في البدء ارجو ان تسمحوا لي ان اتقدم اليكم باجمل التهاني واطيب التبريكات بهذه المناسبة العظيمة، الا وهي مناسبة انتخاب فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيسا للجمهورية اليمنية من قبل مجلس الشعب التاسيسي في السابع عشر من يوليو عام 1978م، وان اشكر القائمين على هذه الورشة (جامعة عدن وصحيفة 14 اكتوبر) لاتاحتهم الفرصة لنا للمشاركة فيها. وانها لمناسبة ان نرفع من على منبر هذه الورشة تحية إجلال وإكبار لفخامة الاخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في يوم انتخابه لاول مرة رئيسا للبلاد بطريقة ديمقراطية مثلت نقطة تحول في مسار التاريخ اليمني المعاصر . ان المتابع لمسيرة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية يرى بوضوح جملة الانجازات الاستراتيجية الكبيرة التي تحققت خلال هذه المسيرة وفي مقدمتها تحقيق الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م والتي تمت بين شطري اليمن سابقا بطريقة سلمية وعلى اسس ديمقراطية. واننا لا نجانب الحقيقة والصواب اذا ما قلنا ان ما تحقق خلال هذه الفترة من قيادة فخامة الاخ الرئيس من انجازات على مختلف الصعد امر لا يختلف عليه اثنان فالكثير من الانجازات تقف شامخة شاهدة على هذا التطور. واعتقد ان الوقت لا يتسع للحديث عن هذه الانجازات والمحطات الكبيرة، ولكن دعونا ان نقول كلمة فيما يتعلق بموضوع هذه الورقة . لقد مرت الصحافة اليمنية بثلاث مراحل في تطورها يمكن تسميتها بمرحلة ما قبل الثورة ومرحلة عهد الثورة ومرحلة ما بعد الوحدة اليمنية، التي تحققت بين شطري اليمن بطريقة سلمية وعلى اسس ديمقراطية تكفل التعددية السياسية والحزبية وتصون الحريات العامة وفي مقدمتها حرية الصحافة والتعبير التي نص عليها دستور الجمهورية والعديد من قوانين النشر والمطبوعات واللوائح المفسرة لها. وما شهدته هذه المرحلة منذ بدايتها من انفجار كبير في عدد الصحف التي ظهرت الى الوجود، وتعدد لا مثيل له في توجهاتها السياسية والفكرية، وعودة بعض الصحف والمطبوعات الى الصدور بعد ان توقفت منذ سنوات طويلة ومن هذه الصحف "الحق" التي عادت للصدور في ديسمبر 1990م و"الشروق" و"الوحدة" و"صوت اليمن" و"الطريق" وغيرها من التي عاودت الصدور سواء في صنعاء او في عدن او غيرها من المناطق اليمنية وصدور صحف جديدة لم تكن معروفة من قبل سواء في جنوب اليمن او شماله ومنها "الاتحاد" و"22 مايو" التي اصدرها المؤتمر الشعبي العام في 22 مايو 1991م و"الاسبوع" التي صدرت في سبتمبر 1998م و"الامة" لسان حال حزب الحق التي صدرت في 22 سبتمبر 1991م و"التجمع" التي اصدرها في عدن التجمع الوحدوي اليمني في 31 ديسمبر 1990م وغيرها من الصحف والمطبوعات. حدث هذا كله بفضل الوحدة والديمقراطية، الديمقراطية التي أصل لها يوم 17 يوليو 1978م يوم تم انتخاب الرئيس على اساسها وليس على اساس شيء اخر . وبفضل هذه الديمقراطية بلغ عدد المطبوعات التي صدرت بعد الوحدة بما فيها تلك التي كانت تصدر في الشطرين او التي عاودت الصدور حوالي 160 اصدارا منها زهاء 100 مطبوعة سياسية حزبية ومستقلة والاخرى اقتصادية وثقافية وعلمية ورياضية وشبابية ... الخ، الا ان بعضا منها فيما بعد توقف عن الصدور وتعثر صدور البعض الاخر لاسباب وظروف تختلف من صحيفة الى اخرى . كان لقيام الاحزاب والتنظيمات السياسية