استدرجوه من الضالع لسرقة سيارته .. مقتل مواطن على يد عصابة ورمي جثته في صنعاء    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    نقطة أمنية في عاصمة شبوة تعلن ضبط 60 كيلو حشيش    مركز الإنذار المبكر يحذر من استمرار تأثير المنخفض الجوي    مليار دولار التكلفة الأمريكية لإحباط هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    إنهم يسيئون لأنفسم ويخذلون شعبهم    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    طاقة نظيفة.. مستقبل واعد: محطة عدن الشمسية تشعل نور الأمل في هذا الموعد    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    الحكومة تطالب بتحرك دولي لوقف تجنيد الحوثي للأطفال تحت غطاء المراكز الصيفية    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    الدوري الاوروبي ... ميلان وليفربول يودعان البطولة    الدوري السعودي ... الشباب يكتسح ابها بخماسية    "لا حل إلا بالحسم العسكري"..مقرب من الرئيس الراحل "علي صالح" يحذر من مخيمات الحوثيين الصيفية ويدعو للحسم    "طاووس الجنان" و"خادمة صاحب الزمان"...دعوة زفاف لعائلة حوثية تُثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مافيها(صورة)    "ابتزاز سياسي واقتصادي للشرعية"...خبير اقتصادي يكشف سبب طباعة الحوثيين للعملات المزيفة    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    إصابة 3 أطفال بانفجار مقذوف شمالي الضالع    انطلاق أعمال الدورة ال33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لأفريقيا    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    لجنة الطوارئ بمأرب تباشر مهامها الميدانية لمواجهة مخاطر المنخفض الجوي    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    مصرع وجرح عدد من العناصر الإرهابية على يد القوات الجنوبية بوادي عومران    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    سقوط 9 مدنيين في الحديدة بسبب الألغام ومخلفات الحرب خلال مارس الماضي مميز    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    إسقاط طائرة تجسس حوثية في شقرة بمحافظة أبين    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    أضرار مادية وخسائر بشرية بسبب الفيضانات شرقي اليمن وإغلاق مدينة بالكامل    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    ليلة للتاريخ من لونين.. وخيبة أمل كبيرة لهالاند    أهلي جدة: قرار رابطة الدوري السعودي تعسفي    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    اليمن: الكوارث الطبيعية تُصبح ظاهرة دورية في بعض المحافظات الساحلية، ووزير سابق يدعو لإنشاء صندوق طوارئ    مأساة إنسانية: صاعقة رعدية تُفجع عائلتين في تعز    على رأسهم مهدي المشاط ...ناشطة حوثية تدعو إلى كسر الصمت حول قضية السموم الزراعية في اليمن    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن أزمة أم مأزق عمر سعيد باحاج
نشر في عدن أون لاين يوم 14 - 12 - 2012

يعيش اليمن هذه الأيام ظروف غير مستقرة برؤية مظلمة غير واضحة المعالم فهل هي أزمة أم مأزق؟ وما الفرق بين التسميتين؟.
الأزمة:
هي نتيجة أخطاء أو إهمال أو عمل غير مدروس بقصد أو بغير قصد. ففي السياسة هي أخطاء أو تداعيات وقد تكون اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية ناتجة عن طريق خلل في تعامل الدولة أو المجتمع ويمكن تجاوز تلك الأزمة إذا وجدت الإرادة السياسية وطرق الحل المناسبة.
المأزق:
وهي حصيلة متراكمة من الأزمات المستفحلة لدرجة صعوبة حلها إلا بتغير الواقع.
هل اليمن تعيش أزمة أم مأزق لتحديد ذلك علينا أن نأخذ المسببات.
أولاً... الجمهورية العربية اليمنية
26 سبتمبر (حركة الضباط الأحرار) المشير عبد الله السلال من 26 سبتمبر إلى 5 نوفمبر 1967م:
قام بعض الضباط الأحرار على رأسهم المشير عبد الله السلال بالإطاحة بالإمامة في اليمن وتحويل النظام الملكي إلى نظام جمهوري إلا أن بعض القوى اليمنية رفضت التغيير فأنقسم الوطن إلى مؤيد ومعارض وكانت بداية أزمة مجتمع أخذت صورة صراع بين العسكر (الجمهوري) وبعض القبائل (الملكيين) استمر هذا الصراع إلى أن تغيرت موازين القوى في المنطقة بعد هزيمة حزيران 1967م وكانت هذه الأزمة الأولى.
القاضي عبد الرحمن الإرياني من 5 نوفمبر 1967م إلى13 يونيو 1974م:
بعد خروج القوات المصرية والاتفاق الضمني بين مصر والسعودية تولى القاضي عبد الرحمن الإرياني كطرف محايد لرئاسة الدولة على أمل أن يتم التوافق بين الأطراف المتصارعة إلا أن القاضي الإرياني أخفق في المهمة وأخذ الصراع يزداد بين قوى التحرر وقوى التخلف مما أدى إلى أزمة ثانية.
إبراهيم الحمدي 13 يونيو 1974م إلى 11 أكتوبر 1977م:
رأت بعض القيادات العسكرية أن الأمور بدت تأخذ منحنى خطير وذلك من خلال هيمنة وتدخل كبار مشايخ بعض القبائل مما زاد في عدم استقرار الوضع السياسي والأمني وذلك لضعف الدولة تحت قيادة القاضي عبد الرحمن الإرياني. رأت تلك القيادات العسكرية بتغير ذلك الوضع مما دفعها للإطاحة بالقاضي الإرياني وتولي المقدم إبراهيم الحمدي زمام الأمور. لقد حاول إبراهيم الحمدي أن يغير الواقع السياسي وتوفير الأمن وقد تحقق بعض الشيء من ذلك وذلك ما أحسه الناس في تلك الفترة بل اعتبر عصر الحمدي من وجهة نظر كثيراً بالعصر الذهبي ففي فترة حكم الحمدي بدأت الدولة المدنية تلتمس طريقها في البناء من خلال وضع حجر الأساس لكثير من المؤسسات ووضع مشاريع القوانين وكذلك بدأ محاربة الفساد وإبعاد مشايخ القبائل من التدخل في شئون الدولة.
