وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    ليست السعودية ولا الإمارات.. عيدروس الزبيدي يدعو هذه الدولة للتدخل وإنقاذ عدن    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    "امتحانات تحت سيف الحرمان": أهالي المخا يطالبون بتوفير الكهرباء لطلابهم    "جريمة إلكترونية تهزّ صنعاء:"الحوثيون يسرقون هوية صحفي يمني بمساعدة شركة اتصالات!"    "الحوثيون يزرعون الجوع في اليمن: اتهامات من الوية العمالقة "    صراع على الحياة: النائب احمد حاشد يواجه الحوثيين في معركة من أجل الحرية    شاهد:الحوثيون يرقصون على أنقاض دمت: جريمةٌ لا تُغتفر    البريمييرليغ: السيتي يستعيد الصدارة من ارسنال    زلزال كروي: مبابي يعتزم الانتقال للدوري السعودي!    الارياني: استنساخ مليشيا الحوثي "الصرخة الخمينية" يؤكد تبعيتها الكاملة لإيران    الوكيل مفتاح يتفقد نقطة الفلج ويؤكد أن كل الطرق من جانب مارب مفتوحة    الرئيس الزُبيدي يثمن الموقف البريطاني الأمريكي من القرصنة الحوثية    ارتفاع طفيف لمعدل البطالة في بريطانيا خلال الربع الأول من العام الجاري    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزي في وفاة الشخصية الوطنية والقيادية محسن هائل السلامي    مانشستر يونايتد الإنجليزي يعلن رحيل لاعبه الفرنسي رافاييل فاران    كريستيانو رونالدو يسعى لتمديد عقده مع النصر السعودي    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    المنامة تحتضن قمة عربية    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    أمين عام الإصلاح يبحث مع سفير الصين جهود إحلال السلام ودعم الحكومة    بريطانيا تؤكد دخول مئات السفن إلى موانئ الحوثيين دون تفتيش أممي خلال الأشهر الماضية مميز    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    مجازر دموية لا تتوقف وحصيلة شهداء قطاع غزة تتجاوز ال35 ألفا    الولايات المتحدة: هناك أدلة كثيرة على أن إيران توفر أسلحة متقدمة للمليشيات الحوثية    اليمن تسعى للاكتفاء الذاتي من الألبان    طعن مواطن حتى الموت على أيدي مدمن مخدرات جنوب غربي اليمن.. وأسرة الجاني تتخذ إجراء عاجل بشأنه    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    برشلونة يرقص على أنغام سوسيداد ويستعيد وصافة الليغا!    بيان عاجل لإدارة أمن عدن بشأن الاحتجاجات الغاضبة والمدرعات تطارد المحتجين (فيديو)    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    ليفربول يسقط في فخ التعادل امام استون فيلا    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    استعدادات حوثية للاستيلاء على 4 مليار دولار من ودائع المواطنين في البنوك بصنعاء    لاعب منتخب الشباب السابق الدبعي يؤكد تكريم نجوم الرياضة وأجب وأستحقاق وليس هبه !    جريمة قتل تهز عدن: قوات الأمن تحاصر منزل المتهم    سيف العدالة يرتفع: قصاص القاتل يزلزل حضرموت    ما معنى الانفصال:    مقتل عنصر حوثي بمواجهات مع مواطنين في إب    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    دموع ''صنعاء القديمة''    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    قارورة البيرة اولاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لهذا يجب تشكيل مجلس لقيادة الثورة
نشر في المصدر يوم 07 - 04 - 2011

لكي تكون الثورة ثورة فعلاً لابد ان تأتي بنظام سياسي جديد على انقاض نظام بائد، وحتى تتمكن الثورة –اي ثورة- من استحداث نظام سياسي جديد واسقاط نظام قائم لابد لها من مجلس ثوري قيادي يضطلع بمهام الادارة اليومية ويباشر وضع خطط وتدابير المواجهة والصمود بموازاة الحرص على تحقيق مجمل الاهداف الثورية وانجاز تصورات المرحلة الانتقالية وتوفير ضمانات الديمومة للفعل الثوري.

ثمة ما يبرر ايراد انف الاسطر كتوطئة لتاليها، فرغم اننا نؤمن جميعاً بأن ما يجري في ساحات التغيير والنضال على امتداد جغرافيا الوطن هو تعبير عن ثورة شعبية حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، إلا ان واقع غياب المجلس الثوري القيادي يشي بإنعدام التطابق بين الصفة والموصوف، بين المسمى والحدث، بين الثورة كمصطلح وما يحدث في الساحات كواقع ماثل..!

