جديدة على مجتمعنا الجنوبي ولا تختلف في شكلها العام عن ظاهرة التعدد القبلي في اليمن من حيث ان لكل قبيلة شيخ ولكل حزب او مكون سياسي قائد او رئيس بنفس صلاحيات شيخ القبيلة في قبيلته. نستبشر خيراً كلما ظهر شخص جديد على الساحة الجنوبية في ان يكون الخلاص على يديه ولكن لاتمضي شهوراً عدة حتى نجده قد اتخذ منحنى اّخر مخالفاً لكل التوقعات والمراهنات عليه من قبل عامة الناس. هناك الامثلة كثيرة والاسماء رنانة ولا داعي لذكرها فالجميع يعرفها حتى وان اختفت الان في الظل . للاسف الشديد لدينا احزاب ومكونات سياسية وبرلمان وجمعيات مدنية ودينية وجمعيات نسائية وشبابية !!!! لكن الوطن محتل والارض والثروات منهوبة والقتل يومي والعربدة ليلاً ونهارا. ماكينة التفريخ كل يوم تفرخ لنا من (البيض) فرخ جديد وكأنه كتب علينا ان لا نتذوق غير مايفقسه (البيض) من فروخ رغم انه كُثر هذه الايام الفروخ المستورة بعد ان شبعت الناس من الفروخ المحلية وارادت ان تجرب المستورد. لو نظرنا الى الاحزاب السياسية الموجودة على الساحة الاّن وتفحصناً ملياً قادتها او مؤسسيها لوجدناهم كانوا قادة واعضاء في الحزب الاشتراكي اليمني ولا نعرف هل كفروا بالاشتراكية العلمية ام ان كل الغرض هو في التواجد في قمة تلك الاحزاب والمكونات السياسية خاصة انهم لم يعلنوا اطلاقاً المبداء الجديد الذين يؤمنون به هل هو اسلامي ام علماني ام اشتراكي ام قومي ام خليط من كل هذه الافكار فيما يمكن ان نطلق عليه حسب وصف المشير عبدالله السلال للوحدة بين ليبيا والجمهورية العربية اليمنية المقترحة في عهد القذافي وعلي عبدالله (مخضرة). على من يقف وراء ماكينة التفريخ ان يعي ويفهم انه لن يستعيد وطن بل يعمل على إطالة امد الاحتلال اليمني لارضنا وتزداد التفرقة والشرذمة لابناء الوطن خلف هذه الاحزاب والمكونات السياسية وتُكثر فرص المستعمر اليمني في شق الصف الجنوبي. الاقلمة سائرة على قدم وساق ونحن نتابع ظهور الاحزاب الجديدة كل يوم داخلياً وخارجياً ولا نعمل على وقف الاقلمة بطريقة بترها من جذورها قبل ان تنمو في تربة الجنوب ونجد من يسقيها ويرعاها حتى تكبر وتلتف اغصانها على الجماد والانسان وتجد من يحب ان يستظل في ظلها . حراكنا جنوبي بذرناه بايدينا في تربة هذا الوطن ولم نستورد البذور او الاسمدة من الخارج . سمادنا محلي ودمائنا تروي كل يوم شجرة الحرية لتبقى باسقة . ان طريق تحرير الجنوب واضح وضوح الشمس ولكن اصاب العمى بعضهم واحب السكينة والهدوء ومجالس القات والقيل والقال والكلام الذي لايودي ولا يجيب . ان النظريات الجديدة لن تفلح في رسم خارطة طريق لتحرير الجنوب مادامها معتقدة ان الخطاء من اولئك الاشخاص الذين تربعوا حركتنا الجنوبية غير مدركين ان الخطاء هو في الفكر الذين يحملونه والذي اثبت فشله على مدار السنين الماضية . ولن يكون حالكم افضل مادام تفكيركم ينصب على تغيير الاشخاص وليس تغيير العمل النضالي من اجل تحرير الجنوب. مشكلتنا ان كل مكون سياسي او حزب يريد ان يزيح سابقية من شرف تحرير الجنوب كما فعلت الجبهة القومية بجبهة التحرير مع الفارق الكبير بين عمل احزابنا اليوم واحزاب زمان . مثل شعبي قديم يقول اذا كُثر الطباخين خرب المرق..فهل ينطبق هذا المثل على حالتنا اليوم ؟؟