كل هذا لم يرق لأصحاب المصالح فتم اغتياله لتنشأ أزمة جديدة بين الحداثة والتخلف.
أحمد الغشمي من 11 أكتوبر 1977م إلى 14 يونيو 1978م:
بعد مقتل إبراهيم الحمدي تولى رئاسة الدولة أحمد الغشمي ذلك الرجل كان يوصف بالبساطة والمعرفة المحدودة بالسياسة وقداستخدام جسر عبور لمرحلة أخرى ولذلك اغتيل وقد اتهم الشمال الجنوب في اغتياله مما خلق أزمة بين الطرفين ويعتقد بعض المحللين بأن العملية تمت من الداخل وإنما كان الجنوب غطاء.
القاضي عبد الكريم العرشي 25 يونيو 1978م إلى 17 يوليو 1978:
الطريقة التي تم بها اغتيال الغشمي أحدثت إرباك في منظومة الحكم وخوفاً من التداعيات وانفلات الوضع في البلاد فقد طلب من القاضي عبد الكريم العرشي تولي منصب رئاسة الدولة إلى أن يتم ترتيب الأوضاع فتولى العرشي الحكم لمدة أقل من شهر.
علي عبد الله صالح من 17 يوليو 1978م إلى 21 فبراير 2011م:
تعتبر فترة حكم علي عبد الله صالح من أهم الفترات التي عاشتها اليمن سواءً في الاقتصاد الشكلي في بداية عصره والذي ساعدته الظروف الدولية ومنها الحرب الباردة حيث صنفت الجمهورية العربية اليمنية ضمن الدول الحليفة للمعسكر الغربي مما أتاح تقديم المساعدات المالية والمادية لمنع تقارب الشمال والجنوب.
كان أسلوب علي عبد الله صالح يقوم على المكروعلى مبدأ فّّرق تسد بخلق الاختلافات والصراعات بين القبائل وقد أسعفه ذكائه الفطري وأموال الدعم الخارجي بتدعيم نظام حكمه كما أعطى مشايخ القبائل وكبار العسكريين حق التصرف بالاستباحة والعبث كما يشاءون في مقدرات البلاد شريطه دعم نظامه أي الولاء لحكمه وبذلك استطاع أن يرسخ نظام حكمه كما عمل على بناء قوة عسكرية تحميه مثل الحرس الجمهوري والحرس الخاص وعناصر الأمن المركزي بقيادات من أقاربه كل هذا أدى إلى إرهاق واستنزاف المساعدات وموارد الدولة الذي أدى إلى زيادة معاناة أغلبية الشعب واستحواذ الثروة بيد أقلية محسوبة لصالح كبار القيادات العسكرية وكبار مشايخ البلاد ولقد أوهم علي عبد الله صالح كثير من الناس بالاستمرار في بناء مؤسسات الدولة المدنية من خلال بناء صرح تلك المؤسسات لكنه أفرغ تلك المؤسسات من قدرتها على القيام بدورها الحقيقي بسن القوانين حتى تكون له السيطرة والهيمنة عليها وكان يتباهى بأنه يحكم كمن يرقص على رؤوس الثعابين أي يتعامل في طريقة الحكم بالحيطة والحذر والمراوغة والحقيقة أنه استطاع بالإضافة إلى الحيطة والحذر كان يحكم بشراء الذمم وبأسلوب الترغيب والترهيب للمعارضة لكن هذا الأسلوب لم يدم طويلاً فبدأت التداعيات السياسة والاجتماعية والاقتصادية تتأزم وكان ذلك عند بداية بوادر انتهاء الحرب الباردة وانحسار الدعم المادي لليمن و هنا أحس الرجل بخطورة الوضع فبدأ يبحث عن مخرج ووجد ضالته في بترول حضرموت البعيد عن اهتمام قيادات الجنوب الثورية النضالية والتي شارفت على الانهيار بانهيار الاتحاد السوفيتي.
جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية:
ثورة 14 أكتوبر 1963م (العبثية):
ظل المواطن في الجنوب يطرح بعض التساؤلات هل هي فعلاً ثورة وهل حققت أهدافها. إنما حدث في ليلة 13 أو 14 أكتوبر هو في الأصل خلاف قبلي في ردفان استفاد منه القوميين المناصرين لحركة التحرير العربي والمتواجدين في تعز آنذاك الذين استغلوا هذا الحدث ليعلنوا قيام ثورة 14 أكتوبر.
لقد عمل القوميين العرب على تطوير هذا الحدث وتمريره إلى المستعمرة عدن آنذاك بالقيام ببعض العمليات العسكرية أو الفدائية مستفيدين من تعاطف الناس في تلك المرحلة.
ولو حسبنا أن الثورة استمرت من 14 أكتوبر 1963م إلى 30 نوفمبر 1967م نجد أن الشهداء الذين سقطوا كما يدعون لا يتجاوز عدد الأصابع مع اختلاف الروايات حول مقتلهم فهل من المعقول أن يستشهد بضعة أفراد خلال ثورة استمرت 4 سنوات تفضي إلى رحيل الاستعمار والذي يطرح هنا مجموعة تساؤلات:
السؤال الأول:
هل حققت الثورة أهدافها؟
السؤال الثاني:
كيف سيكون الوضع في الجنوب فيما لو لم تقم ثورة 14 أكتوبر؟
الإجابة على السؤال الأول:
من أهداف الثورة الحرية والاستقلال الوطني والوحدة الوطنية والتنمية والديمقراطية والعدالة وغيرها من الأهداف. فهل تم تحقيق تلك الأهداف وهل فعلاً أقامت دولة الحكم الرشيد.
يعلم الجميع منذ رحيل بريطانيا بأن أبناء المستعمرة عدن والمحميات لم ينعموا لا بالحرية ولابالديمقراطية ولا بالعيش الرغيد بل أوغل النظام (حكم الجبهة القومية) منذ الاستقلال المغتصب في القتل والسحل والتعذيب ومصادرة الأموال. وهذا يعني أن ثورة 14 أكتوبر فشلت في تحقيق أهدافها.
الإجابة على السؤال الثاني:
سنفترض بعدم قيام ثورة 14 أكتوبر هل ستبقى بريطانيا في عدن والمحميات. هؤلاء الذين يدعون بأن الثورة قد أجبرت بريطانيا على الرحيل، الاأنهم لكاذبون ولتوضيح الأمر نسرد بعض الأمور.
