مظاهرة حاشدة في حضرموت تطالب بالإفراج عن السياسي محمد قحطان    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    "يقظة أمن عدن تُفشل مخططًا إجراميًا... القبض على ثلاثه متهمين قاموا بهذا الأمر الخطير    شاهد :صور اليوتيوبر "جو حطاب" في حضرموت تشعل مواقع التواصل الاجتماعي    شاهد : العجوز اليمنية التي دعوتها تحققت بسقوط طائرة رئيس إيران    صراعات داخل مليشيا الحوثي: قنبلة موقوتة على وشك الانفجار    المهرة.. محتجون يطالبون بالإفراج الفوري عن القيادي قحطان    ناشطون يطالبون الجهات المعنية بضبط شاب اعتدى على فتاة امام الناس    لليوم الثالث...الحوثيون يفرضون حصاراً خانقاً على مديرية الخَلَق في الجوف    اللجنة الوطنية للمرأة تناقش أهمية التمكين والمشاركة السياسة للنساء مميز    رئيس الوفد الحكومي: لدينا توجيهات بعدم التعاطي مع الحوثيين إلا بالوصول إلى اتفاقية حول قحطان    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    مجلس النواب يجمد مناقشة تقرير المبيدات بعد كلمة المشاط ولقائه بقيادة وزارة الزراعة ولجنة المبيدات    ثلاث مرات في 24 ساعة: كابلات ضوئية تقطع الإنترنت في حضرموت وشبوة!    إعلان هام من سفارة الجمهورية في العاصمة السعودية الرياض    الصين تبقي على اسعار الفائدة الرئيسي للقروض دون تغيير    مجلس التعاون الخليجي يؤكد موقفه الداعم لجهود السلام في اليمن وفقاً للمرجعيات الثلاث مميز    لابورتا وتشافي سيجتمعان بعد نهاية مباراة اشبيلية في الليغا    رسميا.. كاف يحيل فوضى الكونفيدرالية للتحقيق    منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن قلقها إزاء العنف ضد الأقلية المسلمة (الروهينغا) في ميانمار    منتخب الشباب يقيم معسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    البرغوثي يرحب بقرار مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية مميز    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    وفاة محتجز في سجون الحوثيين بعد سبع سنوات من اعتقاله مميز    قيادات سياسية وحزبية وسفراء تُعزي رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح في وفاة والده    مع اقتراب الموعد.. البنك المركزي يحسم موقفه النهائي من قرار نقل البنوك إلى عدن.. ويوجه رسالة لإدارات البنوك    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    عبد الله البردوني.. الضرير الذي أبصر بعيونه اليمن    أرتيتا.. بطل غير متوج في ملاعب البريميرليج    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    تغير مفاجئ في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    الداخلية تعلن ضبط أجهزة تشويش طيران أثناء محاولة تهريبها لليمن عبر منفذ صرفيت    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا بعد توقيع المبادرة الخليجية؟!
نشر في المصدر يوم 28 - 11 - 2011

طوى اليمن صفحة مهمة في تاريخه المعاصر بالتوقيع على المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية المزمنة لها بعد أشهر من الجدل والحوارات والمناورات والضغوط أيضا. وبتوقيعه على المبادرة أخيرا تحت تأثير ضغوط كبيرة، فتح صالح المجال لنقلة جديدة في حياة اليمنيين وأنعش الآمال بغد أفضل يتمنون فيه تحقق الشعار الذي كان صالح قد رفعه في حملته الانتخابية الرئاسية عام 2006م ولم يطبقه على أرض الواقع ، وهو " يمن جديد.. مستقبل أفضل".
لكن الأمنيات تظل شيئا والواقع شيء آخر، وصحيح ان التوقيع على المبادرة الخليجية، أنهى جولة مريرة من الجدل والمناورات بشأن التوقيع والرفض في اللحظات الأخيرة، الا أنه بداية مرحلة أخرى تجمع كل المؤشرات والتأكيدات بأنها لن تكون سهلة ومضمونة العواقب.
ويجري الآن التركيز بدقة على المرحلة المقبلة وتعصف بأذهان اليمنيين أسئلة كثيرة حول المستقبل ومصير صالح، هل قرر الرحيل نهائيا عن الحكم بتوقيعه على المبادرة أم اننا سنشهد فصلا جديدا من مناوراته السياسة؟ وكيف ستمضي المرحلة الانتقالية؟ وماذا عن الرئاسة الشرفية لمدة تسعين يوما والضمانات الممنوحة من الملاحقة القضائية، ومواقف الأطراف المختلفة؟.
