وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    في خطابه بالذكرى السنوية للصرخة وحول آخر التطورات.. قائد الثورة : البريطاني ورط نفسه ولينتظر العواقب    رسائل اليمن تتجاوز البحر    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    في ذكرى الصرخة في وجه المستكبرين: "الشعار سلاح وموقف"    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    تطور القدرات العسكرية والتصنيع الحربي    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    العدوان الأمريكي البريطاني في أسبوع    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    العشاري: احراق محتويات مكتب المعهد العالي للتوجيه والارشاد بصنعاء توجه إلغائي عنصري    الآنسي يُعزي العميد فرحان باستشهاد نجله ويُشيد ببطولات الجيش    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى "إسرائيل"    دوي انفجارات في صنعاء بالتزامن مع تحليق للطيران    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    صنعاء .. طوابير سيارات واسطوانات أما محطات الوقود وشركتا النفط والغاز توضحان    نصيحة لبن بريك سالم: لا تقترب من ملف الكهرباء ولا نصوص الدستور    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 52535 شهيدا و118491 مصابا    تحالف (أوبك+) يوافق على زيادة الإنتاج في يونيو القادم    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    وزير الدفاع الإسرائيلي: من يضربنا سنضربه سبعة أضعاف    «كاك بنك» يدشن خدمة التحصيل والسداد الإلكتروني للإيرادات الضريبية عبر تطبيق "كاك بنكي"    ريال مدريد يتغلب على سيلتا فيغو في الدوري الاسباني    أعضاء من مجلس الشورى يتفقدون أنشطة الدورات الصيفية في مديرية معين    وفاة طفلتين غرقا بعد أن جرفتهما سيول الأمطار في صنعاء    الخبجي : لا وحدة بالقوة.. ومشروعنا الوطني الجنوبي ماضٍ بثبات ولا تراجع عنه    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى إسرائيل بعد استهداف مطار بن غوريون بصاروخ يمني    الدكتور أحمد المغربي .. من غزة إلى بلجيكا.. طبيب تشكّل وعيه في الانتفاضة، يروي قصة الحرب والمنفى    وجّه ضربة إنتقامية: بن مبارك وضع الرئاسي أمام "أزمة دستورية"    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    بن بريك والملفات العاجلة    92 ألف طالب وطالبة يتقدمون لاختبارات الثانوية العامة في المحافظات المحررة    يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    هدف قاتل من لايبزيغ يؤجل احتفالات البايرن بلقب "البوندسليغا"    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    أين أنت يا أردوغان..؟؟    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا بعد توقيع المبادرة الخليجية؟!
نشر في المصدر يوم 28 - 11 - 2011

طوى اليمن صفحة مهمة في تاريخه المعاصر بالتوقيع على المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية المزمنة لها بعد أشهر من الجدل والحوارات والمناورات والضغوط أيضا. وبتوقيعه على المبادرة أخيرا تحت تأثير ضغوط كبيرة، فتح صالح المجال لنقلة جديدة في حياة اليمنيين وأنعش الآمال بغد أفضل يتمنون فيه تحقق الشعار الذي كان صالح قد رفعه في حملته الانتخابية الرئاسية عام 2006م ولم يطبقه على أرض الواقع ، وهو " يمن جديد.. مستقبل أفضل".
لكن الأمنيات تظل شيئا والواقع شيء آخر، وصحيح ان التوقيع على المبادرة الخليجية، أنهى جولة مريرة من الجدل والمناورات بشأن التوقيع والرفض في اللحظات الأخيرة، الا أنه بداية مرحلة أخرى تجمع كل المؤشرات والتأكيدات بأنها لن تكون سهلة ومضمونة العواقب.
ويجري الآن التركيز بدقة على المرحلة المقبلة وتعصف بأذهان اليمنيين أسئلة كثيرة حول المستقبل ومصير صالح، هل قرر الرحيل نهائيا عن الحكم بتوقيعه على المبادرة أم اننا سنشهد فصلا جديدا من مناوراته السياسة؟ وكيف ستمضي المرحلة الانتقالية؟ وماذا عن الرئاسة الشرفية لمدة تسعين يوما والضمانات الممنوحة من الملاحقة القضائية، ومواقف الأطراف المختلفة؟.
أسئلة كثيرة وتعقيدات كبيرة تنتظر المرحلة المقبلة، ابتداء بالدخول في شيطان التفاصيل التنفيذية للمبادرة وما سينجم عنها من بوادر خلافات وتفسيرات للبنود، وليس انتهاء بتربص المتربصين من قبل النظام ودوائره بشأن مرحلة تعد في نظرهم مناقضة وعدوة للعهد القديم.
