مقتل عنصر حوثي بمواجهات مع مواطنين في إب    اليمن تجدد رفضها لسياسة الانحياز والتستر على مخططات الاحتلال الإسرائيلي    برشلونة يتخطى سوسيداد ويخطف وصافة الليغا    مفاجأة الموسم.. إعلامية سعودية شهيرة تترشح لرئاسة نادي النصر.. شاهد من تكون؟    البوم    الرئيس الزُبيدي يستقبل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ونائبه    رونالدو يطالب النصر السعودي بضم لاعب جديد    انخفاض أسعار الذهب إلى 2354.77 دولار للأوقية    شهداء وجرحى جراء قصف جوي ومدفعي إسرائيلي على شمالي قطاع غزة    "وزير الكهرباء يهرب من عدن تاركاً المدينة في الظلام!"    السفيرة الفرنسية: علينا التعامل مع الملف اليمني بتواضع وحذر لأن الوضع معقد للغاية مميز    السعودية: هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    هجوم إسرائيلي كبير على مصر    مباحثات يمنية - روسية لمناقشة المشاريع الروسية في اليمن وإعادة تشغيلها    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    أزمة الكهرباء تتفاقم.. دعوات للعليمي والحكومة بتقديم الاستقالة    الاكاديمية العربية للعلوم الادارية تكرم «كاك بنك» كونه احد الرعاة الرئيسين للملتقى الاول للموارد البشرية والتدريب    احتجاز عشرات الشاحنات في منفذ مستحدث جنوب غربي اليمن وفرض جبايات خيالية    صراع الكبار النووي المميت من أوكرانيا لباب المندب (1-3)    رشاد كلفوت العليمي: أزمة أخلاق وكهرباء في عدن    قيادي انتقالي: الشعب الجنوبي يعيش واحدة من أسوأ مراحل تاريخه    بناء مستشفى عالمي حديث في معاشيق خاص بالشرعية اليمنية    من أراد الخلافة يقيمها في بلده: ألمانيا تهدد بسحب الجنسية من إخوان المسلمين    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    وكالة أنباء عالمية تلتقط موجة الغضب الشعبي في عدن    دموع ''صنعاء القديمة''    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    ماذا يحدث في عدن؟؟ اندلاع مظاهرات غاضبة وإغلاق شوارع ومداخل ومخارج المدينة.. وأعمدة الدخان تتصاعد في سماء المدينة (صور)    صحيفة لندنية تكشف عن حيلة حوثية للسطو على أموال المودعين وتصيب البنوك اليمنية في مقتل .. والحوثيون يوافقون على نقل البنوك إلى عدن بشرط واحد    مارب.. الخدمة المدنية تدعو الراغبين في التوظيف للحضور إلى مكتبها .. وهذه الوثائق المطلوبة    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    تشافي: أخطأت في هذا الأمر.. ومصيرنا بأيدينا    تعيين الفريق محمود الصبيحي مستشارا لرئيس مجلس القيادة لشؤون الدفاع والامن    ميلان يكمل عقد رباعي السوبر الإيطالي    صورة حزينة .. شاهد الناجية الوحيدة من بنات الغرباني تودع أخواتها الأربع اللواتي غرقن بأحد السدود في إب    شاهد.. الملاكمة السعودية "هتان السيف" تزور منافستها المصرية ندى فهيم وتهديها باقة ورد    انهيار جنوني متسارع للريال اليمني.. والعملات الأجنبية تكسر كل الحواجز وتصل إلى مستوى قياسي (أسعار الصرف)    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    رسميًا: تأكد غياب بطل السباحة التونسي أيوب الحفناوي عن أولمبياد باريس 2024 بسبب الإصابة.    