من حيث المبدأ، لا خلاف على انها ثورة شبابية شعبية حقيقية، ولاجدال في كونها أرقى الانماط الثورية الانسانية نظراً لاتصافها بالطابع السلمي الحضاري، ولكن.. هل بقاؤها في تموضعها الراهن –دون مجلس قيادة- سيحقق غايتها الاستراتيجية والنهائية المتمثلة في اسقاط النظام الصالحي المتداعي وإقامة نظام جديد على انقاضه..؟
كي نصل الى اجابة افتراضية لتساؤل جدلي كالذي بعاليه، يتعين علينا –ابتداءً- استلهام الفوارق الجوهرية بين نظرتنا كيمنيين ونظرة المجتمع الدولي لما يحدث في ساحات التغيير والنضال.

فالمجتمع الدولي يرى فيما نسميه نحن ثورة، مجرد اعتصامات شعبية كفلها دستور وقوانين النظام السياسي القائم، بعكس نظرتنا التي تؤمن بأن ما يجري ثورة حقيقية أسقطت بدماء شهدائها الابرار شرعية النظام المتداعي.
هم ينظرون إليها على انها أفعال احتجاجية في إطار نظام سياسي قائم، ونحن نرى فيها فعلاً ثورياً سلمياً لن اقول متجاوزاً للدستور والقانون ولكنني سأقول: متجاوزاً للنظام القائم وتركيبته القيادية المُهيمن عليها من قبل أسرة نافذة.

التباين بين الرؤيتين هنا يقتضي بالضرورة تبايناً في النتائج ايضاً، فالمجتمع الدولي يعتقد ان الحل يجب ان يتم في ظل النظام القائم، بتعبير آخر: اجراء تغيير جزئي يطال الهرم الاعلى للدولة فقط، بينما يرى الثوار ضرورة ان يكون الحل اكثر اتساعاً وشمولاً، إذ انهم –وكحد مرحلي أدنى- لايمكن ان يقبلوا بأي تغيير لايطال (الأسرة الحاكمة) المتمثلة في أولاد الرئيس وأولاد أخيه واقربائه.

قصور في الرؤية الدولية
لنكن صرحاء اكثر، المجتمع الدولي يعتقد ان ما يحدث في اليمن هو صراع بين مركزين سلطويين هما المركز المُصغر –الاسرة الحاكمة- بزعامة علي عبدالله صالح ويضم مؤسسات الاولاد الحديثة (الحرس الجمهوري والامن القومي والامن المركزي) بالاضافة الى المؤتمر الشعبي العام، والمركز المقدس –الحلف القديم- بزعامة الجنرال علي محسن الاحمر ويضم المؤسسات التقليدية كالفرقة الاولى مدرع والامن السياسي بالاضافة الى تحالف حزبي وقبلي ومدني وشعبي عريض.

حسب هذه الرؤية فما يحدث في الساحات (ساحات التغيير والنضال من جهة وساحات التحرير والسبعين من جهة أخرى) ليس سوى انعكاس شعبي لصراع المركزين، وإفراز طبيعي للتصادم بين الدولتين الوطنية (القديمة) والتوريثية (الحديثة)..!

غياب (مجلس لقيادة الثورة السلمية) يعزز لدى المجتمع الدولي هذه القناعة، انهم يعتقدون ان المركز المقدس وحلفائه في اللقاء المشترك قادرون على انهاء الاعتصامات إذا ما تحققت مطالبهم التي هي بالمناسبة مطالب الشعب ايضاً، ويعتقدون كذلك ان المركز المُصغر قادر على ايقاف المسيرات والحشود في السبعين والتحرير اذا ما انتهت الاعتصامات.

في وسعنا الادعاء هنا ان رؤية كهذه –عقب التطورات الاخيرة- اضحت تتصف بالقصور النسبي لمسببات لعل ابرزها اتساع رقعة الاعتصامات بموازاة الالتحام والتأييد الشعبي المتنامي الذي حولها الى ثورة حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

ورغم ان هذه هي الحقيقة الماثلة، غير ان المجتمع الدولي لايمكن له التعاطي معها حتى لو كان مدركاً لواقعيتها، السبب ببساطة يكمن في عدم وجود هيئة قيادية لإدارة الفعل الثوري.