أسئلة كثيرة وتعقيدات كبيرة تنتظر المرحلة المقبلة، ابتداء بالدخول في شيطان التفاصيل التنفيذية للمبادرة وما سينجم عنها من بوادر خلافات وتفسيرات للبنود، وليس انتهاء بتربص المتربصين من قبل النظام ودوائره بشأن مرحلة تعد في نظرهم مناقضة وعدوة للعهد القديم.
ولعل ما يدعو للريبة أكثر ان التوقيع الأخير لم يأت بسهوله والكل يعلم ان ضغوطا كبيرة، محليا واقليميا ودوليا، مورست على صالح منذ شهور والذي سبق له التراجع عن التوقيع في ثلاث محطات رئيسية، وكانت هذه هي المرة الرابعة التي قبل فيها التوقيع على المبادرة مجبرا بعد تحريك ملف اليمن في مجلس الأمن الدولي وصدور قرار من قبل المجلس دعاه إلى توقيع المبادرة فورا ما لم فإن قرارا جديدا كان ينتظره وكان على وشك الصدور.
وطبقا لمصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة، فإن صالح تلقى تهديدات واضحة من قبل مجلس الأمن هدده بفرض عقوبات تشمل تجميد أرصدة عائلته ومنعه من السفر وإحالة ملفه إلى محكمة الجنايات الدولية في حال أصر واستمر في رفض التوقيع على المبادرة الخليجية.
ولوحظ في محطة الرياض أثناء التوقيع، كيف بدا خطاب صالح غير تصالحي وثأري وفيه إشارات كثيرة توحي بأن المرحلة المقبلة لن تكون خالية من المصاعب والإعاقات وسياسة التربص. وقد ركز خطابه على حادثة جامع دار الرئاسة، وهي الحادثة التي أصيب فيها بحروق بالغة مع عدد من قيادات الدولة بداية يونيو الماضي، وهو شبه ما حدث بأنه أسوا من جرائم الصهاينة الذين قال بأنهم استهدفوا الشيخ أحمد ياسين، زعيم حركة حماس، وهو خارج المسجد وليس في داخله.
وقال أيضا ان المهم ليس التوقيع على المبادرة الخليجية وإنما حسن النوايا في تنفيذها وان البلاد بحاجة إلى عشرات السنين لاعادة ما خلفته الأوضاع الحالية، وهي الحقيقة التي يتفق معه فيها الكثير من المراقبين والمتابعين، وإن كانوا يحملونه المسئولية.
وفي هذا السياق، يقول خبير روسي في الشئون اليمنية، ان "حل جميع المشاكل التي تراكمت خلال حكم صالح يتطلب عقودا من الزمن"، ولفت الخبير الروسي إلى ان المبادرة كانت موجهة لمنع حدوث تطورات مأساوية، وان البلاد كانت على وشك حرب أهلية.
ويؤكد مراقبون بأن المسألة اليمنية تحظى الآن بمتابعة سعودية ودولية عالية المستوى وان هذه الجهود هي من ستمنع انزلاق البلاد إلى مصير مجهول وستفوت الأمور على المتربصين بتنفيذ المبادرة. وقرأ هؤلاء كلمة العاهل السعودي بعد التوقيع من هذا المنظور عندما ركز على قضية الوفاء بالعهود، مخاطبا الحاضرين واليمنيين بالقول "ان العهد كان مسئولا"، ودعاهم إلى تجاوز الماضي بكل آلامه.
وإلى جانب الضغط الإقليمي والدولي الذي يجري التعويل عليه لنجاح المبادرة، يرى أخرون ان صالح حصل على شروط جيدة للخروج من السلطة لم يحصل عليها سابقيه كالقذافي ومبارك وبن علي في تونس، فالأول خرج من السلطة مطاردا ومقتولا في النهاية، والثاني غادر السلطة مخلوعا ولم تسعفه الظروف بالخروج بضمانات قانونية من المحاكمة، والثالث فر هاربا وينتظر شبح الملاحقة القضائية.
أما صالح، فعلاوة على انه سيبقى رئيسا شرفيا لمدة تسعين يوما، تمنحه المبادرة الخليجية أيضا حصانة قانونية من الملاحقة القضائية مع رموز نظامه ولازال الحزب الذي يترأسه حاضرا بقوة في المعترك السياسي وسيدخل الحزب حكومة الوفاق الوطني، طبقا للمبادرة، مناصفة مع المعارضة، وكما يبدو سيحاول صالح من خلاله ممارسة الحكم بطريقة أو بأخرى، وهو ما يعقد قراءة المستقبل والتوقعات بشأن مضي المرحلة الانتقالية بسلاسة خاصة مع بقاء تركيبة نظام صالح في أكثر من مكان وتركة 33 عاما من حكمه.