1) لقد استعمرت بريطانيا عدن وجعلتها ميناء وذلك لتأمين سلامة تموين أسطول شركة الهند الشرقية أثناء إبحارها من أوروبا إلى الهند وشرق أسيا إلا أن بريطانيا بعد أن أعطت الهند وكثير من مستعمراتها الاستقلال فقدت عدن أهميتها الإستراتيجية لبريطانيا ولذا قررت الرحيل كما رحلت من دول الخليج دون قيام ثورة.
ملاحظة: هذا لا يسقط بأن عدن موقع استراتيجي تجاري مهم كان من المفروض الاستفادة منه بعد رحيل بريطانيا على أيدي ثوار 14 أكتوبرغير انه تم تدميرها بعد أن كانت الميناء الثالث المهم في العالم و أصبحت مهملة بفضل مناضلي حرب التحرير وقد ساعد في تدمير ميناء عدن إغلاق قناة السويس أبان حرب حزيران عام 1967م
2) صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة مجموعة قرارات تدعم فيها حقوق الإنسان وحريات الشعوب تحت عنوان تصفية الاستعمار.
وهذا يعني أن بريطانيا كانت عازمة على الرحيل دون تلك الثورة التي أكلت الأخضر واليابس وتركت الأحقاد إلى يومنا هذا.
إذاً هل ثورة 14 أكتوبر كانت ضرورية وحتمية؟
الإجابة لا فهي ثورة عبثية.
إن الذين تكلموا عن المقاومة ضد الاستعمار البريطاني فإنما ذلك كان من نسيج خيالهم المريض بل أن البعض منهم كان على صلة بالمستعمر وأما الذين قاوموا بريطانيا فيعرفهم التاريخ والذي حاول الثوار الجدد طمسه من خلال عدم تداول سيرتهم. أولئك الثوار ومن خلال عدم إدراجهم في مناهج التاريخ ومنها تلك المقاومة التي قام بها الثائر عبيد بن صالح بن عبدات ضد بريطانيا لرفضه التعاون والخضوع والاستسلام للسياسة البريطانية فقاوم مقاومة الأبطال لمدة عشرين يوماً حيث استخدمت بريطانيا الطيران والمدفعية لأول مرة في تاريخ جنوب جزيرة العرب كان ذلك في مدينة الغرفة بوادي حضرموت عام 1943م.
إذاً لقد سلمت بريطانيا السلطة للجبهة القومية وذلك ضمن لعبة بريطانية لإيجاد دولة تعمل على حالة عدم الاستقرار باتخاذها منهج سياسي لخلخلة البنية الاقتصادية والاجتماعية عبر التأميم والقتل والسحل لكثير من قوى المعارضة كما عملت تلك الدولة بالتحرش بالدول المجاورة والتحريض على خلق الفوضى فيها كإنشاء الجبهة الشعبة لتحرير عُمان والخليج العربي كما قال أحد مناضلي الجبهة (أ. ص. ب) إن جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية هي البؤرة الأساسية لتحرير الخليج والجزيرة العربية.
لقد سعت بريطانيا لتعطي صورة مشوهة للثورات ولترتيب الأوضاع في منطقة الخليج والجزيرة العربية بما تتماشى مع مصالحهم.
30 نوفمبر استقلال أم صفقة:
كان من المفترض أن تلتزم بريطانيا بالمواثيق الدولية فيما يخص حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها وذلك من خلال نوعية الحكم والنظام الذي ترتضيه تلك الشعوب على أراضيها ولقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة مجموعة قرارات أكدت فيها على الأهمية العالمية لحق تقرير المصير للشعوب والمنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة وذلك بمنح الاستقلال للشعوب المستعمرة في إطار الاختيار الحر.
ومن تلك القرارات (1514) (xv) صادر في 4 ديسمبر عام 1960م، والقرار (1654) (xvi) الصادر في 27 نوفمبر 1961م والقرار (1810) () (xviiالصادر في 27 ديسمبر 1962م والقرارين (1949) (أأأ7×) (1972) (أأأ7×) الصادرين في 11 و 16 ديسمبر 1963م.
أن تلك القرارات أكدت جميعها على حق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال في تقرير مصيرها كما صدر القرار (2023) (××) الصادر في 5 نوفمبر 1965م فقد أكد على حق كلٍ من المحميات الشرقية والمحميات الغربية والمستعمرة عدن في تقرير مصيرها كما أشار القرار إلى العراقيل التي أدت بلجنة تصفية الاستعمار إلى عدم إتمام مهامها.
السؤال هنا هل التزمت بريطانيا بتلك القرارات؟
لوحظ في تلك الفترة أن بريطانيا كانت ترغب في تسليم السلطة للجبهة القومية وذلك من خلال تسهيل سيطرة الجبهة القومية لكثير من المناطق قبل الاستقلال وقد تأكد ذلك من خلال توقيع بريطانيا ما يسمى بوثيقة الاستقلال دون القوى السياسية الأخرى ومخالفاً للقرارات الدولية.
إذاً لقد سلمت بريطانيا السلطة الجبهة القومية ولترتيب الأوضاع في منطقة الخليج والجزيرة العربية.
قحطان محمد الشعبي من 30 نوفمبر 1967م إلى 22 يونيو 1969م (اليمين الانتهازي):
أول رئيس لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.
1) يوصف بالاعتدال.
2) راغباً في تحديد هوية المواطن الجنوبي وأن يتحمل أبناء اليمن الجنوبي بناء دولتهم دون تدخل من القوى الغير جنوبية والمقيمين في الجنوب.
3) محاولاً إقامة علاقة ودية وأخوية مع دول الجوار.
4) لم يكن ميالاً إلى النظام الاشتراكي.
5) دخل في صراع مع القوى السياسية المتطرفة فتم عزله واعتقل مع عبد اللطيف الشعبي الرجل الثاني الذي تم قتله في السجن في حكاية الهروب من السجن.
