القول بانحسار شعار او مطلب فك الارتباط او الانفصال مع اندلاع واستمرار الثورة الشعبية السلمية ، لا يعني البتة التنكر للقضية الجنوبية كقضية سياسية عادلة نشأت بالجنوب بعد حرب 1994م الظالمة ، وهي القضية التي وجدت تعبيرها منذ ما بعد تلك الحرب مباشرة وتجلت بصورتها الواضحة في الحراك الجنوبي المتصاعد منذ 2007م . وتقدم شعار (إٍسقاط النظام) على شعار (الانفصال) جدير بالتقدير والمباركة لان تحت شعار وهدف إسقاط النظام اجتمع الكثيرون بل الأغلبية في عموم مناطق اليمن ولانه تحول الى شعار لكل من اكتوى بنار هذا النظام في الشمال منذ 1978م وفي الجنوب منذ 1990م او بالأصح بعد أشهر العسل الأولى لعهد الوحدة .
وبموازاة شعار وهدف إسقاط النظام ايضا ، تمضي القضية الجنوبية التي تفرضها تلقائية اللحظة التاريخية ومنطق تطور الأحداث ، بل ان الدخول الى زمن ما بعد سقوط النظام يأتي بوابة مثلى هي حل (القضية الجنوبية) ، الأمر الذي لا يعني بالضرورة (الانفصال) او (فك الارتباط) ؛ وان كان من حق اي كان يفكر بذلك ! ولكن عليه ان يحتكم للمنطق وعقلنة وترشيد النضال السياسي.
أرى ان الشعارين يتوأمان في هذه الايام التاريخية المباركة ، ولطالما كان قادة الحراك الجنوبي وانصاره يدعون أبناء المحافظات الشمالية الى الثورة على النظام وهاهي اللحظة قد جمعت الكل في هدف واحد وهو يستوعب كل المطالب بصيغتها العامة او بصيغتها الجهوية .
في هذه الايام كل الوطن جنوب وكل الوطن شمال وبإمكان الجميع ان يستوعب الجميع على طريق التغيير الطويل ، الذي لن تكون لحظة سقوط النظام إلا بداية لهذا الطريق ، كما على الجميع ان يعي ان أعباء من هذه اللحظات التاريخية سترحل الى المستقبل ، والمستقبل القريب ، وهو الأمر الذي يتطلب استيعاب الآراء والرؤى على قاعدة توافق وطني ينشد دولة مدنية حديثة تقوم على المواطنة المتساوية والحكم الرشيد والتوزيع العادل للثروات وكفالة حق التعبير . حينها لن يكون صعباً ان يختار الناس الشكل الذي تقوم عليه الدولة فيدرالية كانت او كنفدرالية او غيرها ، كما يشار اليها من قبل البعض ألان . ان الربيع الذي تبزغ وروده الان في البلاد _ التي ارتوت بالدم ايضاً _ يضع قوى الحداثة والتغيير والتحرر أمام مسئولية كبرى تتمثل في رعاية هذه الورود ونزع الاشواك من حولها لتنمو، ولكي لا تكون القضايا الجهوية او العقائدية او غيرها ، معيقات للتغيير او مدخلاً للنظام الساقط للولوج الى القضايا الخلافية لتفجير اللحظة الثورة الراهنة . [email protected] *