بات الحديث عن مفردات ( الوحدة ) و ( الانفصال ) و( فك الارتباط ) أمر مكرورا في أحاديث الكثيرين ، وهو ما لا يجب إغفاله بعد ان انتقل من النخب الى هاجس لدى العامة من الناس خاصة في المحافظات الجنوبية يتداولونها بوعي او بدون وعي في ظل مخاوف عديدة تنتاب المواطن من الحاضر و المستقبل ، ناهيك عن استحقاقات الماضي البعيد و القريب ! وقراءة هذا التصعيد في تداول هذه المفردات وما لها من آثار يتطلب عمل الكثير من النخب الواعية لتوجيه النقاشات حولها الوجهة الصحيحة ، فعندما يقول احدهم الوحدة ، يكون الرد عن أي ( وحدة ) يتحدث ؟! وعندما نسمع احدهم يقول ( الانفصال ) او ( فك الارتباط ) نجد من يسأل عن أي ( انفصال ) وكيف وعن أي ( فك ارتباط ) يمكن ان يكون ؟! تحديد الموقف من كل ذلك يتطلب العمل على وعي الناس وإيجاد حركة جدل وحوار مثالي على كل المستويات ف( وحدة ) كهذه القائمة حاليا لا يمكن قبولها والقول ب( الانفصال ) هناك الكثير ضده ، أما الدعوة إلى ( فك الارتباط ) فأراه باتجاه آخر غير ما يمثله دعاته ! أي فك الارتباط بالمساوئ التي لحقت بالوحدة وأصابتها في كثير من النواحي بمقتل ! فك الارتباط ب( النظام الشطري ) للجمهورية العربية اليمنية ! فك الارتباط بتفكير النخب التي تنظر لازمة الوطن بالتجزئة ، فك الارتباط بمعارضة تخطئ في مجارة نظام حكم مجرب في الالتفاف على الاستحقاقات الوطنية في أكثر من منعطف ... ان تلك المفردات التي برزت مع تصعيد ( القضية الجنوبية ) يجب التعامل معها – شئنا ام أبينا – و بواقعية شديدة ولا يجب الانجراف نحو التفسير السلبي لمضمونها وحدة فقط ، او لمواقف أصحابها ، بل الأمر يتطلب الكثير من الجدل و الحوار و النقاش لتصويب الآراء و المواقف . ( القضية الجنوبية ) هي قضية وطنية و سياسبة بامتياز و تسقط عنها صفة الجهوية ، طالما هي في مسار رفض الظلم و النزوع نحو التصحيح و التغيير ، وهو ما يستوجب ان نتعامل معها بجدية بالغة باعتبارها تمثل أزمة وطن و المفتاح للحل الشامل ، بعيدا عن أخطاء هنا او هناك او تفسيرات غير دقيقة او جانحة لدى تعبيراتها المختلفة ، أكانت هذه التعبيرات ممثلة بهيئات أو أفراد. ان من لا يعترف بالقضية الجنوبية كمن يتعامى عن أزمة وطن ككل ولا يريد ان يدخل إلى حل الأزمة من بابها الصحيح ، وما الدعوة لتصحيح مسار الوحدة او الاحتجاجات السلمية التي فرضها ( الحراك الجنوبي ) أو الدعوات المختلفة لحل الأزمة بالفدرالية أو الحكم واسع الصلاحيات أو الكونفدرالية إلا تعبيرات عن تلك القضية ، حتى أحزاب اللقاء المشترك او النخب السياسية القريبة منها عبرت عن هذه القضية بأكثر من شكل وان كان ذلك لم يرضي بعض قادة الحراك الجنوبي ، الذين يقرؤون مواقف المشترك من زاوية جغرافية ! ما يجب الالتفات إليه ألان هو الخطاب المتصاعد لتكريس تلك المفردات وأيضا مفردات الشمال و الجنوب ، التي برزت حتى عند بعض فروع أحزاب اللقاء المشترك في المحافظات الجنوبية و بالأخص لدى منظمات الحزب الاشتراكي اليمني ، التي عبرت عنها في بيان مجلس التنسيق فيما بينها الصادر في أغسطس 2010م ... للأسف هذا البيان لم يلق حقه من القراءة و النقاش رغم أهميته و خطورته في نفس الوقت ، او لعل هناك من أحس بذلك لكنه أراد ان يفوته او يتغاضى عنه رغم توجيهه الخطاب السياسي نحو مسار التصعيد وطنيا و اقليميا ودوليا ، فالبيان يتحدث عن شمال وجنوب وعن حوار برعاية خارجية و الامتثال لقراري مجلس الأمن الدوليين الصادرين إبان حرب صيف 1994م ... أميل للقراء الايجابية لهذا البيان رغم ما تضمنه من تكريس لبعض المفردات السياسية – عكس المتوقع – لكنها مفردات يحق للاعب السياسي المعارض ان يلجأ إليها في ظل تصلب موقف النظام السياسي الحكم ، الذي يلعب لعبته السياسية ضاربا عرض الحائط بكل التحذيرات من خطورة لعبته أكان تحت شعار الثوابت الوطنية او الحوار الوطني او شعار الوحدة او شعار مكافحة الإرهاب ! إذن فالحديث عن بعض المفردات – وان كانت تبدو غير مقبولة – صار حديثا ممكنا ، كمفردة ( فك الارتباط ) ، الذي أراه فكا للارتباط بكل ما أساء ويسئ للوحدة الوطنية حتى وان قاد ذلك الى ( انفصال ) وطني بمعنى اصطفاف يقوم على الانتماء للنضال و مكافحة الظلم و الاحجاف و ليس الاصطفاف القائم على الانتماء الجغرافي الجهوي .