ولعل ما يدعو للريبة أكثر ان التوقيع الأخير لم يأت بسهوله والكل يعلم ان ضغوطا كبيرة، محليا واقليميا ودوليا، مورست على صالح منذ شهور والذي سبق له التراجع عن التوقيع في ثلاث محطات رئيسية، وكانت هذه هي المرة الرابعة التي قبل فيها التوقيع على المبادرة مجبرا بعد تحريك ملف اليمن في مجلس الأمن الدولي وصدور قرار من قبل المجلس دعاه إلى توقيع المبادرة فورا ما لم فإن قرارا جديدا كان ينتظره وكان على وشك الصدور.
وطبقا لمصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة، فإن صالح تلقى تهديدات واضحة من قبل مجلس الأمن هدده بفرض عقوبات تشمل تجميد أرصدة عائلته ومنعه من السفر وإحالة ملفه إلى محكمة الجنايات الدولية في حال أصر واستمر في رفض التوقيع على المبادرة الخليجية.
ولوحظ في محطة الرياض أثناء التوقيع، كيف بدا خطاب صالح غير تصالحي وثأري وفيه إشارات كثيرة توحي بأن المرحلة المقبلة لن تكون خالية من المصاعب والإعاقات وسياسة التربص. وقد ركز خطابه على حادثة جامع دار الرئاسة، وهي الحادثة التي أصيب فيها بحروق بالغة مع عدد من قيادات الدولة بداية يونيو الماضي، وهو شبه ما حدث بأنه أسوا من جرائم الصهاينة الذين قال بأنهم استهدفوا الشيخ أحمد ياسين، زعيم حركة حماس، وهو خارج المسجد وليس في داخله.
وقال أيضا ان المهم ليس التوقيع على المبادرة الخليجية وإنما حسن النوايا في تنفيذها وان البلاد بحاجة إلى عشرات السنين لاعادة ما خلفته الأوضاع الحالية، وهي الحقيقة التي يتفق معه فيها الكثير من المراقبين والمتابعين، وإن كانوا يحملونه المسئولية.
وفي هذا السياق، يقول خبير روسي في الشئون اليمنية، ان "حل جميع المشاكل التي تراكمت خلال حكم صالح يتطلب عقودا من الزمن"، ولفت الخبير الروسي إلى ان المبادرة كانت موجهة لمنع حدوث تطورات مأساوية، وان البلاد كانت على وشك حرب أهلية.
ويؤكد مراقبون بأن المسألة اليمنية تحظى الآن بمتابعة سعودية ودولية عالية المستوى وان هذه الجهود هي من ستمنع انزلاق البلاد إلى مصير مجهول وستفوت الأمور على المتربصين بتنفيذ المبادرة. وقرأ هؤلاء كلمة العاهل السعودي بعد التوقيع من هذا المنظور عندما ركز على قضية الوفاء بالعهود، مخاطبا الحاضرين واليمنيين بالقول "ان العهد كان مسئولا"، ودعاهم إلى تجاوز الماضي بكل آلامه.
وإلى جانب الضغط الإقليمي والدولي الذي يجري التعويل عليه لنجاح المبادرة، يرى أخرون ان صالح حصل على شروط جيدة للخروج من السلطة لم يحصل عليها سابقيه كالقذافي ومبارك وبن علي في تونس، فالأول خرج من السلطة مطاردا ومقتولا في النهاية، والثاني غادر السلطة مخلوعا ولم تسعفه الظروف بالخروج بضمانات قانونية من المحاكمة، والثالث فر هاربا وينتظر شبح الملاحقة القضائية.
أما صالح، فعلاوة على انه سيبقى رئيسا شرفيا لمدة تسعين يوما، تمنحه المبادرة الخليجية أيضا حصانة قانونية من الملاحقة القضائية مع رموز نظامه ولازال الحزب الذي يترأسه حاضرا بقوة في المعترك السياسي وسيدخل الحزب حكومة الوفاق الوطني، طبقا للمبادرة، مناصفة مع المعارضة، وكما يبدو سيحاول صالح من خلاله ممارسة الحكم بطريقة أو بأخرى، وهو ما يعقد قراءة المستقبل والتوقعات بشأن مضي المرحلة الانتقالية بسلاسة خاصة مع بقاء تركيبة نظام صالح في أكثر من مكان وتركة 33 عاما من حكمه.