دواعي تشكيل المجلس الثوري
أدرك ان الإستمراء في طرح مستفز كالذي بعاليه يمكن ان يؤدي الى تعطيل فكرة المقال الجوهرية المتمثلة في ضرورة تشكيل المجلس الثوري، وهو إدراك يجعلني مضطراً لعرض دواعي تشكيل المجلس ولكن من وجهة النظر الثورية فقط.
ثمة علامة استفهامية تفرض ذاتها: لماذا نحن مطالبون بإنشاء مجلس لقيادة الثورة السلمية؟

في الواقع، هنالك مسببات عديدة يمكن حصرها في ستة محاور أساسية، أولها: اتساع الفجوة الزمنية بين بداية الفعل الثوري وبلوغ غاياته، او بتعبير آخر: عدم تمكن الثورة السلمية –حتى لحظة كتابة المقال- من تحقيق هدفها الرئيسي المتمثل في تنحي الرئيس صالح وإقصاء الاسرة الحاكمة.
ثانيها: حجم التآمر الرئاسي على الثورة، إذ لم يأل الرجل جهداً في إعاقة الفعل الثوري عن تحقيق غاياته، فهو يدير حرباً نفسية عبر اطلاق وعود التنحي الفوري ومن ثم التراجع عنها سريعاً بهدف اصابة الثوار بالاحباط، كما انه يحشد ملايين المؤيدين مستغلاً عثرات اللسان التي يقع فيها بعض قادة المعارضة بالتوازي مع تجييشه للقبائل وتشكيله للجان الشعبية.

التحركات الصالحية المناوئة للثورة لا تقتصر على ذلك فحسب إذ يحاول الرجل اعادة تمركز قوات الحرس الجمهوري الرئاسي عبر سحبها من بعض المحافظات وتجميعها الى صنعاء بهدف تحطيم التوازن العسكري الذي تفرضه الوية الفرقة الاولى مدرع، ويحاول ايضاً دفع عناصر تنظيم القاعدة المسماة (قاعدة القصر) إلى اعلان إمارة قاعدية في أبين بهدف إقلاق الامن العالمي وإثناء المجتمع الدولي عن ابداء اي مواقف داعمة للثورة الشعبية اليمنية.

بث الشائعات والتهديد بمآلات الصوملة والتلويح بورقة الحرب الاهلية أساليب أخرى ينتهجها صالح للتآمر على ثورة الشباب وتحطيمها.

ثالثها: توفير الضمانات المُبددة للمخاوف الدولية، إذ ان تشكيل المجلس الثوري يمنح المجتمع الدولي تطمينات في قدرة الثورة على إدارة المرحلة الانتقالية والإمساك بدفة الأمور وضمان المصالح الدولية غير المتعارضة بالطبع مع مصالح الشعب اليمني، وهو ما سيشجع المجتمع الدولي على رفع غطاء الدعم والاسناد عن نظام صالح بصورة تدفع اميركا ايضاً للتخلي عن ضغوطها -اللامرئية- الرامية الى الابقاء على الاسرة الحاكمة ورعاية شراكة بين المركزين المقدس والمصغر كثمن لإقصاء الرئيس صالح فقط (الإبقاء على الاولاد).

رابعها: ضمان نجاح المرحلة الانتقالية وتجنيب البلاد مآلات الفوضى والتمزق، إذ ان الوحدة الثورية التي سيحققها وجود المجلس الثوري القيادي ستشكل ضماناً عملياً لعدم فشل المرحلة الانتقالية والحيلولة دون إنجراف الوطن الى هاوية التمزق والتفتيت.

خامسها: انهاء اي آمال او مراهنات لدى الرئيس صالح في احتواء الثورة او تطويعها او صناعة الثورة المضادة، وهنا لابد من التأكيد على ان النقاش حول تشكيل المجلس الثوري -بحد ذاته- يعمق الهزائم السيكولوجية (النفسية) للنظام، وهو ما يجعلنا نتساءل: اذا كان النقاش حول المجلس يعمق تلك الهزائم فكيف سيكون الحال لو ان المجلس غدا امراً واقعاً..؟

سادسها: تشكيل المجلس الثوري يولد انطباعاً لدى الداخل والخارج مؤداة: ان نظام صالح قد انتهى عملياً ولم يعد سوى قوة متمردة على إرادة الشعب المُساند للخيار الثوري وهو ما سيشجع بقايا الخائفين والمترددين وأرباب المصالح على الالتحاق بالركب الثوري وفصم العرى الولائية للنظام المتداعي.