وبرغم التأكيد قبل نشر الصيغة النهائية للآلية التنفيذية المزمنة للمبادرة الخليجية، بأن صالح سيسلم كامل صلاحياته لنائبه هادي فور توقيعه على المبادرة، وسيبقى رئيسا شرفيا من دون صلاحيات لمدة تسعين يوما. الا ان الآلية لم تتضمن ما يشير إلى ذلك بشكل واضح، وما جاء في البند الخامس منها التالي " يعتبر الجانبان أن الرئيس قد فوض نائب الرئيس، بموجب المرسوم الرئاسي رقم (24) لعام 2011، تفويضا لا رجعة فيه، الصلاحيات الرئاسية اللازمة للتفاوض بشأن هذه الآلية وتوقيعها وإنفاذها، إلى جانب جميع الصلاحيات الدستورية المتصلة بتنفيذها ومتابعتها وممتد الصلاحيات لتشمل الدعوة إلى اجراء انتخابات مبكرة، وجميع القرارات اللازمة لتشكيل حكومة الوفاق الوطني، بما في ذلك تنصيب أعضائها وغيرها من الهيئات المنصوص عليها في هذه الآلية".
ويفهم من هذا التفويض الرئاسي بأنه ليس كامل الصلاحيات بعد ان سبقه تسريبات عن رفض عبد ربه منصور التوقيع على المبادرة بسبب الصلاحيات الممنوحة له، وهو تغيب أيضا عن مراسم التوقيع في الرياض بعد تأكيد المستشار الاعلامي لصالح قبل يوم من التوقيع في الرياض بأنه أقسم يمينا بأنه لن يوقع على المبادرة.
وفيما أرجع عبد ربه منصور هادي عدم توقيعه على المبادرة بأنه كان مخولا بالتوقيع عليها فقط أثناء غياب صالح خارج البلاد. غير ان هذا الموقف يتناقض مع تأكيد الأخير في أول خطاب له عقب عودته من رحلته العلاجية من الرياض، بأن نائبه مخول في كل الظروف بالتوقيع على المبادرة الخليجية حتى بعد رجوعه إلى البلاد.
وتحدد الآلية التنفيذية الفترة الانتقالية بشكل مفصل، حيث قسمت إلى مرحلتين. تنتهي المرحلة الأولى يوم الثلاثاء الموافق 21 فبراير 2012م وذلك بانتخاب عبد ربه منصور هادي رئيسا جديدا للجمهورية بالتوافق.
وبموجب الآلية تشكل حكومة الوفاق الوطني في فترة أقصاها 14 يوما، وتتألف من 50% لكل طرف( المؤتمر وحلفائه والمشترك وشركائه) مع وجوب مراعاة تمثيل المرأة فيها. وما يتعلق بتقسيم الحقائب الوزارية، يقوم أحد الطرفين بإعداد قائمتين بالوزارات تسلم للطرف الآخر الذي يكون له حق اختيار إحدى القائمتين.
وعند تشكيل حكومة الوفاق الوطني، تشكل لجنة اتصال تتولى التواصل مع حركات الشباب في الساحات وباقي أنحاء اليمن لنشر وشرح تفاصيل الاتفاق وإطلاق نقاش مفتوح حول مستقبل البلاد والذي سيتواصل من خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
وبعد الانتخابات الرئاسية المبكرة، تبدأ المرحلة الانتقالية الثانية التي تستمر سنتين، ويتم خلالها إجراء حوار وطني شامل لحل المشاكل الكبيرة فضلا عن البحث عن شكل جديد للنظام ودستور جديد.
ومع احتفاء محدود لشباب الثورة بتحقيق ما اعتبروه الهدف الأول للثورة برحيل صالح عن السلطة، الا ان الغالبية رفضوا ما جاء في الاتفاق خاصة بند الضمانات الذي يتيح له النفاذ من الملاحقة القانونية. وعبر أحد الشباب عن امتعاضه من هذا البند، بالقول " لم نخرج إلى الشوارع ونقدم التضحيات حتى يحصل صالح وأقاربه على الحصانة من الملاحقة القانونية".
وحاول رئيس أحزاب المشترك الدكتور ياسين سعيد نعمان طمأنة شباب الثورة بتأكيده على ان هناك لجنة خاصة ستشكلها حكومة الوفاق الوطني للتحاور معهم بهدف اشراكهم في العملية السياسية المقبلة.