باريس يسقط في وداعية مبابي    فساد قضائي حوثي يهدد تعز وصراع مسلح يلوح في الأفق!    رسالة صوتية حزينة لنجل الرئيس الراحل أحمد علي عبدالله صالح وهذا ما ورد فيها    تحرير وشيك وتضحيات جسام: أبطال العمالقة ودرع الوطن يُواصلون زحفهم نحو تحرير اليمن من براثن الحوثيين    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    بدء اعمال مخيّم المشروع الطبي التطوعي لجراحة المفاصل ومضاعفات الكسور بهيئة مستشفى سيئون    المركز الوطني لعلاج الأورام حضرموت الوادي والصحراء يحتفل باليوم العالمي للتمريض ..    وفاة أربع فتيات من أسرة واحدة غرقا في محافظة إب    لو كان معه رجال!    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    بسمة ربانية تغادرنا    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن وألمانيا.. بين جدار برلين وبراميل التشطير
نشر في حياة عدن يوم 25 - 10 - 2009

span style=\"color: #ff0000\"حياة عدن/ الصحوة / يحيى اليناعي

المهم هنا، قراءة التجربة الألمانية بتمعن وتيقظ..كيف استطاع هذا البلد بعد عشرين عاماً من العمل الدؤوب، وبرامج دمج وتخطيط عميقة وضخمة، والتزام صارم بالدستور والقانون، أن يحافظ على وحدته، بل وينتقل منها إلى تأسيس الاتحاد الأوروبي.
ونقارن كيف تتصرف السلطة في بلادنا الضعيفة التخطيط والقدرات والمُقادة بالعواطف لا بالقرارات
العقلانية، في تهديد الوحدة لنا أن ننظر كيف يسعى البعض بقصر النظر وتضييع الوقت لتكريس الانقسام ومحاولة خلق جغرافيات وسياسات وثقافات منفصلة تماماً عن الثوابت الوطنية.. فيما الألمان كرسوا الاندماج الاجتماعي بصورة تبعث على الاعتزاز.
كان جدار برلين في جمهورية ألمانيا الاتحادية من أشهر الجدران العازلة في العالم، وقد تزامن إنشاؤه مع بلوغ الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي والشيوعي ذروتها.
تم بناء جدار برلين في 1967م ليعزل الجزء الغربي من ألمانيا عن الجزء الشرقي، وقد شق الجدار العمارات وفصل بين المنزل وحديقته، وبين الصديق وحميمه، وبين الأب وابنه، والمعلم وتلامذته، و ظل الجدار قائما طيلة 21 سنة وثلاثة أشهر، حيث تم تحطيمه يوم 9 نوفمبر1989م وتوحد الشطرين في الثالث من أكتوبر 1990م، وهو العام الذي توحد فيه شطري اليمن.
ويكشف طول وارتفاع وصلابة الجدار، والحراسة التي أحاطت به، مدى اتساع الفجوة التي كانت قائمة بين الشطرين، وحجم الأزمة والعداوة المستحكمة بين نظاميهما، فقد بلغ طول جدار برلين 165.7 كلم مع 210 قلعات تضمن مراقبة المتسللين، ووضعت على بعض أجزائه أسلاك شائكة يبلغ طولها 55.4 كلم، وكان ارتفاعه 3.2م، وأنيط بحراسته على مدار الساعة 14 ألف شخص معززين ب600 كلب بوليسي، وخلال تاريخ الجدار قتل 239 شخصا وجرح 260 شخصا من المتسللين، وهذا يعطي دلالة واضحة على أن ثمن الانفصال كان وما يزال باهضاً ومكلفاً سواء على المستوى المادي أو البشري.
حالياً وفي الثالث من أكتوبر من كل عام تحتفل ألمانيا الاتحادية بيوم إزالة هذا الجدار البغيض.. الجدار الذي سقاه الألمان بالدمع طوال 28 سنة من بقائه، رافضين واقع المدينة المقسمة، وكان لهم في مقاومته أحداثاً مؤلمة تحولت إلى قصص وروايات وأفلام، وصار جزءاً من تراث الأمة الألمانية، كما يقول كاتب ألماني.