دوافع تكميلية لتشكيل المجلس
إذا كانت المحاور الستة الفائت عرضها، تجسد تلخيصاً لمسببات تشكيل المجلس من وجهة نظر عمومية، بوصفها –اي المسببات- ضمانات لتحقيق النجاح الثوري، فإن دوافع اخرى يمكن ان تشكل تعليلات تكميلية لتبرير وجود المجلس والبدء الفوري في انشائه.

بامكاننا ان نوزع دوافع التشكيل التكميلية في ثلاثة مانشيتات رئيسية، اولها: دوافع بالنسبة لساسة الثورة في اللقاء المشترك، وثانيها: دوافع بالنسبة لقادة الجناح العسكري للثورة، وثالثها: دوافع بالنسبة للحركات الثورية الشبابية.

أداة ضغط لمساندة اللقاء المشترك
لا اظنني هنا مبالغاً بزعمي ان المجلس الثوري لن يكون عبئاً على ساسة الثورة في احزاب اللقاء المشترك بقدر ما سيُشكل معيناً واداة إسناد لمسببات يمكن حصرها فيما يلي:
اولاً: تشكيل المجلس لا يعني بأي حال من الاحوال بلوغ مرحلة اللاعودة التي عادةً ما تسبق انفجار الموقف وانهيار الحلول السلمية.

فالمشترك سيكون بالقطع هو عماد المجلس الثوري بوصفه الجناح السياسي للثورة وفصيلها الرئيسي وهو ما يعني منحه ممكنات التحكم في الوصول او عدم الوصول الى مرحلة اللاعودة.
ثانياً: المجلس سيُجسد ورقة ضغط كبرى في مواجهة النظام، وسيساهم في الدفع بإحدى غايتين إما إجبار صالح على التنحي السلمي وإما انجاح الثورة وإعلاء رآية النصر.

الامر هنا شديد الشبة باللجنة التحضيرية للحوار الوطني التي شكلها المشترك ومثلت له ورقة ضغط ناجعة ضد ألاعيب النظام خلال مراحل آنفة.
وبما ان اللجنة التحضيرية فقدت فاعليتها كأداة ضغط نتيجة للواقع المتجدد الذي تخلق بفعل التسارع الثوري، فإن المجلس الثوري يمكن ان يؤدي هذه المهمة على الوجه الامثل.

ثالثاً: وجود المجلس سيساعد في تأليف حكومة انتقالية او مجلس حكم لإدارة المرحلة الانتقالية.
سيكون متاحاً بالنسبة للمشترك هنا، دمج هذا المجلس الانتقالي -في حال الاتفاق على الخروج الآمن لصالح واسرته- مع ممثلي المؤتمر الشعبي العام ليشكلا معاً مجلساً انتقالياً وطنياً لإدارة الدفة في مرحلة ما بعد تنحي صالح.

رابعاً: وجود المجلس سيمنح المشترك قدرة اكبر على مواجهة التكتيكات الصالحية وسيرفع عنه حرج الضغوطات الاقليمية والدولية، إذ سيكون المشترك قادراً على مجاوزة تلك الضغوطات تحت مبرر ان القرار الثوري لم يعد مقتصراً عليه فقط إذ اصبح مرتبطاً بشركائه في مجلس قيادة الثورة..!

خامساً: لن يكون المجلس واصياً على الدولة ان تحقق النصر اللائح، فمهمته ستكون مؤقتة بصورة تكفل انهاء وجوده بالتزامن مع انقضاء مرحلة الشرعية الثورية وعودة الشرعية الدستورية مع اول انتخابات برلمانية ورئاسية بعد سقوط النظام.

فصم العرى الولائية بين الجيش والقائد الاعلى:
حين نتحدث عن دوافع التشكيل بالنسبة لقادة الجناح العسكري للثورة، لامناص من الاشارة الى ان وجود المجلس يمنح الجيش والقوات العسكرية الموالية للثورة غطاءً من الشرعية للتحرك في اتجاه منع الحرب الاهلية والحيلولة دون سيادة الفوضى بموازاة حماية المؤسسات والمرافق العامة للدولة وايقاف العبث الصالحي ببنوك الدولة (المركزي اليمني والتسليف الزراعي).

