ما من حل سحري سيأتيكم من صنعاء او بيروت والقاهرة ولندن ! فما لم يكن هذا الحل نابعا من رغبة وإرادة وتضحية الناس انفسهم في مدينة الضالع ؛ فإن المشكلة ستظل عالقة مفتوحة ما بقي اصحابها غير مكترثين أو آبهين بنهاية لمعاناتهم . نعم فكلما بدأت مظاهر الحياة عائدة الى مدينة سكنها الموت واستحلها الرعب والإهمال ؛ عادت اصوات القذائف والمدافع والبنادق ثانية وثالثة وخامسة قاتلة لخفقها الحالم العائد للحياة مرة اخرى .
القائد ضبعان كان حملا وديعا قبل ان يخرج من معسكره فيصير وحشا كاسرا يفتك ويفترس ويبطش ويفزع . كيف ولماذا ؟ لا إجابة بمقدورها اشباع فضولك كناقل لمعلومة صحافية متجردة من انحيازها لطرف بعينه .
الطائشون والحمقاء والجهلة لا يرجى منهم فعل ما هو حكيم ومدروس وواقعي .النتيجة بالطبع كارثية ومأساوية فبدلا من ان اخراج المعسكر وترسانته من مدينة الضالع صار مطلبنا الآن إعادة القوات المنتشرة في الطرقات والهضاب والإحياء والقرى الى ثكناتها في المعسكر !
أليس هذا انجازا لقوى المقاومة المسلحة التي مازال البعض يريد استمرارها طمعا بشهرة او مكسب ، ودونما اكتراث باتفاق تهدئة يجب الالتزام لا النكث به مثلما حصل مساء الاربعاء وسيحصل في ايام قابلة في حال بقى الصمت مطبقا وبقت المحافظة تعاني من وطأة وهن اداري مخيف يصاحبه فراغ امني رهيب .
اللواء علي ناصر لخشع ولجنته الرئاسية عملا ما بوسعهما كي تتوقف لغة العنف وتسود بدلا عنها لغة السلم ، لكن وقف الرصاص وإطلاق المعتقلين والأسرى وإزالة مظاهر العسكرة من الطرقات والقرى والتباب والشروع بحصر الاضرار البشرية والمادية الناتجة عن الاحداث المؤسفة وتعويض كامل لضحاياها فضلا عن نقل اللواء واستبداله بآخر على المدى القريب لا يبدو مرحب بها من فئة محسوبة على طرفي النزاع .
فئة من الخلق لا تستطيع الكينونة سوى في بؤر الفوضى والسلاح ، فمثلما يقال مصاب قوم عند قوم فوائد ، ونحن كذلك حين تكون مصيبتنا في اناس لا قيمة لهم او وزن في الظروف العادية . لذا لا استغرب إذا ما رفضوا وقاوموا أية محاولة لتطبيع الاوضاع وإعادتها الى سابق عهدها ، فكل فعل يؤدي للتهدئة وإحلال السكينة سيواجه من هؤلاء بشراسة باعتباره فعلا مقوضا لهم ولوجودهم ومصالحهم .
لا اعلم حقيقة كيف سنطلب من الاخرين لأن يتعاطفوا ويعالجوا مشكلتنا المتفاقمة فيما نحن لم نشفق او نرحم ذواتنا وأطفالنا وشيوخنا ونسائنا ؟ وكيف سيرثى هؤلاء لحال مدينتنا المنهكة المثخنة وجعا وكُلما وقلقا وتعليما وأمنا وتنمية ووظيفة وإدارة وتجارة وخدمات وحياة إذا ما كنا نحن أهلها وسكانها نمسي ونصبح ونعيش فيها دونما بذل وتضحية او حتى شفقة ورحمة منا إزاء حالها الفاطر لمن في كيانه ثمة احساس وحياة ؟؟