لم يكن التحول الاستراتيجي في تكتيك الثورة من المسيرات والإعتصامات السلمية إلى إسقاط الفاسدين في مؤسسات الدولة وليد الصدفة بل كان استجابة" للمتغيرات التي طرأت خلال المرحلة السابقة ومستجداتها اللاحقة والتي تمخض عنها انفراد المشترك بالدخول في تسويه سياسيه مع النظام والمشاركة الفعلية في حكومته الانتقالية وفرض واقع مغاير لواقع الحال للثورة بعد توقيع المبادرة الخليجية وآلياتها المزمنة التي اكتسبت بعدا" إقليميا" ودوليا" بصدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2014/2011م) وإجراءاته اللاحقة لتصبح بموجبهما دول الاتحاد الأوربي والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن شركاء في تنفيذها على كل القوى في الساحة اليمنية مع أنها لم تأخذ بعين الاعتبار مطالب الثورة والقوى المتحالفة معها كالحوثيين والحراك الجنوبي وتعاملت مع ما هو قائم كأزمة وليس كثورة ومارست لإنفاذها ضغوطات مختلفة حتى أنه خيل للبعض إن اليمن تحت الوصاية الدولية0 لذلك كان لابد من إن يرفض الثوار هذا الوضع ويغيروا من تكتيكاتهم وإستراتيجيتهم في التعامل مع تلك المخرجات لكي يوصلوا رسالتهم للعالم بأنهم من يمثلون الشرعية الثورية والشعبية على الأرض وبالتالي لا يمكن إن يتحقق أي سلام شامل وعادل أو إن يتم فرض تسويه حقيقية إلا أذا تم الاعتراف بثورتهم ومشروعية مطالب كل القوى الثورية المنطوية تحت عباءة الثورة 0 لذا فأن ما قام به موظفين القطاع العام من فعل ثوري أسقطوا من خلاله العديد من قيادات مؤسساتهم ونصبوا بدلا" عنهم قيادات بديله من بين أكثر العناصر المشهود لها بالنزاهة والكفائة وسط ذهول وحيرة الحكومة ألقائمه والنظام إلا تعبيرا" عن عدم استسلام الثورة أو انصياعها لمن يحاولون ممارسة الوصاية أو فرض أجندتهم عليها و تجاهلها وليؤكدوا لهم وجودهم وإصرارهم على المضي قدما" لاستكمال تحقيق هدف الثورة المتمثل بإسقاط بقايا النظام و تنظيف الجهاز الإداري للدولة من الفساد والمفسدين واعتبار الفعل الثوري الحل الوحيد للتعامل مع مثل هذا النظام الدكتاتوري المبني في تركيبته على طريقة مملكة اسبارطه0 وبعد أن استشعر صالح خطورة الوضع سارع إلى عقد مؤتمر صحفي لمناشدة دول الاتحاد الأوربي ومجلس الأمن ودعي إلى مراقبة ما وصفها بالأفعال التصعيدية للمشترك وشركائه والانتقائية التي يتبعها في تنفيذ الآلية ولفت انتباههم إلى ما يجري لأنصاره في المرافق الوظيفية من إقصاء لتقويض أركان نظامه وصولا" إلى إسقاطه قبل منحه الحصانة القضائية و أجراء الانتخابات الرئاسية ولم يقف الأمر عند هذا بل عزز ذلك بعدد من الإجراءات كاللقاء التشاوري الذي انعقد مؤخرا" للجنة العامه للمؤتمر وممثليهم في الحكومة الانتقالية الذي اقر من خلاله بعض الإجراءات ألتصعيديه واليات المواجهة كالتلويح بالانسحاب من المبادرة و تنفيذ عدد من المسيرات والاعتصامات والتهديد بعدم منح الحكومة الثقة وطلب الضمانات الكفيلة بوقف المسيرات وإخلاء الساحات في فترة زمنية بالإضافة إلى احتواء الآخرين بأسلوب الترغيب والترهيب مع بعض القيادات المؤثرة والفاعلة في الثورة والمشترك لتحييدها أو الحد من سطوتها وفعلها والتوجيه بمنع عودة الموظفين المنظمين للثورة وحث رؤساء المرافق عد م الانصياع لمطالب مرؤوسيهم بترك وظائفهم والثبات في مؤسساتهم مع إجازتهم باستخدام القوه ألازمه لإرهابهم وثنيهم عن مطالبهم0 وقد تجسد كل هذا في تهديد اللواء علي الشرفي ومنعه من ممارسة عمله في أكاديمية الشرطة والأستاذ نصر مصطفى من قبل قائد الحرس الخاص تلاه فصل بعض الموظفين في سيؤن ومؤسسة التلفزيون وقمع آخرين في الكلية البحرية بالحديدة بواسطة بعض البلاطجة والمسلحين وإشهار السلاح في وجوه المعتصمين بأحد مرافق البيضاء حتى وصل الأمر إلى سفك الدماء في امن محافظة صنعاء 0 لذالك يجب إن لا يقف الفعل الثوري عند هذا الحد إلا بتحقيق النصر المؤزر وسقوط كل أعوان النظام الفاسد مهما كانت التضحيات ويجب إن نستمد العبر من الانتكاسات التي لحقت بالثورة بعد أن كان النصر قاب قوسين أو أدنى في جمعة الكرامة التي انهار صالح فيها ونظامه وجمعة النهدين التي أنهت مشروعيته وأعوانه ويوم إن تراجع صالح عن توقيع المبادرة الخليجيه0 أن هذه التحول الاستراتيجي للفعل الثوري لثورة التغيير في اليمن فريدا" من نوعه ليس في تاريخ الثورات اليمنية فحسب بل والثورات العربية استطاعت الثورة من خلاله أن تثبت مدى قدرتها في تعدد خياراتها المتاحة وتغيير مواقفها وإمكانياتها الغير محدودة لاستيعاب كل فئات المجتمع في مختلف مراحلها كما فعلت مع موظفين ألدوله الذين فاجئوا النظام بالخروج عن طاعته وأسقطوا قياداتهم المستبدة والفاسدة ليحرروا مرافقهم التي حولها الفاسدين إلى ملكيات خاصة وهم إلى إجراء 0 وفي اعتقادي إننا سنصحو غدا" أو بعد غد على فجر" وقد رحل قبل طلوعه كل الفاسدين وخلت مؤسساتنا من أصنام المفسدين قريبا" أراه ليس ببعيد؟.