لا يختلف اثنان على أن القضية الجنوبية توازي بعدالتها القضية الفلسطينية ، فهناك شعب يرزح تحت نير احتلال متخلف همجي اغتصب الأرض ونهب الثروة ، ومارس بحق البشر صنوف القهر والإذلال ومصادرة الحقوق ، حتى ضاق الجنوبيون ذرعاً بالظلم والحيف اللذان لحق بهما ولم يسلم منهما احد البتة ، وهو الأمر الذي فجرها ثورة عارمة اجتاحت كافة قرى ومدن الجنوب بدون استثناء ، وما يزال العمل الثوري متوقداً ويغلي كالمرجل في الجسد الجنوبي ولن تهدأ أو تستكين النفوس حتى استعادة الدولة التي بها تستعاد الكرامة والعزة للجنوبي وتسترد الحقوق لأصحابها الذين تعرضوا للظلم والإجحاف ... ولكن ما يبعث الحسرة والألم هو ما نراه اليوم من تصدع الصف الجنوبي والانقسامات الحادة بين قيادات الحراك الجنوبي وعدم استطاعتها الوصول إلى رؤية موحدة رغم كثرة المؤتمرات التي عقدت في أكثر من عاصمة للغرض ذاته ، وهذا يعكس – وأقولها بكل حسرة وألم – أنانية تلك القيادات وإيثارها لمصالحها الشخصية على المصلحة الوطنية العليا وإلا لكانت توصلت ومنذ وقت مبكر إلى صيغة جامعة تستطيع أن تلم الشمل وتنهي الانقسامات والتباينات التي من شأنها أن تؤثر سلباً على مسار ثورتنا المجيدة ، لاسيما وأن الهدف الذي يكافح ويناضل من اجله الجميع واحد وهو التحرير والاستقلال ، إذاً فلماذا الاختلاف والتباينات يا قادة الحراك طالما والهدف واحد ؟!!..فمن العيب أن تظل تلك القيادات حجر عثرة أمام أي جهود ترمي إلى توحيد الصف من خلال تمسك كل فريق منها برؤيته وشروطه وعدم تقديم أي تنازلات للآخر لاسيما وان العالم قد أبدى تفهماً لقضيتنا ويشترط لمساعدتنا تقديم رؤية موحدة تجمع عليها مختلف قوى وتيارات الحراك المؤمنة بحق الشعب الجنوبي في استعادة دولته ، وحقيقة الآن الكرة في مرمى قيادات الحراك ولا ندري ما الذي يمنعهم من المتوصل إلى رؤية موحدة ؟!!.. عليهم بالفعل إن كانوا وطنيين ويغلبوا مصلحة الوطن على ما سواها أن يسارعوا وفي أسرع وقت ممكن إلى نبذ الخلافات والتباينات والعمل بروح الفريق الواحد من أجل الجنوب وقضيته العادلة ، نزولاً عند رغبة الشارع الجنوبي الذي ينتظر على أحر من الجمر اللحظة التي يسمع فيها خبر توحد القيادات الجنوبية التاريخية :حيدر أبو بكر العطاس وعلي سالم البيض وعلي ناصر محمد وعبد الرحمن الجفري وغيرهم، بل وتقديراً وإجلالاً للتضحيات الجسام التي قدمها الجرحى والمعتقلون والشهداء الذين وهبوا أرواحهم ودمائهم الزكية رخيصة من اجل الوطن : رحم الله معشر الشهداء / وجزاهم عنا كريم الجزاء / وسقى النعيم منهم ترابا / مستطاباً معطر الأرجاء / لم أجد الرجال أعلى وساما / من شهيد مخضب بالدماء ( محمد العيد ) ... فهل ستفعلها تلك القيادات وتسارع إلى التوحد ونبذ الخلافات ؟!!