التي قامت هي الاخرى بفضل النهج الديمقراطي والتي وصل عددها الى اكثر من 40 حزبا وتنظيما خلال السنوات الاولى من عمر الوحدة اثره على زيادة عدد الصحف حيث كان لكل حزب او تنظيم سياسي اصدار او اكثر ناطق باسمه او سائر في فلكه. ان الاوضاع السياسية الجديدة وما نتج عنها من تطورات (الوحدة والديمقراطية والتعددية السياسية وحرية الراي والصحافة) فاجأت المثقف والاعلامي اليمني قبل غيره، على الرغم من ارهاصاتها المبكرة منذ سنوات او على وجه التحديد منذ 17 يوليو 1978م. ففي ظل مناخ الديمقراطية الناشئة على الارض، والسماوات المفتوحة والمليئة بالقنوات الفضائية، وشبكة المعلومات الانترنت التي ملأت السماء والارض بشباك معلوماتها وفي ظل حرية الصحافة والمطبوعات التي فتحت السوق اليمنية امام الصحافة العربية والعالمية، هذه المناخات الجديدة كان لها تأثير واضح على الصحافة وعلى الوعي الاعلامي والسياسي في المجتمع. لقد مثلت الحداثة السياسية خياراً رئيساً لفخامة الرئيس، فالديمقراطية والتعددية السياسية وحرية التعبير وغيرها من المظاهر التي لازمت اعلان الوحدة التاريخي، كانت جميعها تمثل انحيازا نحو الحداثة السياسية والثقافية والتحديث المجتمعي التي كان الرئيس حمل لوائها منذ توليه السلطة يوم 17 يوليو وانعكس ذلك جليا في تأسيس المؤتمر الشعبي العام وما تبعه من خطوات قادت الى تلك الحداثة السياسية في الرؤى والتفكير وفي بناء الدولة. ومع ذلك كان يمكن للصحافة ان تمثل المدرسة الاولى للديمقراطية والتعددية السياسية. حقا ان التعددية السياسية لا تعني بالضرورة تعددية فكرية او ايديولوجية، فالصحافة المهنية توفر مساحة للحوار ومكانا للاختلاف والتنوع . وهذا العامل الغائب في تجربتنا الديمقراطية للاسف في بعض من مراحلها ومحطاتها . ان المتابع لشأن الصحافة اليمنية يلمس بوضوع ان الصحافة منذ يوم 17 يوليو قد شهدت تطورا ملحوظا وذلك بفضل الرؤية الثاقبة للاخ الرئيس وبفضل المناخ الديمقراطي الذي تتمتع به ولذا فان القارئ يستطيع ان يجد ما يرغب في قراءته من مواضيع سياسية او اقتصادية، ثقافية او اجتماعية، رياضية او غيرها، وصارت الصحافة تولي اهتمام بالقضايا العربية والدولية ولو بشكل محدود . وهذا الامر يساعد على حد كبير على ايجاد التوازن المطلوب في المادة الاعلامية التي تقدمها الصحافة للقراء، مما يجعلها بالفعل المرآة العاكسة لقضايا المجتمع ومشكلاته . والحديث عن يوم 17 يوليو والصحافة اليمنية قد يطول الا انه من الواجب الاشارة الى بعض الملامح التي اتسمت بها هذه الصحافة ومنها ظهور صحف جديدة ما كانت موجودة على الساحة وعودة بعض الصحف التي توقفت عن الصدور في فترات مختلفة وطغيان الموضوع السياسي على سواه من الموضوعات التي زخرت بها الصحافة واهتمام عدد من المنظمات الدولية والمؤسسات الاستراتيجية والحزبية ذات الاهتمام بالديمقراطية والحقوق والحريات بها . واكتفى بهذه الورقة التي تمثل محاولة لملامسة الموضوع بشكل عاجل. الا ان الاقتراب الى نقاط المحور يحتاج الى مزيد من البحث والقراءة لادبيات هذه المرحلة التي تطرقنا لقراءة ملامحها العامة، دون الخوض في تفاصيلها . .............................. span style=\"color: #3366ff\"* ورقة قدمت الى حلقة النقاش "فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وبناء الدولة اليمنية الحديثة"