لكن ذلك لم يمنع من خروج مسيرات ومظاهرات شبه يومية تأكيدا لاستمرار برنامج التصعيد الثوري ورفض الاتفاق واعتباره مؤامرة على الثورة، على حد تعبير الحوثيين وبعض الشباب المستقل.
وجاء في بيان صادر عن المكتب الاعلامي لعبد الملك الحوثي " نؤكد رفضنا للتسوية السياسية التي تمت مع النظام المجرم، والتي تعيده إلى المربع الأول الذي ثار الشعب عليه وتمنحه حصانة من الملاحقة القانونية جراء جرائمه الفظيعة بحق الشعب اليمني، ونعتبر أي اتفاقية مع النظام الظالم تعتبر خيانة لدماء الشهداء والجرحى، واستخفافا بتضحيات الشعب اليمني وطعنة موجعة للثوار الأحرار الذين تحملوا كل أنواع المعاناة والسجن والتعذيب والقتل لأكثر من عشرة أشهر".
أما موقف الحراك الجنوبي، وكما جاء في تصريحات بعض قياداته، فقد اعتبروا التوقيع على المبادرة مسألة لا تعنيهم وأنها "تسوية سياسية بين النظام والمعارضة"، مؤكدين ان القضية الجنوبية مختلفة تماما وانه قد تم تجاهلها في الاتفاق، بالرغم من تضمين الآلية حلا شاملا للمشاكل العالقة في البلاد خلال المرحلة الانتقالية وبواسطة عقد مؤتمر حوار وطني شامل.
وسيبحث المؤتمر، طبقا لأحد بنود الآلية التنفيذية لمبادرة الخليج " القضية الجنوبية بما يفضي إلى حل وطني عادل لها يحفظ لليمن وحدته واستقراره وآمنه".
واعتبر الجيش المؤيد للثورة الاتفاق خطوة أولى على طريق الثورة السلمية. ودعا في بيان له، عقلاء المؤتمر وقوات الحرس والأمن والنجدة للعمل معا ولملمة شتات النسيج الاجتماعي والثقة بأن الوطن يتسع للجميع.
وقال البيان ان " ما حدث خلال الأشهر العشرة الماضية من عمر الثورة السلمية المباركة من تجاوزات في حق أبناء الشعب ومقدرات الوطن ومكتسباته يعد أمرا مؤسفا ومؤلما لنا جميعا, وأضحى من الطبيعي أن يمد العقلاء من أبنا ء اليمن كافة أياديهم إلى أيادي بعضهم البعض وكافة مكونات الثورة للوقوف جميعا صفا واحدا ضد أصحاب المشاريع الصغير ة المفلسة الذين كبدو ا الوطن والشعب الكثير والكثير نتاج صبرنا وسكوتنا عليهم".
وطغت بيانات الترحيب على المواقف الدولية والعربية وتعليقات الصحف، لكنها لم تخل في معظمها من اشارات إلى حجم التحديات التي تواجه اليمنيين خلال الفترة المقبلة، وكذلك التشكيك بنوايا صالح ورموز نظامه.
وقال مصدر بالخارجية الأمريكية إن توقيع صالح على المبادرة "لا يبدو أنه نهاية المشكلة". وأوضح المصدر ان "هناك شيئا ما يجعلنا نشكك فى نواياه الحقيقية"، مضيفا أن صالح، فى الخطاب الذي ألقاه فى الرياض عند التوقيع على الاتفاقية، شن هجوما عنيفا على المعارضة واستعمل آيات قرآنية "وكأنه يقول إنه على حق"، وقدم نفسه على أنه حريص على مصلحة اليمن أكثر من المعارضة.
وتناول المصدر الأمريكي شكوك كثير من المراقبين وتحليلاتهم لشخصية صالح ولفت إلى الثغرات التي تتربص بالاتفاق وتلك الحيثيات التي بدأت في الظهور حتى الآن.
ففي يوم الخميس الماضي، أي بعد يوم من التوقيع على المبادرة، بدا صالح وكأنه يواصل أداء مهامه الرئاسية المعتادة بالتوجيه إلى وزارة الداخلية للتحقيق في حادثة إطلاق النار من جانب مليشياته على مسيرة سلمية بصنعاء، خرجت للتنديد بالاتفاق ورفض منحه الحصانة من الملاحقة القضائية، وكذلك في تهنئته للقوات المسلحة والأمن بمناسبة العام الهجري الجديد.