حصول الجيش على غطاء الشرعية الثورية سيجعله قادراً ايضاً على التأثير في قناعات من تبقى من قادة المؤسسة العسكرية ودفعهم للانضمام الى الثورة.

هنا لابد من الاشارة الى حقيقة الارتباط العميق بين الجيش وفكرة القيادة، فالجنود في كل الاعراف العسكرية يرتبطون بقائدهم المباشر ولائياً، والقائد المباشر يرتبط بمن يعلوه في التسلسل الهرمي للقيادة العسكرية وصولاً الى القائد الاعلى للجيش، ولكي يكون الجيش مستعداً لفصم العرى الولائية لقائده الاعلى فلابد من وجود قيادة أخرى تستند الى مشروعية شعبية حقيقية.

وعليه فوجود المجلس الثوري سيؤدي بالضرورة لإنضواء باقي القادة والضباط المرتبطين بصالح، إذ ان وجود المجلس سيعني بالنسبة اليهم ان الثورة الشبابية لم تعد مجرد اعتصام.. لقد تحولت الى ثورة حقيقية وبقيادة فعلية موحدة تستمد شرعيتها من مطالب وتطلعات واسناد الشعب.

دوافع تشكيل المجلس الثوري بالنسبة لقادة الجناح العسكري للثورة لا تقتصر على ذلك فحسب، إذ ان وجود المجلس سيرفع عن كاهل كبار القادة والضباط اتهامات امتطاء الموجه الثورية، وسيبدد اي مخاوف من تشكيل مجلس عسكري وعودة السلطة الى احضان الجيش.

اشراك الشباب في صنع القرار
بالنسبة للحركات الثورية الشبابية، تتصف الدوافع التكميلية لتشكيل المجلس الثوري بطابع التعدد والكثرة، غير ان ذلك لا يعني صعوبة حصرها، إذ بوسعنا تقليصها الى سبعة دوافع رئيسية، اولها: منح الشباب فرصة حقيقية للمساهمة في صنع القرارات السياسية الثورية بمشاركة جناح الثورة السياسي في المشترك.

ثانيها: وجود المجلس سيجسد بالنسبة للشباب تطميناً عملياً يضاف الى التطمينات الكلامية في عدم السعي لاستلاب ثورتهم وعدم افراغها من مضمونها او حرف مسارها بعد النصر لاسيما في ظل دعايات وبروبجندا النظام الهادفة الى اثارة قلق ومخاوف الشباب من الانضواءات المفاجئة للقيادات العسكرية والقبلية الى الصفوف الثورية.
ثالثها: الحرص على تحقيق مجمل الاهداف الثورية وعدم الاكتفاء بالاهداف التي اضحت دانية القطاف.

رابعها: ديمومة الفعل الثوري قبل النصر وبعده، وهو ما سيتيح للشباب القدرة على تطهير الدولة من رموز الفساد والاستبداد المقنعة، بموازاة القدرة على تصحيح اي انحرافات او التفافات على الثورة واهدافها في المرحلة الانتقالية.
خامسها: الحيلولة دون اعادة انتاج اخطاء البداية التي وقعت فيها الثورتان المصرية والتونسية بصورة أعاقت تحقيق باقي اهداف الثورتين.

سادسها: الحرص على عدم تشتت الجهود الثورية في حركات متعددة بالتوازي مع ايقاف النمو المتسارع واللامنطقي في عدد الحركات الثورية المرابطة داخل ساحات النضال والتغيير حيث اصبحت بالعشرات وبات وجودها في إزدياد وتنام مضطرد.

سابعها: ضمان الحفاظ على الطابع السلمي للفعل الثوري، إذ ان المجلس سيؤدي لتوحيد الادارة الثورية بصورة تمنحه الحق في السيطرة على القرارات ومنها إبقاء الثورة في مربعها السلمي وعدم الانسياق خلف النداءات الحاثة على اللجوء للخيارات العنفية.

تبديد مخاوف التباين والجدل
لابد من الاعتراف بوجود تخوفات فعلية لدى الجميع من الاقدام على خطوة كهذه، غير ان الارتفاع الطبيعي في وتائر القلق لايبرر بالمقابل اي نزوع يتغيا اعاقة مشروع المجلس او عرقلته.

