في شهر نوفمبر من العام الماضي و بالتحديد فى يوم21 كان اليمنيون على موعد مع حدث تاريخي , هو التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة التي جاء نتاج ثورة شعبية انطلقت فىشهر فبراير من نفس العام . المبادرة في مضمونهالم تكن تلبي طموحات وتطلعات الثوار المرابطين فى مختلف الساحات المنتشرة فىمحافظات الجمهورية، لكنها مثلت مخرجاً مناسباً لحقن دماء اليمنيين وإطفاء لفتيل الحرب التي كانت شرارتها قد اشتعلت فى عدة مناطق يمنية، وقطعت الطريقعلى أصحاب المشاريع الصغير الذين كانوا ينتظرون فرصة انهيار الدولة من أجل تنفيدمشاريعهم المدعومة من قبل قوى لا تريد الخير لليمن. اذا صدقت النياتوعمل الموقعون بصدق وإخلاص فإن المبادرة تشكل أرضية مناسبة لبناء دولة حديثة, لكن كما يبدو لي بعد مرور عام على توقيعها أن النيات لم تكن صادقة ولم يكن التوقيع من اجل اليمن كما يزعم إعلام “ بقايا النظام السابق» وإنما كان تحت الضغط والإكراه وهروباً من عقوبات مجلس الأمن الدولي الذي كان سوف يقررها في حال رفضت المبادرة من أي طرف , فرغم ان المبادرة وآليتها التنفيذية واضحة وضوح الشمس فى كبد السماء، لكن بنودها كاملة لم تنفذ حسب ما هو مقرر، فما نفذحتى اليوم هو تشكيل حكومة الوفاق الوطني مناصفة بين المؤتمر الشعبي وحلفائه والمشترك وشركائه، وإصدار قانون الحصانة الذى أعطى لصالح وعائلته ومن عمل معه, وانتحاب الرئيس عبدربه منصور هادي كرئيس توافقي لمدة عامين ,وهذه انجازات رائعة لها أهمية كبيرة فى الحفاظ على بنيان الدولة اليمنية، لكن أجمل ما فى المبادة رغم أهميته ويعد هدفاً رئيسياً من أهداف الثورة الشعبية التي قدّم فيها الشعب اليمنى شهداء وتضحيات لم ينفذ بعد مرور عام من التوقيع هو البند المتعلق بهيكلة الجيش وإعادة بنائه على أسسمهنية، بحيث يكون جيشاً وطنياً يحمى البلاد وسيادتها الوطنية ...فلايزال الجيش اليمنى مشتتاً إلى مليشيات تعمل على حماية الأشخاص والعوائل وليس لها أي علاقة بحماية الوطن وأمنه واستقرار ولا تزال القيادات العائلية التي كانت سببا فى الانقسام موجودة في مناصبها وتتحكم فى مصير البلاد . وما تم حتىالآن بخصوص تنفيذ هذا البند لا يرقى الى مستوى الطموح والتطلعات، ولمتصل إلى عمق المشكلة، وهذا دليل على أن النيات لم تكن صادقة ولو كانت النيات صادقة لكانت هذه القيادات العسكرية التي مازالت تتمترس على رأس أهم الوحدات العسكرية والأمنية بادرت إلى تقديم استقالتها وسعت إلى توحيدالحيش وانهاء انقسامه، لكن هذا لم يحدث والذى حدث ويعلمه الجميع هو استماتة هؤلاء فى التمسك بالمناصب وأكبر دليل على ذلك ما حدث فى القوات الجوية وقيادة اللواء الثالث التي لم تسلم إلا بعد تدخل المبعوث الأممي جمال بن عمر، و اذا استمر التباطؤ الشديد واللامبالاة في تنفيد هذا البند الهام منبنود المبادرة الخليجية فإن هذا يعنى عودة البلاد الى المربع الأول .”كأنك يا بو زيد من غزيت ” لذلك على المكونات الثورية وفي مقدمتها المجلس الوطني لقوى الثورة مراجعة حساباتها وعمل تقيم شامل لما تم إنجازه. إن هيكلة الجيش وإعادة بنائه على أسس وطنية هوهو ذوة سنام الثورة أو لخطوة في طريق الهيكلة وإقالة القيادات العائلة التي حولته الى مليشيات ولاتراجع أو تهاون مع هذا المطلب وفاء لدماء شهداء الثورة , فالثوار قد قدمواالتنازلات رغم إجحافها ,فقد مرروا قانون الحصانة التي أعطيت لصالح مقابل الرحيل,لكنه للأسف لم يرحل ,ومازال يصر على أنه زعيم .وهذا لعمري قمة الاستخفافوالسخرية، فالحصانة والزعامة لا يجتمعان أبداً......لأن الحصانة دليل الخوفوالريبة وهذه الصفات تتنافى تماما مع الزعامة .فالزعماء الحقيقيون ليسوا بحاجة إلىتحصين ,لأنهم لا يخافون من المثول أمام المحاكم نظراً لثقتهم بأنفسهم ,وثقتهم بتاريخهم ,وعلى صالح وعائلته أن يخجلوا من أنفسهم ويأخذوا حصانتهم ويرحلوا,ويتركوا الشعب يقرر مصيره بنفسه.