وعدت مصادر معارضة ذلك خرقا للمبادرة الخليجية، فيما قال صالح في برقيته للقوات المسلحة والأمن " نتطلع بكل الأمل والثقة إلى أن تتعامل كافة الأطراف السياسية وكل القوى الخيرة بإيجابية مع المبادرة وآليتها التنفيذية، وان لا يتم التنكر لها كما تنكر الذين وقعوا في عمان عام 1994م على وثيقة العهد والاتفاق وأشعلوا الحرب وأعلنوا الانفصال".
وحذر من الالتفاف على ما تم الاتفاق عليه أمام مرأى ومسمع كل دول العالم من خلال ما وصفها " أعمال التصعيد ومحاولة تفجير الموقف والاستمرار في قطع الطرق والكهرباء وأنابيب النفط والغاز، وإشاعة الرعب والخوف في أوساط المواطنين الآمنين، والاستمرار في التمترس والتخندق في الشوارع والإحياء والاعتداءات المتكررة على معسكرات القوات المسلحة والأمن وذلك بهدف إفشال الاتفاق".
وتأكيدا لاستمرار دوره في المرحلة المقبلة، قال وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، أبو بكر القربي، في حوار مع صحيفة "الحياة اللندنية" يوم السبت الماضي، " نظام علي عبد الله صالح لم يرحل عن اليمن، وصالح لن يرحل، بل سيظل يمنيا له الحق في البقاء، ولعب دور سياسي من خلال المؤتمر الشعبي العام".
كما برزت الشكوك بنوايا صالح للثأر من العهد الجديد أو تركه للحكم بسهولة في تحليلات معظم السياسيين والتعليقات الصحفية، حيث ركزت التحليلات على إرث الفساد والتوتر الذي خلفه حكمه خلال 33 عاما، وذلك من خلال تأليب القبائل ضد بعضها البعض، وغض الطرف عن نشاط تنظيم القاعدة.
وكذلك في إهماله للحركات الاحتجاجية في شمال الشمال والمحافظات الجنوبية واللعب الدائم على وتر التناقضات المحلية والاقليمية والدولية. وانتهت صحيفة أمريكية إلى خلاصة مفادها أن صالح رجل يكن الأحقاد في داخله، وأنه على الرغم من أن توقيعه على المبادرة الخليجية، تعد ضربة موجعة لغروره، إلا أنه يترك وراءه كأسا مسمومة ستحقق له الانتقام الذي يسعى إليه.
ودعت جريدة "الخليج الاماراتية" اليمنيين إلى عدم تكرار تجربة نظام يحكم لأكثر من ثلاثة عقود وأن يقتنعوا بأن نسخة ثانية منه يجب ألا تتكرر مرة أخرى. وحذرت مصادر دبلوماسية من عيوب في الاتفاق يمكن استغلالها لتقويض تطبيقه في كل مرحلة.
وأشارت المصادر إلى حجم الصعوبات في المرحلة الانتقالية وخاصة اللجنة المناط بها إعادة هيكلة الجيش. وقال المحلل في مركز بروكنجز بالدوحة، إبراهيم شرقية، ان اهم التحديات ستكون اعادة هيكلة الاجهزة العسكرية والامنية التي يسيطر عليها أبناء صالح وأبناء اخوته.
وأضاف "هذا هو الاختبار الحقيقي، هل سيتم تغيير النظام او تغيير علي عبدالله صالح؟ هل سيتم اقصاء احمد نجله الذي يقود الحرس الجمهوري مع أبناء عمه؟ بقاؤهم يعني بقاء النظام".
ويرى المحلل السياسي، عبد الغني الإرياني، ان قلائل يعتقدون أن الاتفاق يؤشر الى نهاية طموحات صالح السياسية. ويضيف "هو يظن أنه يوفر بقية مناوراته لمرحلة ما بعد التوقيع".
وبدوره، يرى المحلل السياسي، علي سيف حسن ان "الرعاية السعودية والدعم الدولي للتوقيع سيضمنان الى حد كبير نجاح التطبيق". ويضيف ان " كل الاطراف التي يمكنها ان تعرقل الحل هي تحت السقف السعودي".
لكنه يرى أيضا ان الطريق صعبة جدا ويتخوف من تشكيل "حكومة ضعيفة" غير قادرة على اخذ قرار، بما يشكل "تكرارا للمشهد المصري".
وقال الدكتور، فارس السقاف، "هناك تجارب مريرة سابقة مع صالح من حيث الانقلاب على الاتفاقات، لكنه الآن وقع على المبادرة وخيارات عدم التنفيذ محدودة جدا بالنسبة له لانه بات تحت المراقبة والمتابعة من السعودية وكل المجتمع الدولي".

*عن الناس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.