يصادف يوم الجمعة المقبل ال20 ديسمبر موعد انتهى المهلة التي حددها مؤتمر قبائل حضرموت للدولة بعد اجتماعها في وادي نُحب بغيل بن يمين في ال10 من نفس الشهر؛ لتنفيذ الشروط التي خرج بها الاجتماع سحب القوات الحكومية من مناطق حضرموت وتسليمها للقبائل وتسليم قتلة المقدم/ سعد بن حبريش. ولاقت حادثة مقتل الشيخ بن حبريش ادانات واسعة من مختلف القوى والتيارات السياسية والشخصيات الاجتماعية في اليمن بمختلف توجهاتها, ولازالت ردود الفعل الرسمية والشعبية مستمرة. واعتبر رئيس المجلس الثوري في حضرموت عضو مؤتمر الحوار الوطني في اليمن صلاح باتيس أن دعوة القبائل جاءت ردة فعل طبيعية لجريمة اغتيال سعد بن حبريش شيخ قبائل الحموم، وحذر من استثمار هذا الحادث من قبل أطراف أخرى تسعى لتفجير الأوضاع في المحافظة بهدف إفشال العملية السياسية برمتها في البلاد. وقال إن حضرموت منذ اندلاع الثورة الشبابية الشعبية السلمية لم تشهد أي تغيير يذكر وإن المحافظة لا تزال يديرها الرئيس السابق علي عبد الله صالح وأدواته في النظام السابق التي تعبث بكل الأجهزة المختلفة وتستفز المواطنين وقد تسببت في كثير من المشكلات, بحسب تصريح باتيس للجزيرة نت. مساعٍ رسمية لإخماد الفتنة: وكلّفت الحكومة اليمنية نائب وزير الداخلية اللواء على ناصر لخشع للوقوف على تداعيات الحادثة بعد قرارات وادي نُحب القبلية. وكانت اللجنة الامنية بمديريات وادي حضرموت والصحراء قد وقفت في اجتماع عقدته الخميس الماضي بحضور نائب وزير الداخلية اللواء على ناصر لخشع أمام آخر مستجدات الأوضاع الامنية بالوادي والاستماع إلى التقرير المقدم من قبل اللجنة المكلفة بالتحقيق في الاحادثة. وأقر الاجتماع عددا من التوجيهات بصدد تلك الحادثة لضمان اظهار ملابساتها . وأوضح محافظ حضرموت خالد الديني خلال ترأسه الأحد بمدينة سيئون اجتماعا استثنائيا للمكتب التنفيذي بوادي حضرموت والصحراء إن هناك توجيهات قد صدرت بتجنيد ألفي فرد من أبناء محافظة حضرموت في الوحدات الأمنية بمديريات الوادي والساحل من اجل رفد تلك الوحدات بالقوى البشرية التي تمكن الوحدات الأمنية من القيام بمهامها وواجباتها في الحفاظ على الأمن والاستقرار. . وأكد أن السلطة المحلية بالمحافظة قبلت بالمطالب التي اتفق عليها المشاركون في مؤتمر وادي نحب الذي ضم كافة طوائف قبائل حضرموت بما لا يتعارض مع الأمن والاستقرار العام بالمحافظة. من جانبه نفى اللواء محمد الصوملي، قائد المنطقة الأولى, التصريحات التي نسبت إليه بإحراق حضرموت وقال في تصريح خاص لصحيفة "الأمناء"أمس :"إن هذه الأخبار عارية عن الصحة، لأننا جئنا لحماية أمن وسلامة حضرموت وأبنائها لا تهديدهم والإضرار بهم". استغلال الحادثة سياسيا: ويخشى مراقبون أن تتحول دعوات الهّبة الشعبية المزمع تنفيذها في ال20 ديسمبر إلى أعمال فوضى وعنف وتتعطل معها كافة جوانب الحياة والمصالح العامة خصوصا وأنها تأتي والبلد تمر بظرف استثنائي وصعب, والأكثر خطور سعي بعض القوى لاستغلال الغضب الشعبي لمآربها الخاصة. وما أن أعلن مؤتمر نحب القبلي مخرجاته إلا والبيانات السياسية توالت من مختلف فصائل الحراك أهمها كلمة نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض بكلمة لوح فيها بإمكانية استخدام الكفاح المسلح من أجل استقلال الجنوب, وأبرز ما جاء فيها قوله: " لقد وصل السيل الزبى ووصلت القلوب الحناجر وإن المحتل لا يمكن أن يكف عن سفك دم الجنوبيين إلا برادع قوي ولا يمكن أن يخرج من الجنوب إلا بالقوة وبالطريقة التي دخل بها ". وقبل ذلك حاولت قناة (عدن لايف) التابعة للبيض تغطية مراسيم العزاء والجموع التي توافدت على قبائل الحموم بطريقتها الخاص, كما أنها تجاهلت أي ذكر أو اشارة لكلمة وحضور حسن أحمد باعوم في العزاء. وقال