كانت هذه بداية الصراع بين القوى السياسية المتطرفة في الجنوب وقد مارست تلك القوى فيما بينها عمليات التصفية والإقصاء والقتل والسجن والتهميش واخيراً بالإطاحة بقحطان الشعبي تم سن مبدأ التصفية والإقصاء بدلاً من الحوار لحسم الأمور كما حدث مع سالم ربيع علي الذي قُتل ومع عبد الفتاح إسماعيل الذي أقصى وغيرهم، مما أنتج الأزمات بالتصفيات والإقصاء بين قيادات الجبهة القومية وفيما بعد الحزب الاشتراكي.
سالم ربيع علي من 22 يونيو 1969م إلى 26يونيو 1978م (اليسار الانتهازي)
بعد أن تم التخلص من تيار اليمين الانتهازي لتيار قحطان الشعبي تولى الحكم سالم ربيع علي وهو شخصية بسيطة ذو مستوى تعليمي بسيط ميالاً لمنهج الماركسية الماوية أي ماوي الفكر.
يقال ليس له علاقة بالمجموعة التابعة لبريطانيا، متعصباً لثورة الفلاحين والعمال، يرى أن العنف الثوري هو الأسلوب الأمثل لتحقيق الاشتراكية. وقد حدث في عهده التأميم والانتفاضات والسحل والاعتقالات بغير سبب والإعدامات دون محاكمة واستصدار قوانين كقانون صيانة الوطن كل هذا حدث في عهد سالم ربيع علي فوصف عهده بالعهد الاستاليني في اليمن الجنوبي فبدء واضحاً في تلك الفترة بأن هناك قوى مناطقية قد تشكلت في الجيش والأمن وفي الأجهزة السياسية من عناصر أبين والضالع ويافع في كتلتين كتلة أبين وشبوة وبعض يافع وكتلة الضالع وبعض يافع بالإضافة إلى عناصر عبد الفتاح إسماعيل.
أما الحضارم قد ظلوا في ميزان توازن الصراع بين الطرفين يستثنى بعض القيادات التي ليس لها سند أو دعم قبلي اوشعبي بل استغلت كظاهرة صوتية للهيمنة على حضرموت هنا بدأ صراع الرفاق. هذا الصراع بدأ بين القوى المناطقية في عهد سالم ربيع علي الذي حاول أن يحتويه لصالحه من خلال إبرام اتفاقية الدفاع المشترك مع اليمن الشمالي والتي لم توقع في عهد إبراهيم الحمدي مما جعل الأطراف المضادة للشمال والجنوب تشعر بخطورة تلك الاتفاقية وكانت أحد أسباب اغتيال إبراهيم الحمدي فتوعد سالم ربيع علي بالأخذ بالثار لمقتل الحمدي فاستغل ذلك الوعد بالتخلص من سالم ربيع علي في عدن من خلال حكاية المندوب والشنطة ،ولقد تولدت في عهد سالم ربيع علي مجموعة أزمات بالإضافة إلى أزمة الصراع السياسي بين اروقة السلطة ومن هذه الأزمات التنمية المتعثرة فقد توقفت عملية التنمية وذلك بعملية إغلاق البلد على نفسها وكذلك الأزمة الاجتماعية التي خلقها النظام في جنوب اليمن بتطبيق منهجية الصراع الطبقي والتصفيات والقتل وغيرها.
عبد الفتاح إسماعيل من 1978م إلى 1980م:
تولى عبد الفتاح إسماعيل الحكم من خلال الأمانة العامة لتنظيم الجبهة القومية الموحدة ثم من خلال الحزب الاشتراكي اليمني الذي أنشأه في تلك الفترة بتوحيد بعض فصائل العمل السياسي والمنطوية تحت اسم التنظيم السياسي للجبهة القومية الموحد وكثير من المتابعين لسيرة عبد الفتاح إسماعيل يروا أنه رجل فكر وسياسة وليس رجل حكم وله نزعة ومحاولا لتشكيل قوى شمالية لها تأثير في القرار السياسي ولهذا السبب ولاسباب أخرى تم عزله وأقصائه.
علي ناصر محمد 1980م إلى 13 يناير 1986م (الزمرة):
توصف شخصيته بالاعتدال عند الأوساط المحلية والإقليمية وقد استفاد من الطفرة النفطية الأولى من خلال إيرادات المغتربين مما أدى إلى تحسين الحياة للمواطنين كما قام بتخفيف القيود المفروضة على السفر آنذاك.
اعتبر الجنوبيين فترة حكم علي ناصر محمد بالعصر الذهبي مقارنة بحكم سالم ربيع علي وعبد الفتاح إسماعيل، لقد حاول علي ناصر أن يحدث بعض التغير في فلسفة الحزب والدولة من خلال المحاولة لفتح البلاد اقتصاديا وكذا فقد استحوذ على مفاصل الحكم الرئيسية، السلطة السياسية والسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية لقد كان أمين عام للحزب ورئيس مجلس الشعب الأعلى ورئيس الوزراء مما أدى إلى صراع حول تلك المناصب والذي كان من نتيجته أحداث 13 يناير الى تلك الأحداث التي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير وكانت بداية انهيار دولة البطش والقمع لقد انهزمت فيها مجموعة علي ناصر (الزمرة) فهربت مجموعته إلى شمال اليمن وانتصرت الطغمة بزعامة علي سالم البيض.
علي سالم البيض من 13 يناير 1986م إلى 22 مايو 1990م (الطغمة):
تقلد علي سالم البيض زعامة الأمانة العامة للحزب الاشتراكي في الجنوب بعد أحداث 13 يناير محاولاً حل القضايا والصراعات بين منظومة الحكم فلم يستطع وبدأ يلوح في الأفق صراع جديد بين أطراف منظومة الحكم بالإضافة إلى تداعي وانهيار الاتحاد السوفيتي الذي نصحهم بحل قضاياهم محلياً وعدم الاعتماد على الاتحاد السوفيتي لوجستيا أو بالدخول في الوحدة مع اليمن الشمالي هذا مما دفع علي سالم البيض الى لتوقيع على اتفاقية الوحدة الاندماجية بين الشمال والجنوب في 30 نوفمبر 1989م وذلك هروباً من المأزق السياسي في الجنوب وأملاً في الوصول إلى الحكم على مستوى اليمن كله وذلك بموجب المعلومات الاستخباراتية الذي أوهمهته بأن أغلب مناطق الشمال تؤيد الحزب الاشتراكي اليمني.