لقد تم إزالة الجدار الذي كان يجثم على صدر الألمان، وصارت أجزاؤه مجرد لوحات للذكرى.. سقط جدار برلين إلى الأبد.. هكذا يقول الألمان، كل الألمان، ولم يتبق منه غير أجزاء تم الاحتفاظ بها للذكرى واجتذاب السياح في بعض مناطق برلين، وغمرت ملايين الشظايا الملونة من الجدار معظم المدن، والتي تباع للسياح بكثرة في العاصمة الألمانية..ويبدو أن هذا هو كل ما تبقى من الجدار في أذهان الألمان الغربيين والشرقيين على حد سواء، المؤرخة الألمانية «كامبهاوزن» ذكرت في مناسبة الذكرى 46 لبناء جدار برلين أن «لا أحد يسأل عن الجدار غير السياح، فالجدار سقط من أذهان الألمان منذ سنوات طويلة».
span style=\"color: #ff0000\"عوامل النجاح
بعد أن سقط جدار برلين وتوحد شطرا ألمانيا، تحول الألمان إلى ماكينة عمل للبناء وإحراز التقدم و النهضة التي تلبي تطلعاتهم، وكان في المقدمة القادة السياسيين الذي تركوا مصالحهم الشخصية، ورفضوا ثقافة التمجيد والملق التي هي أساساً لا تبني الأوطان ولا تحقق نهضة الشعوب، واتجهوا صوب العمل، العمل الجاد والمثمر، والتزموا بالتداول السلمي للسلطة والنهج الديمقراطي، وحكموا واحتكموا للدستور والقانون، ولم يشتتوا جهودهم في محاربة المعارضة وتفريخ الأحزاب، و قمع منظمات المجتمع المدني، وتسخير الدولة ومواردها في خدمة الفرد الحاكم..حتى تعززت الوحدة الوطنية ووصلت ألمانيا إلى ما هي عليه اليوم من قوة ونهضة وتنمية ورخاء.
وفيما يخص المحافظة على الوحدة الوطنية وتمتين النسيج الاجتماعي فقد شعرت ألمانيا منذ البداية بالثغرة التي تنخر جدار مجتمعها في هذا الشأن، فلجأت إلى أسلوب جديد لدمج العناصر الاجتماعية في بعضها، وحاولت الاستفادة من تجارب الدول في سياسة الاندماج، وقامت بإيفاد العديد من الموظفين من ذوي الاختصاص في عملية التطوير الاجتماعي للتعرف على تلك التجارب ومن ثم صياغة نهج خاص بالاندماج الذي صار يؤرقهم.
وإلى هذه اللحظة فإن عملية الاندماج بين شرق ألمانيا وغربها تعتبر من أهم الأهداف السياسية المعلنة للحكومة الألمانية الاتحادية، ومنذ عودة الوحدة الألمانية في العام 1990 تم تحقيق خطوات كبيرة في العديد من المجالات على طريق مساواة ظروف ومستويات المعيشة، فعلى سبيل المثال لا يكاد يوجد اليوم أية فوارق تذكر بين الشرق والغرب في مجالات التعليم والصحة، كما تنتمي قطاعات النقل والاتصالات في شرق ألمانيا إلى الأحدث في العالم، وكذلك الأمر في القطاعات التقنية المستقبلية كالطاقة وتقنيات البيئة التي تحقق في شرق ألمانيا نجاحات كبيرة متتالية.
إلا أن عملية البناء الداخلي لألمانيا الموحدة تعتبر أيضا من مسؤوليات المجتمع المدني، ولهذا السبب يمنح المركز الألماني الاتحادي للتثقيف السياسي في كل عام «جائزة الوحدة – الجائزة الشعبية للوحدة الألمانية» ويتم منح هذه الجائزة إلى أفراد ومشروعات تعمل بشكل ابتكاري فعال من أجل تدعيم أسس الوحدة الألمانية، وتسعى من خلال أفكارها ونشاطاتها إلى تضييق الفجوة بين شرق البلاد وغربها وتحقيق المزيد من الاندماج.