ان كنا بآنف الاسطر قد احطنا بمجمل التبريرات الداعمة لخيار التشكيل المُبددة لمخاوف وجود المجلس، فإن ذلك لا يعني انتهاء المخاوف، فهنالك دوافع اخرى للقلق لعل ابرزها واعلاها شاناً خشية بعض ساسة الثورة من ان يتسبب إقرار الفكرة في جدل بيزنطي حول آليات وطرائق تشكيل المجلس، وهو جدل يمكن ان يتسبب في خلافات وتباينات قد تؤدي الى تقويض المسار الثوري بموازاة التأثير على الوحدة المصيرية للثورة.

هنا لست اتفق مع مخاوف وبواعث قلق كهذه، لأسباب عديدة، فالمشترك –كتبرير سببي أول- يعد هو الفصيل الرئيسي المُكوّن للثورة السلمية حتى وان كان حضوره في الساحات ظاهراً بمسميات حركية أخرى، وهو ما يعني تقليص احتمالات الخلاف والتباين الى حدودها الدنيا.

كما ان الحركات الثورية –كتبرير سببي ثاني- سبق وان أجرت انتخابات او لنقل توافقات داخلية أفضت الى بروز قيادات شبابية لمختلف الحركات الثورية وهو ما يعني سهولة تمثيل جميع الحركات الثورية في مجلس قيادة الثورة.

وبما ان تمثيل المحافظات في المجلس يجسد باعثاً آخر للقلق والتوجس، فان ذلك –كتبرير سببي ثالث- يجعلنا نرى عدم وجود ضرورة آنية او لحظية للتمثيل، إذ ان المجلس الثوري سيجسد نواة اولى يمكن ان تنبثق منها مجالس ثورية فرعية، وهو ما يعطي لكل محافظة الحق –بعد ظهور النواة المركزية للمجلس الثوري- في تشكيل مجالس فرعية في المحافظات على ان يتم بحث مسألة تمثيل المجالس الفرعية ضمن المجلس المركزي في مرحلة ما بعد ظهور المجالس كهيئات قيادية قائمة بذاتها.

تشكيل المجلس –كتبرير سببي رابع- لن يؤدي لإشغال الثورة عن تحقيق اهدافها لتعليلين، الاول: ان هنالك ارتباط وعلاقة طردية (وليس عكسية) بين المجلس والاهداف، على اعتبار ان تحقيق الاهداف مرتبط بوجود المجلس لما سبق ان بيناه، والثاني من التعليلين: ان تشكيل المجلس سيضاعف من حماس الشباب المعتصمين لاسيما وهم لا يقومون بشيء سوى التواجد في الخيام ومشاهدة المنصات الاعلامية فقط، وهو ما يعني ان انخراط الشباب في جهود تشكيل المجلس الثوري سيساهم في خلق اجواء من الحركة والتفاؤل والجدية.
ولأن المجلس الثوري الذي نريده يجب ان يعبر عن الجميع وان لا يقتصر على الحركات الثورية حديثة التكوين، فإن ذلك –كتبرير سببي خامس- يجعلنا نبدد اي مخاوف تتعلق بصعوبة تمثيل ما تبقى من القوى الوطنية الشريكة للثوار، فالحراك والمعارضة الخارجية والحوثيون رغم انهم جميعاً موجودون في الساحات بل وكانوا سباقين في اشعال الثورة قبل سنوات، إلا انهم ايضاً يملكون قيادات معروفة وهو ما يعني سهولة تمثيلهم في قوام المجلس الثوري.

بين التسمية والقوام
في جزئيتي التسمية والقوام، لا أظن ان خلافاً حولهما يمكن ان ينشأ، فالتسمية يمكن ان تكون مجلس الثورة او هيئة حماية الثورة او المجلس الانتقالي او اي تسمية اخرى.
ما يسري هنا على التسمية يسري على القوام ايضاً، إذ يمكن للمجلس ان يحوي عشرين عضواً ويمكن ان تبلغ فيه العضوية الى مائة عضو او اكثر من ذلك حسب ما يتم التوافق عليه بين الجميع.