الوحدة اليمنية 1990م:
قد تكون الوحدة اليمنية غاية لكثير من (القوميين العرب) وذلك في طريق تحقيق الوحدة العربية وقد استبشر كثير من اليمنيين خيراً في تلك الوحدة إلا أن البعض منهم قد تحفظ وخاصة الإسلاميون ومشايخ القبائل الذين خافوا من قيم الدولة المدنية وبالتالي فقدان امتيازاتهم. أما الجنوبيون فقد رغبوا في الوحدة للتخلص من حكم الحزب الاشتراكي الذي أغلق البلاد وأتعب العباد.
إذاً كانت الوحدة مطلب الجميع بشكل عام إلا من قله كانت تدرك بأن تلك الوحدة لن تدوم للأسباب التالية:
1) أن طبيعة اتفاقية الوحدة لا تساعد استمراريتها كون أنها اندماجية لم تأخذ بأسباب فترة الانعزال بين الطرفين وكذلك التكوين الاجتماعي والتباين الاقتصادي الغير ملائمين لتحقيق الوحدة الاندماجية.
2) نظرت القوى السياسية في الشمال إلى الجنوب نظرة التابع الذي عاد للأصل كما جاء في أحدى أحاديث الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر حينا قال: (عودة الفرع للأصل).
3) لقد راهن كل طرف بأن يحتوي الطرف الآخر فقد راهن الطرف الشمالي مستغلاً تداعيات أحداث 13 يناير وذلك بضعف القوى الجنوبية و تزايد الصراع فيما بين القوى الجنوبية بالإضافة إلى توفر الإمكانيات المادية للشمال من خلال القيام بعملية الإغراء لكثير من المسئولين في الجنوب أما الطرف الجنوبي فقد راهن على معلومات استخباراتية غير صحيحة بأن كثيراً من اليمنيين وخاصة في تعز وأب والحديدة يؤيدون الحزب الاشتراكي اليمني بسبب المعاناة التي يعانونها.
أما لماذا هرول الطرفان للوحدة؟
من المعروف بأن كلاً من الطرفين كان يحصل على الدعم المادي من الغرب والشرق فعندما بدأت تلوح نهاية الحرب الباردة بين الغرب والشرق نهاية الثمانيات تقلص ذلك الدعم وخاصة على الشمال فقد وجد النظام في الشمال نفسه في بداية أزمة اقتصادية وبالمقابل عرفت الكميات التجارية للبترول في الجنوب أما بالنسبة للطرف الجنوبي فقد تخلى الاتحاد السوفيتي عن الدعم اللوجستي للجنوب كما نصحهم بحل مشاكلهم أو الدخول في وحدة مع الطرف الشمالي.
لقد هرول الجنوبيون إلى الوحدة هروباً من أزمات الماضي التي كانت تلوح في الأفق. إذاً هرول كل من القيادات الجنوبية والشمالية إلى الوحدة وفي تصور كلاً منهما كيفية القضاء على الآخر.
انتخابات 1993م:
وهي الخطيئة الثانية التي ارتكبها البيض وذلك بإنهاء الفترة الانتقالية والدخول في الانتخابات البرلمانية وبالتالي فقد سلم البيض كل أوراق الضغط الذي كان من الممكن اللعب بها والخروج من المأزق الذي كان يلوح في الأفق غير أن البيض استند إلى معلومات غير مؤكدة بأنه سوف يكون حزبه هو حزب الأغلبية في البرلمان وذلك حسب المعلومات التي تفصح بأن المناطق الوسطى وتعز مناطق مغلقة لصالح الحزب الاشتراكي، إلا أن نتائج انتخابات 1993م كانت مخيبة للآمال بل كارثية للحزب الاشتراكي اليمني حيث تم خذله ولم يحصل إلا على قليل من المقاعد وأن المعلومات التي اعتمد عليها الحزب في دخول الانتخابات كانت كاذبة بل كانت فخ نصب للحزب الاشتراكي اليمني.
حرب صيف 1994م:
وهي الحرب التي قامت بين الشمال والجنوب و انتصر فيها الشمال على الجنوب وحيث ساعدت القوى المهزومة في صراع 13 يناير 1986م والذين لجأوا إلى شمال اليمن هروباً من التصفيات في الجنوب للأسباب التالية:
1) استطاع الطرف الشمالي بقيادة علي عبد الله صالح استثمار قوى (الزمرة) مستغلاً رغبتهم في ثأرهم ورد الاعتبار من قوى (الطغمة) وكان ذلك العامل الحاسم لانتصار الشمال على الجنوب حيث أن تلك القوى العسكرية كانت أكثر تنظيماً ومعرفة بمواطن الضعف في قوى (الطغمة).
2) لقد استطاع علي عبد الله صالح أن يحشد كل القوى الشمالية السياسية ورجال الدين والقبائل ورجال الأعمال بل كل فئات الشعب في الشمال.
3) أن المال السياسي ومجموعة المتآمرين من الداخل على أرضهم من الجنوبيين كل هؤلاء ساهموا في هزيمة الجنوب.
4) لقد كان التناحر والصراع والانتهازية التي ظهرت بين صفوف قيادات الحزب الاشتراكي عامل مهم في هزيمة الجنوب وقد بدأ ذلك واضحاً من خلال عدم التجهيز والاستعداد للمعركة والانسحابات السريعة لكثير من الألوية كما حدث في شبوة.
نتائج حرب 1994م:
1) أصبح الجنوب مطية للركوب ولذلك تمت استباحة كثيراً من مقدراته فقد استولى الشماليون ونهبوا الممتلكات العامة من أموال وأراضي وشركات بترولية وغيرها ولم يعطي للجنوبيين الذين ساعدوا الطرف الشمالي للاستيلاء على أرض الجنوب إلا الفتتات وأصبح الجنوبي في أرضه كالأسير.
2) عمل الشماليون على توظيف وإعطاء كثيراً من المناصب القيادية من أبناء الجنوب لمجموعة انتهازية وأصحاب المصالح الشخصية ولذلك أصبحت قيادات مهمشة.
3) حاول الشماليون إفساد المجتمع من خلال الرشوة وتعاطي القات.
