إن النضج الثوري الذي أضحى عنوان المرحلة الآنية من مسيرة شعبنا التحررية إنما يعكس الوعي المتنامي لدى الشباب بأهمية هذه الحقبة التاريخية الحاسمة من عمر ثورتنا المباركة والتي استطاع فيها الشباب إن يكسروا الصمت والتجاهل الإقليمي المتعمد وان يخلقوا بالمقابل التعاطي والتفاعل الايجابي و يكسبوا التعاطف الدولي مع حركة مدنا الثورية التي أراد الإعلام العربي التعامي عنها كونها ملهمة الربيع العربي وثوراته ، و ماهو اكبر من ذلك ، إن ذلك الوعي المُقرن لحماسة وشغف التحرر والاستقلال في نفوس أولئك الشباب والثوار قد فرض نظرية أدبيات التعامل الداخلي والخارجي مع القضية الجنوبية وابتدع مخرجات حلها النهائي الذي صار لزاما فرضيا ومقنعا في نفس الوقت لكل من أراد الدخول في معمعة ومضمار معتركها كلاعبا أو حكما ، لهذا قد لا يكون مستغربا اليوم تغير موقف العديد من القوى واللاعبين تجاه الثورة الجنوبية بل انه على العكس نتاجا للواقع المفروض على الأرض والميدان وتماشيا صحيحا مع المعطيات التي غيرت موازين القوى ورضوخا حتميا للوهج الثوري، والتي ارتقت فيه بمواقفها هذه سلما متقدما ومرموقا اكسبها التأييد والتعاطف الشعبي الجماهيري في الشارع الجنوبي كما ارتقى بها أيضا من مربع الشك الى خانة اليقين المتنامي في الوقت الذي تتلقى فيه قوى أخرى استهترت بذلك الوعي الشبابي والنضج الثوري أقسى ضربات ردود الفعل الجماهيري الملتهب والتي كانت يوما ما تحت كنفة وضلال التأييد المرحلي الذي خسرته وسقطت في غياهب عتمة التخوين ومستنقع الخيانة والى الأبد .