ودعت ردفان قبل أيام قلائل هامة من هاماتها الذين سطر لهم التاريخ النضالي بصمات ناصعة البياض شامخة المعاني , انه المناضل الصامت مثنى قاسم ناجي الحالمي الذي كان أحد الرعيل الأول الذين ذهبوا من ردفان والضالع للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر وفك حصار السبعين . حيث التحق الفقيد بعدها مباشرة في صفوف الجبهة القومية كأحد الخلايا السرية الفدائية لمقاومة الاستعمار البريطاني ومشارك في عدة معارك , في كنظارة وحبيل المصراف والضالع . بعد ذالك كُلف الفقيد ومجموعة من زملائه المناضلين من ردفان وحالمين والضالع بالذهاب إلى تعز لإجراء التدريبات لهم من قبل المصريين , وبعد تخرجه عاد وتم تكليفه بقيادة أحدى الفرق الفدائية الميدانية للقيام بشن عمليات عسكرية ضد الانجليز في كل من حبيل المصراق والضالع وردفان , وتمكن مع زملاءه المناضلين عمر سيف علي ومحمد ناصر احمد وآخرين من القيام بأكثر من ست عمليات فدائية .
في العام 1963م قام الفقيد وزملاءه بجبهة حالمين بقيادة المناضل الوالد عبدالله مطلق بالتصدي ببسالة وشجاعة للحملات الهجومية التي شنتها القوات البريطانية بهدف الزحف لاحتلال حالمين والتمركز فيها غير أن الأبطال المغاوير تصدوا لتك الهجمة وأفشلوها .
ولرجاحة عقل الفقيد المناضل مثنى الحالمي فقد شكل عنصر جامع لتعميق علاقات الترابط والصلات النضالية بين جميع جبهات القتال (ردفان – حالمين – يافع – الضالع ) وكان يقوم بمواصلتهم بالسلاح والذخيرة والمعدات الأخرى , وبالمقابل فقد كان للفقيد دورا متميزا في زرع الألغام التي استهدفت دبابات وآليات الإنجليز التي كان يتم بها تعزيز مواقعهم العسكرية في الضالع وحبيل المصرات فقام وزملاؤه المناضلين بتنفيذ العديد من العمليات الناجحة التي قاموا خلالها بزراعة الألغام وتدمير دبابات العدو في حبيل المصرات وسيلة حردبة والردوع والتي أدت إلى إلحاق أضرار وخسائر مادية وبشرية بقوات العدو ومن أبرز تلك العمليات التي قام بها الفقيد والتي قام الإنجليز بعدها بمطاردته العملية التي تم تنفيذها بالقرب من منطقة الردوع والتي استهدفت دبابة وتفجيرها من بين رتل من الدبابات كانت في طريقها إلى الضالع , حيث قامت الكتيبة المرافقة للدبابات بتطويق المنطقة وفرض حصار محكم عليها من كافة الجهات للبحث عن منفذ العملية الا وهو الفقيد المناضل مثنى قاسم ناجي الحالمي والذي لم يكن أمام زملاءه المناضلين وأهالي المنطقة إلا أن قاموا بإخفائه في مدفن للحبوب في المنطقة , حيث شاءت قدرة المولى عز وجل بأن يبقى على قيد الحياة بداخل المدفن رغم انعدام الأكسجين ومقومات الحياة فيه لعدة ساعات , حيث شكلت تلك العملية التي نفذها الفقيد رحمه الله عاملا محفزا ودافعا له على بذل مزيد من التضحيات والأعمال الفدائية حتى تحقيق الاستقلال الوطني في ال(30) من نوفمبر 1967م .
إن أولئك المناضلين م ينحصر دورهم في مرحلة الكفاح المسلح بل استمر بعد ذالك في تثبيت دعائم السلطة الوطنية وضلوا يقدمون الغالي والنفيس لهذا الوطن حيث قاموا بشحذ الهمم وتشجيع الجماهير في ميادين العمل الوطني التطوعي , حيث كان للفقيد دورا بارزا في الإشراف على تنفيذ العديد من المشاريع الحيوية والخدمية في حالمين ومنها على سبيل المثال لا الحصر الإشراف على بناء مدرسة الوحدة اليمنية بمنطقة الدهالكة والمساهمة الفاعلة في إنجاز المركز الصحي حالمين وشق مشروعي طريق الحصص ومخدرين والكثير من الأعمال الأخرى التي لا يتسع المجال لذكرها . إن البصمات الناصعة والمآثر البطولية لمثل هذا المناضل الجسور لا يكفيه أمامها نيل وسام الاستغلال أو الإخلاص الذي كرمته به الدولة ولكن الأهم من ذالك هو تدوين تاريخهم النضالي الخالد لأجيالنا القادمة التواقة لمعرفة أمجاد المناضلين القدماء وإخلاصهم وصدق وشفافية علاقاتهم ببعضهم البعض ومع رؤساءهم وعامة المواطنين . رحم الله الفقيد المناضل مثنى قاسم ناجي الحالمي واسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا أليه راجعون .