4) أصبح الإنسان الشمالي هو السيد وصاحب القرار في الجنوب وأما الجنوبي حتى وإن كان مسئولاً فعليه إطاعة الأوامر.
5) تم حرمان كثيراً من الجنوبيين من العمل في الشركات البترولية واستعاضوا عنهم بعمال من الشمال وقد تصل النسبة إلى (90%) من العمالة.
فترة حكم علي عبد الله صالح 1994م إلى 2006م:
كانت فترة الاستحواذ على كل مقدرات المال والثروة والسلطة في عدن وحضرموت حيث استولى بعض الأشخاص أمثال عبد الله بن حسين الأحمر وأقارب علي عبد الله صالح وبعض زعماء ورجال الدين كانوا جزء من النظام السياسي بعد حرب صيف 1994م على مقدرات الجنوب الاقتصادية مثل الشركات البترولية وعدم توظيف العمالة الجنوبية إلا بقدر يسير وبأقل من الحد الأدنى المطلوب كما عبثوا بأراضي الدولة وتوزيعها واحتكار السوق من خلال الهيمنة التجارية كل هذا أفرز أزمة ثقة ورفض لكل ما هو شمالي لدى الإنسان الجنوبي البسيط.
فترة حكم علي عبد الله صالح من 2006م إلى 2011م:
أفرزت انتخابات الرئاسة في 2006م والتي فاز فيها علي عبد الله صالح مدى الاختلال بين مراكز القرار في السلطة من عائلة آل الأحمر أي بين كلاً من عائلة عبد الله بن حسين الأحمر (متمثلة في حزب الإصلاح كستار سياسي) وعائلة علي عبد الله صالح (متمثلة في حزب المؤتمر الشعبي العام) حيث اتضح مدى الاختلاف والصراع على السلطة وخاصة بعد التسريبات التي روجت بالتوريث لأحمد علي عبد الله صالح هذا مما أثار حفيظة أولاد عبد الله بن حسين الأحمر الذين اعتقدوا بأنهم أولى بهذا الحق من أحمد علي عبد الله صالح وهذه بداية أزمة.
الحراك الجنوبي وأزمة الثقة 2007م:
بعد حرف صيف 1994م أصبحت الساحة السياسية في الجنوب فارغة من قوى سياسية جنوبية مؤثرة وخاصة بعد إبعاد الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم للجنوب من اللعبة السياسية وأصبح الجنوبيون يتلمسون الطريق لإيجاد مخرج للمأزق الذي وضعهم فيه نظام الحزب الاشتراكي وبدأ الاحتقان في الشارع بين أوساط الناس إلى أن جاءت قضية (الضوراني) في المكلا بحضرموت وهي قضية قذفه لنساء حضرموت بالقول المعيب عندئذٍ أحس الناس أن الأمور تتجه للإساءة للعرض بعد أن تم الاستيلاء والاستحواذ على الارض وعلى كل شي في حضرموت والجنوب.
انفجر الناس في مظاهرات في المكلا رافضين للإساءة وعملية التهميش والتمييز لأبناء الشمال:
وكانت هذه بوادر ثورة الحراك الجنوبي السلمي وكذلك قام العسكريون والمدنيون الذين تم إحالتهم للتقاعد دون الالتزام بقوانين الخدمة وإعطائهم حقوقهم كاملة وذلك رغبة من الطرف الشمالي في تصفية كل ما هو جنوبي مؤثر في السلطة مما أدى بالمتقاعدين العسكريين لتشكيل جمعية أسموها (جمعية المتقاعدين العسكريين الجنوبيين) للمطالبة بحقوقهم إلا أن النظام لم يعر مطالبهم أي اهتمام مما أدى إلى استمرار الاحتجاجات واتساعها في الشارع الحضرمي والجنوبي حتى شملت كل مكونات المجتمع الحضرمي والجنوبي وأصبحت ناضجة الإفراز حركة تطالب بتغيير الواقع ورفضاً للوحدة التي جلبت كل المعاناه للحضارم والجنوبيين، وهنا انبثق الحراك السلمي حامل مطالب وهموم الحضارم والجنوبيين في التغيير والحرية والاستقلال.
الحوثي والحروب الستة 2004م – 2010م:
شهدت محافظة صعدة حروباً ستة بين الدولة وجماعة الحوثي ابتدأت في 2004م ولا زالت تداعياتها إلى اليوم تلك الحرب التي دمرت الأخضر واليابس في محافظة صعدة هل هي حرب عبثية أم صراع نفوذ أم صراع مذهبي أم صراع بالإنابة.
لا يمكن تكون تلك الحرب عبثية وهي أقرب للأشكال الثلاثية الصراع من أجل النفوذ وبسط السيطرة على الأرض لتصبح جماعة الحوثي رقم لا يغفل في معادلة أي تسوية سياسية كما له شكل من أشكال الصراع المذهبي بين السلفيين والزيدية المتشيعة كما يصورها السلفيون وقد أظهرت الحروب الستة الماضية مدى عملية الاستقطاب الإقليمي وذلك من خلال التدخل الإيراني والسعودي بشكلها المباشر أو الغير مباشر من خلال الدعم اللوجستي لكل من الطرفين. تلك الصراعات أفرزت الحروب الستة بالإضافة إلى عملية التهميش والإقصاء في الجوانب التنموية منذ فترة طويلة. وكل تلك العوامل أفرزت أزمة لم يتم معالجتها.
الربيع العربي وثورة 11 فبراير 2010م:
الفساد والاستيلاء على الحقوق العامة والخاصة والبطالة والإقصاء والتهميش وانحصار الحكم في طبقة محدودة استحوذت على كل شي ووصل الظلم الاجتماعي إلى مراتب لا يمكن السكوت عنها كل هذا أدى إلى ازدياد الاحتقان ورفض الواقع عند الشباب العاطل الغير قادر على التكيف لمتطلبات الحياة.
وما أن بدأت شرارة الربيع العربي في تونس بإحراق محمد أبو عزيزي نفسه احتجاجاً على الظلم الاجتماعي والسياسي حتى تداعت بعض الشعوب العربية للثورة لإسقاط تلك الأنظمة الفاسدة الظالمة في كل من ليبيا ومصر وغيرها وهنا بدأ الشباب اليمني يرتب صفوفه والالتحاق بركب الربيع العربي وكانت البداية في 3 فبراير إلا أن الثورة العارمة والتي خرج فيها كل فئات الشعب في 25 فبراير2011م مطالبة بإسقاط النظام وذلك من خلال التشجيع والاحتشاد في ميادين التغير والحرية لقد وجد الشباب آلية التغير من خلال الثورة السلمية.