وبرغم التأكيد قبل نشر الصيغة النهائية للآلية التنفيذية المزمنة للمبادرة الخليجية، بأن صالح سيسلم كامل صلاحياته لنائبه هادي فور توقيعه على المبادرة، وسيبقى رئيسا شرفيا من دون صلاحيات لمدة تسعين يوما. الا ان الآلية لم تتضمن ما يشير إلى ذلك بشكل واضح، وما جاء في البند الخامس منها التالي " يعتبر الجانبان أن الرئيس قد فوض نائب الرئيس، بموجب المرسوم الرئاسي رقم (24) لعام 2011، تفويضا لا رجعة فيه، الصلاحيات الرئاسية اللازمة للتفاوض بشأن هذه الآلية وتوقيعها وإنفاذها، إلى جانب جميع الصلاحيات الدستورية المتصلة بتنفيذها ومتابعتها وممتد الصلاحيات لتشمل الدعوة إلى اجراء انتخابات مبكرة، وجميع القرارات اللازمة لتشكيل حكومة الوفاق الوطني، بما في ذلك تنصيب أعضائها وغيرها من الهيئات المنصوص عليها في هذه الآلية".
ويفهم من هذا التفويض الرئاسي بأنه ليس كامل الصلاحيات بعد ان سبقه تسريبات عن رفض عبد ربه منصور التوقيع على المبادرة بسبب الصلاحيات الممنوحة له، وهو تغيب أيضا عن مراسم التوقيع في الرياض بعد تأكيد المستشار الاعلامي لصالح قبل يوم من التوقيع في الرياض بأنه أقسم يمينا بأنه لن يوقع على المبادرة.
وفيما أرجع عبد ربه منصور هادي عدم توقيعه على المبادرة بأنه كان مخولا بالتوقيع عليها فقط أثناء غياب صالح خارج البلاد. غير ان هذا الموقف يتناقض مع تأكيد الأخير في أول خطاب له عقب عودته من رحلته العلاجية من الرياض، بأن نائبه مخول في كل الظروف بالتوقيع على المبادرة الخليجية حتى بعد رجوعه إلى البلاد.
وتحدد الآلية التنفيذية الفترة الانتقالية بشكل مفصل، حيث قسمت إلى مرحلتين. تنتهي المرحلة الأولى يوم الثلاثاء الموافق 21 فبراير 2012م وذلك بانتخاب عبد ربه منصور هادي رئيسا جديدا للجمهورية بالتوافق.
وبموجب الآلية تشكل حكومة الوفاق الوطني في فترة أقصاها 14 يوما، وتتألف من 50% لكل طرف( المؤتمر وحلفائه والمشترك وشركائه) مع وجوب مراعاة تمثيل المرأة فيها. وما يتعلق بتقسيم الحقائب الوزارية، يقوم أحد الطرفين بإعداد قائمتين بالوزارات تسلم للطرف الآخر الذي يكون له حق اختيار إحدى القائمتين.
وعند تشكيل حكومة الوفاق الوطني، تشكل لجنة اتصال تتولى التواصل مع حركات الشباب في الساحات وباقي أنحاء اليمن لنشر وشرح تفاصيل الاتفاق وإطلاق نقاش مفتوح حول مستقبل البلاد والذي سيتواصل من خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
وبعد الانتخابات الرئاسية المبكرة، تبدأ المرحلة الانتقالية الثانية التي تستمر سنتين، ويتم خلالها إجراء حوار وطني شامل لحل المشاكل الكبيرة فضلا عن البحث عن شكل جديد للنظام ودستور جديد.
ومع احتفاء محدود لشباب الثورة بتحقيق ما اعتبروه الهدف الأول للثورة برحيل صالح عن السلطة، الا ان الغالبية رفضوا ما جاء في الاتفاق خاصة بند الضمانات الذي يتيح له النفاذ من الملاحقة القانونية. وعبر أحد الشباب عن امتعاضه من هذا البند، بالقول " لم نخرج إلى الشوارع ونقدم التضحيات حتى يحصل صالح وأقاربه على الحصانة من الملاحقة القانونية".
وحاول رئيس أحزاب المشترك الدكتور ياسين سعيد نعمان طمأنة شباب الثورة بتأكيده على ان هناك لجنة خاصة ستشكلها حكومة الوفاق الوطني للتحاور معهم بهدف اشراكهم في العملية السياسية المقبلة.