ولهذا فإن العالم لم يشهد ولو ألمانياً واحداً خرج إلى الشارع رافعاً علم ألمانيا الشرقية أو الغربية، مطالباً بإعادة الجدار وفك الارتباط، وحتى تلك المظاهرات التي تخرج في برلين وغيرها من المدن بالآلاف فإن أياً من منظميها لم يفكر يوماً أن يطالب بحقوقه تحت لافتات غير سوية تدعو لعودة الجدار والتشطير من جديد، وهذا مؤشر مهم على مدى نجاح النظام في إدارة البلاد والعباد وتكريس الانتماء للوطن الواحد، وعلى مدى وعي المواطن الألماني الذي يدرك جيداً أن العودة إلى الوراء والمناداة بالتشطير عمل أهوج لن يرد له حقاً أو يحقق له مطلباً، ناهيك عن أنه لا يستقيم مع ما ينبغي عليه من واجبات تجاه مجتمعه ووطنه.
span style=\"color: #ff0000\"قراءة التجربة الألمانية
المهم هنا، قراءة التجربة الألمانية بتمعن وتيقظ..كيف استطاع هذا البلد بعد عشرين عاماً من العمل الدؤوب، وبرامج دمج وتخطيط عميقة وضخمة، والتزام صارم بالدستور والقانون، أن يحافظ على وحدته، بل وينتقل منها إلى تأسيس الاتحاد الأوروبي.
ونقارن كيف تتصرف السلطة في بلادنا الضعيفة التخطيط والقدرات والمُقادة بالعواطف لا بالقرارات العقلانية، لنا أن ننظر كيف يسعى البعض بقصر النظر وتضييع الوقت و تكريس الانقسام، ومحاولة خلق جغرافيات وسياسات وثقافات منفصلة تماماً عن الثوابت الوطنية.. فالخراب الذي سيحدثه الانقسام لا يقدره القائمون عليه، ولا يدركون أنهم يلعبون بالنار، سواء كان ذلك من السلطة أو غيرها.
ولنا أن نتخيل فظاعة التدهور والتقهقر نحو الانقسام مرة ثانية، بسبب الفساد الممنهج وجنوح أصحاب المشاريع الصغيرة للانفصال، وعدم التيقظ لتأسيس دولة موحدة قوية تقوم على مرتكزات سليمة.
الدرس الألماني في الانقسام والتوحد بالغ العظة، مليء بالمرارات والعبرات، لكنه كغيره من الدروس يحدث كأنما يحدث على كوكب آخر، ففي بلاد اليمن اكتفاء بعبقرية الذات، حد الإدعاء بأننا سنعلم العالم كيف يتوحد ويتغلب على الانقسام والتشظي!! هذا عن ألمانيا.. فماذا عن اليمن؟!
span style=\"color: #ff0000\"الحنين إلى البراميل!
أما في اليمن، فقد تم إزاحة براميل التشطير في العام الذي توحدت فيه ألمانيا، وتحقق لليمانيين الحلم الذي طالما روادهم، إلا أن شبح عودة تلك البراميل لا يزال يشكل هاجساً انشطاريا يبعث على القلق.
وعلى الرغم من أن اليمن بعد إزالة البراميل، صارت بلداً ممتدة حتى الأفق بتحقيق هذا المنجز، إلا أن منغصات الإدارة والحكم، فالاستبداد السياسي وتسلط الفرد، وتحويل الديمقراطية إلى ديكور لتجميل السلطة، إضافة إلى الركام الذي تركته السياسات الاقتصادية الخاطئة والشعور المؤلم الذي يعقبها عادة.. كان بمثابة الشرارة الأولى التي أفضت إلى زعزعة الوحدة والوطن بأكلمه، والتمهيد لإدخال البلد في أتون أزمات وصراعات مريرة، صرنا نشهد نذرها الكارثية اليوم على أكثر من جبهة وفي أكثر من منطقة.
