امتداداً لفتاوى التكفير التي استباحت الجنوب أرضاً وإنساناً ؛ أطلق مؤخراً المدعو محمد الإمام – بكل وضاعة ووقاحة تعكس بعده عن الدين وانه من عبدة الدرهم والدينار – فتوى تكفيرية جديدة تكفر كل من ينادي بالاستقلال ... وهو بالتالي يستهدف كل شعب الجنوب بدون استثناء لان كل الجنوبيين مطلبهم واحد وهو استعادة دولة الجنوب ولا غير ذلك ، رضي ذلك التافه والساقط في أوحال وأوساخ السياسة أم أبى ، فلو كان ذلك الناعق عالماً ربانياً بالفعل لما تجرأ على إصدار فتوى تترتب عليها الكثير من المفاسد الوبيلة والأضرار الفادحة التي لحقت وتلحق بأبناء الجنوب والتي لا تستند إلى دليل شرعي واحد وإنما هي مجرد خلجات ومشاعر حقد يكنها ذلك العالم في صدره لأبناء الجنوب ... لكنه عالم سوء ومصلحة يؤثر الدنيا على الآخرة ويسعى إلى أن يكون من أصحاب الحظوة لدى النظام ، فقد روي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (يكون في آخر الزمان عباد جهال وعلماء فساق ) وقال الحسن رحمه الله : ( لا تكن ممن يجمع علم العلماء وطرائف الحكماء ويجري في العمل مجرى السفهاء ) وقال الفضيل بن عياض رحمه الله : ( إني لأرحم ثلاثة : عزيز قوم ذل ، وغني قوم افتقر ، وعالماً تلعب به الدنيا ) ... فبالله عليك يا شيخ محمد الإمام أما تخشى أن يسألك ربك : لماذا استصغرت معاناة الجنوب وما يجري من نهب وفيد وقتل وتشريد و ..و .. و..وهلم جرا ؟ بل بأي وجه تقابل ربك– ومعك الديلمي والزنداني والشيباني وغيرهم ممن كفّر الجنوبيين – وأنت من أعان الظالم وشجع الناهب وحث القاتل وما إلى ذلك من الجرائم الجسيمة التي ارتكبت ومازالت بحق الجنوبيين لأنهم استندوا إلى ما أفتيتم به ، وما تزال عباراتكم الخالدة ( من جهز غازياً فقد غزا ) و( ومن دعا إلى الانفصال كمن دعا إلى الكفر ) شاهدة على تجنيكم العظيم وأفككم المبين على شعب بأكمله ... بل أن وزرك عظيم وحجتك ضعيفة وإلا لما وجهت سهامك الحادة وكلماتك الغادرة إلى الجنوبيين أكثر من مرة وأدرت ظهرك لجرائم النظام في الشمال والجنوب على حد سواء وغضضت الطرف عما يحدث من فساد مالي وإداري يشيب لهوله الولدان ، ولا أظنك تجهل الفضيحة التي نشرتها العديد من وسائل الإعلام المحلية حول توجيهات وزير الدفاع إلى قائد الحرس الجمهوري والتي تقضي بصرف مرتبات حراسات الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر ولعدد (314) ضابط وصف وفرد الموقفين – بحسب مذكرة وزير الدفاع المؤرخة بتاريخ : 3/9 / 2012م – منذ شهر فبراير 2011م وحتى مخاطبة وزير الدفاع وتوجيهه قائد الحرس احمد علي بالصرف ، ومعلوم أن الصرف لا يكون إلا من بيت مال المسلمين ( خزينة الدولة ) ، بينما هناك آلاف - إذا لم يكونوا ملايين – من الجياع والمشردين والمتسولين وأصحاب الحاجة والفاقة... فأين أنت يا شيخ – يا من يأكل بفتاواه ولا تأكل الحرة من ثدييها – من هذا الفساد المستطير والظلم الوخيم؟!!.. ورب الكعبة انك – وغيرك من العلماء والمشائخ - مسئول أمام الله عن صمتك المطبق إزاء كل ما يحدث في اليمن من فساد وظلم وجرائم!!.. وحقيقة أنا أعجب كل العجب من موقف اتحاد علماء المسلمين والمجمع الفقهي الذي يتبع منظمة المؤتمر الإسلامي والأزهر الشريف وهيئة كبار علماء السعودية وغيرها من الجهات التي أخذت على كاهلها أمر الإفتاء وترشيده كيف لها أن تصمت وتتجاهل ما يتعرض له شعب الجنوب المسلم كابر عن كابر من فتاوى تكفيرية منذ اجتياح الجنوب عسكريا في 1994م وحتى يومنا هذا، فالأمر لا يخص الجنوبيين وحدهم بل كل مسلم لان اللعب بالفتاوى وتسخيرها لخدمة المصالح السياسية الدنيئة يعد استهتاراً بالدين وتساهلاً بضوابط الفتوى ، ولا يخفى عليهم حال السلف الصالح مع أمر الإفتاء ، فقد روي أن (عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: أدركت في هذا المسجد مئة وعشرين من أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- ما أحدٌ يُسألُ عن حديث أو فتوى إلا ودّ أن أخاه كفاه ذلك) ، فما بال أقوام يدعون العلم اليوم، يُقدِمون على الجواب في مسائل لو عرضت على ابن الخطاب - رضي الله عنه- لجمع أهل بدر واستشارهم ؟ ... فأين علماؤنا ومشائخنا اليوم من السلف الصالح الذين كانوا يصدعون بالحق ولا يخشون في الله لومة لائم فقد (قال عبد الرزاق : قدمنا مكة وقدمها الذي يقال له المهدي ، فحضرت الثوري وقد خرج من عنده وهو مغضب فقال : أدخلت آنفا إلي ابن أبي جعفر ، فقال لي : يا أبا عبد الله ، طلبناك فأعجزتنا فأمكننا الله منك في أحب المواضع إليه ، فارفع إلينا حوائجك ، قال : فقلت : وأي حاجة تكون لي إليك وأولاد المهاجرين وأولاد الأنصار يموتون خلف بابك جوعا ؟ فقال لي أبو عبيد الله: يا أبا عبد الله لا تكثر الفضول واطلب حوائجك من أمير المؤمنين، فقلت: مالي إليه من حاجة، لقد اخبرني إسماعيل بن أبي خالد أن عمر بن الخطاب – رضي الله عه - حج فقال لصاحب نفقته : كم أنفقنا في حجنا هذا ؟ قال : اثنا عشر دينارا، قال: أكثرنا ، أكثرنا ، أو قال: أسرفنا ، أسرفنا، وعلى أبوابكم أمور لا تقوم لها الجبال الراسيات. قال فقال لي ابن أبي جعفر: يا أبا عبد الله ، أفرأيت إن لم اقدر أن أوصل إلى كل ذي حق حقه فما أصنع ؟ قال: تفر بدينك وتلزم بيتك وتترك الأمر ومن يقدر أن يوصل إلى كل ذي حق حقه، قال فسكت، وقال لي أبو عبيد الله : أراك تكثر الفضول ، إن كانت لك حاجة فاطلبها وإلا فانصرف، قال فانصرفت )؟!!