كنت اعتقد ان تضحيات الشهداء الابطال اكبر وسيلة لتطهير النفوس وتهذيب السلوكيات وغرس قيم الوطنية والإيمان والتضحية , وان الدماء الزكية التي امتزجت في ارض الجنوب الطاهرة قد علمت هواة الذات والأنانية معاني ومفاهيم النضال وأدبياته وأخلاقياته , ولكن يبدوا ان النفوس العقيمة عاجزة عن الاستقامة والصلاح , لست هنا ضد احد معين ولا طرف ولا جهة معينة ولست بصدد هنا التقييم او التصنيف فكل فرد تصنفه افعاله وممارساته وما يقدم للثورة سلباً او إيجابا , ولكنني اتحدث عن ظواهر عامة تعاني منها ثورتنا السلمية وتعد بمثابة ارهاصات تنبئ عن مصير مجهول وغير آمن للثورة , وارى بان الصمت عنها جريمة بحق الوطن والثورة و انا هنا لا اعتبرها وجهة نظر ولا موقف بل أمانه وطنية تعبر عن فكر الشعب وضمير الثورة ومصلحة الوطن التي يجب علينا الاخلاص له والدفاع عن ثورته وان لا نشارك في تنفيذ وممارسة سياسات الاحتلال وقوى الظلام التي تسعى لتدمير ثورتنا والقضاء عليها . التخوين والتشكيك في هذه الظروف العصيبة والمرحلة الخطيرة التي تمر بها الثورة لا يصدر الا من الذين يعانون من عقدة نقص و على كل من اسرف بحق الوطن والثورة ان يعود الى رشده فالشعب اليوم اكثر وعياً و إداركاً بما يحيط بثورته من مخططات وأجندة ومؤامرات , ونقول لكل الذين يمكرون انكم مهما زينت لكم نفوسكم جرمكم بحق الوطن والثورة , ومهما اعماكم جهلكم عن عواقب اعمالكم ومخططاتكم وممارساتكم . ومهما مكرتم وأظهرتم مثاليتكم فلن تستمروا خلف الاقنعة المزيفة , اعلموا ان ثورة الجنوب نقية طاهرة لا تقبل الا الانقياء المخلصين ولا مكان لكم فيها إلا اذا كنتم بنقائها وطهارتها , لقد خرج شعب الجنوب الى ساحات النضال السلمي يحطم قيود الاحتلال ويعلن عن ميلاد عهد جديد تصنعه الدماء الزكية والأرواح الطاهرة التي تقدمت الصفوف سبقت افعالهم اقوالهم لم يبحثوا عن مغانم او مكاسب شخصية بل كان هدفهم اعلاء الوطن وانتصار ثورته وان كانت ارواحهم ودمائهم ثمناً للكرامة الوطنية وحرية الشعب العظيم .. النضال قبل ان يكون تضحية فهو تهذيب وتقويم للأخلاق والسلوك وتنمية الروح الوطنية وتحرير النفس من التبعية والاهواء قبل تحرير الوطن من الاحتلال , والنضال ايضاً قدوة وتأثير وفكر وإيمان والتزام وثبات على طريق الحق ونكران للذات , ولا تنتصر الثورات الا بنبل وسائلها وإخلاص المؤمنين بها . وثورة الجنوب بحاجة الينا جميعاً فلنقف صفاً واحداً , يجمعنا حب الوطن والتضحية من اجله ولا نخدم اعداء الثورة ببعض الممارسات الخاطئة ,على كل فرد منا او جماعة ان نعترف بأخطائنا ونصححها قبل ان نندم , فما نملكه اليوم قد لا نملكه غداً فلا نجعل الثورة وأجيال الجنوب القادمة تدفع ثمن اخطائنا , فهل نكون عند مستوى التحديات ؟.