جمعة الكرامة:
تلك الجمعة التي غيرت مسار الثورة وكان بالإمكان أن تحقق للثورة السلمية أهدافها مستغلة من الجريمة التي ارتكبت في حقهم بقتل العشرات وجرح المئات من خلال عملية القنص والبلطجة حيث وصل السيل الزبا لدى شباب الثورة مما دفعهم بالتفكير والاتجاه صوب مقر الرئاسة لإسقاط النظام بالرغم من خطورة ذلك العمل ومقدار الضحايا الذين يمكن أن يسقطوا، هنا أحس النظام بخطورة الموقف وبدأت تداعيات انهياره وذلك من خلال إعلان حالة الطوارئ واستقالة الحكومة كما أن القوى الأخرى التي كانت ترغب في توجيه الثورة لمصالحها أدركت أن الموقف لن يكون في صالحها وذلك بترك الشباب يتعاملون مع الثورة دون تدخل منهم بسرعة لاحتواء حركة الشباب من خلال تطويق ساحة التغير بالقوى العسكرية متذرعة بحماية الشباب من البلاطجة ولكن في الحقيقة هو تحجيم حركة الشباب لكي لا تخرج عن السيطرة وكانت هذه بداية كسر الثورة.
المؤامرة على الثورة:
أحس كل القوى المتمصلحة من النظام السياسي وخاصة التي تدعي بأنها معارضة للنظام بأن الأمور قد تخرج عن سيطرتها فاستغلت نفوذها وإمكانياتها المادية لاحتواء الثورة من خلال القوى الشبابية التابعة لها مما أثر بشكل كبير في فعاليات وقرارات شباب الثورة ولكنها لم تستطع السيطرة على قرارات ومنهجية الثورة بل أحدثت ضعفاً في تلك القرارات وهذا يعني أن هناك بوادر أزمة بين شباب الثورة أوقد تؤدي هذه الأزمة إلى صراع يؤدي إلى نهاية الثورة وعدم انتصارها كما حدث للضباط الأحرار في 26 سبتمبر 1962م التي كادت أن تتحول إلى ثورة ولكن تم إحباطها محلياً ودولياً.
المبادرة الخليجية:
بعد قيام الثورة في 11 فبراير 2011م انقسم المعسكر السياسي إلى معسكرين قسم ضد الثورة وهي القوى السياسية والعسكرية الحاكمة التي رأي خطورة تلك الثورة على مصالحها وقسم آخر تظاهر بتأييده للثورة وهي تلك القوى المعارضة للنظام من سياسيين وعسكر وقبائل مستثمرين ذلك للقضاء لتقويض النظام لصالحهم إلا أن ذلك الصراع بين المعسكرين قد بدأ يتجاوز الصراع السياسي وينزلق إلى صراع عسكري, هذا مما دفع دول الجوار والمجتمع الدولي الى التدخل لإيجاد حل يفرض على الطرفين خشية انهيار الدولة اليمنية وما يترتب عليه من تداعيات لا تحمد عقباها,لقد حاول الإقليم الدولي إيجاد نوع من التوازن بين الفرقاء من خلال المبادرة الخليجية فهل تستطيع تلك المبادرة أن تصل باليمن إلى بر الأمان ولمعرفة ذلك علينا توضيح الأسس والأبعاد المعطاة في تلك المبادرة.
بنود المبادرة:
تتضمن تلك المبادرة:
1) تخلي الرئيس علي عبد الله صالح مقابل عدم مسائلته عن فترة حكمه.
2) اختيار رئيس توافقي لفترة انتقالية.
3) إعادة هيكلة الجيش والأمن.
4) فتح حوار لحل كل مشاكل البلاد.
5) عمل دستور جديد يتماشى مع طبيعة المرحلة الجديدة.
6) انتخاب برلمان جديد بعد الفترة الانتقالية.
7) انتخاب رئيس بعد انتهاء الفترة الانتقالية التي حددت بعامين.
من خلال قراءة بنود تلك المبادرة من الوهلة الأولى نجدها نظرياً مناسبة وقد تخرج البلاد من المأزق التي تعيشه ولكن هذا لا يكفي فالمهم هل يتحقق ذلك. لمعرفة ذلك علينا معرفة إيجابيات وسلبيات تلك المبادرة.
إيجابيات وسلبيات تلك المبادرة:
أ‌) بعض الإيجابيات.
1) الانتقال إلى وضع سياسي جديد يتجاوز به اليمنيون مرحلة الصراع.
2) إبعاد شبح الحرب الأهلية التي قد تؤدي بالأخضر واليابس.
ب‌) السلبيات:
1) تجاهلت مطالب ثورة الشباب واعتبرت بأن الصراع ما هو إلا بين القوى السياسية وأصحاب النفوذ في اليمن.
2) وضعت اليمن تحت الوصايا الإقليمية والدولية.
3) عدم وضوح آلية لجنة الحوار في سير عمل المؤتمر هل هي توافقية أم بالأغلبية. وهل قرارات المؤتمر توافقية أو للأغلبية.
تلك المبادرة وضعت اليمن عند مفترق طرق فهل تستطيع حل كل أزمات اليمن والانتقال إلى وضع سياسي مستقر. للإجابة على هذا السؤال علينا تعيين طبيعة ومعرفة عوامل تلك الأزمات خلال ما يقارب نصف قرن مضى من الزمان أي من 1992م إلى 2011م حيث أصبحت كثير من تلك الأزمات مستعصية.
1. العامل السياسي:
لقد استحوذت القوى العسكرية والقبلية على السلطة السياسية منذ الإطاحة بالنظام الأمامي وهي تحاول تهميش كثير من مكونات المجتمع إلى أن أصبح القرار في يد عائلة.
2. العامل الاجتماعي:
تراكمت إفرازات الفوارق الاجتماعية حتى أصبحت تنتمي إلى المناطق وهمشت مجاميع كبيرة من المجتمع اليمني باعتبارها أقل درجة.
