يحتفل أبناء الجنوب اليوم الخميس 23 مارس بالذكرى العاشرة لانطلاق مسيرة الحراك السلمي الجنوبي ، والتي أشعل جذوة فتيلها ثلة من المتقاعدين العسكريين انطلاقاً من مدينة الضالع التي أعلن فيها عدد كبير من الضباط الجنوبيين المسرحين قسراً في ال"24" مارس 2006م تشكيل أول نواة للعمل السياسي والجماهيري في الجنوب ، لينطلق بعد ذلك مارد الحراك الجنوبي الذي جرى تدشينه الرسمي في ال"24" من العام 2007م من ساحة العروض والتي شهد فيها الجنوب تحولاً كبيراً في مسار نضاله التحرري ليشمل كافة مدن وبلدات الجنوب .. عشر سنوات انقضت من مسيرة الحراك الجنوبي قدم خلالها الجنوب قافلةً طويلةً من الشهداء والجرحى الذين طالتهم رصاصات الغدر والإجرام سقطوا خلال فعالياتهم السلمية التي لم تتوانى قوات نظام المخلوع صالح آنذاك من التصدي لها وتوجيه فوهات أسلحتها وآلات القتل والقمع إلى صدور المشاركين في تلك الفعاليات السلمية ، ولم تنجح في صدهم وإثنائهم عن مواصلة طريق ثورتهم السلمية فكانوا يتسابقون للشهادة واحداً تلو الآخر ، مجسدين بتلك المشاهد أروع الأمثلة في الصمود والتضحية والتمسك بالنضال السلمي الذي اختاروه طريقاً لنيل حقوقهم وانتصار ثورتهم والمتمثل باستعادة دولتهم الجنوبية وهو الهدف الذي سقط في سبيله آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين والمشردين والمبعدين عن وظائفهم .. الجنوب يحتشد في الضالع اليوم الخميس يتقاطر الآلاف من أبناء الجنوب صوب مدينة الضالع التي احتضنت أول لقاء للنواة الأولى لجمعية المتقاعدين العسكريين في العام 2006م للاحتفاء بذكرى الانطلاقة العاشرة للحراك الجنوبي وإيصال رسالة واضحة الدلالات والمعاني إلى المجتمع الدولي تؤكد تمسك الجنوبيين باستعادة دولتهم الجنوبية وترسل رسالة شكر وتقدير للأشقاء في التحالف العربي . الداعري : لنجعل من المناسبة محطةً للمراجعة والتقييم العميد "قاسم الداعري" - هو قيادي في الحراك الجنوبي، وعضو هيئة رئاسة مجلس تنسيق جمعية المتقاعدين والمسرحين قسراً من العسكريين والمدنيين الجنوبيين - دعا إلى : " جعل هذه المناسبة والذكرى الغالية على شعب الجنوب محطةً للمراجعة والتقييم الذاتي على مستوى الجنوب بكل أطيافه وألوانه في الداخل والخارج ، وأخص بالذكر الحراك الجنوبي لتقييم السلب والإيجاب والتخلص من عقد الماضي والحاضر ولعنة الذاتية والعصبية المقيتة والارتقاء بالعمل الإيجابي الملموس إلى مصاف الحدث الجنوبي هذا، وتضحيات شعب الجنوب الجسيمة التي كلفته الغالي والنفيس وهي دماء أغلى وأعز من أنجبتهم تربة الجنوب ، والمعاناة في كافة الأصعدة والميادين " . وطالب "الداعري" في تصريح ل"الأمناء" : " أن تكون هناك وقفة مراجعة شاملة من شأنها وثمارها أن توحد الصف الجنوبي والارتقاء به إلى مستوى المسؤولية أمام الله أولاً وأمام ضمائرنا وشعبنا ثانياً لتحقيق ما يتطلع إليه شعب الجنوب في استعادة دولته كاملة السيادة بحدود عام 1990 م ، وأرجو أن يتم