تعبت من سخرية زوجها الدائمة من طعامها الذي تُعِدّه له باذلةً وقتها وجهدها؛ فقد اعتاد زوجها أن يفرط في كلماته اللاذعة.. نعم تعلّم جيدًا أنه يُمازحها، ولكنَّها لا تقبل هذا اللون من المزاح؛ فالسخرية- ولو على سبيل التفكُّه والضحك- غير مقبولة.. فأرسلت إليه رسالة على بريده الإلكتروني تُعلِمُه بضيقها من هذا النوع من المزاح مهما كان حَسَنَ النية: زوجي الحبيب، أعلم بمدى حبِّك لي.. ولكنِّي أحببت أن أعلمك بضيقي من هذا النوع من مزاحك.. بالطبع أعلم أنَّك لا تقصد الإساءة إليّ بكل تأكيد، لكن لماذا تُصِرّ أن تمازحني بهذا النوع من الكلام.. ألا تذكر قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} [الحجرات:11].. وقد قرأت مرَّة ما كتبه الإمام المحدث ابن كثير في هذه الآية: "أن المراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم والاستهزاء بهم، وهذا حرام، ويُعدّ من صفات المنافقين".. وأذكِّرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ المستهزئين بالناس لَيُفْتَحُ لأحدهم باب الجنة فيقال: هلم، فيجيء بكَرْبه وغمِّه، فإذا جاء أُغلق دونه".. وقد نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن السخرية بالمسلمين فقال: «المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ها هنا"- وأشار إلى صدره ثلاث مرات- بِحَسْبِ امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه"، فما بالك لو احتقرت وسخرت من زوجتك حبيبة قلبك ؟!» وانقل لك زوجي الحبيب كلمات للأستاذ "أبو عبد الله الذهبي": "ومن الأخطاء الجسيمة وغير الملتفت إليها أن يسخر أي إنسان من آخر، فقط لأنه يعمل عملاً لا يروق له.. أو يمارس هوايةً لا تستهويه، أو لا يُحبِّذها، أو يستهين بها.. وهذه السخرية مما يبعث على الكراهية لأي شخص، فما بالك بالزوجين اللذين يسخر كل منهما من هوايات الآخر أو اهتماماته؟! مهما تكن هذه الاهتمامات تافهة بالنسبة للآخر.. فلا ينبغي لأحدهما أن يتحدث عنها للآخر بطريقة تضايقه، هذا إن أرادَا أن يكسب كل منهما قلب صاحبه".