3. عامل الفساد الاجتماعي والإداري:
التمييز الوظيفي مالياً وإدارياً في بعض مؤسسات الدولة أدى إلى ظهور تعاطي الرشوة وانتشار الفساد بشكل واضح.
4. عامل التوزيع الغير عادل للثروة:
استطاع العسكر وبعض مشايخ القبائل نهب المال العام وتحويله لصالحهم والتحكم بالقطاع الخاص عبر تكوين شركات خاصة تتحكم في السوق وهذا أدى إلى حرمان فئة عريضة من المجتمع من تلك الأموال الخاصة بالدولة.
5. عامل الاستيلاء على الأموال العامة والخاصة:
لقد استولى المتنفذين على كثير من أملاك الدولة وتحويلها إلى ملكية خاصة كذلك البسط على أملاك المواطنين البسطاء وطردهم من أراضيهم وتحويلها إلى إقطاعيات خاصة كما حدث في تهامة.
6. عامل سلبية صفوة المجتمع:
لقد تخلى بل أساء كثير من صفوة المجتمع الذي كان من المفروض أن يساهموا في بناء الدولة والمجتمع بالاكتفاء بما حصلوا عليه من امتيازات وظيفية ومادية وذلك مقابل السكوت على انهيار وطن.
7. العامل الاقتصادي:
لم يستطع الإنسان اليمني الاستفادة من مرحلة الطفرة النفطية الأولى وبناء بنية اقتصادية قوية رغم توفر الإمكانيات المادية من خلال تدفق أموال المغتربين وكذلك الدعم الدولي السخي بل تم إهدار كل تلك الموارد في التباهي في بناء المساكن الخاصة و الكماليات.
برغم أن ما حصل عليه اليمن من الموارد يصل إلى (50) مليار دولار أمريكي من عام 1973م إلى 1983م كان يمكن أن يحدث طفرة في البنية الاقتصادية في تلك الفترة بالإضافة إن الإنسان اليمني إنسان يتميز بالمهاره والقدرة على العمل.
8. عامل الثقة:
وهي أخطر أزمة شكلت خلال نصف قرن بين الحاكم والمحكوم وتعتبر العنصر الأساسي والرئيسي في قيام الثورة الشبابية التي تحاول القوى السياسية ذات المصلحة إفشالها.
9. عامل أزمة الحوار:
يحاول مروجو المبادرة بأنها الوصفة الوحيدة التي يمكن أن تخرج البلاد من أزمتها وقد يكون هذا التصور صحيحاَ إلى حد ما لكن هناك من العوامل التي لا تساعد على تنفيذ تلك المبادرة منها:
1) آلية العمل غير واضحة.
2) إهمال مطالب الثورة.
3) اختلاف وعدم التوافق في الأهداف وقد يصل هذا الاختلاف إلى حد الصراع والخصومة المعلنة وخاصة بين الإصلاح والحوثي وكذلك الإصلاح مع بعض فصائل الحراك الجنوبي وفصائل العمل السياسي وكذلك بين العسكر المتنفذين والمشايخ وغالبية المجتمع اليمني.
4) طبيعة نظام الحكم حيث أن كل طرف من أطراف الصراع يريد ان يفرض نظام الحكم الذي يراه مناسب بمقتضيات المصالح. فهل يستم التوافق على نظام فدرالي أو نظام مركزي مع إعطاء صلاحيات مالية وإدارية للمحافظات وكيف يكون ذلك النظام هل هو رئاسي أو برلماني رئاسي.
كيف سيتم التعامل مع القضية الجنوبية وما مفهومها هل هي قضية سياسية أو قضية حقوقية هناك كثير من التساؤلات نضع علامات استفهام حول الحوار الوطني الذي لم يجدد بعد تاريخ انعقاده.
5) الثالوث القاتل (القبيلة والقات والجهل) كيف سيتعامل مؤتمر الحوار مع القبيلة التي فرضت نفسها كإحدى مكونات العمل السياسي والقات الذي أصبح جزء من السلوك الاجتماعي للإنسان اليمني كما وأن الجهل والأمية أحدى أسباب تخلف البينة الاجتماعية وذلك لعدم قدرتها على بناء إنيان قادر على العطاء على العطاء العلمي وبالتالي الاقتصادي.
الخلاصة:
بالتحليل الموضوعي والمنطقي يمكن استخلاص النتيجة المرة بأن تلك الأحداث أفرزت أزمات تراكمية أفقدت الإنسان اليمني ثقته بنفسه وبالآخرين وهذه كارثة اجتماعية وسياسية من الصعوبة معالجتها بالوسائل التقليدية كتعيين حكومة أو تصحيح بعض الأخطاء. أن المشكلة أصبحت في مصاف المآزق والخروج ليس بالأمر اليسير ولكن الأمل يعقد على تغير الواقع السياسي ومن ثم الواقع الاجتماعي وهذا لن يتحقق إلا بعودة الثقة بين جميع مكونات العمل السياسي والاجتماعي. وإعادة الحقوق والاعتذار لأصحاب الحق الذين لحق بهم الأذى من جراء أي عمل سياسي وذلك منذ 1962م إلى 2012م كما أن على القوى السياسية والاجتماعية عدم فرض أمر الواقع والاعتراف بإحترام التنوع الثقافي والمذهبي والهويات التي تم محاولة طمسها, وكل هذا يمكن أن يساعد في الخروج من المآزق و الأمان القادم أسوء.
إذاً اليمن في مآزق.
كيفية الخروج من المآزق:
من الصعب تصور كيفية الخروج من المآزق إلا إذا توفرت مجموعة من الإرادات السياسية والاجتماعية وذلك بالتنازل عن كثير من الامتيازات والمصالح المكتسبة في فترة ما قبل قيام ثورة 11 فبراير 2011م وذلك للوصول إلى بناء الدولة المدنية الحديثة الذي يسود فيها النظام والقانون وإلا فإن اليمن أمام خيارات قيام ثورة الجياع أو انهيار الدولة وقد لا يستطيع الإقليم الدولي أن يتحكم في الأمر وقد يتحول إلى صراع إقليمي ودولي كما تدل المؤشرات.
عضو تجمع كتاب من اجل حضرموت مستقله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.