وفي ظل هذه الأوضاع المتأرجحة لم يعد بمقدور أحد الجزم بأن اليمنيين يجمعون بأن « براميل التشطير انتهت وإلى الأبد» في ظل الأزمات التي تعصف بالبلاد يمنة ويسرة، والتي أتاحت لأصحاب المشاريع الصغيرة والأهواء الشخصية الطامعة أن تنخر وتنهش بوحشية في جسد الوحدة الوطنية، وتزعزع النسيج الاجتماعي والوفاق الشعبي، وتغرر على الكثير من أبناء الوطن البسطاء، وتدفعهم للحنين إلى عهود البراميل وزمن التشطير البغيض، بعد أن جعلت منهم وقود لحرائقها مع النظام في معركة غير سليمة المقصد والوجهة، ولن تؤدي في النهاية إلا إلى مزيد من البؤس والخراب والدمار.
الفرق بيننا وبين الألمان، أن وحدتهم تترسخ يوماً بعد آخر في الوجدان الجمعي للشعب، لأنهم اصطفوا، قادة ومواطنين، منذ الأيام الأولى للوحدة وانطلقوا لبناء بلدهم بتفانٍ كبير، وتجاوزوا عقدة التمجيد للوحدة وصانعيها بالأقوال الممجوجة، واحتفوا بوحدتهم بالطريقة السليمة، بالإنجاز والفعل وتطور الأداء، بينما نحن اكتفينا بالتمجيد، ولا شيء غير التمجيد، بعد أن اختزلنا الوحدة في شخص الحاكم، واعتبرنا تحقيق الوحدة أعظم المنجزات ولم نصنع لبلدنا بعدها شيء، وكأن دورة الزمن توقفت عند هذا الفعل، ثم تفرغ البعض بعدها للجدل العقيم حول من كان له الدور الأبرز في تحقيق الوحدة» فلان أم علان؟».
وأضعنا فرصة كانت بين أيدينا لبناء يمن موحد قوي، فقد كان بالإمكان أن تشهد اليمن تحولات نوعية على كل المستويات، على صعيد التنمية، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية والشعبية، وتجسيد مبدأ الشراكة في تحمل المسئولية الوطنية، وحرية الرأي والتعبير، وحقوق الإنسان والارتقاء بنظام الحكم المحلي، باعتبار الديمقراطية الشوروية التي تحترم إرادة المواطنين، قولاً وعملاً، مدخلاً لصناعة التحولات الكبرى في حياة الشعوب.
وكان بإمكاننا كيمنيين أن نحتفل بأعياد الوحدة، ونحن أكثر تماسكاً ونماءً، ونتوج جميعاً مسيرة طويلة من النضال والتضحيات الجسيمة والسخية التي قدمها أبناء الشعب من مختلف مناطق الوطن على دروب التحرر من إرث الماضي المتخلف، وأن يصبح الحلم حقيقة على أرض الواقع في أن يكون اليمن السعيد سعيداً بالفعل، وأن تكون السلطة بيد الشعب، وأن يكون الحاكم خاضعاً لإرادته، وأن تشهد اليمن تداولاً حقيقياً للسلطة استنادا إلى انتخابات حرة ونزيهة ليس لأحد أن يتحكم في تسييرها أو التأثير على نتائجها.
وأن تكون أعياد الوحدة محفزاً للانطلاق صوب تحقيق أهم التحولات الكبرى سواء في المجالات السياسية والاقتصادية أو التنموية والثقافية والاجتماعية، لا أن تتحول هذه الأعياد إلى ذكرى موسمية لتمجيد الحاكم والرقص على جراحات الشعب.