وبما ان اتساع الثورة وتمددها أمر لا يمكن ان يتأتى سوى بانضمام قطاعات شعبية ومدنية وعسكرية أخرى، فإن حصر القوام في عدد بعينه لن يكون منطقياً البتة، إذ سيظل المجلس قابلاً للتوسع بهدف استيعاب اي تمثيل جديد.
الاستفادة من التجربتين التونسية والليبية يمكن ان تكون خياراً متاحاً هنا، ففي تونس بات للثورة مجلس اعلى تحت مسمى مجلس حماية الثورة التونسية، اما في ليبيا فهنالك مجلس ثوري تحت مسمى (مجلس الحكم الانتقالي) يتولى الاشراف على ادارة التصادم العسكري بين قوى الثورة ومليشيات معمر القذافي تمهيداً لاستلام السلطة ومباشرة إدارة دفة الدولة.

وماذا بعد
المجلس الذي ننشده لن يكون محاكياً لمجلس القيادة الذي جاءت به ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة، لسببين أولهما: ان مهمته محددة ومقتصرة على ادارة المرحلتين الثورية والانتقالية إذ سينتهي بمجرد وصول اول رئيس منتخب الى رئاسة الجمهورية، وثانيهما: مدنية المجلس الناتجة عن التمثيل السياسي الواسع والطاغي، إذ ان وجود الجيش في قوام المجلس سيقتصر على تمثيل رمزي منحصر في قائد او بضعة قادة عسكريين فقط.

بالنسبة لساسة الثورة، باتت نوايا الرئيس صالح بائنة وجليه اكثر من اي وقت مضى، فهو يراوغ مستخدماً اساليب الخداع والتموية بهدف الحيلولة دون نجاح الثورة او –على الاقل- للبقاء في الرئاسة اطول وقت ممكن.
ثمة مخاطر عديدة يمكن ان تترتب هنا على محاولات ابقاء الثورة في تموضعها الراهن وعدم السماح لها باستكمال بنيتها القيادية، فعلاوةً على السعي الصالحي لإجهاض الثورة، هنالك تحركات صالحية موازية بهدف تعطيل المرحلة الانتقالية ومراكمة اوليات الفشل لأي حكومة قادمة بعد نجاح الثورة.

كمثال لذلك، صالح الآن يستنفد الاموال بهدف تصفير خزائن البنوك الحكومية وعلى رأسها البنك المركزي اليمني، وهو إجراء يعني ان الحكومة القادمة –بعد صالح- لن تكون قادرة على دفع رواتب موظفي الدولة بالتوازي مع عدم قدرتها ايضاً على استئناف عجلة التنمية وهو ما سيجعلها مضطرة للاستدانة الدائمة من دول الخليج حتى تتمكن من اعادة بناء الاقتصاد المتداعي اي ان قراراتها ستظل رهينة للإرادة الاقليمية وليس لإرادة الشعب اليمني.
إزاء مخاطر كهذه، ليس في وسع الثورة الاكتفاء بالاعتصامات وترك الرجل يعبث باقتصاد وثروات البلاد حسب اهوائه، بل يجب محاصرته سلمياً بفاصل من الاجراءات التصعيدية التي تكفل وضع حد لعبثه واستهتاره بإرادة الشعب.

هنا اذن تكمن اهمية المجلس الثوري، إذ ان تشكيله سيجسد انبعاثاً ثورياً جديداً ونقلةً شطرنجية نوعية قد تكون حاسمة في موازين ومعطيات اللعبة بصورة تساهم في نقل الصراع الى المستوى الاعلى.
ان تشكيل المجلس بقدر ما يعني تقويضاً جديداً لسلطات صالح، فإنه بالقدر ذاته يساهم في الحد من ذكائه المدمر الذي يهدد نجاح الفعل الثوري برمته، سبق لي في هذه الجزئية ان بينت اثار وتداعيات الذكاء الصالحي المدمر على مسار الثورة في مقال نشرته الزميلة (المصدر) في عددها الاخير تحت عنوان: علي عبدالله صالح .. الذكاء المدمر.

ختاماً، آنف الاسطر ليست سوى فكرة قابلة للأخذ والرد والنقاش الجاد والمسؤول، انها في الواقع: مجرد رأي شخصي اتطلع من خلاله الى المساهمة في إثراء النقاشات الدائرة حول عوامل وضمانات نجاح الثورة وسبل انضاجها وصولاً الى تحقيق مجمل غاياتها واهدافها وكفى.

* ينشر بالاتفاق مع صحيفة حديث المدينة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.