لكن ذلك لم يمنع من خروج مسيرات ومظاهرات شبه يومية تأكيدا لاستمرار برنامج التصعيد الثوري ورفض الاتفاق واعتباره مؤامرة على الثورة، على حد تعبير الحوثيين وبعض الشباب المستقل.
وجاء في بيان صادر عن المكتب الاعلامي لعبد الملك الحوثي " نؤكد رفضنا للتسوية السياسية التي تمت مع النظام المجرم، والتي تعيده إلى المربع الأول الذي ثار الشعب عليه وتمنحه حصانة من الملاحقة القانونية جراء جرائمه الفظيعة بحق الشعب اليمني، ونعتبر أي اتفاقية مع النظام الظالم تعتبر خيانة لدماء الشهداء والجرحى، واستخفافا بتضحيات الشعب اليمني وطعنة موجعة للثوار الأحرار الذين تحملوا كل أنواع المعاناة والسجن والتعذيب والقتل لأكثر من عشرة أشهر".
أما موقف الحراك الجنوبي، وكما جاء في تصريحات بعض قياداته، فقد اعتبروا التوقيع على المبادرة مسألة لا تعنيهم وأنها "تسوية سياسية بين النظام والمعارضة"، مؤكدين ان القضية الجنوبية مختلفة تماما وانه قد تم تجاهلها في الاتفاق، بالرغم من تضمين الآلية حلا شاملا للمشاكل العالقة في البلاد خلال المرحلة الانتقالية وبواسطة عقد مؤتمر حوار وطني شامل.
وسيبحث المؤتمر، طبقا لأحد بنود الآلية التنفيذية لمبادرة الخليج " القضية الجنوبية بما يفضي إلى حل وطني عادل لها يحفظ لليمن وحدته واستقراره وآمنه".
واعتبر الجيش المؤيد للثورة الاتفاق خطوة أولى على طريق الثورة السلمية. ودعا في بيان له، عقلاء المؤتمر وقوات الحرس والأمن والنجدة للعمل معا ولملمة شتات النسيج الاجتماعي والثقة بأن الوطن يتسع للجميع.
وقال البيان ان " ما حدث خلال الأشهر العشرة الماضية من عمر الثورة السلمية المباركة من تجاوزات في حق أبناء الشعب ومقدرات الوطن ومكتسباته يعد أمرا مؤسفا ومؤلما لنا جميعا, وأضحى من الطبيعي أن يمد العقلاء من أبنا ء اليمن كافة أياديهم إلى أيادي بعضهم البعض وكافة مكونات الثورة للوقوف جميعا صفا واحدا ضد أصحاب المشاريع الصغير ة المفلسة الذين كبدو ا الوطن والشعب الكثير والكثير نتاج صبرنا وسكوتنا عليهم".
وطغت بيانات الترحيب على المواقف الدولية والعربية وتعليقات الصحف، لكنها لم تخل في معظمها من اشارات إلى حجم التحديات التي تواجه اليمنيين خلال الفترة المقبلة، وكذلك التشكيك بنوايا صالح ورموز نظامه.
وقال مصدر بالخارجية الأمريكية إن توقيع صالح على المبادرة "لا يبدو أنه نهاية المشكلة". وأوضح المصدر ان "هناك شيئا ما يجعلنا نشكك فى نواياه الحقيقية"، مضيفا أن صالح، فى الخطاب الذي ألقاه فى الرياض عند التوقيع على الاتفاقية، شن هجوما عنيفا على المعارضة واستعمل آيات قرآنية "وكأنه يقول إنه على حق"، وقدم نفسه على أنه حريص على مصلحة اليمن أكثر من المعارضة.
وتناول المصدر الأمريكي شكوك كثير من المراقبين وتحليلاتهم لشخصية صالح ولفت إلى الثغرات التي تتربص بالاتفاق وتلك الحيثيات التي بدأت في الظهور حتى الآن.
ففي يوم الخميس الماضي، أي بعد يوم من التوقيع على المبادرة، بدا صالح وكأنه يواصل أداء مهامه الرئاسية المعتادة بالتوجيه إلى وزارة الداخلية للتحقيق في حادثة إطلاق النار من جانب مليشياته على مسيرة سلمية بصنعاء، خرجت للتنديد بالاتفاق ورفض منحه الحصانة من الملاحقة القضائية، وكذلك في تهنئته للقوات المسلحة والأمن بمناسبة العام الهجري الجديد.