هي معاول الفساد بشتى أنواعه إذن من يدك جسور الوحدة، ويزلزل كيانها داخل النفوس، ويفتح الباب واسعاً أما كل طامع لتحقيق نزواته الشخصية، غير أن هذا لا يعد مبرراً للمواطن الذي يندفع للانتقام من الوحدة، ويجهر بصوته منادياً بعودة البراميل وزمن التشطير البغيض، وكأنما الوحدة هي عدوه الأول.
من المفترض ألا يكون المواطن أداة طيعة في يد الفساد وأصحاب المشاريع الصغيرة الطامعة، لأن الوقوف مع الفساد والمطالبة بالانفصال وجهان لعملة واحدة، والأمران سيزيدان الأوضاع تعقيداً ويجران على الوطن والمواطن الكثير من الويلات والدمار، ولا سبيل غير التغيير عبر النضال السلمي الواعي، الذي لا يهادن الظلم ولا يضر بمصالح البلد.
span style=\"color: #ff0000\"أدوار الزعماء في تمتين عرى الوحدة
في أرض مقسمة ظللتها الحرب الباردة كانت لرجل ألماني واحد رؤية، فقد وحّد ألمانيا المقسمة مواجهاً كل التحديات، ووضع الأسس للاتحاد الأوروبي، إنه «هيلموت كول» الزعيم الألماني الذي وحد بلده، وصار متحمساً ومصمماً على تبديل وجه أوروبا، وأتت إنجازاته في السياسة الأوروبية منقطعة النظير.
وهو الذي قاد عملية تعويض اقتصادي ضخمة في الشطر الشرقي من الدولة الموحدة للنهوض بمؤسسات ألمانيا الشرقية، وإدماجها في إطار الدولة الألمانية الموحدة والمتقدمة في المجالين الاقتصادي والتكنولوجي بفارق كبير، ولقد نجح الرجل في مهمته إلى حد كبير، حيث استطاع إدماج الاقتصادين القائمين في شطري البلاد بعد تحقيق الوحدة، وتمكن من نقل ألمانيا إلى صفوف الدول الأوربية المتقدمة.
وحين جاءت الانتخابات العامة في العام 1998م، غادر « كول» قصر الرئاسة بهدوء كبير، بعد هزيمته أمام جيرهارد شرودر، وأصبح مواطناً ألمانياً شأنه شأن بقية أبناء الشعب.
وقتها لم يفكر « كول» بدفع الشارع الألماني للتظاهر ولطم الخدود والتباكي على مصير ألمانيا بعد تنحيته من الرئاسة، لم يقل الألمان» لمن ستتركنا يا كول، من لنا غيرك، ما فيش غيرك بديل».
كما أن «كول» ذاته لم يخرج على وسائل الإعلام بعد أن تأكدت هزيمته للقول « يا أنا يا العودة إلى عهد النازية» ولم يلبس البزة العسكرية لهتلر مهدداً بإحراق برلين من جديد، كما لم يسعى لتخوين شرودر واتهامه بالعمالة والعمل ضد مصلحة البلد كالقول ب» أن فوز شرودر سيعيد جدار برلين وتعود ألمانيا مقسمة كما كانت من قبل، وبأن ألمانيا ستتصومل ويتحارب الألمان من باب لا باب ومن طاقة لا طاقة».