فتح صفحة جديدة يرسمها شعب الجنوب ويحدد فيها تطلعاته وآماله من شراكة كاملة متكاملة بدون استثناء لكل شعب الجنوب من "حوف" إلى "باب المندب" بعيداً عن الوصاية والشمولية أيّاً كان نوعها - حزبية أو مناطقية أو فئوية - وتحت أي مظلة مما يزعمون دينية أو جنوبية ، وهي في الحقيقة بعيدة كل البعد عن ديننا الإسلامي الحنيف وجنوبنا الحبيب وطموحات شعبنا " . ويستمر النضال والتضحية .. حين دقت طبول الحرب التي أشعل جذوتها المتمردون الحوثيون وحليفهم المرحلي علي عبدالله صالح على الجنوب سارع الجنوبيون زُرافاتٍ وواحداناً للذود عن الأرض والعِرض والدين وقدموا أرواحهم على أكفهم رخيصةً في سبيل دحر العدوان والتصدي لجحافله في جميع المدن وبلدات الجنوب وسطروا أروع الملاحم البطولية في الصمود والتضحية والتسابق على الشهادة لا على المناصب وفتات الدنيا .. خاض أبناء الجنوب معارك غير متكافئة مع عدوهم القادم من أدغال صنعاء وكهوف مرّان الذي يمتلك أسلحة ومعدات حديثة ومتطورة حرص المخلوع صالح على الاستحواذ عليها من معسكرات الدولة وتكديسها في معسكرات خاصة طوال ثلاثة عقود من الزمن ومن ثم تسخيرها لضرب أبناء الجنوب وتهديد أمن وسلامة دول الجوار . ورغم كل ذلك فقد استطاع أبطال المقاومة الجنوبية وبمساندة إخوانهم وأشقائهم في دول التحالف التفوق على العدو وسطروا ملاحم أذهلت العالم وأشاد ببطولاتهم وتضحياتهم الكثير من الساسة والمفكرين الغرب والعرب . آلاف الشهداء سقطوا في ساحات الوغى , قدموا أرواحهم رخيصةً في سبيل عزتنا وحريتنا وكرامتنا , تسابقوا على الشهادة لننعم بالأمن والأمان والحياة الحرة والكريمة , سقطوا في الضالع وردفان والصبيحة وكرش والمسيمير والحوطة وتبن وعدن وأبين وشبوة وحضرموت ومثلهم الآلاف سبقوهم بالشهادة خلال مرحلة الثورة السلمية التي انطلقت في عام 2007 م . اليوم ونحن نتوج انتصاراتنا ونرسم ملاحم جنوبنا الجديد تبرز العديد من التساؤلات لعل أهمها : ماذا قدمنا لأولئك الشهداء ؟ هل حصلت أسرهم على الرعاية والاهتمام من قبل الدولة ؟ فهناك المئات من الشهداء لا يمتلكون أي مصدر دخل لأسرهم التي يعيلونها وباتت هذه الأسر محرومة من أبسط الحقوق بل وتم حرمانها حتى من مواد الإغاثة , والبعض الآخر من الشهداء اضطُر للاستدانة لشراء السلاح والذخيرة . فهناك الآلاف من الأطفال الذين حُرِموا من حنان وعطف آبائهم وآلاف النساء التي ترمّلت وآلاف الأمهات اللاتي فقدن فلذات أكبادهن وخرجن يرددنا الزغاريد والهتافات ويؤكدن الاستعداد لتقديم المزيد من فلذات أكبادهن فداءً لله وللوطن , هناك.. وهناك مآسٍ وأحزان خلفتها تلك الحرب لم تدع قريةً ولا مدينةً في الجنوب إلا وحلت بها .. تُرى هل آن الأوان ليحصل أولئك الشهداء الأبرار اليوم على ما يستحقونه من اهتمام ورعاية لأسرهم التي تركوها ؟ أم إننا سوف نتجاهل تلك التضحيات والدماء التي سالت على محراب الحرية وسنتسابق على المناصب والهِبات والعطايا وكأن الأمر لا يعنينا؟!! ...