شهود عيان حضروا مراسيم العزاء أن أسرة الشهيد بن حبريش منعت مصور القناة من التغطية وطردته قبل تصويره بعد أن عرفت أنه يتبع قناة البيض في السادس من ديسمبر الجاري. وكشفت مصادر محلية في حضرموت لموقع "مأرب برس " أن الحراك الجنوبي أستغل حادثة مقتل الشيخ بن حبريش في تأجيج الوضع عبر بث الإشاعات والأراجيف بين الناس إضافة إلى الدعوات المطالبة بالعنف. وكان المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب الذي يتزعمه حسن باعوم دعا في بيان له كافة مجالس الحراك والهيئات القيادية للحركة الشبابية والطلابية بكافة المحافظات إلى الجاهزية لهبة شعبية تزلزل الأرض تحت أقدام ما اسمها بالمحتل اليمني, لافتا أنه سيعمل على وضع برنامج عملي خلال الايام القليلة القادمة وسيتم إعلانه للتنفيذ ابتداءً من 21 ديسمبر. ويلاحظ أن بيانات قادة الحراك خروجا عما اتفقت عليه القبائل, وتُدخل لمحاولة ركوب الموجة, خصوصا وأن بيانات القبائل, تركز على "قضية الشعب الحضرمي", واتفقت على أن يكون حلف قبائل حضرموت هو المرجع الأساسي لكل أبناء حضرموت بما فيهم العاملين في الدوائر الحكومية, في الوقت الذي دعت فيه بقية الجنوبيين إلى تطبيق هذه الأسلوب في محافظاتهم, كما أن أبناء حضرموت ظهروا متوحدين تجاه قضية مقتل الشيخ بن حبريش بمختلف شرائحهم وانتمائتهم السياسية. ومساء أمس الأول أصدر حلف قبائل حضرموت بيانا وقف أمام مخرجات الاجتماع الذي أكد على أن الهبة الشاملة تشهدها كافة مدن حضرموت والسيطرة الكاملة على دوائر المحافظة من خلال وضع لجان مختلفة وذلك في ال20 من الشهر الجاري. حشد وتعبئة جماهيرية: لم يتوقف الأمر عند البيانات السياسية والموقف المؤيدة للهّبة الشعبية, بل أن أعضاء الهيئة الشرعية الجنوبية؛ قاموا بنزول ميداني إلى محافظة شبوة وعقدوا سلسلة لقاءات مع قبائل المحافظة لحشدها لذات الغرض. وكان الشيخ حسين بن شعيب رئيس الهيئة الشرعية والشيخ محمد بن مشدود والشيخ علي محسن السليماني أعضاء الهيئة زاروا شبوة في الأسبوع الماضي. ومن ضمن المناطق التي زارها أعضاء الهيئة الشرعية للحراك مدينة عتق عاصمة المحافظة, وبعض المديريات الشرقية منها (حبّان), حيث استحدث الحراك فيها مخيمات جديدة في بعض القرى النائية أدى فيها المشاركون الصلاة يوم الجمعة الماضي, وكان خطيب الجمعة في حبّان الشيخ محمد بن مشدود, فيما خطب الشيخ بن شعيب في مدينة عتق, دعوا فيها إلى ضرورة المشاركة في الهبة الشعبية. إلى ذلك, دعا القيادي في الحراك بشبوة الشيخ لحمر بن علي لسّود, أبنا شبوة بمختلف شرائحهم لحضور اللقاء الشامل الذي قال أنه سيتم عقده الخميس القادم في مدينة عتق عاصمة المحافظة لمناقشة المستجدات الاخيرة على الساحة الجنوبية خصوصا القرارات والتوصيات التي خرج بها لقاء وادي نحب بحضرموت. وقال في تصريح نشرته بعض المواقع الالكترونية لحمر أن اللقاء سوف يخرج بقرارات فعالة وحاسمة بحجم ما تطلبه المرحلة التي تمر بها القضية الجنوبية ولما تتعرض له الشخصيات الجنوبية من قتل ممنهج ومنظم من قبل سلطات الاحتلال اليمني حد قوله. وفي خِضم الدعوات للكفاح المسلح التي تزامنت مع دعوة الهبة الشعبية والحشد لها في المناطق والمحافظات الجنوبية لاسيما محافظة شبوة؛ تداول نشاطون على شبكة التواصل الاجتماعى (الفيس بوك) صورة للشيخ محمد بن مشدود وهو يحمل قناصة روسية "دراغونوف" والتي يطلق عليها أيضاً "شاخوف" مع مجموعة من أنصار الحراك في شبوة في صورة جماعية. وتعليقا على تلك الصورة قال أحد نشطاء الحراك المنخرطين في الاجتجاجات السلمية منذ العام 2007, "أنه يتذكر عندما يمر الذين يدعون للكفاح المسلح اليوم وهم يسخرون من الفعاليات السلمية", مضيفًا: "من لم يواجه المدرعات بصدره العاري لا أظن أنه يستطيع حمل البندقية".