لم يفعل «كول» هذا، ولم يقل بأنني صانع الوحدة وباني نهضة ألمانيا الحديثة ولا بد من إكمال المشوار حتى آخر لحظة، بل ذهب إلى منزله خالي الوفاض، إلا من مرتبه التقاعدي.
span style=\"color: #ff0000\"«هونيكر» والمطالبة بإعادة الجدار
أما رئيس ألمانيا الشرقية من 1971 حتى 1989»إريك هونيكر» فبعد توحيد البلاد أدانه القضاء ب»القتل» لإعطائه الأوامر لحرس الحدود أثناء حكمه قبل الوحدة بإطلاق الرصاص على مواطني ألمانيا الشرقية أثناء محاولتهم الهرب إلى ألمانيا الغربية، وفي عام 1991 نقل المسئولون السوفييت «هونيكر» إلى مستشفى بالاتحاد السوفياتي «السابق» للعلاج من السرطان، وقد طلبت الحكومة الألمانية عودته، لكنه ذهب إلى المنفى في تشيلي وبقي فيها إلى وفاته هناك عام 1994م.
إلا أن اللافت في الأمر أن «هونيكر» لم يطل على شاشات التلفاز من المنفى مطالباً بفك الارتباط ، وإعادة جدار برلين، وحق تقرير المصير، وكأنما ألمانيا الشرقية إقطاعية ورثها عن أجداده، كما أنه لم يدعُ شرقيي ألمانيا إلى الكفاح المسلح لإعادة الحق المغتصب وتحرير الشرق الألماني من نير استعمار الغرب الألماني الذي صادر الأرض وعاث في الأرض فسادا.
لم يفعل» هونيكر» هذا لأن القادة الألمان لم يتركوا له فرصة لقول مثل هذا الكلام، فألمانيا الموحدة أصبحت أكثر تطوراً وتقدماً وخدمةً لشعبها، ولأن لا أحد من المواطنين سيجاريه في خطاباته الانفصالية هذه، لذا لاذ بالصمت طيلة الفترة التي قضاها في المنفى.
span style=\"color: #ff0000\"حصافة الشعوب
أما الشعب الألماني فإنه كان على قدر عال من الوعي، فقد أسقط « كول» في الانتخابات، واعتبر ما قدمه «كول» لألمانيا واجباً وطنياً هو ملزم به في الأساس، لذا لم يخلع عليه مختلف أنواع صفات وألقاب الفخامة والجلالة والسمو.. الخ، ولم يضفي عليه هالة من القداسة، ويسعى لمكافأته بالبقاء على كرسي الرئاسة أبد الدهر، ولو أدى ذلك إلى زعزعة الوحدة وإدخال البلد في أتون أزمات طاحنة... حتى لو اقتضى الأمر إعادة جدار برلين من جديد.
وفي المقابل فإن الشعب الألماني لم يخرج إلى الشارع يصرخ « برع برع يا استعمار» وينادي بالانفصال وعودة التشطير وجدار برلين، أثناء المطالبة بالحقوق.
لم يفعل هذه ولا تلك.. إنها حصافة الشعوب الناضجة عند الاختيار الصعب، لذلك لم يكن غريباً أن يتم إقصاء «هيلموت كول» من منصبه نتيجة التغيير، فالمواطن الألماني لا ينساق وراء هوس العواطف وبريق الكاريزما وها هو «هيلموت كول» قابع في منزله يجترّ الذكريات، ويروى المزيد عن قصة حياته وأسرار فترة حكمه.
span style=\"color: #ff0000\"شرود.. من الرئاسة إلى محامي
لمعرفة كيفية تعزيز الألمان لوحدتهم نشير إلى المستشار « شرودر» الذي حكم ألمانيا لمدة 12 عاماً، فقد أعلن «شرودر» اعتزاله الحياة السياسية بعد أن غادر الرئاسة و تفرغه للعمل من جديد كمحامي و تحرير كتاب عن حياته.
و تولى «شرودر» منصب مستشار الشؤون السياسية الدولية في دار نشر سويسرية بعد يومين من تسليمه مهام المستشارية لأنجيلا ميركيل، وقال مايكل رينجير صاحب دار النشر «سيكون شرودر ما يشبه المستشار الخاص، سيكون مستشارا لي ولموظفين آخرين» وقال رينجير في بيان :إن شرودر سيعود لعمله كمحام أيضا في برلين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.