وعدت مصادر معارضة ذلك خرقا للمبادرة الخليجية، فيما قال صالح في برقيته للقوات المسلحة والأمن " نتطلع بكل الأمل والثقة إلى أن تتعامل كافة الأطراف السياسية وكل القوى الخيرة بإيجابية مع المبادرة وآليتها التنفيذية، وان لا يتم التنكر لها كما تنكر الذين وقعوا في عمان عام 1994م على وثيقة العهد والاتفاق وأشعلوا الحرب وأعلنوا الانفصال".
وحذر من الالتفاف على ما تم الاتفاق عليه أمام مرأى ومسمع كل دول العالم من خلال ما وصفها " أعمال التصعيد ومحاولة تفجير الموقف والاستمرار في قطع الطرق والكهرباء وأنابيب النفط والغاز، وإشاعة الرعب والخوف في أوساط المواطنين الآمنين، والاستمرار في التمترس والتخندق في الشوارع والإحياء والاعتداءات المتكررة على معسكرات القوات المسلحة والأمن وذلك بهدف إفشال الاتفاق".
وتأكيدا لاستمرار دوره في المرحلة المقبلة، قال وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، أبو بكر القربي، في حوار مع صحيفة "الحياة اللندنية" يوم السبت الماضي، " نظام علي عبد الله صالح لم يرحل عن اليمن، وصالح لن يرحل، بل سيظل يمنيا له الحق في البقاء، ولعب دور سياسي من خلال المؤتمر الشعبي العام".
كما برزت الشكوك بنوايا صالح للثأر من العهد الجديد أو تركه للحكم بسهولة في تحليلات معظم السياسيين والتعليقات الصحفية، حيث ركزت التحليلات على إرث الفساد والتوتر الذي خلفه حكمه خلال 33 عاما، وذلك من خلال تأليب القبائل ضد بعضها البعض، وغض الطرف عن نشاط تنظيم القاعدة.
وكذلك في إهماله للحركات الاحتجاجية في شمال الشمال والمحافظات الجنوبية واللعب الدائم على وتر التناقضات المحلية والاقليمية والدولية. وانتهت صحيفة أمريكية إلى خلاصة مفادها أن صالح رجل يكن الأحقاد في داخله، وأنه على الرغم من أن توقيعه على المبادرة الخليجية، تعد ضربة موجعة لغروره، إلا أنه يترك وراءه كأسا مسمومة ستحقق له الانتقام الذي يسعى إليه.
ودعت جريدة "الخليج الاماراتية" اليمنيين إلى عدم تكرار تجربة نظام يحكم لأكثر من ثلاثة عقود وأن يقتنعوا بأن نسخة ثانية منه يجب ألا تتكرر مرة أخرى. وحذرت مصادر دبلوماسية من عيوب في الاتفاق يمكن استغلالها لتقويض تطبيقه في كل مرحلة.
وأشارت المصادر إلى حجم الصعوبات في المرحلة الانتقالية وخاصة اللجنة المناط بها إعادة هيكلة الجيش. وقال المحلل في مركز بروكنجز بالدوحة، إبراهيم شرقية، ان اهم التحديات ستكون اعادة هيكلة الاجهزة العسكرية والامنية التي يسيطر عليها أبناء صالح وأبناء اخوته.
وأضاف "هذا هو الاختبار الحقيقي، هل سيتم تغيير النظام او تغيير علي عبدالله صالح؟ هل سيتم اقصاء احمد نجله الذي يقود الحرس الجمهوري مع أبناء عمه؟ بقاؤهم يعني بقاء النظام".
ويرى المحلل السياسي، عبد الغني الإرياني، ان قلائل يعتقدون أن الاتفاق يؤشر الى نهاية طموحات صالح السياسية. ويضيف "هو يظن أنه يوفر بقية مناوراته لمرحلة ما بعد التوقيع".
وبدوره، يرى المحلل السياسي، علي سيف حسن ان "الرعاية السعودية والدعم الدولي للتوقيع سيضمنان الى حد كبير نجاح التطبيق". ويضيف ان " كل الاطراف التي يمكنها ان تعرقل الحل هي تحت السقف السعودي".
لكنه يرى أيضا ان الطريق صعبة جدا ويتخوف من تشكيل "حكومة ضعيفة" غير قادرة على اخذ قرار، بما يشكل "تكرارا للمشهد المصري".
وقال الدكتور، فارس السقاف، "هناك تجارب مريرة سابقة مع صالح من حيث الانقلاب على الاتفاقات، لكنه الآن وقع على المبادرة وخيارات عدم التنفيذ محدودة جدا بالنسبة له لانه بات تحت المراقبة والمتابعة من السعودية وكل المجتمع الدولي".

*عن الناس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.